أ.د.فوزي أحمد عبد السلام |
المختصر في دورة حياة النّجوم : 208 - 2024/11/01 |
إذا نظرت إلى السّماء ليلًا فسترى عددًا لا يحصى من النّجوم، وقد تكون شاعرا فتتغزّل، وقد تكون فنّانا فترسمها لوحة فنّية فريدة، أو تصوغها لحنا عذبا، وقد تكون عالما فترصد وتتأمّل وتسجّل بياناتها وتنمذج تفاعلاتها وحركتها وكلّ هذا لتتنبأ بمستقبلها، والذي بمعرفته ستصوغ حضارتك الأرضيّة، فالسّماء بالنّسبة للعالم هي المعمل الأول الذي أنشأه اللّه له ليدرس فيه ويتعلّم ويستنبط القوانين العامّة التي سيعمّر بها الأرض بعد ذلك. ولا ينكر أحد ما لكتاب المبادئ الرّياضيّة للفلسفة الطبيعيّة من أهمّية بالغة على مجمل الحضارة البشريّة الحديثة، حيث صاغ نيوتن قوانين الحركة وحساب التّفاضل والتّكامل من دراسته لمدارات الكواكب (1). فهل فكّرت يوما في ماهية هذه النّجوم التي تزيّن السّماء فوقك وتتلألأ في الأيّام المظلمة الصّافية، أو التي يغيب عنك بريقها حين تتلبّد السّماء بالغيوم أو بالتّلوث الضّوئي؟. |
اقرأ المزيد |
من مسألة البراكيستوكرون إلى قطارات الجاذبية : 206 - 2024/09/06 |
في القرن السّابع عشر، قدّم «روبرت هوك R. Hooke» فكرة التّحرّك بسرعة فائقة داخل الكوكب في رسالة إلى «إسحاق نيوتن». وتمّ تقديم مشروع قطار الجاذبيّة جديًّا إلى الأكاديميّة الفرنسيّة للعلوم في القرن التّاسع عشر. وتمّ إعادة استكشاف الفكرة ثانية في ستينيّات القرن الماضي عندما نشر «بول كوبر P. Cooper» بحثًا في المجلّة الأمريكية للفيزياء American Journal of Physics يقترح فيه أنّ يُنظر إلى قطارات الجاذبيّة على أنّها مشروعات نقل مستقبليّة (3). |
اقرأ المزيد |
لماذا لا تقذفنا الأرض بعيدا في الفضاء كتجلٍّ لقوة الطرد المركزى؟ : 204 - 2024/07/05 |
لا تنهض الأمم إذا لم يكن لأبنائها على اختلاف مستويات أعمارهم شغف بالسّؤال المعرفي والذي تستتبعه همّة فولاذيّة تحفر في كلّ شيء لاستكشاف إجابة منطقيّة صحيحة على التّساؤل، ومن ثمّ السّهر على تطبيق ذلك الكسب المعرفي للاستفادة منه في مناحي الحياة المختلفة. أحد هذه الأسئلة ما يلي: |
اقرأ المزيد |
تكامل «لوبيج» وقياسه عندما يفشل تقسيم المستقل تنجح المقاومة : 203 - 2024/06/01 |
منذ أن كتبت مقال القياس من الطّبيعة إلى التّجريد إلى الفلسفة(1) وأنا أحلم أن أكمّل الفكرة « تمديد مفهوم الطّول وتجريده، وبناء عليه الحجم» بإضاءات أخرى عن تكامل «لوبيج»، وليس المقصود هنا المفهوم الحرفي للطّول أو للحجم، فمثلا مساحة الحرّية ليست مساحة حاصل ضرب الطّول في العرض، وحجم النّشاط الاقتصادي ليس المقصود منه حجم المكعّب أو غيره، حاصل ضرب الطّول في العرض في الارتفاع، ولكن حاصل ضرب أبعاده هو الذي يتحكّم في تغيّره والتي بالتّأكيد تزيد عن ثلاثة بكثير في العلوم الإجتماعيّة. ولأنّ الفكرة مجرّدة جدّا فقد كانت ولادة ذلك المقال عسيرة للغاية. ولتعميم الفائدة، سنحاول الابتعاد عن التّقنيات الرّياضيّة المعقّدة ما أمكن، وسنكتفي بإضاءات حولها تكشف المعنى وتلقي بظلاله هنا وهناك في عالم السّياسة والاجتماع والطّبيعة. |
اقرأ المزيد |
المسافة صفر : 197 - 2023/12/01 |
تفرض الأحداث الدّائرة في غزّة نفسها وبقوّة على القلب وعلى العقل، فليست هنالك برهة أو أقلّ لإضاعتها في عمل غير جاد. ولتقدّر الضّرورات بقدرها، فالحرب ليست على الأبواب بل هي مستعرة في عمق أعماق الدّار. ليس هناك فائض أو زائد من كسر درهم أو دينار عن الحاجة حتّى ينفق على التوافه، فأكثر من 10 مليار دولار تنفق على سوق التّجميل في الوطن العربي الذي لا يجد فيه شعب غزّة الأبي الماء ليشرب أو حتّى الهواء ليتنفّس، أفيقوا يرحمكم اللّه حتّى لا نكون ضمن من لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ في حديث أَبِي أُمَامَةَ رضي اللّه عنه الذي جاء فيه، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: «بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ». وإن كان في إسناده مقال، إلاّ أنّ له شاهد من حديث مُرَّة بن كعب البهزي، رضي اللّه عنه، أنّه سمع النّبي ﷺ يقول: «لَا تَزَالُ طائِفةٌ مِن أُمَّتي عَلَى الحَقِّ ظاهِرِين على مَن نَاوَأَهُمْ، وَهُمْ كالإِنَاءِ بينَ الأَكَلَةِ حتَّى يَأْتِي أَمْرُ اللّهِ وهُمْ كَذَلِكَ». قلنا: يا رسول اللّه، وأين هم؟ قال:«بأَكْنَافِ بيتِ المَقْدِسِ». |
اقرأ المزيد |
البحث عن حياة ذكية خارج كوكب الأرض : 196 - 2023/11/03 |
مواضيع كثيرة تُثار من وقت لآخر تبدو في ظاهرها مواضيع علميّة أصيلة، لكنّها هي أشبه بالخيال العلمي إن أحسنّا الظّن، ومنها موضوع البحث في الكون عن كائنات أخرى ذكيّة غير الإنسان وربّما تتمتع بذكاء أكثر منه. تنسج حول هذا الموضوع آلاف القصص الهوليوديّة التي تغزو كلّ البيوت ويشاهدها ملايين الأطفال والشّباب والكهول، فتبني عقلا كامنا لا تخفي خطورته، وإن لم يقنّن بمنطق علمي رصين فسوف تكون العاقبة سيّئة جدّا على الأجيال القادمة. لهذا اخترنا أن نعالج هذا الموضوع بتقسيمه إلى عدّة محاور وسرد بعض الأفكار مع التّعليق المبدئي عليها والتي من الممكن أن تفتح نوافذ للنّقاش بشأنها. |
اقرأ المزيد |
نظام إحداثيات العقل الناقد: تحريره من أوهام بيكون الأربعة : 194 - 2023/09/01 |
في أنظمة الإحداثيّات المتحرّكة ما يظهر كحقيقة قد لا يكون كذلك، فالسّرعة النّسبيّة على السّطوح السّرعة الصّفريّة في نظام الأحداثيّات الدّوّارة تساوي صفرا بينما إذا رصدت من نظام إحداثيّات ثابت فلن تساوي صفرا أبدا. يقرّر أفلاطون في كتابه الجمهورية أنّ العالم المحسوس كهف، والظّلال هي المعرفة الحسّية، والأشياء الحقيقيّة التي تُحدث هذه الظّلال هي المُثُل(1). وعلى هذا فإنّ الفيلسوف - حسب أفلاطون - هو الذي يرتقي بنفسه ويفكّر في المُثُل الجوهريّة التي تكمن وراء المظاهر الخارجيّة، ويعرف الحقيقة ويميّز العَرَض من الجوهر(2). أي أنّ المعرفة المكتسبة من خلال الحواس مجرّد رأي، لذلك ينبغي على المرء من أجل الحصول على المعرفة الحقيقيّة أن يعمد إلى التّفكير الفلسفي (ومن وجهة نظري أنّ ذلك مستحيل ويكفي معرفة أنّ كلّ ذلك نسبي ويحتمل الصّواب والخطأ وحتّى بنسبة في كليهما). |
اقرأ المزيد |
نبذة بسيطة عن طمس إشارة الأقمار الصناعية عند عبور الشمس أمامها : 189 - 2023/04/07 |
تدور الأرض والأقمار الصّناعية الثّابتة أرضيّا/جغرافيّا(1)بنفس معدل السّرعة وبالتّالي يظلاّن في نفس الموضع بالنّسبة لبعضهما البعض. ومع ذلك، فإنّ الشّمس لا تتحرك ظاهريّا بنفس معدّل السّرعة. هناك أوقات تمر ّفيها الشّمس خلف الأقمار الصّناعيّة عندما تُرى من المحطّات الأرضيّة التي تستقبل إشارة الأقمار الصّناعية تلك. عندها، يتمّ طمس إشارة القمر الصّناعي بواسطة الطّاقة الهائلة للشّمس. وهكذا يُفقد الاستقبال جزئيّا أو كليّا لمدّة 10 دقائق تقريبًا. بشكل عام، يحدث انقطاع/تشويش الإشارة في فيفري ومارس وأفريل وسبتمبر وأكتوبر، أي في وقت قريب من الاعتدالين. في هذه الأوقات، يأخذ المسار الظّاهري للشّمس عبر السّماء مباشرة خلف خطّ الرّؤية بين المحطّة الأرضيّة والقمر الصّناعي(2) |
اقرأ المزيد |
تجليات المبدأ الطبيعي «أقل فعل» «Least Action Principle» في الفيزياء والفلسفة : 188 - 2023/03/03 |
يمكن شرح المبدأ الطّبيعي «أقل فعل» «The principle of least action» بما يُعرف بمسار الحديقة «Garden path»، ليست هذه ترجمة الكلمتين السّابقتين بل ترجمتها عند أهلها المتاهة، مثلما تسير داخل متاهة ثمّ تفاجأ بأنّ الطّريق مسدود، فتعود لتختار طريقا آخر. ومثل قاعدة الإبهام «Rule of thumb» وليست هذه أيضا ترجمة شبه الجملة السّابقة بل ترجمتها عند أهلها من واقع الخبرة. والآن جرّب الجملة التّالية: «Fruit flies like banana». التّرجمة الأولى ستكون: (الفاكهة تطير مثل الموز)، واضح أن هذا طريق مسدود، لقد فسّرت الكلمة الأولى على أنّها اسم، والثّانية فعل، والثّالثة حرف، ستعود حتما لتختار مسارا جديدا. التّرجمة الثّانية: (ذباب الفاكهة يحبّ الموز). هذا تفسير نحوي مختلف تماما، لقد جعلت الكلمة الأولى اسما جاريا مجرى الصّفة، والكلمة الثّانية اسما لا فعلا، والكلمة الثّالثة فعلا لا حرفا. ما تفسير هذا؟ لماذا تختار عقولنا المسار غير الصّحيح أوّلا في مثل هذه المسائل؟ |
اقرأ المزيد |
تطوّر نظريّات الحركة (10) الجاذبية كمنجنيق: إستخدام جاذبية الكواكب لتسهيل التنقل في المنظومة الشمسي : 185 - 2022/12/02 |
السّفر قطعة من العذاب لكن، وعلى الجانب الآخر سافر تتعلّم الكثير والكثير. مشكلة السّفر الأساسيّة هي التّزوّد بالوقود اللاّزم لاتمام الرّحلة، والوقود هنا كلمة حقيقيّة ومجازيّة، إذ تعبّر عن كلّ ما تحتاجه الرّحلة من إعدادات وحسابات وظروف ملائمة للاستفادة من كلّ ذرّة من الممكن أن يستفاد منها خصوصا إذا كانت الرّحلة تتميّز بالطّول المفرط. |
اقرأ المزيد |
تطوّر نظريّات الحركة (9) سطوح السّرعة الصّفريّة في مسألة الأجسام الثّلاثة المقيّدة : 182 - 2022/09/02 |
بقليل من العمل الرّياضي على معادلات الحركة تمكن جاكوبي من استنتاج معادلة هامّة جدّا شبيهـة بتكامـل الطّاقـة في مسألة جسمين V 2 = 2U-C حيـث V 2 هو مربع السّرعة للجسم المتناهي في الصّغر في إطار الإحداثيّات الدّوارة و V 2 = 2U-C هي دالّة شبيهة بدالّة الجهد للمسألة وأخيرا فإنّ C ثابتا نتج عن التّكامل يسمّى الطّاقة النّسبيّة. وهو الثّابت الوحيد المعروف في هذه المسألة يسمّى بتكامل جاكوبي لأنّ طريق الحصول عليه كان بإجراء التّكامل، فبعد كتابة مركبتي معادلة الحركة للجسيم المتناهي في الصّغر في المستوي المداري للجسمين الأوليين في الإحداثيات الدّوّارة ثمّ ضرب كلّ معادلة قياسيّة للحركة في السّرعة المناظرة للمركبة التي تخصّها وجمع الثّلاث معادلات ووضعها في صورة تفاضل تامّ لدالّة ما، ثمّة إجراء التّكامل وبذلك نحصل على ثابت للتّكامل C يسمّى بثابت جاكوبي، وهو الثّابت الوحيد والهام جدّا في المسألة. وأحيانا يطلق عليه تكامل الطّاقة النّسبية «Integral of the relative energy». |
