أهل الاختصاص

بقلم
أ.د.فوزي أحمد عبد السلام
نبذة بسيطة عن طمس إشارة الأقمار الصناعية عند عبور الشمس أمامها
 تمهيد
تدور الأرض والأقمار الصّناعية الثّابتة أرضيّا/جغرافيّا(1)بنفس معدل السّرعة وبالتّالي يظلاّن في نفس الموضع بالنّسبة لبعضهما البعض. ومع ذلك، فإنّ الشّمس لا تتحرك ظاهريّا بنفس معدّل السّرعة. هناك أوقات تمر ّفيها الشّمس خلف الأقمار الصّناعيّة عندما تُرى  من المحطّات الأرضيّة التي تستقبل إشارة الأقمار الصّناعية تلك. عندها، يتمّ طمس إشارة القمر الصّناعي بواسطة الطّاقة الهائلة للشّمس. وهكذا يُفقد الاستقبال جزئيّا أو كليّا لمدّة 10 دقائق تقريبًا. بشكل عام، يحدث انقطاع/تشويش الإشارة في فيفري ومارس وأفريل وسبتمبر وأكتوبر، أي في وقت قريب من الاعتدالين. في هذه الأوقات، يأخذ المسار الظّاهري للشّمس عبر السّماء مباشرة خلف خطّ الرّؤية بين المحطّة الأرضيّة والقمر الصّناعي(2) 
التّفسير العلمي للظّاهرة
نظرًا إلى أنّ الشّمس تشعّ بقوّة هائلــة في تردّدات الميكروويــف المستخدمـة للتّواصــل مـع الأقمـار الصّناعيّـة (النّطاق C و Ka و Ku)، فإنّهــا تغمر إشــارة القمــر الصّنــاعي، حيــث يتـمّ قصــف LNBا(3)بوابل من أشعة الشّمس في النّطاق الرّاديوي، وهي إشارة غير مرغوب فيها من الشّمس. حيث يؤدّي هذا إلى تدهور جذري في الإشارة المستقبلة المعبّر عنها بنسبة الموجة الحاملة إلى الضّوضاء. 
مؤثّر على أجهزة الاستقبال فقط
يؤثّر تداخل الطّاقة الشّمسيّة فقط على الوصلات الهابطة(أجهزة الاستقبال)، ولا يؤثّر على الرّوابط الصّاعدة (أجهزة الإرسال). تحدث نفس الظاهرة أيضًا عندما يكون الطّقس رطبا أوغائما أو ممطرا، حيث تحدث مقاومة الإشارة، لأنّ الماء يوصل الكهرباء، ممّا يسمح لبخار الماء في الغلاف الجوّي بعكس أو انكسار موجات الرّاديو، يطلق المهندسون على هذا «تأثير تأخير الانتشار».
 يؤدّي تداخل الطّاقة الشّمسيّة بشكل فعّال إلى فقدان الإشارة من القمر الصّناعي حوالي 10 دقائق. أمّا في الأيام التي تسبق محاذاة الشّمس للقمر الصّناعي، أو في التي تليها، فإنّ فترة الطّمس تكون أقلّ من هذا. يعتمد حساب تلك الأيام والأوقات الفعليّة التي تحدث فيها هذه الظّاهرة على خطّ العرض وخطّ الطّول والموقع الطّولي للقمر الصّناعي وقطر الطّبق والنّطاق التردّدي المستلم. كلّما زاد قطر الطّبق وزاد التردّد، كلّما قلّ الوقت وقلّت أيام تداخل الطّاقة الشّمسيّة مع إشارات الأقمار الصّناعيّة.
قد يبدو ذلك مزعجًا، إلاّ أنّه عادة ما يكون قصير الأجل ويمكن التّنبؤ به تمامًا. 
تؤثّر الطاقة الشّمسيّة على جميع الأقمار الصّناعيّة، وعلى وجه الخصوص أقمار الاتصالات الثّابتة أرضيّا/جغرافيّا نتيجة استخدامها الواسع لنطاق إرسال البثّ التّلفزيوني المباشر واستقباله. 
نتائج جانبية أكثر خطورة
تكون نتائج هذه الظّاهرة أكثر خطورة عندما يتمّ طلاء هوائي الأقمار الصّناعية بطلاء معدني أو طلاء شديد الانعكاس. حيث يتمّ تصميم هوائيّات الأقمار الصّناعيّة لتجميع التردّدات الرّاديويّة وتركيزها في نقطة تركيز رئيسيّة (بؤرة) حيث يمكن اكتشاف الطّاقة وتضخيمها. خلال فترة انقطاع / تشويش الإشارة، تكون طاقة الشّمس في اتجاه القمر الصّناعي أكبر ما يمكن. عندما تنعكس هذه الطّاقة في هوائي القمر الصّناعي، يمكن أن تبلغ درجات الحرارة هوائياته إلى آلاف الدّرجات في غضون بضع دقائق، حتّى في الأيام الباردة. يمكن أن تتعرّض الهوائيّات ذات الطّلاء شديد الانعكاس لأضرار جسيمة. ويمكن تجنّب هذا الضّرر بإعادة طلاء الطّبق بطلاء أكثر ملاءمة.  
