أهل الاختصاص

بقلم
أ.د.فوزي أحمد عبد السلام
القانون الأول لنيوتن ليس قانونا «المرجع الوحيد في الحركة هو الصراط المستقيم»
 نبرهن بالمنطق ونخترع بالحدس (هنري بوانكاريه)
أعلم أنّ عنوان المقالة «القانون الأوّل لنيوتن ليس قانونا» عنوان صادم للقرّاء، لكنّه في الحقيقة كذلك، فالقانون الأوّل لنيوتن ليس قانونا فعلا وإنّما حدسا. بل إنّ معظم قوانين الفيزياء ليست قوانين بالمعنى الحرفي لكلمة قوانين، لكنّها تقريبات لقوانين ليست معروفة. وبالتّالي فهي حدوس. 
تعرف المعاجم الحدس على أنّه المعرفة المباشرة والمفاجئة دون واسطة من أدوات الحسّ أو الاستدلال العقلي المبني على المقدّمات والنّتائج. ويقول أبو حامد الغزالي في كتابه المنقذ من الضّلال «أنّ الحدس والإلهام هو سبيل الحقيقة وليس الاستدلال العقلي»(1)، وخالفه ديكارت في كتابه «مقال في المنهج» حال تأسيسه لمنهج الشّكّ، فقال: «إنّ الشّكّ لا يمكن أن يكون مطلقا، لا يمكن أن يكون الشّكّ بدون قيود، لابدّ من قبول ما يسمّى بالضّمان الإلهي الواهب للعقل أوّلا، وذلك حتّى تتعقلن عمليّة الشّكّ، فالعقل هو أعدل الأشياء قسمة بين النّاس»(2)، ومادام العقل هبة من اللّه فحتما به أفكار فطريّة قبليّة، ومادام مصدرها إلهيّا فهي حقيقيّة، وبالتّالي يكون للمنهجيّة المعرفيّة عند ديكارت طريقان الحدس والاستدلال، لكنّ الحدس بحدّ ذاته وإن كان معرفة مباشرة ومفاجئة إلاّ أنّها تنبع من تتبّع طرق الاستدلال والاشتغال المسبق المضني عن طريق استفراغ الوسع والطّاقة في محاولة البرهنة، وبعد أن يجد العقل أنّ كلّ الطّرق للبرهان مسدودة، فتتدخّل الضّمانة الإلهيّة بلحظات الإشراق الرّوحي لتدعم العقل المكدود بالكشف والإلهام حتّى ولو في المنام. 
يقول عمر بن الخطاب من لم ينفعه ظنّه «حدسه = فراسته» لم تنفعه عيناه. وكما يقول «باول ديفيز» القدرة الحدسيّة ضرورة في العلم والعمل، وكان  «هنري بوانكاريه» يقول إنّنا نبرهن بالمنطق ونخترع بالحدس، وهو يقصد ولا شكّ الحدوس الرياضيّة والتي ليست تخمينات فارغة، بل تخمينات مبنيّة على مقدّمات رياضيّة شبه متقنة. ومع كلّ ذلك يفني الرّياضيّون أعمارهم في محاولات تلو محاولات في إثبات الحدوس وكثيرا ما يبرهن بعضها بعد قرون.
الحدس المسكون بالشّك 
و الغموض أولى من الحدس الواضح
هل لابدّ من ملازمة القوّة للجسم لدفعه قدما لكي يتحرّك؟. ظلّ هذا المفهوم الحدسي هو السّائد خلال أكثر من عشرة قرون، وهو من الحدوس الواضحات جدّا، والتي لا تجعل أمام العقل فرصة لعدم التّصديق. وبكلمات أرسطو «إنّ الجسم المتحرّك يتوقّف عن الحركة عندما لا تعود القوّة التي تدفعه قادرة على التّأثير بشكل يدفعه»، ظلّت هذه الفكرة الأرسطيّة هي السّائدة نظرا لسلطة أرسطو العلميّة والفلسفيّة في أوروبا بل وفي الوسط العلمي بأكمله. يكفي لذلك تدليلا أنّ أفلاطون كان يقول عندما يغيب أرسطو عن الدّرس: «أين ذهب العقل اليوم؟»، واصفا أرسطو أنّه العقل. لكن هل هذا الحدس سليم أم يحتاج إلى فحص دقيق؟.