اقرأ المزيد |
تطوّر نظريّات الحركة (8) استقرار نقاط الاتزان الخمسة في مسألة الأجسام الثلاثة المقيدة : 180 - 2022/07/01 |
تعرفنا في الحلقة السابقة(العدد 178) على وجود حلول خاصّة لمسألة الأجسام الثّلاثة الدّائريّة المقيّدة وعددها خمسة، ثلاثة منها على الخطّ الواصل بين الكتلتين الكبيرتين وتمّ تسميتها بنقاط الاتزان الخطّية أو الحلّ الخطّي أو حلول «أويلر» L1 ,L2, L3، بينما تمكن «لاجرانج» بعد ذلك من إيجاد حلول أخرى غير التي أوجدها «أويلر» فوجد نقطتين ليستا على الخطّ الواصل بين الكتلتين الكبيرتين وإنّما في مستوى الحركة المداريّة للجسمين الكبيرين بحيث تعمل مثلث متساوي الأضلاع مع الكتلتين الكبيرتين وهما L4, L5 وتمّ تسميتها بنقاط الاتزان المثلثيّة أو الحلّ المثلثي أو حلول «لاجرانج» وتقعان على انحراف 60 درجة أمام الجسمين الأوّلين وخلفهما على التوالي. |
اقرأ المزيد |
تطوّر نظريّات الحركة الحلقة السّابعة: مسألة الأجسام الثّلاثة المقيّدة : 178 - 2022/05/06 |
في الحلقة الأولى تحدّثنا عن نشوء قوانين الحركة ومن ثمّ صعدنا في الحلقة الثّانية نحو مسألة جسمين كأبسط مسائل الميكانيكا السّماويّة على الإطلاق ومع ذلك فهي غير محلولة حلاّ تامّا وصريحا في الزّمن، ثمّ أكملنا الطّريق والتّطبيق في الحلقات التّالية، وفي هذه الحلقة نستعرض واحدة من أروع المسائل الكلاسيكيّة في الميكانيكا السّماويّة ومن أبهي مسائل العلم على الإطلاق، وبسببها نشأت علوم جديدة مثل الأنظمة الدّيناميكيّة، ونظريّة الفوضى، والتّوبولوجيا، |
اقرأ المزيد |
تطور نظريات الحركة الحلقة السادسة: إستقرار المدارت الثابتة مع الأرض : 176 - 2022/03/04 |
اكتشف بيير سيمون لابلاس (1749-1827) مستوى متوسط يترنح حول محوره المستوي المداري اللّحظي للقمر الصّناعي، سمّي فيما بعد بمستوي لابلاس(1). يقع محور مستوي لابلاس في المستوي الذي يحتوي كلّا من (أ) محور دوران الأرض حول نفسها، و (ب) المحور العمودي على مدار دوران الأرض حول الشّمس، وأكثر تحديدا يقع بينهما. ينشأ مستوي لابلاس بسبب دوران مدار القمر الصّناعي حول محور دوران الأرض النّاشئ عن عدم إنتظام مجال جاذبيّة الأرض، بينما تميل الإقلاقات النّاجمة عن الشّمس إلى التّسبّب في دوران القمر الصّناعي حول العمودي على مدار الأرض حول الشّمس. ينتج عن التّأثيرين اللّذين يعملان معًا موضعًا وسيطًا للمحور المرجعي لمدار القمر الصّناعي(2). |
اقرأ المزيد |
تطوّر نظريّات الحركة الحلقة الخامسة: المدارت المتزامنة مع الأرض : 175 - 2022/02/04 |
تمثل الميكانيكا «علم دراسة الحركة» المنطقة التي تشتبك فيها الفيزياء بالرّياضياّت إشتباكا عظيما بحيث يصعب فيها الفصل بينهما، وتكثر الفوائد التي نجنيها من هذا الاشتباك. واحدة من هذه الفوائد هي الإجابة على السّؤال التّالي: هل يستطيع العلماء التّحكّم في صفة وشكل مدارات الأقمار الصّناعيّة بحيث تصمّم لإنجاز مهمّة معينة باستخدام مجال جاذبيّة الأرض؟ نعم يستطيع العلماء ذلك، و هو مجال دراسة الميكانيكا المداريّة orbital mechanics. وفي هذا المقال سنتعرض لنوع واحد فقط من هذا التّحكّم. تتمثّل فكرته الأساسيّة كالتّالي: بعد حلّ مسألة الحركة للأقمار الصّناعيّة ودالتها الرّئيسيّة هي دالّة جهد الأرض أي الدّالة المعبّرة عن مجال الجاذبيّة الأرضيّة بعد صياغتها بدلالة عناصر المدار (والتي سنعطي عنها نبذة في الفقرة التّالية)، تمكّن العلماء باستخدام الرّياضيّات من اختيار قيم معيّنة لبعض العناصر المداريّة بحيث تحقّق غرضا معيّنا. |
اقرأ المزيد |
تطوّر نظريّات الحركة الحلقة الرّابعة: تطبيق على إطلاق الأقمار الصناعيّة من خطوط عرض بالقرب من دائر : 174 - 2022/01/07 |
صدق أو لا تصدق لكنّها حقيقة، كلّ نقطة على سطح الأرض تختلف في سرعتها عن أيّ نقطة أخرى لا تشاركها في عرض المكان، ففي حين تكون السّرعة الزّاوية لجميع الأماكن على سطح الأرض واحدة باستثناء نقطتي القطبين الشّمالي والجنوبي، فإنّ السّرعة الخطيّة ليست واحدة لجميع الأماكن، فجميع النّقاط الواقعة على دائرة الاستواء تتحرّك بسرعة أكبر من أيّ نقطة أخرى على سطح الكوكب، والسّرعة عند القطبين بالضّبط تساوي الصّفر حيث تنطبقان على محور دوران الأرض حول نفسها. ولتوضيح ذلك أكثر تخيّل أنّك نظرت إلى نقطتين على خطّ طول واحد من القطب إلى القطب، بقعة واحدة على خطّ الاستواء والأخرى في منتصف الطّريق إلى القطب، ستحدث كلّ منهما دورة كاملة في غضون 24 ساعة وتعود إلى حيث كانت. |
اقرأ المزيد |
تطور نظريات الحركة الحلقة الثالثة: نظرات أخري في مسألة جسمين : 173 - 2021/12/03 |
كنت أحاول جاهدا أن لا أكتب معادلات رياضية داخل النص في هذه السلسلة، لعلمي أن ذلك يرهق القارئ غير المتخصص، لكنني أري أنه قد حيل بيني وبين ذلك المطلب، فالحديث عن تطور الميكانيكا السماوية صعب جدا دون التعرض للمعادلات الرياضية، ولذلك أراني الآن مضطرا لكتابة المعادلة التي نتجت عن حل لمسألة الحركة النسبية لمسألة جسمين وهي |
اقرأ المزيد |
تطوّر نظريّات الحركة الحلقة الثّانية: أبسط مسائل الميكانيكا السّماويّة (مسألة جسم واحد ومسألة جسمين : 171 - 2021/10/01 |
قبل الخوض في هذا الموضوع لابدّ من تأسيس مفهوم النّقطة المادّية «point mass» في الميكانيكا. يطلق مصطلح «النّقطة المادّية» علي أيّ جسم حقيقي يمكننا تقريبه ومن ثمّ تمثيله هندسيّا بنقطة تماما مثل مركز الدّائرة أي بلا أبعاد، أمّا كونها مادّية فللتّذكير فقط أنّه في هذا اللاّشيء المسمّى بنقطة تمّ تركيز مادّة الجسم فيه، من ذلك مثلا الأجسام المتماثلة كرويّا، أيّ الأجسام الكرّويّة الشّكل تماما والمنتظمة الكثافة في نفس الوقت. وبالطّبع فإنّ معظم الأجسام في الطّبيعة لا ينطبق عليها هذا الشّرط القاسي، لكن من الممكن تقريبها لذلك بشكل أوّلي تقريبا معقولا جدّا، ممّا يسهل الدّراسة والتّتبع الرّياضي للمسألة بشكل كبير. |
اقرأ المزيد |
تطوّر نظريّات الحركة الحلقة الأولى: في البدء كانت السّماء : 169 - 2021/08/06 |
في البدء كانت السّماء، ولم يكن أحد يتصوّر أنّ السّماء ملهمة الشّعراء، ستكون هي أيضا المعمل الرّبّاني الذي سيستخرج منه بنو الإنسان علومهم الطّبيعيّة والرّياضيّة التي بها سيطيّرون الطّائرات، ويُطلقون الصّواريخ والأقمار الصّناعيّة في الفضاء، ويجرون بها السّفن على الماء، بل وسيخرجون بها المارد من قمقمه المتمثّل في معرفة نظريّات الحركة، والتي ستمكّنهم من دراسة كلّ شيء متحرّك. في هذا الصّدد أتذكّر قول اللّه عزّ وجلّ «وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ»(1). |
اقرأ المزيد |
من الهندسة إلي علم الاجتماع : 165 - 2021/04/01 |
في الحلقة الأخيرة من هذه المقالات ومن مجمل المقالات الأربع السّابقة نتبيّن أنّ الهندسة الكسوريّة تعطي أهمّيّة للتّفاصيل، بل تفاصيل التّفاصيل، ولا تهمل أيّا منها مهما كان صغيرا، لأنّ الخوف ينبع من أن يتحوّل النّظام الدّيناميكي إلى نظام عشوائي، والنّظام العشوائي هو أيّ نظام يكون حسّاسا جدّا لأتفه التّغيّرات فيه. ولا أصدق من مثال الثّورات العربيّة التي لم نكن نصدّق قبلها أنّ هذه الأنظمة الفاسدة ستهتز هزّا عنيفا بهذه التّغيّرات السّلميّة الطّفيفة. كان معظمنا على يقين أنّها لن تُزال إلّا بزلزال بقوة 100 ريختر، ومثل تلك الزّلازل غير موجودة، إذن النّتيجة معروفة سلفا. |
اقرأ المزيد |
تفكيك لغز الأبعاد من الهندسة صحيحة البعد إلى الهندسة كسرية البعد(4/5) : 164 - 2021/03/03 |
يعمل العقل على ضمّ المتشابهات في صفّ واحد، وإن بدت في الظّاهر مختلفة، فأحيانا ننظر إلى الأشكال الهندسيّة مثل المثلّثات والمربّعات والأشكال الخماسيّة أو المضلّعات عموما وغيرها، فنراها مختلفة في الظّاهر لكن مع إمعان النّظر قليلا ندرك علاقات التّشابه مع بعضها، فنضع المثلّثات المتشابهة مع بعضها في صفّ ونميّزها عن غير المتشابهة، والمتخصّص في الرّياضيات يمعن أكثر وأكثر في هذا الاتجاه فالمتخصّص في التّوبولوجي مثلا يضع الكرة المصمتة [1] والمكعّب المصمت والاسطوانة المصمتة |
اقرأ المزيد |
تفكيك لغز الأبعاد من الهندسة صحيحة البعد إلى الهندسة كسرية البعد(3/5) : 163 - 2021/02/04 |
الكل يعرف أن إقليدس هو مؤسس الهندسة التي سميت باسمه بعد ذلك "الهندسة الإقليدية"، من خلال كتاب العناصر لإقليدس والذي يحتوي علي المسلمات المعروفة أيضا باسمه الآن، مع أن الكل يعرف أن كثير من هذه المسلمات كانت معروفة قبله وكذلك كثير من نظريات الهندسة كان قد تم البرهنة عليها من قبله، |
اقرأ المزيد |
عن الكسوف والخسوف : 159 - 2020/10/01 |
لا توجد مدوّنة علميّة تراكميّة أقدم من المدوّنات الفلكيّة، سواء أكانت لقدماء المصريّين أو للسّومريين أو البابليّين أو الصّينين أو الهنود؛ حيث توجد أدلّة وشواهد على وجود مثل هذه المدوّنات على جدران المعابد وألواح الصّلصال التي تقدّر عمرها بأكثر من خمسة آلاف سنة قبل الميلاد. وأغلب الظنّ أنّ إقليدس (300 - 265 ق.م) جمع كتابه «العناصر» من هذه المدونات وغيرها، عندما كان رئيسا لمكتبة الأسكندريّة؛ وقد كتب قبله كتبا في البصريّات والموسيقي والفلك، لكن تمثّلت إضافته الكبرى في تجريد الرّياضيّات إلى تعريفات وبديهيّات ومسلّمات ومبرهنات، حتّى أنّ الفلكي المصري اليوناني بطليموس (90 - 148م) -الذي جاء بعد إقليدس بفترة زمنية ليست بالكبيرة- كتب كتابه المعروف عربيّا بالمجسطي بالأسكندريّة، وهو دائرة معارف فلكيّة، وقد ظلّ لألف عام مرجعا في معرفة حركة الأجسام السّماوية، رغم إن اسم الكتاب الحقيقي باليونانية «μαθηματικἠ σύνταξις» وتنطق «ماثماتيكا سينتاكسيس» وتعني الأطروحة الرّياضيّة. هذا التّمهيد يدلّ على أنّ الفلك كان بمثابة المعمل أو الرّحم الذي نضجت فيه الرّياضيات أولا، فالحسابات التي يحسب بها تعامد أشعّة الشّمس على وجه رمسيس الثّاني، بمعبد أبو سمبل، بصعيد مصر يوم مولده في 22 أكتوبر، ويوم تتويجه ملكا فى 22 فبراير يدلّ على نضج حساب المثلّثات الكروي في هذه الحقبة (1303 - 1213 ق.م) أي قبل مولد إقليدس بعشرة قرون. |