تواريخ تقريبيّة لطمس الإشارة
يبدأ طمس الإشارة في فبراير ومارس وأبريل في أقصى شمال خطوط العرض، وتتحرّك جنوبًا حتى تتوقّف المحطّات على خطّ الاستواء في وقت الاعتدال. ثمّ تبدأ المحطّات في نصف الكرة الجنوبي في انقطاع/تشويش الإشارة حتّى تشهد معظم المحطّات الجنوبيّة بعد 3.5 أسبوعًا من الاعتدال. في أغسطس وسبتمبر وأكتوبر، ينعكس النّمط بأكمله لأنّ الشّمس تتحرّك في الاتجاه المعاكس.
بالنّسبة للمحطّة الأرضيّة 9.8 قدم، يستمرّ موسم طمس الإشارة لأكثر من أسبوع بقليل وخلال هذا الوقت، يكون هناك انقطاع/تشويش في كلّ قمر صناعي مرّة واحدة في اليوم. يظهر ذلك أوّلاً كتشويش ضعيف، وسرعان ما يتحوّل إلى تداخل مزعج، وفي الأيام التي تكون فيها في منتصف موسم انقطاع/تشويش الإشارة، يبلغ ذروته كخسارة كلّية للإشارة الواردة.  
تتغير التّواريخ الدّقيقة بشكل طفيف عن ذلك، من سنة إلى أخرى، مع تواريخ كلّ اعتدال شمسي؛ وكلّ عام يكون مبكرًا في الرّبيع (ولاحقًا في الخريف)، عند خطوط عرض أكبر من خطوط العرض الأقل. كما تختلف تلك التّواريخ باختلاف حجم وشكل وحالة طبق الاستقبال لديك. تتمتّع الأطباق الأكبر حجمًا والأطباق ذات الشّكل المكافئ الأفضل بتركيز أفضل ويتمّ «الضّغط عليها» لأيام أقلّ ودقائق أقلّ في أسوأ أيامها. 
خاتمة
مع ذلك ينبغي أن يعلم أنّ تلك الظّاهرة ليست ناتجة عن مشكلة داخل نظام الاتصالات الخاصّ بك، كما أنّها ليست أكثر من مجرّد إزعاج عابر، وربّما يمكن تجنبه لشكل جزئي في عادات المشاهدة لديك، كأن يتمّ تحويل مشاهدتك إلى أقمار صناعيّة أخرى تحمل نفس الإشارة ( شرقيّة/ غربيّة) لساعات لاحقة . ولا يحتمل أن تسبّب أيّ ضرر مادّي / دائم، إلاّ إذا كان لديك طبق صلب/ لامع.
و في حالة حدوث هطول أمطار في نفس الوقت. عادة ما تكون الأطباق الشّبكيّة غير عاكسة أي فعالة للحرارة الشّمسيّة. يمكن للحرارة الشّمسيّة المركّزة بشكل عكسي، في أوقات العبور الشّمسي هذه، إتلاف التّغذية والإلكترونيات (LNBs ، Servo ، إلخ). من المعروف أنّ تراكم البخار يتسبّب في انفجار LNBs التي بها خدوش أو تدهور في الطّلاء (وبالتّالي تحتوي على بعض الرّطوبة في الدّاخل). 
كإجراء وقائي، يجب على أيّ شخص لديه طبق صلب/لامع أن يحرّكه/يوجهه (خلال تواريخ الحدوث هذه) في الصّباح نحو الأقمار الصّناعية الغربيّة، حتىّ انقضاء الأوقات المحليّة للأقمار الصناعيّة الشّرقيّة، ثمّ تحريكها / توجيهها إلى الأقمار الصّناعيّة الشّرقيّة(4).
لا يمكن حجب ضوضاء التّردد اللاّسلكي الصّادرة عن الشّمس دون حجب الإشارة من القمر الصّناعي، لذلك سيعاني الجميع من فقدان الإشارة أثناء انقطاع الطّاقة الشّمسيّة. ولكن يمكن حجب أشعة الشّمس المرئيّة عن طريق وضع كيس بلاستيكي غير شفاف فوق LNB أو الطّبق دون حجب إشارة القمر الصّناعي. بدلاً من ذلك، يمكن تحريك الطّبق خارج موضعه أثناء عبور الشّمس لمنع تلف الـ LNBا (5).
الهوامش
(1)   Satellites géostationnaires
(2)  Dennis Roddy, Satellite Communications, Third Edition, McGraw-Hill, 2001
(3)  هو جهاز استقبال صغير مغلّف بلاستيكيّا ومركّب على ذراع الطّبق اللاّقط لنظام  الاتصال مع القمر الصّناعي، ويستخدم لاستقبال القنوات الفضائيّة. يقوم بجمع موجات إشارة القمر الصّناعي من الطّبق وتحويلها إلى إشارة يتمّ إرسالها عبر كابل إلى مستقبل الأقمار.
(4) Predicting Solar Outages, an essay on the net, its pdf link is available on 
Predicting Solar Outages - Sun Interference.pdf
(5) نفسه