إذا تمّ دفع جسم على طريق بسرعة ما، ثمّ توقّف الدّفع فجأة، فإنّ الجسم لا يتوقّف بل يستمر لمسافة ما ثمّ يتوقّف، وإذا تأمّلنا لماذا توقّف فإنّنا نلاحظ أنّه توقّف بسبب وجود قوّة الاحتكاك على مسار الحركة، أي أنّنا كلّما تغلّبنا على الاحتكاك كلّما طالت المسافة التي يسيرها الجسم. ولو تصوّرنا أنّنا استطعنا أن نتغلّب بالكلّية على الاحتكاك، أي جعله يتلاشي تماما (وهذا غير ممكن عمليّا، فهذه تجربة مثاليّة فقط) فإنّ الجسم سيظلّ يتحرّك بسرعة منتظمة في خطّ مستقيم ولن يتوقّف أبدا مع أنّه لا توجد قوّة مسلّطة عليه، اللّهم إلاّ ما استقر في ذاكرته من الدّفعة الأولى «إنّها أشبه بنفخة الرّوح الأولى في أبينا آدم» التي من بصمتها السّرعة النّهائيّة التي سيسير بها بانتظام إلى ما شاء اللّه. بهذا التّحليل نتبيّن أنّ حدس أرسطو لم يكن صحيحا. فها هو الجسم متحرّك بل وسيظلّ متحرّكا للاّنهاية «وفق تخميناتنا» وليست ثمّة قوّة تركله أو مسلّطة بشكل مباشر أو غير مباشر عليه، فقد ابتعدت القوّة عن مباشرة الفعل منذ زمن بعيد. 
هذه الحقيقة توصّل إليها «جاليليو» وصاغها «نيوتن» بعد ذلك «أنّ الجسم يظلّ على حالته من السّكون أو الحركة بسرعة منتظمة في خطّ مستقيم ما لم تؤثّر عليه قوّة خارجيّة تغيّر من حالته» وسمّي بالقانون الأوّل لنيوتن وهو المعروف بقانون القصور الذّاتي، أي أنّ الجسم عاجز بذاته عن تغيير حالته، وهذا الأخير بحدّ نفسه يظلّ أيضا حدسا جديدا لجاليليو ومن بعده نيوتن، وهو حدس لأنّه اعتمد على تجربة مثاليّة أي مستحيل تطبيقها في الواقع، ولأنّه من أدراك ربّما تنقلب الموازين رأسا على عقب عندما تنتهي قوى الاحتكاك عن العمل تماما. 
فلقد علمنا مثلا أنّ حاصل ضرب 1 في نفسه عددا معيّنا من المرّات، فمهما زاد هذا العدد فإنّ النّاتج يكون 1، ولكن إذا تمّ ضرب 1 في نفسه لانهائيّا فإنّنا لا نعلم ما هي النّتيجة، فليست واحدا ولا غيره . إنّ الفارق بين حدس «أرسطو» وحدس «نيوتن» هو أنّ حدس «أرسطو» كان مباشرا جدّا وواضحا جدّا بينما حدس «نيوتن» مسكون بالشّك والغموض. والحدوس الواضحة أغلبها غير صحيحة.
من أين يكتسب الجسم قصوره الذّاتي = عطالته 
هل القصور الذّاتي خاصيّة متفرّدة لكتلة الجسم فقط، وهي التي تحاول الحفاظ على حالته من أيّ تغير طارئ، أي أنّ الكتلة هي بمثابة المقاومة التي يبديها الجسم للتّغير في حالته؟ أم أنّ هناك عوامل أخرى من خارج الجسم تؤثّر في القصور الذّاتي؟.