اقرأ المزيد |
إضاءة على الرّياضيات الحيويّة ورياضيّات الأوبئة - (2/2) : 157 - 2020/08/03 |
إنطلاقا من مقولة يوهان هويزنجا «لا يكون الإبداع إلاّ على حدود الثّقافات» أقول أيضا أنّه عند دمج التّخصّصات المختلفة مثل دخول الرّياضيّات في مجال علوم الحياة بعمق أكثر، تظهر حقّا موجات جديدة من الإبداع، واستكمالا لما بدأناه، فإنّ النّمذجة الرّياضيّة للظّواهر الحيويّة ليست ببساطة النّماذج المعروضة في المقال السّابق[1]، |
اقرأ المزيد |
الاستثمار في اقتصاد الخوف : 154 - 2020/05/07 |
حالة كونيّة من الذّعر والرّعب غير مسبوقة، كوكب خال من البشر، الكلّ في جحره وفي «حجره الصّحي» مذعور من فيروس لا يري إلاّ بواسطة المجهر الإلكتروني. خوف من أن نلمس بعضنا بعضا، العمل والإنتاج على ظهر الكوكب في حالة موت إكلينكي، لا أشكّ أنّ هناك اقتصادات دول ستُنهك، خصوصا النّامية منها، وربّما تحتاج إلى سنوات وسنوات حتى تتعافي من آثار الوباء. فهل هي خطة مدبّرة للحرب بين الدّولتين العظيمتين(الصين وأمريكا)، يصيبهما بعض غبارها، ويتلظّي بلهيبها بقيّة دول الكوكب؟ أم أنها جائحة تجتاح الكوكب دون تدبير من أحد؟ |
اقرأ المزيد |
لحن الطبيعة المعزوف بالأعداد غير النسبية : 153 - 2020/04/07 |
لماذا تتّخذ الرّياضيّات من يوم 14 مارس عيدا لها والتي تقع دلالته في العدد π المقرّبة قيمته إلى 3.14، وليس مثلا من يوم 7 فبراير والتي تقع دلالته في العدد e المقرّبة قيمته إلى 2.7 ، وكلاهما عدد غير نسبي؟ أيّ عدد لا يمكن كتابته على هيئة نسبة، بسطها ومقامها أعداد صحيحة ومقامها لا يساوي الصّفر، وأغلب الأعداد غير نسبيّة، فهي كثيفة جدّا على خطّ الأعداد، فبين كلّ عددين غير نسبيّين يوجد عدد غير نسبيّ آخر، وفي أيّ عدد غير نسبيّ تكون الأرقام أمام الفاصلة العشريّة غير منتهية وغير متكرّرة. وهذه أعداد غير معروف قيمتها المضبوطة، ولكن تُعرف قيمتها التّقريبيّة فقط. إجابة هذا التّساؤل ربّما تكمن في أنّ البشريّة تعرف العدد π منذ 4000 عام تقريبـا، وتعرف العدد e منذ 400 عام فقط، أي أنّ العدد π هو الجدّ الأعظم للأعداد غير النّسبيّة، بينما لا يزال العدد e في سنّ الطّفولة بعد. وقد احتفل علماء الرّياضيّات بمعرفة 13 تريليون رقم عشري بعد الفاصلة العشريّة لذاك العدد π وذلك باستخدام حاسوب فائق الكفاءة طوّره الياباني «هوكونشي» ظلّ يعمل لمدّة 208 يوما في عام 2014. |
اقرأ المزيد |
كنوز الطّبيعة مختزنة في معادلات الرّموز الثّلاثة [1] معادلة لابلاس : 152 - 2020/03/05 |
لا شيء يدعو للتّعقيد، كلّ الأمور البسيطة تبدو جميلة جدّا، وليس كلّ بسيط في المبنى سطحيّا، فشتّان شتّان ما بين السّطحيّة والبساطة، ففي الأولى تبدو الحقائق فيها مسطّحة جدّا، مجتثّة الجذور أو ربّما بدون جذور على الإطلاق، بينما في الثّانية يبدو التّناغم واضحا جدّا بين ما يدور على السّطح في العالم المشاهد، وبين ما يمكن أن نتنبّأ بحدوثه في منطقة الجذور، حيث الغيب النّسبي، وهنا تلعب الرّياضيّات لعبتها المفضّلة «معرفة المجهول في النّظام من المعلوم فيه». وحين يغيب الفهم العميق للرّوابط بين ما يدور على السّطح المرئي وبين الجذور المخفيّة تتعقّد العلاقات، لذلك تمرّ الحقائق الكبيرة من بين فكّي المعادلات الصّغيرة جدّا، فثمّة معادلات من ثلاثة رموز لكنّها تختزن بداخلها الحقائق المدهشة عن الكون، ففي معظم هذه المعادلات ثمّة متغيّران مرتبطان أو متناسبان طرديّا أو عكسيّا بثابت تناسب بينهما، ففي أقصي اليمين تنبئنا معادلة «نيوتن» عن القوّة وعلاقتها بالتّسارع «العجلة»، وثابت التّناسب بينهما هو الكتلة، ومن البديهي جدّا أن ترتبط القوّة بالسّرعة، لكنّ الفهم العميق لطبيعة العلاقة بينهما تخبرنا أنّ القوّة ترتبط ارتباطا عضويّا بالتّغيّر في السّرعة وليس بالسّرعة نفسها، ثم لا يكون التّغيّر في السّرعة في نفس اتجاه السّرعة إلّا إذا كانت الحركة خطّية، لكن في الحالة العامّة حيث الحركة في مسار منحنٍ، يكون التّغيّر في السّرعة عموديّا على السّرعة نفسها. وفي أقصى اليسار تنبؤنا معادلة «ماكس بلانك» بأنّ الطّاقة والتردّد يتناسبان بثابت بلانك. حتّى معادلة «أينشتين» الشّهيرة والتي تربط الطّاقة بالكتلة وتنبئنا عن تكافئهما فثابت التّناسب بينهما هو مربّع سرعة الضّوء. تمثّل هذه المعادلات أثمن ما امتلكه العلم على الإطلاق إلى الآن من نماذج. |
اقرأ المزيد |
المشهد الليبي في 2020 : 151 - 2020/02/06 |
مع استهلال العشريّة الثّالثة في القرن الحادي والعشرين، تبدو الألغاز في المشهد السياسي اللّيبي أكثر تعقيدا وتشابكا، فما يظهر للعلن لا يقاس بما هو مخفيّ، لذلك فإنّ تحليل هذا المشهد يصبح غاية في الإرباك. فمنذ اندلاع الثّورة اللّيبية، دخل النّاتو بشكل مفضوح في اللّعبة السّياسيّة، حتّى أسماها البعض «ثورة الناتو»، وأصبح واضحا للجميع أنّ سقوط القذافي كان من الثّمرات «الألغام» التي وضعها الناتو في طريق الثّورة، الهدف منها خلق مشهد متعدّد الأقطاب، حتّى رأينا ثلاث حكومات متعاقبة مع دعم قوّات اللّواء المتقاعد خليفة حفتر البالغ من العمر 71 عاما والذي عرفته صحيفة الجارديان على أنّه عميل سابق CIA ولديه الجنسيّة الأمريكيّة، ويتلقى الدّعم من دول غربيّة وإقليميّة كثيرة، وبالتّالي ستنعته أجهزة إعلاميّة بالبطل القومي وأجهزة أخرى بمجرم الحرب. ثمّة طرف أخير وهو الميليشيّات المسلّحة التي تلعب مع كلّ الأطراف وتزيد الوضع تعقيدا وارتباكا. |
اقرأ المزيد |
المحاولات الأولى الجادة لقياس نصف قطر الأرض : 150 - 2020/01/02 |
لا تستطيع أدوات القياس مهما كانت دقيقة أن تقيس الأشياء المتناهية في الصّغر، كما أنّها لا تستطيع أن تقيس تلك الأشياء المتناهيّة في الكبر، فلا يوجد جهاز فيزيائيّ مثلا يقيس لنا كتلة الذّرة ولا كتلة المجرّة، وغاية ما نستطيع فعله هو تقدير تلك الكمّيات باستخدام النّماذج الرّياضيّة المعدّة لغرض ما، كضبط الثّوابت في النّموذج المعياري للفيزياء، أو في النّماذج الكونيّة. وسنندهش عندما نعلم أنّ ما نتمكّن من قياسه مباشرة بالأجهزة الفيزيائيّة يمثّل هامشا ضئيلا جدّا، وإنّها على كثرتها تكاد لا تساوي شيئا إلى جانب ما تمدّنا به النّماذج الرّياضيّة من تقديرات |
اقرأ المزيد |
البنية التحتية للخطاب الإعلامي : 149 - 2019/12/05 |
يقول فيكتور هوجو في روايته الشهيرة «البؤساء»، بأنّ «تاريخ الإنسانية ينعكس في تاريخ مجاريها». وقد أنشئت أول بالوعة في مصر في بداية القرن العشرين بحي الزمالك، حيث كانت مصلحة المجاري في مصر قد تأسست عام 1914م . وبعد أكثر من قرن ينزل المطر لمدّة سويعات، فتتحوّل البيوت والشّوارع إلي بحيرات مكهربة يموت فيها الأطفال غرقا وكهربة، وقد كانت تصرف في بالوعاتها منذ قرن، حتّى قال قائلهم من لم يرَ القاهرة لم يرَ عزّ الإسلام، وعندما ينزل المطر عند قوم آخرين طوال العام، تتحوّل مياه المطر إلى ثروة وثراء وخير وفير ونماء |
اقرأ المزيد |
العورات المجتمعيّة للثّورة : 148 - 2019/11/07 |
ثمن الصّمت نصمت على الفساد في بادئ أمره فتمرّ أمور صغيرة في حياتنا ومعاشنا، وتتردّد أمثال شعبيّة في الأرجاء، تزيد الطّين بلّة، من أمثال «الباب اللّي يجيلك منه الرّيح سدّه واستريح» أو «طاطي للمركب تعدي» أو «أربط الحمار زي ما عايز صاحبه». وهناك أمثال تختزنها الذّاكرة الشّعبيّة لكلّ أمّة بنحو هذه المعاني التي إن صحّت فربّما تصحّ فرديّا بل جزئيّا فقط في الزّمان وفي المكان وفي الإمكان، حتّى قال الإمام أحمد في فتنة خلق القرآن «إذا صمت العالم والجاهل يجهل، فمتى يعرف النّاس الحقّ». وكلّما زادت فترة الصّمت على الفساد والظّلم والاستبداد والقهر كانت الضّريبة التي يدفعها الشّعب باهظة جدّا ماديّا ومعنويّا وربّما احتاجت الأجيال التي تثور لتصحيح الأوضاع إلى عقود من البذل والتّضحية قد تمتدّ إلى قرن من الزّمان كما في الثّورة الفرنسيّة . |
اقرأ المزيد |
رؤية في إصلاح التعليم : 147 - 2019/10/03 |
لا يمكن تصوّر نهضة علميّة في شتّى الميادين بدون تعليم جيّد. ولقد خلق الله الإنسان وركّب في طبعه الخوف من المجهول، وهيّأه للصّراع الدّائم معه، فلن تستسلم البشريّة للمجهول طالما كان فيها نفس يتنفس. وأهم أسلحتها في ذلك التّعليم الذي يمثّل عمليّة نقل المعارف والمهارات والخبرات النّافعة وطرق الحصول عليها والتّأكد من صحّتها من جيل إلى جيل ليحوّل المجهول دوما إلى معلوم، ويستطيع التّعامل معه دون خوف بل ويستفيد من وجوده. ومع زيادة العمران وتعقّد المدن وتشابك العلاقات، يصعب جدّا تصوّر وجود عمليّة تعليميّة جيّدة بدون دولة قويّة، كما يصعب جدّا وجود تعليم مستقلّ مع وجود الدّولة أصلا. |
اقرأ المزيد |
فلسفة التضحية : 146 - 2019/09/04 |
لماذا يضحّي الآباء بالنّفس والنّفيس في سبيل تربية أبنائهم؟، ولماذا يضحّي العلماء بأعمارهم في معاملهم وفي بحوثهم ودراساتهم؟، ولماذا تضحّي الشّعوب في سبيل حرّيتها؟، ولماذا يفدي الجندي وطنه بروحه؟ ألف لماذا ولماذا يمكن أن تطرح في هذا المضمار، والجواب يُختصر في كلمة واحدة: «التّضحية» التي تكاد تكون فطرة، فطر الله النّاس عليها لأجل الاستمرار والتّطور، بصرف النّظر عن الوجهة التي من أجلها تكون التضحية. لكنّ أرقى التضحيات هي تلك التي تكون من أجل قضيّة ما، ودون مقابل ظاهر، تلك التي تمثل قيمة عليا في الوعي الإنساني، وتحوز إعجابا وتقديرا عاليا في كافة الثّقافات الإنسانية على تباينها واختلافها في تراتبية القيم. التّضحية هي بذل النّفس والنّفيس لإعلاء ونشر القيم العليا في ثقافة ما بين النّاس، لذلك لا تكون التّضحية إلاّ بعد عقد (حقيقي أو مجازي) تيقّن صاحبه من الرّبح مقدّما، لأجل ذلك ساق الله عزّ وجلّ الآيات في صورة تعاقد بيع وشراء: «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ»(1). |
اقرأ المزيد |
فشل البداية العملية لتطبيق صفقة القرن في ورشة «السلام من أجل الازدهار» : 145 - 2019/08/01 |
في قضايا الأوطان لا تستطيع أن تكون محايدا أو أكاديميا باردا، والأجواء من حولك ملتهبة، خصوصا وأنت تدرك جيّدا أنّ طريق جهنم مفروش بالنّوايا الحسنة، ولاسيّما عندما تعلم أنّ من يفرش لك الطّريق بالورود هم مروّجوا الصّفقة التي سوّق لها في ورشة المنامة وهم «بعض ساسة الأمريكان ومن خلفهم الصهاينة» وهم أعداؤنا الحقيقيون، والذي ينبغي عليك أن تعدّ أصابع يدك بعد مصافحتهم إن صافحتهم، ومن خلف هؤلاء طبقة من المنتفعين العرب. ولأي صفقة طرفان بائع ومشتر، لكن من المخزي أن يبيع البائع ما لا يملك، ظنّا منه أنه سيجد من الأطراف الفلسطينية من يوافقه على ذلك متجاهلا أنّ فلسطين وقف إسلامي فهي ليست ملكًا للفلسطينين وحدهم(1). والحمد لله أن حصل إجماع فلسطينيّ قلّ نظيره على مقاطعة الورشة، إجماع من الفصائل الفلسطينيّة، ومن رجال الأعمال الفلسطينيّن، ومن السّياسيين والأدباء والمفكّرين والأكاديميّين، بل ومن الأفراد الطّبيعين. |
اقرأ المزيد |
نظرات في أحاديثنا مع أولادنا الشباب في البيوت : 144 - 2019/07/04 |
حين يكبر فيك كل شيء: الجسم والعمر والوظيفة والمكانة الاجتماعيّة، ولا يكبر فيك الإنسان، فقد خسرت كلّ شيء. وعندما يكون جلّ حديث الأب مع ابنه بالعموميّات مثل أن يقول الأب لابنه: هل تعلم أنّ الجزء أصغر من الكلّ، يكون الحديث بلا فائدة تذكر، وربّما يسقط عقل الأب من نظر ابنه، فالعموميّات هي رزق الله للعقل عند نموّه في محيطه الإنساني دون مجهود يذكر تقريبا، فالإنسان الذي تربّى وسط الغابة بين الحيوانات فقط، لا أظن أنّه أدرك كلّ العموميّات الإنسانيّة (راجع قصة حي بن يقظان)(1). فمن خلال وجوده في المحيط الإنساني، يدرك الإنسان العموميّات بأقل جهد كأنّه تجلٍّ لمبدأ «أقلّ جهد، أقل فعل» في الطّبيعة الذي صاغه الفيزيائي والرياضي الفرنسي «لاجرانج»The least action principle) )، فإدراك العموميات يحتاج إلى جهد أقل من الجهد الذي نبذله مثلا في عمليّة التّنفس أثناء النوم. |
اقرأ المزيد |
السودان بلد ضيعته الحركات الإسلامية : 143 - 2019/06/06 |
كان أمير المؤمنين عمر بن الخّطاب رضي الله عنه يدعو دائما «اللّهم إنّا نعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثّقة»، ونُقل عنه رضي الله عنه أنّه قال لا ينبغي أن يولي عاملا «واليا» على مصر «بلد» أكثر من أربع سنين، فإن كان عدلا ملّه النّاس وإن كان جائرا فيكفي من الجور أربع سنين. وعنه أيضا عند أحمد عن عامر الشّعبي أنّ عمر بن الخطاب قال: «لا تبقوا لي واليا أكثر من سنة واحدة». ومقابل ذلك، نجد أنّ هناك رؤساء حكموا دولا ما يزيد على ربع قرن، ومنهم من اقترب من نصف قرن، بل وقيادات في العمل الإسلامي في صدر القيادة لما يقرب من نصف قرن أيضا. ولدت أجيال وماتت أجيال وتيبّسوا هم على كراسيهم وفي مواقعهم، حتّى ظنّ بعض المثقفين الذين لديهم عقم فكري أنّ زوال هذا أو ذاك عن موقعة سيؤدّي إلى زوال البلد، وكانت دائما ذخيرة الحكام الديكتاتوريين (أو بعض قادة الحركات الإسلاميّة) هو رغبة معظم النّاس في الاستقرار، وأنّه بغيابهم عن المشهد سيزول المعبد. |
اقرأ المزيد |
تأملات في أحداث نيوزيلاندا : 142 - 2019/05/02 |
تقع جزر نيوزيلاندا في الجنوب الغربي للمحيط الهادئ، وتبعد حوالي 1600 كم عن جنوب شرق أستراليا، ويفصل بينهما بحر «تسمان». تقع في قارة أقيانوسيا وهي قارة في جنوب غرب المحيط الهادئ تضم أستراليا وجزراً محيطة بها، وليس لها حدود برية مع أي دولة أخرى. تقع الأحداث، موضوع مقالنا، في أقصي الجنوب في نيوزيلاندا لكنّها محمّلة بطعم أحداث جرت في البلقان في أقصي الشّمال في تسعينات القرن الماضي، حيث يدخل إرهابيّ مجرم يدعى «برينتون تارنت» بيتا من بيوت الله في مدينة كريست تشيرش بنيوزيلاندا، حيث السّكينة تلّف المكان، فيقابله أحد ضحاياه مبتسما قائلا «أهلا أخي» فيرديه قتيلا بدم بارد وبسلاح سجّل عليه أسماء المقاتلين التّاريخيين ضدّ «الغزاة» العثمانيين، وتواريخ معارك هزمت فيها الجيوش الأوروبيّة قوات الدّولة العثمانيّة. وطالب الأتراك بالبقاء في الجهة الشّرقية من إسطنبول وترك الجهة الغربيّة منها إلى جانب دعوته لاغتيال الرّئيس التّركي. ألهمت هذا الإرهابي حرب التّحرير لشعوب البلقان ضدّ الأتراك، خصوصا وقد قام بالبثّ المباشر للاعتداء الإرهابي المزدوج على المسجدين وصاحبته أغنية حربيّة لصرب البوسنة الذين شنّوا في التّسعينات حربا ضدّ جيش البوسنة والهرسك المكوّن غالبيته من المسلمين. تبدأ هذه الأغنية بـ «كرادزيتش قُد رجالك الصّرب» وهي تمجد قائد صرب البوسنة السّابق «رادوفان كرادزيدش» الذي حكم عليه في العام 2016م بالسجن أربعين عاما من طرف محكمة جرائم الحرب لمشاركته في مذبحة «سريبرنيتسا» التي قُتل فيها في جوان/يوليو 1995 أكثر من 8000 مسلم في يوغوسلافيا السابقة. |
اقرأ المزيد |
الحياة رغم أنف المشنقة والمحرقة : 141 - 2019/04/04 |
إنّ من أعظم النّعم التي أنّعم الله بها علينا هي أن أخفى عنّا وعن أحبابنا ميعاد خروجنا من هذه الحياة، ومن ثمّ فلست أدري بأيّ قلب تعيش أمّ وهي تعلم أنّ ابنها «الذي ودّع الطفولة من قريب واستقبل زهرة الشّباب» سيفارق الحياة في لحظة قريبة جدّا بل ومعلوم ميعادها لها. يذكّرني ذلك في أدبنا العربي بقصيدة هاشم الرّفاعي الرّائعة التي كتبها من زنزانته إلي أبيه: |
اقرأ المزيد |
العمل الصالح مجتمعيا من منظور معرفي : 140 - 2019/03/07 |
لا يوصف العمل المجّرد في ذاته بالصّلاح أو بالفساد، ففي الحديث أنّ أول من تسعر بهم النّار ثلاثة ... (الحديث) وأعمال الثّلاثة هؤلاء في ظاهرها أعمال صالحة ولكنّها لمّا فقدت النّقطة المرجعيّة لقياسها كانت سببا في تسعير النّار بهم. لكن من النّاحية اللّغوية، العمل ضدّ البطالة والصّلاح، ضدّ الفساد كما يقول ابن منظور في اللّسان، ويقول ابن فارس في معجمه إنّ الصّاد واللاّم والحاء أصل واحد يدلّ على خلاف الفساد. |
اقرأ المزيد |
فطرة المقاومة في ذكري الفرح والألم : 139 - 2019/02/07 |
لا يقف شعب على تخوم ثورة إلاّ أن يكون قد بدأ بالفعل معركة الوعي وقطع فيها شوطا يسمح بتشكيل نخبة نوعيّة تقود حراكه الثّوري، فإن لم يقاوم شعب طغيان مستبدّيه فاعلم أنّ المشكلة تكمن في نخبته. فالشّعب لا يثور كلّه ولا نصفه أو حتّى ربعه، تكفي أن تتحرّك منه كتلة حرجة تزرع الخوف - بإذن الله - في نفوس المستبدّين، وتبشّر بالطمأنينة والسّكينة في نفوس الخائفين، فتجعلهم يصطفّون إلى جانبهم بدلا من الوقوف في صفّ الظّالمين لأجل لقمة العيش الذّليلة. |
اقرأ المزيد |
أزمة الإنتاج في الأمة المرهقة بين الاستنساخ والمسخ (2/2) : 138 - 2019/01/03 |
بينت في مقالي بالعدد السابق أننا في حالة سبات مهين منذ أكثر من خمسة قرون وأن الخروج من هذا التيه يتطلب جهدا عميقا للبحث عن نماذج تفسيرية لكل ما يحيط بنا دون استنساخ أعمى لمفردات الماضي أو دون الانبهار الذي يعقبه الانهيار أمام الحضارة الغربية الحديثة، لكن الرصد العميق لنقاط القوة لأجل تعظيم الاستفادة منها، ولنقاط الضعف لكي نتجنبها، وفي هذه الحلقة من المقال أستأنف الكتابة عن فكرة مفادها أن الأفكار إن لم تتجدد فسيكون لها دورة تشبه إلي حدّ كبير دورة حياة الكائن الحيّ، طفولة ثم حيويّة وشباب ثمّ تيبّس وكهولة وإرهاق لكنّها في الغالب لا تموت. |
اقرأ المزيد |
أزمة الإنتاج في الأمة المرهقة بين الاستنساخ والمسخ (1/2) : 137 - 2018/12/06 |
يقولون أنّ التّاريخ يعيد نفسه مرّتين، لكنّه حين يعيد نفسه، يكون مرّة مأساة ومرّة ملهاة كما يقول «ماركس». والمشكلة في الحقيقة تكمن في أنّ الإنسان عموما مفطور على التّقليد، ولا تقوم أمم أو تجارب كبرى على تقليد غيرها فقط، ولا يقلّد غالبا إلاّ المغلوب كما يقول «ابن خلدون» في مقدمته، أو كما يقول «أبو عمر بن عبد البر» - حافظ المغرب - «أجمع النّاس على أنّ المقلّد ليس معدودا من أهل العلم، وأنّ العلم معرفة الحقّ بدليله»[1] . لذلك وجب أن يكون لكلّ أمّة تريد النّهوض آباء مؤسّسون لنهضتها في كلّ مجالات العلم والمعرفة والتطبيق، وهؤلاء ليسوا محترفين في فنونهم فقط بل أصحاب رؤى واسعة وأوزان معرفيّة ثقيلة (وليسوا المجددين بالمصطلح الشّرعي فقط، فهؤلاء منوط بهم تفعيل المنظومة القيميّة في الواقع)، حتّى وإن ابتدؤوا بالتّقليد، فهذا ممّا لا تنفك عنه الطّبيعة البشريّة أبدا، لكن لا بدّ وأن يكون لهم منهج خاصّ بهم يصوّغونه هم، يجيبون فيه عن التّساؤلات الهامّة والكبرى، حتّى وإن جمعوا في لبناته من حضارات الأمم الأخرى |
اقرأ المزيد |
لماذا يتم إكراه الناس على النفور من العلوم الإنسانية؟ : 136 - 2018/11/08 |
كنت قد أحببت القراءة مبكّرا في طفولتي، وأذكر وأنا أخطو ناحية الشّباب وأنا بالصّف الأول الثّانوي قد اخترت القسم الأدبي لأكمّل دراستي فيه، وكان لي صديقان حميمان يعلمان حبّي وولعي بالعلوم الطّبيعية وخصوصا الرّياضيات والفيزياء قدر حبّي للأدب والعلوم الإنسانيّة، وكنّا نتشاور في كلّ شيء وقدّر لي أن أنتقل للدّراسة في القسم العلمي لينتهي بي المطاف كمتخصّص في ديناميكا الفضاء. ولو رجع بي الزّمن إلى الوراء لاخترت علم الاجتماع السّياسي كتخصّص دقيق لأكمّل حياتي فيه، والآن وقد بدأت تتبلور أمام عيني فكرة جريئة وهي أنّه لما كان معظم الفكر الاستعماري مبني على تعليم النّاس الانضباط، والسّير في طابور، والانتظار في طابور، والنّوم بطابور، حتّى أنّهم بنوا المصنع والوحدات العسكريّة والمدرسة والمستشفي بل والوحدات الإداريّة بتراتبيتها علي نسق السّجن حتّى يتحقّق الانضباط من خلال إحكام عمليّة المراقبة والمعاقبة كما يقول فوكوه [1]. هذا الانضباط ولا شكّ مفيد جدّا وفي غاية الأهمّية لكنّه ينبغي أن يضبط بوسيلة معرفيّة تحفظ على العقل كيانه |
اقرأ المزيد |
ممنوع السير في طريق الاستقلال : 135 - 2018/10/04 |