حسب مبدأ الفيزيائي والفيلسوف النّمساوي «إرنست ماخ» «يكتسب الجسم قصوره الذّاتي من توزيع الكتلة في الكون بأكمله من حوله». وفكرة المبدأ تتعلّق بأنّ وجود الدّوران المطلق (الفرق بين الإطار المرجعي القصوري والإطار المرجعي الدّوراني) يتحدّد وفقا للتّوزيع الكلّي للمادّة، وذلك كما يتّضح من القصّة التّالية: 
إذا كنتَ واقفا وبصرك متّجه نحو النّجوم، وذراعاك منسدلتان على جانبك بحرّية تامّة، فإنّ النّجوم البعيدة ستظهر لكَ ثابتة في مكانها. وإذا بدأت بالدّوران، فإنّ النّجوم تبدأ بالالتفاف حولكَ وسوف تبتعد ذراعاكَ عن جسدك. لماذا تحركت ذراعاك بعيدا عندما كانت النّجوم تدور من حولك؟ ولماذا ينسدلان بحرّية تامّة عندما لا تتحرّك النّجوم؟. يقول ماخ بأن ذلك ليس مصادفة، لأنّ هناك قانونا فيزيائيّا يربط حركة النّجوم البعيدة بالإطار المرجعي القصوري. إذا كنت ترى كلّ النّجوم تلتف حولك، ذلك القانون الفيزيائي ما يجعلك تشعر بقوّة طاردة مركزيّة. أي أنّ «البنية الكلّية للكون تتحكّم في القوانين الفيزيائيّة المحليّة».
إذا افترضنا وجود جسيم اختباري وحيد تماما بمفرده في الكون؟ أي في كون ليس به أيّ مادّة أخرى سواه وكتلته هو نفسه تؤول إلى الصّفر، فهل سيظلّ ذلك الجسيم محافظا على قصوره الذّاتي؟ هل إذا كان ساكنا سيظلّ ساكنا أو إذا كان متحرّكا بسرعة منتظمة في خطّ مستقيم، فهل سيظلّ على ذلك؟. إن كانت الإجابة بنعم، فمن أين يكتسب ذلك الجسيم قصوره الذّاتي وقد اختفى الكون بأكمله من حوله والكون من حوله هو الذي يعطيه صفة القصور الذاتي وفقا لحدسية «ماخ». وإن كانت الإجابة بلا، فإنّ القانون الأوّل لنيوتن سيصبح بلا فائدة. يُفسَّر مبدأ «ماخ» أحيانا كإفادة بأنّ حالة حركة مثل هذا الجسيم في تلك الحالة لا معنى لها إطلاقا. 
دلو «نيوتن»
شرح نيوتن في كتابه «الأصول الرّياضيّة للفلسفة الطبيعيّة» قائلا: «يمكن للمرء أن يحدّد دائما ما إذا كان يدور وفقا للمكان المطلق، عندما يتمّ حساب القوى الظّاهرة التي تنشأ فقط عندما يحدث دوران مطلق. إذا ملأ أحدهم دلوا بالماء، ثمّ جعله يدور، فإنّ الماء سيكون ساكنا في البداية، ومن ثمّ، ستبدأ جدران الدّلو تدريجيّا بنقل الحركة إلى الماء، ممّا يجعل الماء ينحني ويتسلّق جدران الدّلو، وذلك بسبب القوّة الطّاردة المركزيّة المتولّدة بفعل الدّوران. 
تبرهن هذه التّجربة الذّهنيّة على أنّ القوى الطّاردة المركزيّة تنشأ فقط عندما يدور الماء بالنّسبة إلى الفضاء المطلق (ممثلا هنا بإطار الأرض المرجعي، أو ما هو أفضل، أي النّجوم البعيدة)، وعندما يدور الدّلو بالنّسبة إلى الماء فإنّه لا تتولّد قوى طرد مركزيّة، ممّا يوضح أنّ الأخير كان ثابتا بالنّسبة إلى المكان المطلق. يقول ماخ في كتابه: لا تثبت تجربة الدّلو سوى أنّ الماء حينما يدور بالنّسبة إلى الدّلو فإنّه لا يولّد أي قوى طرد مركزيّة، وأنّنا لا نستطيع أن نعرف كيف سيتصرّف الماء في التّجربة إذا ازدادت جدران الدّلو عمقا وعرضا إلى أن تصبح بحجم مدينة مثلا. 
تستوجب فكرة «ماخ» استبدال هذا المفهوم الخاصّ بالحركة المطلقة بنسبيّة كلّية تكون فيها كلّ حركة، منتظمة أو متسارعة، ذات معنى فقط بالنّسبة إلى أجسام أخرى (أي أنّنا لا نستطيع أن نقول إنّ الماء يدور فحسب، بل يجب أن نحدّد إذا كان يدور بالنّسبة إلى الإناء أو إلى الأرض). 