إذا ارتفعت قيمة المُثَمَّن ارتفع الثّمن، فلا يوجد ثمّة شيء غال ونفيس بثمن بخس. وبعد عام 1971 م ألغي الذهب كقيمة للمثمّنات وتمّ ربط قيمة العملات المحلّية للدّول بقيمة العملة الأمريكيّة الدولار، في إشارة واضحة أنّ القطب الأوحد في العالم سيلتهم كلّ من يعترض طريقه أو يحاول أن يعترضها. فمن يحاول أن يغرّد خارج السّرب له ذلك بشرط أن يكون التّغريد تافها لا مضمون له ولا قيمة. لكن إن حاولت الإستقلال بتغريدة تخصّك، تلعب أنت فيها دور المايسترو، فسوف نمحو تلك النّغمات من سجلّ الموسيقى بل وسنمحو التّردّدات والموجات من موضوعات الفيزياء. |
اقرأ المزيد |
إزاحة المراكز العلمية بعد التحولات الكبرى : 134 - 2018/09/06 |
ليس للعلم وطن يأوي إليه إلاّ عقول العلماء، وحين يشعر العالم أو حتّى «محبّ العلم» في مكان ما أن عقله مهدّد بالانقراض وإدراكه ووعيه في تناقص مستمر يهرب فورا، حتّى ولو كان ذاك المكان وطنه الذي فيه جذوره وفروعه، لكنّه في الوقت نفسه يكون مستعدّا للبقاء فيه مدافعا عنه حتّى ولو هدّد الخطر حياته إذا شعر أنّ بقاءه في وطنه يحمي وطنه من خطر الفناء وكان حبّ الوطن نابعا من اعتقاد راسخ أو كان هو بذاته اعتقاد راسخ وفي بعض الحالات يكون حبّ الوطن أقوى من المعتقد. وقد تحقّقت الحالتين في بلد واحد بل وفي ظرف واحد، فالبلد كان ألمانيا، والظّرف السّياسي كان النّازية، وكان الظّرف الزمني هو الحرب العالمية الثّانية، حيث بلغ عدد الذين انضمّوا الى الحزب النّازي من الفيزيائيّين الألمان ما نسبته 44.8 % . |
اقرأ المزيد |
التلوث الأكاديمي : 133 - 2018/08/09 |
يعدّ البحثَ العلميَّ محاولة لاكتشاف المعرفة والتّنقيب عنها وتطويرها وفحصها وتحقيقها بتقصٍّ دقيق ونقدٍ عميق ثمَّ عرضها عرضاً مكتملاً بذكاءٍ وإدراكٍ لتسيرَ في ركب الحضارة العالميَّة، وتسهم فيها إسهاماً حيّاً شاملاً [1]، لكنّ السّؤال الذي يطرح نفسه دائما: ما الذي دفع الإنسان أصلا للبحث؟ لا أشكّ لحظة أنّ قصّة البحث العلمي تبدأ من الشّعور بالمعاناة ومن ثمّ محاولة التّغلب عليها. وقد تكون قد بدأت بالمعاناة الجسديّة لتأمين مسكن بعد الهبوط من الجنّة، يحفظه من الحيوانات المفترسة ومن السّباع والهوام إذا ما غلبه النّوم، ولتأمين طعامه وشرابه إذا ما عضّه الجوع والعطش، ولتأمينه من الخوف من المجهول المحيط به من الجهات كلّها، حتّى أنّ شُربَ الإنسان للخمر كان للقضاء على جزء من المجهول المخيف، فيلغي له عقله فترة من الزّمن، فيصير كالحجرلا يشعر بالخوف من شيء. ومن الأسباب التي دفعت الإنسان للبحث الرغبة في تأمين المظلوم وأخذ حقّه من الظالم، فليس الإنسان جسدا فحسب يبحث عن تأمين جسده هو وينسى الأخلاق التي يبنى منها الجسد الاجتماعي. وليس الرّفاه ضدّ المعاناة، فقد يكون الإنسان مرفّها وبداخله معاناة لا يعلم مداها إلاّ الله. |
اقرأ المزيد |
العيد ورمزية التغيير : 132 - 2018/07/05 |
لا تكاد تجد ثقافة أو أمّة تخلو من الأعياد، ففرح النّاس ببعض أيّام دهرهم تكاد تكون فطرة عامّة عند الجميع. وهو أي العيد إمّا أن يكون في الغالب والأعم رمزا لفخر ومجد أمّة بنصر عسكري، أو بوحدة حيز جغرافي ما، أو بتحرير الإنسان أو الأرض، أو بشكل عام ذكريات تاريخيّة أسهمت في إحداث تحوّلات جذريّة لديها، أو في أحيان قليلة جدّا في الفطرة المعكوسة يكون احتفالا بهزيمة مثل الاحتفال بكربلاء، وإن أتي الاحتفال في شكل بكائيّة تحمل معاني تذكر البلاء الشّديد لأصحاب الحسين رضي الله عنه، أو محاولة البعض للاحتفال بالحملة الفرنسيّة مثلا على مصر واتخاذ ذلك عيدا ثقافيّا باعتبار أنّها هي التي حملت مشعل التّنوير لمصر وينسون أنّه كان احتلالا عسكريّا تمّ العبث فيه بالإنسان المصري وحضارته. |
اقرأ المزيد |
محاولات ترويض وتطبيع الصفر (0) واللانهاية : 131 - 2018/06/07 |
الصّفرهو قيمة العدم، لكنّه يعطي غيره القيمة من خلال اعتباره النّقطة المرجعيّة للقياس في الرّياضيات وفي الفيزياء، ولا يعرف على وجه الدّقة أوّل من عبّر عن الصّفر، هل هم السّومريّون، أم الهنود. كان يعبر عن الصفر أولا بترك فراغ بين الأرقام، ثم استعاضوا عن الفراغ بوضع خطّين لتمثيل قيمة الصّفر، حتّى جاء «الخوارزمي» واقترح أنّه عندما لا يظهر أيّ عدد في خانة العشرات فيجب استخدام دائرة صغيرة في الحسابات، ودعا هذه الدائرة صفرا، وانتقل الصّفر لفظا ومعنى عن طريق الفتح الإسلامي لإسبانيا إلى أوروبا، وشكّ الأوربيّون بالصّفر العربي، ووصفوه بأنّه «شيطان»، وتمّ حظره ومُنع استخدامه، إلاّ أنّ التّجار استخدموه سراً وبشكل غير قانوني. ومع بداية عصر النّهضة تمّ قبوله في جميع أنحاء أوروبا، وأصبح أساسيّاً في نظام الإحداثيّات الدّيكارتيّة، وحساب التّفاضل والتّكامل الذي مهّد الطّريق لتطوّر علوم الرّياضيات، والفيزياء الحديثة. أمّا المالانهاية فقد صرّح أرسطو «أن فيثاغورس هو الذي وضع اللاّنهاية الممكنة»، ولكن سرعان ما تصادم التّصوّر الفيثاغوري مع وجود الأعداد غير النّسبيّة، فوقع استبداله بمفهوم الاستمراريّة، وهو أنّ كل خطّ مستقيم يمكن تقسيمه إلى ما لا نهاية من الأجزاء، وعدد نقاطه تكون لانهائيّة أيضًا. ثمّ ظهرت مفارقات «زينو» التي تقوم على أنّ الزّمان والمكان قابلان للتقسيم اللانهائي، والتي تعارضت بنفسها مع المفاهيم التّقليدية حول اللاّنهائيّة في الكبر وفي الصّغر. أما «جون واليس» الرّياضي الإنجليزي، فكان أوّل من أدخل رمزها الغريب ∞ عام 1655 في عمله المعنون «مخروطي الأقسام» ولم يفسّر «واليس» اختياره لهذا الرّمز، لكن أرجع البعض استخدام هذا الرّمز كبديل للرّقم الروماني 1000 (والذي كان يكتب على الصّورة CIƆ، والذي كان يستخدم للدّلالة على الكثرة الرّهيبة، والبعض أرجعه إلي أنّ الرّمز مأخوذ من الحرف الأخير في الأبجديّة اليونانية أوميجا ω وفي ذلك دلالة على أنّ المالانهاية كانت تدلّ أوّل ما تدلّ على الكثرة المرعبة من أيّ شيء يعيش معنا في دنيانا كعدد حبّات الرّمال، أمّا تجريد المعني فشيء آخر. |
اقرأ المزيد |
كلام عقلي في التسيير والتخيير في مرحلة تكوين العقل المستقل : 130 - 2018/05/03 |
ربما يبدو أنّ الموضوع قديم وقد قتل بحثا، لكن في الحقيقة سؤال «التّسيير والتّخيير» هذا يرد على العقل مرارا وتكرارا في مرحلة تكوين العقل المستقل، وهيهات أن يستقلّ العقل الإنساني تماما عن الغيب، وخصوصا إذا عُلم أنّ بعض الأقطار العربيّة بها إحصاءات غير رسميّة تدل على وجود حوالي 3 مليون ملحد [1]، ولاشكّ أنّ هذا العدد مرشّح للزّيادة. يرد هذا السّؤال عند تعرّض الإنسان للشّك في أشياء كثيرة كانت تؤخذ على أنّها مسلّمات ولا يجد لها أجوبة يشفي بها عقله. وخطورتها تكمن في وقت عرضها على العقل قبل أن تتشكّل ملكة النّقد لديه، وقبل أن يمتلك أدوات البحث، وفي الوقت نفسه يظنّ أنّه يستطيع البرهنة على كلّ المسلّمات، لكن هيهات سيظلّ كلّ علم سواء أكان هذا العلم من العلوم الطبيعيّة أم من العلوم الإنسانية مبنيّا على مسلّمات، حتّى إذا برهن الإنسان على مسلّمة قفزت في بنية عقله مسلّمات أخرى جديدة، لكن كلّما قلّ عدد المسلّمات في علم، كلّما صار هذا العلم أكثر تماسكا وتوافقا. ورغم خطورة الشّك إلاّ أنّه يعد أحد أهم مناهج البحث العلمي، ومن لا يشكّ في نتائج العلم لا يحقّ له أن يعمل به. |
اقرأ المزيد |
مسار العلم بين الحتميّة والاحتمال والفوضى : 129 - 2018/04/05 |
تعمل حواس الإنسان في نطاق ضيق جدا من هذا العالم الفسيح، فلا يستطيع إنسان أن يفرق مثلا بين أي كتلة وأخرى بدءا من 1000 كيلو جرام فأكثر أو عشر جرام فأقل معتمدا على حواسه فقط والأمر أيضا قريب من ذلك في المسافات، فلا يستطيع أن يفرّق بين 10 كيلومترات فأكثر أو عُشر الملّيمتر فأقل، وإحساسه بالزّمن لا يبعد عن ذلك أيضا، فلا يستطيع إدراك الفوارق الزّمنية حين يتعدّى حاجز المائة يوم تقريبا وحين تصغر عن كسر بسيط من الثّانية. وبالتّالي فهامش العالم الذي تقيسه الحواس بدون مساعدة من أيّ شئ آخر يمثّل نافذة ضئيلة جدّا من الكون تكاد تكون منعدمة وبلغة الرّياضيات فإنّ ما ندركه من الكون بحواسنا المجرّدة يقترب كثيرا من الصّفر، وإذا دعّمنا الحواس بأجهزة فيزيائيّة للقياس فإنّ هذه النّافذة تمتدّ ولكن قليلا أيضا بالمقارنة بما لا تستطيع الأجهزة قياسه، فيكون ما تقيسه الأجهزة يتراوح من 10 أس سالب 50 إلى 10 أس سالب 60. |
اقرأ المزيد |
الحرية المستعبدة في عصر الحداثة وأمراضها : 128 - 2018/03/01 |
تعلي الثقافة الغربية من مفردة «الحرّية» كإله لعصر الحداثة، والحقيقة أنّه شعار فقط يخفي وراءه أن الاستعباد هو آلة العصر الحديث، فأنت لاتعدو عن أن تكون ترسا متناهيا في الصّغر مستعبدا في مسارك في آلة جبّارة اسمها الحداثة، وتكتسب قيمتك من التزامك وخضوعك للقوانين المدنيّة «الطّبيعة» من حولك والتي تحولك مع الزمن وبحثا عن الأمثلية في الآداء والإنتاج من حالة الضبط التحكّمي باهظ الثمن ومن المراقبة الخارجية في المجتمع الحداثي إلي حالة الضبط الذاتي والمراقبة الداخلية في المجتمع ما بعد الحداثي وأن تحوي بداخلك برنامجا للتشغيل الذاتي، وهو يعكس الفلسفة الغربية الحديثة بأكملها من أن الله خلق الكون ثم رفع يده عنه تماما وتركه يعمل آليا دون تدخل منه، «تعالى الله عما يقولون علوّا كبيرا». |
اقرأ المزيد |
صفقة القرن: انتصار الغرب بلا حرب : 127 - 2018/02/01 |
علي نفس الوزن تأتي الصّفقة والصّفعة لتكون في ظاهرها صفقة وفي باطنها صفعة، ويبدو أنّنا لطالما كنّا متخلّفين سيكون لنا في كلّ قرن صفعة، وهو امتداد طبيعي جدّا لوعد بلفور وسياسة زرع وتمكين اليهود في هذه المنطقة. فمنذ قرن مضى على وعد بلفور 1917 وزير خارجية بريطانيا آنذاك والذي منح فيه اليهود وعدا بإنشاء وطنا قوميا لهم في فلسطين، وهو إعطاء ممن لا يملك لمن لا يستحق، ولا أعلم فيما أعلم أن هناك وطنا قوميّا لدين، فالأديان تتجاوز الجغرافيا والأعراق والقوميّات |
اقرأ المزيد |
الربيع العربي أجنة ثورات مهددة : 126 - 2018/01/04 |
في ذكري بدايات إندلاع الثّورات العربيّة التي كانت فاتحتها من تونس أما خاتمتها فلم تظهر بوادرها بعد، مازلنا بعيدين جدّا عن التّقييم الإجمالي وإنّما تقييم لمشهد قصير من التّدافع بين القوى «الثّورية» ومنظومات الاستبداد التي جرفت الأوطان من كلّ شيء نافع وجميل. ولد الرّبيع العربي كأجنّة ثورات لم تكتمل، واحتواها مجهّضوها. لكنّه أحيانا يقدر لأنوية الثّورات أن ترى النّور دون ترتيب سابق لها ودون قيادة تحدّد بوصلتها لتصل بعض حجّة الله على خلقه ولتعلم الشّعوب المقهورة أنّ للشّعوب بأسًا من الممكن أن يزلزل عرش الطّواغيت |
اقرأ المزيد |
حول اللغة كخاصية إنسانية ونبذة مختصرة عن نمذجتها الرياضية : 125 - 2017/11/30 |
نظام للتشغيل الجسدي والميتافيزيقي يقول السّيوطي نقلا عن الشّافعي في الرّسالة «لا يحيط باللّغة إلاّ نبيّ»[1]، وقريب من ذلك قاله ابن فارس في الصّاحبي، وكأنّ اللّغة تحتوي على شيء ما له بعض معاني اللاّنهاية، ويقول جاليليو:«اللّغة أعظم الاختراعات البشرية قاطبة، فهي الوسيلة لتوصيل أفكارنا الأكثر سرّية إلى أيّ شخص آخر بعدد قليل من الأحرف»، مرّة أخرى يعكس لانهائيّة اللّغة. ويقول تشومسكي بتصرّف «تبدو ملكة اللّغة البشريّة «خاصّيّة نوعيّة» تختلف قليلا فيما بين البشر وليس لها شبيه ذو أهمّية في عوالم أخرى غير البشر، وهي المسؤولة عن امتلاك الجنس البشري وحده تاريخا وتطوّرا ثقافيّا، يتمّ توارثه، حتى إنّ العالم المرّيخي «عالم افتراضي يعيش على سطح المرّيخ» الذي يرصد الأفعال الغريبة على الأرض من الصّعب عليه أن يتجنّب الإصابة بالصّدمة من بروز وأهمّية هذا الشّكل الفريد ظاهريّا من التّنظيم الفكري، وقد يستنتج بشكل معقول أنّ ثمّة لغة بشريّة واحدة، مع اختلاف في الهوامش فقط»[2]. لهذا كلّه نؤمن أنّ الإنسان ليس حيوانا ناطقا وليس حيوانا عاقلا وليس حيوانا مفكّرا. نحن نؤمن أنّ الإنسان إنسان وأنّ الحيوان حيوان، والفارق أنّ الأخير من الممكن فهم كلّ شيء يصدر عنه بشكل آلي ومن ثمّ نمذجته، أمّا الإنسان فلا يمكن بحال من الأحوال فهم كلّ ما يصدر عنه بشكل آلي. فالطّفل لا يولد ككائن بيولوجي فقط، لا يولد ككيان فارغ ثم يملأ من خلال التّصرفات الخارجيّة من حوله، وإنّما يولد وبداخله عالم جوّاني، هذا العالم الجوّاني لا يوجد في الحيوان، يولد الطفل وبه نظام تشغيل للبعد المحسوس أو للماكينة المسمّاة بالجسد «وهو يتّفق مع الحيوان في ذلك» مثل الأكل والشّرب والنّوم والتّكاثر ...إلخ، |
اقرأ المزيد |
حين لا يسعك الصمت ولا الكلام : 124 - 2017/11/02 |
دخلنا منذ زمن طويل في ثقب أسود. يتنامي عدد الثّقوب السّوداء غير المعزولة في منظومتنا المعرفيّة باستمرار حتّى كاد أن يبلغ حدّ اللاّنهاية ولا أدري ماذا بعد اللاّنهاية، لا قوانين تحفظ العلاقات بين النّاس، تدان على كلّ شيء وضدّه، تتماهى الأقطاب المتناقضة، تضيع الحواجز والفوارق بين الصّمت والكلام. كنّا في الماضي - حين ننشد السّلامة - نتعلّم «أمسك عليك لسانك وابك على خطيئتك وليسعك بيتك»، والآن لم يعد بيتك يسعك حتّى لو أمسكت عليك لسانك، لم يعد الصّمت يغني عنك من الاستبداد شيئا، فقد علم المستبدّون أنّ «الصّمت فنّ من فنون الكلام»، فعندما نصمت يستقيل الجزء الظّاهر من اللّغة وهو الكلام، ويبحر الإنسان داخل نفسه في عالمه الخاصّ وداخل الظّواهر، وربّما أبدع أكثر وأكثر ممّا لو تكلّم، وكانوا يعلّموننا أيضا «لا تتكلّم فللجدران آذان»، أمّا اليوم فقد صار للصّمت تُرجمان، هذه ضريبة صمتنا بل نومنا لقرون طالت أكثر من مدّة أهل الكهف، حتّى انقلبت المفاهيم وظنّنا أنّ طول النّوم يمدّ في الأجل، ندفع ثمن هذه الغفلة غاليا من تخلّفنا، فقدنا عُملة التّداول العقلي بيننا، نقاشاتنا أقرب إلى الاتهام والتّخوين منها إلى النّقاش العقلي الجادّ لاستجلاء الحقيقة، فقدنا مفردات اللّغة التي نتفاهم بها، عدنا إلى ما قبل «وعلّم آدم الأسماء كلّها». هذه ليست لغة تشاؤميّة، ولست يائسا من إصلاح ما نحن فيه، لكنّها محاولة توصيف مختزل جدّا لحالتنا، وواجب الوقت هو محاولة الخروج من هذا التيه، وأقلّ ما فيه فضّ الاشتباك الاستبدادي بيننا، لأنّ الاستبداد لم يعد يخصّ علاقة السّلطة بالمواطن لكنّه تعدّى إلى علاقة المواطن بالمواطن وربّما كانت علاقة المواطن بنفسه. |
اقرأ المزيد |
المسافة بين الحقيقة والبرهان في رحلة البحث عن اليقين : 123 - 2017/10/05 |
اليقين مع دخول اللاّنهاية البرهان علي صحّة جملة ما أو خطئا شئ عظيم بل وجميل ولكن تظلّ هناك مسافة بين الحقيقة كما هي والبرهان على ما نظنّ أنّه حقيقة، وفي واقع الأمر نحن لا نبرهن إلاّ على ما نعتقد صحّته وفق مجموعة نعتقد أنّها معطيات وبديهيّات هذا الشّئ، وممّا يدلّ على ذلك تعديل كثير من التّصورات بمرور الزّمن مع استمرار الشّك حتّى فيما حسم بيقين عند البعض. أنظر إلي هذه المفارقة في إثبات أنّ شيئاً ما غير قابل للإثبات وغير قابل للنّقض، لقد قام «كورت جوديلKurt Gödel» في عام 1940 بإثبات أنّ فرضيّة الاتصال التي قدّمها «جورج كانتور» وهي حدس رياضي عن أحجام اللاّنهايات 1878 م لا يمكن نقضها، وفي عام 1963 أثبت بول كوهين أنّه لا يمكن إثباتها. لذلك يعتبر اليقين كلمة محبّبة جدّا إلى كلّ النفوس سواء تلك المطمئنة بإيمانها أو المزلزلة بشكوكها لأنّ الإنسان بشكل عام يحتوي بداخله على الإبهام والارتباك والحيرة، وربّما ينبغي أن يكون اليقين نقطة مرجعيّة خارج تركيبة النّفس. وإذا كان الصّفر «المعبّر عن العدم» هو النّقطة المرجعيّة للقياس في دنيانا الطّبيعية، إلاّ أنّنا لا نستطيع قياس العدم نفسه. فإنّه ينبغي أن تكون اللاّنهاية هي النّقطة المرجعيّة لكلّ وجودنا، ولن نستطيع أيضا قياسها، وربّما يكون من الخطأ سحبه أي اليقين على دنيانا المليئة بالشّكوك. |
اقرأ المزيد |
نظرة الغرب للحج : 122 - 2017/08/31 |
في الوقت الذي يحرص فيه الغربيون على الحفاظ على وحدة دولهم وبناء التكتلات [2] نجدهم جاهدين منذ القدم في تفكيك التكتلات الإسلاميّة وآخرها الدولة العثمانية التي تمّ تفكيكها عبر «سايكس بيكو» أسوأ اتفاقية في التاريخ الحديث، وتأتي فريضة الحجّ لتكون جرس إنذارسنوي عالمي يحيي في نفوس المسلمين آمال الوحدة ومعلنا أن الأمة المفتتة ليست أمّة ميتة. يغرس الحجّ في الأمة فكرة مفادها أن اتفاق الملايين القادمة من كل فج عميق في المظهر والحركة والغاية لابدّ وأن يؤدي إلى الوحدة في الواقع. تطبيق عملي لوحدة الاعتقاد يأبي مبدأ التقسيم القطري الذي يحارب من أجله الغرب لتبقي دولنا مفتتة ويؤكّد أنّ الدّين له أعظم الأثر في النفوس من القيم التي يسعى الغرب إلى ترسيخها |
اقرأ المزيد |
مآلات تطبيع الفقه مع السياسة : 121 - 2017/08/03 |
أفكّر مرّة بعد مرّة في حديث النّبي صلّي الله عليه وسلّم الذي قال فيه:«لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها وأولهن نقضاً: الحكم، وآخرهن الصلاة»[1]، وكنت أرى أن فقهاء[2] كثيرين يفسّرون ذلك بأنّ نقض الحكم في الحديث هو الحكم بغير ما أنزل الله. وهذا وإن كان لا شكّ في صحّته إلاّ أنّه آخر ما ينقض في الحكم، فالحكم عمليّة في غاية التّعقيد والتّركيب، فلا تنقض دفعة واحدة، وبالتّالي كنت استنتج أنا من الحديث أنّ نموذج الحكم الإسلامي قد تمّ تجسيده بشكل عمليّ كامل في عهد النّبوة واستمرت الخلافة الرّاشدة علي نفس النّهج وأنّ بداية الانتقاض الفعلي منه ستكون عمليّا في سياسة اختيار الحاكم - حتّى وإن حكم بما أنزل الله - فهو العمل الجماعي الأكبر والنّاظم للأمّة كلّها، وذلك ربّما يؤيّده حديث حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «تكون النّبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النّبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون مُلكا جبريّة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النّبوة ثمّ سكت» |
اقرأ المزيد |
رؤية تفكيكية لبنية الهزيمة : 120 - 2017/07/06 |
يولد الإنسان على الفطرة التي فطر الله النّاس عليها وهي تمثّل الرّصيد الغيبي الضّخم في التّفاعل مع المتناقضات في الواقع، في مقاومته للتّغير ابتداء ثمّ قبوله إذا تمّ الاقتناع به، وتظلّ الفطرة هي المنارة التي تهتدي بها النّفس عندما تقع في ظلمات الحيرة والشكّ وتتقاذفها التّناقضات من كلّ جانب، والملاذ الآمن الذي يلوذ به الإنسان إلى رشده حين يخلو بنفسه وربّما حين تتوقّف أدوات العقل، حين لا يعرف الإنسان كيف يثبت أو ينفي ولا يكون إلاّ الاطمئنان الدّاخلي، وإذا لم تكن الفطرة قد شوّهت فإنّ النّفس سرعان ما تؤوب إلى اليقين وإلى السّكينة، تؤوب إلى الحالة التي تعاين بها النّفس أحيانا الحقيقة شبه المطلقة، وتكون النّفس مستعدّة لأن تضحي بالجسد في سبيلها، |
اقرأ المزيد |
البساطة والجمال في البنية الرياضية للطبيعة : 119 - 2017/06/01 |
يقول الجاحظ: «المعاني ملقاة في الطّريق يعرفها العربي والعجمي، وإنّما الشّأن في إقامة الوزن وتخيّر اللّفظ وسهولة المخرج وجودة السّبك فإنّما الشّعر صناعة وضرب من النّسج وجنس من التّصوير». لذلك أقول المعاني تشبه الرّوح، ليس لنا فيها كثير ولا قليل، والتي هي هبة من الله للطّين حوّلته إلى إنسان، أمّا الذي لنا فيه دخل كبير فهو صبّ تلك المعاني في قوالب، ولذلك قيل الألفاظ قوالب المعاني وقد يكون المعنى عاليا وصبّه الإنسان في أردى قالب. ومعاني الطبيعة كتاب مفتوح من الذّرة إلي المجرّة وأعظم قالب استطاع الإنسان إلي الآن صبّ معاني الطّبيعة فيه هو القالب الرّياضي. بل وتتمثّل النّقلة النّوعية الكبرى في الحضارة الغربيّة في نجاحاتها المتكرّرة عبر محاولاتها غير اليائسة في وضع نماذج تفسيريّة للظّواهر الطّبيعيّة التي تنتمي لصف واحد، ثم يبحث بعد ذلك في توحيد تلك الصّفوف في نماذج تفسيريّة كبرى أشبه بالسّرديّات الكبرى في علم الاجتماع، وتوضع معظم هذه النّماذج،إن لم يكن كلّها، في هيئة بنى رياضيّة تتّصف أول ما تتّصف بالمعياريّة ثمّ الصّرامة ثم البساطة ومن ثمّ الجمال. ولا يعني ذلك أنّ الإنسان قد وصل إلى هذا القالب الرّياضي المبهر للطّبيعة بقفزة واحدة بل بقفزات تراكميّة للحضارة البشريّة ساهم فيه كلّ البشر من عرفه التّاريخ ومن لم يعرفه. |
اقرأ المزيد |
ألحان حزينة من الغربة : 118 - 2017/05/04 |