وفق هذه النّظرة، فإنّ القوى الظّاهرة التي يبدو أنّها تميّز بين الحركة النّسبيّة والمطلقة يجب أن تعتبر تأثيرا ناتجا عن عدم التّماثل في إطارنا المرجعي بين الأجسام التي نعتبرها متحرّكة، والتي تكون صغيرة (مثل دلو)، وبين الأجسام التي نعتقد أنّها ثابتة (كالأرض أو النّجوم البعيدة)، والتي تكون شديدة الضّخامة والثِقل مقارنة بالأولى. 
ثمّ عبّر الفيلسوف «جورج بيركلي» عن نفس الفكرة في مقالة  له عن الحركة قائلا: «لا يتّضح من هذه الفقرات التي ذكرها ماخ ما إذا كان يقصد صياغة قانون فيزيائي جديد عن الأجسام الثّقيلة. فهذه الآليّة الفيزيائيّة يجب أن تتحكّم في القصور الذّاتي للأجسام، بطريقة تجعل الأجسام البعيدة في كوننا مسؤولة عن معظم قوى القصور الذّاتي. لذا فمن المحتمل أكثر أنّ ماخ اقترح إعادة توصيف للحركة في المكان كتجارب لا تستدعي ذكر مصطلح المكان» .
إزالة التّمييز بين مراجع الإسناد القصوريّة والمتسارعة
نبّه ارنست ماخ آينشتاين إلى إمكانيّة إزالة التّمييز بين مراجع الإسناد القصوريّة ومراجع الإسناد المتسارعة، وأشار ماخ إلى ضرورة إعادة النّظر في نظريّة نيوتن في الجاذبيّة إذا شئنا أن نزيل هذا التّمييز، وإلى إمكانيّة تفسير قوى القصور بدلالة التّفاعل التّثاقلي، ومن ثمّ إلى إمكانيّة اعتبار القوى القصوريّة وقوّة التّثاقل تفاعلاً واحداً موحّداً يتغيّر شكلاً من مرجع إسناد إلى آخر وليس جوهراً، تماماً كما هو الحال مع التّفاعل الكهرمغناطيسي. أوحى ماخ بأنّ هناك مجالاً جاذبيّا كونيّا يخضع إليه كلّ جسم في الكون ويتغيّر شكلا حسب مرجع الإسناد الذي ننظر ونقيس منه.
وصفة جديدة لإعادة قراءة القانون الأوّل لنيوتن
ليس في الكون جسمٌ إلاّ ويقع تحت تأثير قوى خارجيّة ما. فلماذا يوضع قانون عن شيء غير موجود؟ أعني القانون الأول لنيوتن بصيغته الملغّزة «أنّ الجسم يظلّ على حالته من السّكون أو الحركة بسرعة منتظمة في خطّ مستقيم ما لم تؤثّر عليه قوّة خارجيّة تغيّر من حالته»، وتزداد  الدّهشة خصوصا عندما نعلم أنّ نيوتن كان يقول لا يوجد جسم إلاّ ويتأثر بقوى خارجيّة ما. 
هذا الالتباس حول مقصد نيوتن استمر بسبب التّرجمة الإنجليزيّة، التي نقلَها من اللاّتينيّة أندرو موت في عام 1729، بعد وفاة نيوتن، مستخدمًا التّعبير: «ما لم»، بدلاً من: «إلَّا بمقدار». يقول دانييل هوك، أستاذ الفلسفة في جامعة فرجينيا للتّكنولوجيا إنَّ الاختلاف لم يكن ملحوظًا، لكنّه جعل كلام نيوتن يبدو وكأنّه يصف أجسامًا غير متأثّرة بقوى خارجيّة، في حين أنّه قُصد به تبيان سبب تأثُّر كلّ الأجسام بقوى خارجيّة. وذكر أنَّ معظم النّاس بعد ذلك «لم يرجعوا، على الأرجح، إلى النّصّ اللاّتيني الأصلي».
تخبر الكتلة الفضاء كيف ينحني ويخبر الانحناء الكتلة كيف تتحرّك
من المعروف لدى كثير من الدّارسين أنّ الزّمكان النّيوتوني مسطّح أي أنّ انحناءه يساوي صفرا، لكن هل هذا صحيح؟. هل يمكننا التّعبير عن الزّمكان النّيوتوني بطريقة جديدة بحيث تظهر الجاذبيّة على شكل انحناء غير صفري؟ يمكن أن يكون الأمر كذلك إذا كنا سنبحث عن إمكانيّة إظهار الجاذبيّة لنفسها كشفرة في انحناء الزّمكان أي الابتعاد قدر الإمكان عن اعتبارها قوّة. كما طرح لابلاس السّؤال التّالي: هل يمكن ترميز الجاذبيّة في انحناء الفضاء، بحيث تظهر تأثيراتها إذا كان من المفترض أن تتحرّك الجسيمات - تحت تأثير عدم  وجود أيّ قوة - على طول خطوط مستقيمة في هذا الفضاء المنحني؟
إذا تمّ قراءته على أنّه وصفة لما سيفعله الجسم، فإنّ القانون الأول لنيوتن يعتبر مجرّد حالة خاصّة من القانون الثّاني (أي أنّه إذا اختفت القوّة في قانون نيوتن الثّاني نصير حتما إلى القانون الأوّل، وحتما لم يقصد نيوتن ذلك وإلاّ فما الفائدة من إفراد حالة خاصّة في قانون كوني وتسمية تلك الحالة الخاصّة بالقانون الكوني). لذلك نحتاج إلى قراءة القانون الأوّل بطريقة مختلفة: نفترض أنّ الجسيم لا يواجه أيّ قوى ونستخدمه للتّحقق تجريبيًّا من ماهيّة الخطّ المستقيم. بذلك يصبح القانون الأوّل وصفة قياس للهندسة أي تعريفا ديناميكيّا «طبيعيّا = فيزيائيّا» للخطّ المستقيم. 
النّقطة المهمّة الثّانية التي يجب أن نلاحظها هي أنّنا إذا نظرنا إلى الجاذبيّة كقوّة، فإنّ القانون الأوّل يكون مفيدا فقط إذا افترضنا أنّ الكون الذي نعيش فيه ونرصد فيه تجاربنا لا يوجد فيه إلاّ جسيم واحد. وهذا غير صحيح، وإلاّ فأين صارت أجسامنا نحن، وبالتّالي يصبح القانون الأوّل لنيوتن عديم الفائدة، ما لم نتوقّف عن التّفكير في الجاذبيّة باعتبارها قوّة. المشكلة في ذلك هي أنّ القانون الثّاني لنيوتن يتحدّث عن الانحراف عن الخطّ المستقيم، وبدون القانون الأوّل لا نعرف ما هو الخطّ المستقيم بالضّبط. 
لا يتحدث القانون الأوّل عن الحركة فحسب، بل يتحدّث عن الحركة المنتظمة. تتضمّن الحركة المنتظمة فهم كيفيّة تحرّك شيء ما في الزّمان والمكان. يتمّ رسم الحركة المنتظمة كخطّ مستقيم على الرّسم البياني للزّمكان، في حين يتمّ إعطاء الحركة المستقيمة، ولكن غير المنتظمة، بواسطة منحنى. في صورة الزّمكان، فإنّ الحركة المستقيمة والمنتظمة في الفضاء هي ببساطة مجرّد حركة مستقيمة. لذا فإنّ فكرتنا هي تغيير سؤال لابلاس ليكون «... انحناء الزّمكان،...»، ومن ثمّ تكرار العمليّة. 
لاحظ مرة أخرى أنّنا هنا نتحدّث عن الزّمكان النّيوتوني، أي علينا إعادة قراءة قوانين نيوتن بشكل هندسي، لقد نجحنا حتّى الآن في تغيير تفكيرنا حول الجاذبيّة كقوّة إلى التّفكير فيها باعتبارها جزءًا من انحناء الزّمكان. تمّ ذلك بحيث يمكن اعتبار قانون نيوتن الأول، والتي ينصّ الآن على أنّ «الخطّ العالمي للجسم الذي لا تؤثّر عليه أيّ قوّة هو خطّ مستقيم في الزّمكان»، وصفة قياس طبيعي لما هو الخطّ المستقيم.
الهوامش
(1) أبي حامد الغزالي «المنقذ من الضلال والموصل إلى ذي الجلال» تحقيق محمد محمد أبو ليلة و نورشيف عبد الرحيم رفعت. نشر جمعية البحث في القيم والفلسفة، واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية.2001
(2) رينيه ديكارت، «مقال عن المنهج» ترجمة محمود خضيري، الطبعة الثالثة، 1985 الهيئة المصرية العامة للكتاب، مصر.