لي صديقان حميمان أحدهما مصريّ والآخر تونسيّ وليس للتقديم تفضيل للمصري على التونسي، فليس إلاّ عامل الزّمن والسّبق إلى الصّحبة ومشاركة المجال، فقد عرفت المصري وأنا أستهل الثّلاثينات من عمري وعرفت التّونسي بعد ذلك بعشر سنين، فكانا نعم الصاحبين. وهما من أحب النّاس إلى قلبي، يجمعنا نحن الثّلاثة الاغتراب عن الوطن، في وطن للمسلمين أجمعين، تشعرك المعيشة فيه أنّك لست في غربة، لكنّ عصر الغثاء الذي نحياه يؤلمك أكثر وأكثر ويشعرك أنك غريب عن الدّنيا كلّها. هذه الحالة الغثائية تتعاظم هنا جدّا، فالملايين في الحرمين في كلّ صلاة، وعلى عتبات الأقصى لا يستطيع المسلمون، وخصوصا أهل القدس، الصّلاة. تشعرك هذه الحالة بأنّنا لسنا فاعلين، وفي الحقيقة لا وزن لنا في الحضارة الحديثة، حتّى دخولنا في لعبة موازين القوى هي من قبيل الغنيمة الثّمينة التي يتقاسمها أطراف اللّعبة غيرنا، أي أنّنا مفعول بنا على الحقيقة والمجاز، تُغتصب الأوطان حتى النّخاع، حتى من بني جلدتنا ويصادر بعضنا بعضا حقّ الحياة وحقّ الحرّية و.. و... غربة حقيقية أن نعيش في حالة لا نعمّر فيها أرض ولا إنسان. |
اقرأ المزيد |
الموت نهاية البداية وبداية اللانهاية : 117 - 2017/04/06 |
يقول الله تعالي: «وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ»[1]، خلق الإنسان للخلود، لكن ليس في الدنيا خلود، فلابدّ من الخروج منها أوّلا ثمّ العودة من غربتنا فيها إلى الدّيار التي خلقنا فيها، ولا أدلّ على ذلك من الناحية العقليّة الصّرفة من الخوف الفطري المبثوث في كلّ النفوس من الموت والذي يبلغ أحيانا حدّ الذّعر، فلو لم يكن بعد الموت شئ إلاّ الفناء، لما كان للخوف منه أيّ مبرر، ولما ملئ كلّ النّفوس ولما أصبح هو القاعدة، حتّى إنّ الخوف من الموت نفسه هو في حدّ ذاته باعث على حبّ الخلود الزّائل في الدّنيا وعلى إثبات الخلود الحقّ في الآخرة. وثبات البعض عند الموت ورباطة جأشهم هو ثبات يظهر لنا قبل حلول مقدّمات الموت الحقيقة، وإلاّ فدخول نفق الغيب المطلق يحول بينه وبين أولئك الذين يعيشون في عالم الشّهادة. بل ويدلّ على أنّ ما وراء هذا الثّبات هو استقرار فكرة الخلود في نفسه، وأغلب الظّن أنّ الخوف من الموت هو خوف من معرفة الحال المجهول في عالم اللاّنهاية. ولا أدلّ على ذلك أيضا من النّاحية النّقلية من قصّة نبي الله موسى عليه السلام حين عرض عليه ملك الموت أن يضع يده على متن ثور فله بكل شعرة «مستها يده» سنة؟ أي يعيش سنين عددا بعدد الشعر التي تقع تحت يده، كان جواب موسى عليه السلام: ثم ماذا؟ فأجابه الملك: ثم الموت، فأجاب نبي الله موسى على الفور بجواب المؤمن بالخلود بعد الموت: فالآن [2]. |
اقرأ المزيد |
أزمة الأخلاق في الصراع الأيديولوجي : 116 - 2017/03/02 |
يظنّ البعض أنّ الأخلاق مسألة شخصيّة تفرضها جملة المعتقدات بشكل إلزامي فردي، وتنعدم عند المرور من المجال الخاصّ للفرد إلي المجال العام للسّياسة المشبّع بجملة من الإكراهات يفرضها القانون ومن ثمّ لا يوجد إلاّ المصلحة والمصلحة فقط، لكن في الحقيقة تتبلور الأخلاق الفرديّة ومن محصلتها تنبع الأخلاق الجماعيّة أو القيم والتي يمكن تعريفها بأنّها «جملة المقاصد التي يسعى القوم إلى إحقاقها متى كان فيها صلاحهم، عاجلا أو آجلا، أو إلى إزهاقها متى كان فيها فسادهم، عاجلا أو آجلا» [1]. وبالتالي فلا يمكن النّظر إلى قانون السّياسة المصلحي بمعزل عن قانون الأخلاق القيمي، فكلاهما يغذّي ويتغذّى من الآخر لكن بعد تكييفه لذلك. فمثلا، لا يكون السّلوك الفردي الحرّ إلاّ بالاقتناع وهو جوهر الأخلاق الفرديّة والتي تختلف من فرد لآخر ومن ثمّ لا يمكن أن يكون الاقتناع ضمانة لسياسة فاعلة وفعّالة، لكن من الممكن تكييف الاقتناع بالتّوافق لمصلحة الوطن، وهذا هو الاختلاف الذي يراه «ماكس فيبر» بين أخلاق الاقتناع وأخلاق المسؤوليّة. إذ أنّ الحياة السّياسية من الممكن أن تفسد وتؤدّي إلى نتائج كارثيّة بالأخلاق المثاليّة مثل الصّدق والطّيبة والإخلاص المعلن، كما أنّ قرارا سيّئا من وجهة النّظر الأخلاقيّة قد يعطي نتائج جيّدة. لكن المشكلة تكمن في تضارب المصالح عند دخول حلبة الصّراع السّياسي وكلّ منا محمّل بهموم أيديولوجيّته «دولته الذّهنية» لا بهموم وطنه، وكما يقول أحد المفكّرين «نحن نخدم الدولة لأنّها ضروريّة، لكنّنا لا نحب الدّولة ولا يمكن لنا أن نحبها، لا يمكن أن نحبّ إلاّ الوطن الذي يعدّ رمز القيم الأخلاقيّة والدّينية التي تتجاوز الدّولة». |
اقرأ المزيد |
الديموقراطية آلية أم نظرية للحكم : 115 - 2017/02/02 |
تنشأ الأفكار أول ما تنشأ بشكل مجرد وحرة من كل قيد داخل رؤوس الفلاسفة والمفكرين بل وبأشكال متباينة للفكرة الواحدة، لكنها حين تعبر إلى الواقع لابدّ من تهذيبها وتقييدها بقيود يتّفق عليها جميع المهتمين بها. والحرّية مثال جيّد على تلك الفكرة المجرّدة والحكم هو تقييدها في الواقع. ولمّا كانت الحرّية هي أثمن ما يملك النّاس وهي الطّريق الحقيقية للإبداع، بدء من اختيار المعتقد دون أيّ قيود، وانتهاء بممارسة الفعل الحضاري، ولمّا كان مفهوم الحرّية عند المؤمنين مرادف لمفهوم العبوديّة المطلقة لله، فمعنى أن تكون عبداً لله، هو أن تكون حرّاً إزاء غيره مهما كان. لذلك كان ولا بدّ من تقييد الحرّية بنظام للحكم يمنع الفوضي عند ممارستها من جهة الجماهير، ويمنع استبداد الحاكم من جهة تقييدها. فليس من الحرّية مثلا الاعتداء على أجساد أو أموال الآخرين. ولمّا كانت الحرّية المطلقة أسبق في الظّهور والفهم من إنتاج قيود لها لذلك اعتدى الإنسان على أخيه الإنسان حين قتل قابيل هابيل، وسبق إخضاع الإنسان الضّعيف لرغبات القوي، فيما عرف بعد ذلك بعصور الديكتاتوريات، حتى أنتج الفكر البشري فكرة أن يحكم الشّعب بشكل مباشر في القرن الخامس قبل الميلاد وسمّيت حينئذ «الدّيمقراطية»، لكن هذه الفكرة غابت لقرون أخرى وسط ديكتاتوريات جديدة إلى أن أعيد إنتاجها بشكل حديث في القرون الثّلاثة الأخيرة في عصر الأنوار في أوروبا. لكن الجدل الدائر في عالمنا العربي الإسلامي لم ينته من وقتها، هل الديمقراطية مذهب سياسي للحكم أم طريقة إجرائية للوصول إليه. |
اقرأ المزيد |
بناء الأنماط وكسرها : 114 - 2017/01/05 |
لكي تنهض المجتمعات وتصنع وتشارك في الحضارة الإنسانية، لا بدّ من قدر معقول من الاستقرار الحقيقي، لكنّ هذا الاستقرار يجب ألا يكون مرادفا للسّكون المطلق، وفي ظلّ وارف من الحرّية تترسّخ خلاله الأفكار البناءة في العقل الجمعي. ووجود سلطة قويّة تقوم على النّهضة وترعاها، فنحن في زمن يفوق قدرة الأفراد كمجهودات فرديّة في تنشئة الحضارات، فالشّركات العابرة للجنسيات معظمها إن لم يكن كلّها ليست شراكات أفراد عاديّين بل شراكات أنظمة سلطويّة في الغالب أو أفراد فاعلين في مراكز السّلطة واتّخاذ القرار في بلدانهم. فالسّلطة القوية وحدها هي القادرة على إنشاء المصانع العملاقة للصّناعات الثّقيلة بل وفرض تشريعات تؤطّرعليها المجتمعات أطرا، ولو فسدت السّلطة فقل على المجتمع السّلام. |
اقرأ المزيد |
يا وطنا يسكننا ولا نسكنه: وطن بلا مواطنة : 113 - 2016/12/08 |
في ظلّ غياب تطبيق منظومة العدالة، يسكننا الوطن ولا نسكنه حتّى وإن كنّا فيه، تنهار قيم الانتماء حتّى ولو تغنّينا بها. يسود شعور بالغربة داخل الوطن، ولا تكاد تشكّ أنّ الوطن محتلّ من فريق من بني جلدتنا يتكلّمون بألستنا، لكنّهم صادروا كلّ شيء، الأرض والإنسان والقيم لأنفسهم. هذه فحوى عبارة رأيتها منذ حوالي ربع قرن من الزّمان في منزل مؤرخ فاضل وهي «يا وطنا يسكننا ولا نسكنه» وكانت تحت خارطة جرح الأمّة النّازف «فلسطين الحبيبة»، تذكّرتها الآن فأثارت شجوني في الكتابة عن الوطن الذي يعيش بداخلنا والمواطنة التي لا ننعم بها فيه. |
اقرأ المزيد |
الحج المبرور ولادة ثانية : 111 - 2016/10/06 |
الحج هو الفريضة التي تجمع طرفا من كل أركان الإسلام، فرحلة الحج أصلا رحلة التّوحيــد، تنفي كلّ أشكال الألوهيّات الباطلة وترسّخ ألوهيّة الله عز وجل فقط، وهي بذلك تجسّــد عمليّــا الرّكـــن الأول من أركـــان الإســلام، ويأخذ الحجّ من الصّلاة الإعراض عن الدّنيا «فالله أكبر» إحرامنـــا بالصّلاة و«لبيـــك اللّهم لبيـــك» إحرامنــا بالحــجّ وكليهما بمعان متقاربة تحرّم عليك أمــورا كثيــرة من الدّنيا تناديك من داخلـــك بأن تترفّـــع عن اللّغــو، ويشارك الصّيــام في الخشيــة والتّقــوى والمســاواة، ويشترك مع الزّكـــاة في البـــذل والتّضحيــــة والإنفـــاق. لذلك كان الحـــــجّ مؤتمرا عالميّا لإطـــــلاق الرّوح وتقييدهـــا بمنبعهـــا «وَيَسْأَلُونَــكَ عَنِ الرُّوحِ قُـــلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُــم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً»(1) وتكبيل الجسد وتحريكه من خلال أوامر التّوحيد فمهمــا كنت متعبــا ستجد نفسك خفيفــا ساعيا لتنفيذ أوامر غيبيّة غير صادرة من بشــر، أرأيت قطرا بأكمله عدد سكّانه خمسة ملايين ينتقلــون في خفّة ويسر من مكان لآخر؟. |
اقرأ المزيد |
الانقلابات سنة العسكر المؤكدة - تركيا كلاكيت 2016 م : 110 - 2016/09/01 |
الانقلاب هو تحرك عسكري يستخدم القوّة أو يلوح باستخدامها، يتدثّر بغطاء شعبي أو مستقلّ عنه، يستهدف الإطاحة بالنّظام السّياسى القائم فى الدّولة لأغراض في نفس القائمين عليه وأغلبها السّيطرة على السّلطة. وقد تكون السّلطة المنقلب عليها شرعيّة أو غير شرعيّة، عادلة أو ظالمة، مدنيّة أو عسكريّة، لكنّ الأعراف استقرّت حديثا بأنّ استخدام القوّة في فرض الرّأي شيء مستهجن إلّا في الحالات المجمع على سرطنتها لجسد الوطن، حينئذ ينبغي استئصالها بكلّ سبيل. وعلى مرّ تاريخ الدّول الإمبراطوريّة منها أو القطريّة، كانت الجيوش تلعب دورا أساسيّا ومحوريّا في مرحلة التّكوين ومن ثمّ أصبح لزاما أن يستمرّ أساسيّة هذا الدّور في مرحلة الاستقرار. |
اقرأ المزيد |
الأيديولوجيا والسياسة انتحار أم ازدهار : 109 - 2016/08/04 |
تعرف السياسة في لسان العرب [1] بأنها القيام على الشيء بما يصلحه. وفي الحديث: «كانت بنو إسرائيل تَسُوسُهُمُ الأنبياء، كُلما هلك نبي خلفهُ نبيٌّ، وإنهُ لا نبيَّ بعدي، وسيكون بعدي خُلفاء فيكثُرون. قالوا : يا رسول الله فما تأمرنا ؟ قال: أوفوا ببيعة الأول فالأول، ثم أعطوهم حقهم، واسألوا الله الذي لكم، فإن الله سائلهم عما استرعاهُم»[2]. وتعرف السّياسة في الاصطلاح بأنّها فنّ إدارة ورعاية شؤون الدولة الداخلية والخارجية عن طريق صنع قرارت ملزمة لكلّ المجتمع تتناول قيم ماديّة وربما معنويّة أيضا، وتعرف إجرائيّا عند عالم الاجتماع الأمريكي «هارولد لاسويل» بأنها دراسة السلطة التي تحدد من يحصل على ماذا (المصادر المحدودة) متى وكيف، أي دراسة تقسيم الموارد - يشمل ذلك توزيع القوة والنفوذ- في المجتمع عن طريق السّلطة (ديفيد إيستون)، وعرفها الشّيوعيون بأنّها دراسة العلاقات بين الطبقات، وعرفها الواقعيون بأنّها فن الممكن أي دراسة وتغيير الواقع السّّياسي موضوعيا وليس الخطأ الشائع وهو أن فنّ الممكن هو الخضوع للواقع السّياسي وعدم تغييره بناء على حسابات القوّة والمصلحة. |
اقرأ المزيد |
عين على مجتمعاتنا من الداخل : 108 - 2016/07/07 |
أديت العمرة لتوي برفقة مجموعة من أهلي، وكما قال الصادق المصدوق «عمرة في رمضان تعدل حجّة معي» ولي في ذلك وقفة طالما استوقفتني كثيرا في عمرات كثيرة لي في رمضان وكنت أقول لنفسي لعلها مرّة ولم تصل لحدّ الظّاهرة، جموع حاشدة بالملايين لا يحدّها الناظرون في الحرمين الشريفين تجأر وتلهج لله بالدّعاء وتنفطر القلوب من البكاء وتبلّل الخدود بالدّموع، ثم تخرج الجموع الهادرة من الحرم وعلى بعد أمتار تتدافع بشكل غير آدمي على مركبات النّقل العام وعلى محلاّت الطّعام بل وقبل ذلك في الطّواف وعند الحجر الأسود، وعند الدّخول والخروج من وإلى صحن الكعبة حواجز ترفع وتوضع وتمنع من الوصول لزوجك وأولادك في لحظات، حيث لا نظام ولا ترتيب نخبط خبط عشواء. |
اقرأ المزيد |
بين التربية والتدريب : 107 - 2016/06/02 |
تختلف التعريفات في التربية اختلافا واسعا وجل هذه التعريفات تخلط بين مفهوم التربية ومفهوم التدريب. والتربية لغةً اسم مشتق من الربّ وهو المالك والسيد والمُدِّبر والمُربيِّ والقيِّم والمُنعم. وإذا حاولنا صك تعريف للتربية نقول بأنّها عملية إصلاح الناشئة للقيام بالدور الإنساني المختلف عن غيره علي أكمل وجه. وبهذا المعني قال الزمخشريُّ في التربية بأنها «التهذيب وعلو المنزلة»[1]. أما التعريفات الاصطلاحية فهي: مجموعة من العمليات يستطيع بها المجتمع أن ينقل معارفه وأهدافه المكتسبة ليحافظ على بقائه. ومنها تعريف هربرت هنان «التربية علم يهدف إلى تكوين الفرد من أجل ذاته، وبأن توقظ فيه ميوله الكثيرة» أما دوركايم فيذهب إلي الجانب الاجتماعي للتربية «تكوين الأفراد تكويناً اجتماعياً» ويرى الفيلسوف النفعي جون ستيوارت مل بأن التربية هي «التي تجعل من الفرد أداة سعادة لنفسه ولغيره». أما جون ديوي فيرى أنَّ التربية « تعني مجموعة العمليات التي يستطيع بها مجتمع أو زمرة اجتماعية، أن ينقلا سلطاتهما وأهدافهما المكتسبة بغية تأمين وجودها الخاص ونموهما المستمر. فهي باختصار«تنظيم مستمر للخبرة». بينما يعرف التدريب على أنه عملية كمية يقصد بها إستخراج الجانب المادي من العنصر البشري لأجل تنمية قدرات الفرد وتنمية مهاراته وسلوكياته في استخدام وتطوير التكنولوجيا الحديثة، مما يجعله قادراً على أداء مهامه على الوجه الأفضل. |
اقرأ المزيد |
تاريخ البلاهة : 106 - 2016/05/05 |
عن «تيران» و«صنافير» أتحدث، أتذكّر،أحلم، أتألّم، أنزف، أعطيت مقالي عنوانا غريبا نسبيّا وهو «تاريخ البلاهة» لأنّ ذلك يؤرّخ لعصر إنتاج البلاهة وسيادة التّفاهة وفشوّ الغباء وتوزيع الجهل الذي يراد لنا أن ننزل بساحته بل نحياه بكليتنا بأن نتنازل إن طوعا أو كرها عن جزء غال وعزيز من جغرافيا وتاريخ الوطن والتي هي أعزّ من جغرافيا وتاريخ الجسد الفردي، فجغرافيا الوطن هي تفاصيل الجسد الجمعي وتاريخه تفاصيل الذّاكرة الجمعيّة للأمّة، والتى كتبت ملاحمه بدماء المخلصين وآهات الثكالى والأرامل وأنات الأطفال اليتامي، ويتصرف فيه العملاء كأنّه التركة التي ورثوها عن ذويهم. وكأنّ الأوطان صارت منازل تستبدل بحفنة نقود بحثا عن منزل أرحب أو فندق تنتهي إقامتك فيه بنهاية حجزك له. يا سادة من يبتاع منزلا لايشتري تاريخ ساكنيه، لكن وفي نفس الوقت حين يتحوّل البائع إلى مسكن آخر يظلّ جزءً عظيما من تاريخه لا ينفك عن إحداثيات ذلك المسكن المبتاع من هذا الكون العظيم. |
اقرأ المزيد |
ثورة الفوضي تجريف للوعي وفقدان اختياري للأمة : 105 - 2016/04/07 |
تجتاح الفوضي عالمنا الإسلامي وخاصة العربي، تستبيح العشوائية حياتنا على كل المستويات، بدءً من المستويات المادية الحسية البحتة مرورا بالمستويات الخلقية وحتى المستويات المعنوية والفكرية، فوضي على المستوي الفردي والمستوى الجماعي. يختلط الحابل بالنابل، وكما يقول تيموثي ميتشل في كتابه «استعمار مصر» [1] نقلا عن جوستاف فلوبير في رسالة أرسلها الأخير من القاهرة في عام 1850 م «وها نحن الآن في مصر. فما الذي يمكنني قوله عنها؟ وما الذي يمكنني أن أكتبه لك فحتى الآن لم أكد أتجاوز الانبهار الأولي ... وكل تفصيل يبرز لكي يمسك بك، ويبرحك، وكلما زاد تركيزك عليه قل استيعابك للكل، ثم شيئا فشيئا يصبح كل ذلك متناغما، تتكامل الأجزاء من تلقاء نفسها وفقا لقوانين المنظور. أما في الأيام الأولى فيشهد الرّب أنّها فوضي ألوان محيرة ....» ثم يكمل جوستاف فلوبير وأنا أختصر اختصارا غير مخلّ، إن القاهرة اضطراب بصري، عصيّة على الوصف إلاّ بوصفها فوضى ترفض التّشكّل في صورة، لهجات غريبة وغرباء يتدافعون في ملابس غريبة وألوان غير عادية وأصوات وروائح غير مألوفة. انتهي،. هذا كله في عام 1850م أمّا الآن فلا يوجد عاقل يقول إنّ الصّورة تحسّنت، فمن رأى القاهرة في بدايات القرن العشرين كان يتملّكه الانبهار مقارنا بوضعنا الحالي. |
اقرأ المزيد |
إشكالية الإلحاد والعلوم الطبيعية - حلقة الأخيرة : 103 - 2016/03/03 |
كان كل شئ على ما يبدو متّسقا مع المنطق عندما كان التّعامل يتمّ منذ أيّام اليونانيين مع الخطوط المستقيمة. لكنّ الإشكال حصل مع المسائل المتعلّقة بالحركة، أي مع دخول الفيزياء على الخطّ. كيف تضبط مسار أو مدار كوكب ما، أو خط سير قذيفة؟ الإشكال هنا أنّهما يقطعان مساراً منحنياً. وهنا نشأت فكرة التّفاضل والتّكامل، بعد استخدام نظام الإحداثيّات الهندسي الذي جاء به «فيرما» ومعاصره «ديكارت» في آن معاً. الحقيقة أن المشكلة تتعلق في الأساس بالصّفر. فليس أكثر إشكالاً في الرّياضيات من الصّفر، واللاّنهاية. وفي حساب التّفاضل والتّكامل تجد نفسك أمام مشكلة القسمة على الصّفر، أو على كمّية مقاربة جداً الى الصّفر. وهناك فرق بين الحالتين، لأنّك لا تستطيع القسمة على الصّفر بينما تستطيع القسمة على كمّية مقاربة الى الصّفر. كطريقة عمليّة معقّدة لترويض القسمة علي الصّفر. كأن نقول هنا إنّ نهاية الكميّات المتناهية الصّغر هي الصّفر. فأصبح في وسع الرّياضي أن يقسم المقدار على الكمّية المتناهية الصّغر عندما تصبح نهايتها صفراً. وبذلك يتلافى مشكلة القسمة على الصّفر. |
اقرأ المزيد |
إشكالية الإلحاد والعلوم الطبيعية - ج 3 : 102 - 2016/02/18 |
لقد حقّقت الرّؤية الجديدة المتمثّلة في نظريتي الكَمّ والنّسبية والمنهجيّة الجديدة التي اتّبعت (التّعامل مع المجرّد لفهم المجسّد) نجاحًا كبيرًا، خلال العقود السّتة الأولى من القرن العشرين لفهم المادّة والطّاقة ونشأة الحياة، إذ فتحت آفاقًا واسعة أمام علوم الكيمياء الحياتيّة لفهم كثير من التّفاصيل المتعلّقة بالتّراكيب الحيويّة التي تؤلّف بنية الخليّة الحيّة، وقادت هذه الآفاق علماء الأحياء الجزيئيّة إلى اكتشاف الحامض النّووي DNA، وبالتّالي اكتشاف الشّفرة الوراثيّة التي هي سرّ ديمومة الحياة وتطوّرها ضمن أبحاث «واطسن»، و«كريك» في الخمسينيات من القرن الماضي. |
اقرأ المزيد |
إشكالية الإلحاد والعلوم الطبيعية - ج 2 : 101 - 2016/02/04 |
تمثل العلوم الطبيعية بمنهجيتها القائمة علي الملاحظة، الفرضية، التجربة، الإستنتاج إنجيلا للملحدين المعاصرين، والفيزياء أهم آياته على الإطلاق، برغم ما في الكلمة من إشكال، فهم ملحدون فكيف يكون لهم إنجيل؟، وما أجمل عبارة عالم الفيزياء الشهير فيرنر هيزنبرج، صاحب «مبدأ عدم اليقين، أحد أعمدة فيزياء الكم» «أول جرعة من كأس العلوم الطبيعية تحوّلك إلى ملحد، لكنك ستجد الله عند اكتمال الكأس» وبالرّغم أنّي لم أجد هذه العبارة في كتاب محدّد يعزي إلى «فيرنر هيزنبرج» لكني وجدّتها منشورة في مواقع أجنبية كثيرة تعني باقتباسات من كلام هيزنبرج بالإضافة إلي وجوده في [1] ونص العبارة بالإنجليزية هو: |
اقرأ المزيد |
إشكالية الإلحاد والعلوم الطبيعية - حلقة 1 : 100 - 2016/01/21 |
«الإلحاد» في اللّغة هو مطلق الميل، و اصطلاحا «الملحد» هو المائل عن الصواب، فكل مشرك أو كافر ملحد لميله عن الحق، واختصاص اسم الإلحاد بمن ينكر وجود الله تعالى اصطلاح حادث، والملحد بهذا الاصطلاح أي المنكر لوجود الله. الملحد هو ذاك الذي لا يعتقد في وجود الله أو أنّه أرسل الرّسل بكتب تحمل تعليمات للبشر تنظّم دنياهم وأخراهم. والملحد الذي يناقش قضايا فرعيّة (فقهيّة وأغلبها خلافيّة تتعلّق بفروع دين الإسلام على وجه الخصوص كأنّما صنع الإلحاد للهجوم على الإسلام كدين) ويترك هذه القضايا الأساسيّة الكبار كالإيمان بوجود إله له صفات الكمال والجلال هو ملحد تافه يقتات علي فضلات ملحدين آخرين أكبر منه تفاهة وسفاهة، ويصحّ أن يطلق عليه أنّه كائن يأكل فعلا على كل الموائد. أمّا الملحد الذي يناقش القضايا العظمي أوّلا بتجرّد وصبر ربّما يكون باحثا عن الحقيقة فعلا. الملحد ينظر إلى أنّ أصل مادّته جاءت من حشرة أو فراشة أو من كلب أو من خنزير أو من بشر مثله أو من أيّ شئ آخر عبر دورة كونيّة كبرى |
اقرأ المزيد |