د.عثمان مصباح |
القصص القرآني من منظور جديد (18) يونس عليه السلام وأسئلة الاستثناء : 191 - 2023/06/02 |
قصة يونس عليه السّلام قصّة مطوّقة بالاستثناءات، منها استثناءات قرآنيّة جاءت لتعليم الحكمة، ومنها استثناءات أسطوريّة مضادّة لحكمة القرآن. سنحاول التّعرّف في هذا المقال على مقاصد الاستثناءات القرآنيّة، والردّ على ما تكلفه المفسّرون وتقوّله القصّاص بشأن يونس وقومه، من أجل تحرير التّاريخ الإنساني من الأسطورة، وإغنائه بأصدق الشّهادات، وهي شهادة العليم الخبير. |
اقرأ المزيد |
القصص القرآني من منظور جديد (17) مدين آخر القرى الهالكة : 190 - 2023/05/05 |
يُفصّل القرآن ذِكْرَ أهل مدين دائما بعد قصّة قوم لوط، والقصّتان تشتركان في وقوعهما غرب الجزيرة العربيّة على طريق البخور، ممّا يشير إلى أنّ مركز التّأثير العالمي كان آخذا يومئذ في التّحوّل من شرق الجزيرة إلى غربها، وهو تحوّل له مغزى عميق سنقف عليه في المرحلة الثّالثة من السّيرة الإبراهيميّة. وقصّة مدين هي آخر فصل يحكيه القرآن من تاريخ القرى الهالكة، فمن هم أهل مدين؟ وما وجه إفسادهم في الأرض؟ وما أهم العبر المستفادة من قصتهم؟ |
اقرأ المزيد |
القصص القرآني من منظور جديد (16) دعوة لوط عليه السلام : 188 - 2023/03/03 |
كان لوط -كما قرّرنا سابقا- المؤمن الوحيد في قوم إبراهيم، ورفيقَه الأوحد في الهجرة إلى الأرض المباركة، وهاتان حقيقتان لا ينبغي لمن يؤمن بالقرآن أن يشكّ فيهما وإن تمالأ أهل الأرض جميعا على الخلاف، ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾(1). وفي الأرض المباركة سيؤسّس المهاجران العظيمان حياة جديدة، بلغ من نجاحهما فيها أن صار أهل الأرض يعتبرونهما جزءا لا يتجزأ من اللّحمة القوميّة، فتحقّق بذلك الشّرط الاجتماعي للنّبوة، وحسبك شاهدا على ذلك قوله تعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ﴾(2)، فقد صار القومُ قومَ لوط، وصاروا يعتبرونه أخا لهم، وتبوّأ فيهم منزلة أهّلته لأن يكون نذيرهم المبين، وناصحهم الأمين. فأنّى بمثل هذا لرجل كان منبوذا في قومه السّابقين؟ وما هي أهمّ وقائع نبوّته؟ |
اقرأ المزيد |
القصص القرآني من منظور جديد (15) من هو لوط عليه السّلام؟ : 187 - 2023/02/03 |
ارتبطت قصة لوط بقصة إبراهيم ارتباطا وثيقا، إذ كان المؤمن الوحيد في قوم إبراهيم، ثم كان رفيقه في الهجرة إلى الله بعدما استهدفتهما مكيدة الاغتيال: «وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ» [الأنبياء: 71]، وكانت نبوتُه من تمهيدات مشروع الحنيفية الذي كان إبراهيم إمامَه الأعظم. وفي العلاقة بين هذين النبيين الكريمين سرٌّ طمسه أحبار اليهود وكشفه القرآن، لكن الأخباريين والمفسرين المسلمين اتبعوا التزوير اليهودي وأعرضوا عن البيان القرآني، فما حقيقة ذلك السر؟ |
اقرأ المزيد |
القصص القرآني من منظور جديد (14) إبراهيم وقومه بعد النبوة : 186 - 2023/01/06 |
رأينا في الحلقة السابقة كيف نجح الفتى إبراهيم في تجريد الوثنية من سلطانها الذهني المتكئ على عادات فاسدة، والعادة عند معظم الناس تكاد تكون اسما للعقل، لذا يقولون لمن خالف مألوفهم: هذا غير معقول! ألم يُتهم جميع الرسل بمخالفة العقل: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا: سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ!﴾(1) ورغم البراهين العقلية التي ساقها إبراهيم إلى قومه في صور متعددة فقد أبوا سبيل الرشد، وعبّروا عن رفضهم بإعداد محرقة عظيمة رغبة من الزعماء في إغلاق هذا الباب إلى الأبد، وهنا ظهر برهان جديد، إذ نجاه الله من النار، ونصره عليهم، فما تواضعوا للحق، بل أصروا واستكبروا استكبارا. فهل بقي لإبراهيم من سبيل إلى قومه؟ |
اقرأ المزيد |
القصص القرآني من منظور جديد (13) إبراهيم عليه السّلام وقومه قبل النّبوة : 185 - 2022/12/02 |
بعد قوم ثمود سكت القرآن عن أمم كثيرة أشار إليها بإجمال فقال: ﴿ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ، مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ، ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا، وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ، فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾(1)، حتّى إذا اقتربت مرحلة الأمم الهالكة من نهايتها عاد القرآن إلى تسمية بعض الأمم وأنبيائها، وجعل في مقدمتهم قوم إبراهيم، ثمّ ثنى بقوم لوط، ثمّ ختم بقوم شعيب. فما العبر المستفادة من قصّة إبراهيم وقصّة قومه؟ وما الذي انطوت عليه من إرهاص بمرحلة جديدة من تاريخ الاختلاف؟ |
اقرأ المزيد |
القصص القرآني من منظور جديد (12) ثمود والناقة : 184 - 2022/11/04 |
القاعدة التي التزمناها في هذه السلسلة، والتي سنستمر عليها، هي معالجة القصص القرآني انطلاقا من ثنائية مركزية، ألا وهي ثنائية الاستخلاف والاختلاف على الاصطلاح الذي قررناه من قبل، وهذه الثنائية القرآنية في نظري هي القادرة على تفسير التاريخ، وفهم الحاضر، وقد أسعفتنا في تحليل قصة قوم نوح، وفي استعراضنا لتجربة عاد الأولى، وآن لنا أن نختبر قدرتها التفسيرية في فهم حكاية ثمود كما رواها القرآن العظيم. |
اقرأ المزيد |
القصص القرآني من منظور جديد (11) عاد الأولى : 183 - 2022/10/07 |
عادٌ هي أوّل أمّة ذكرها القرآن بعد الطّوفان، وقد كان لها في التّاريخ شأن عظيم بقي منه صدى في ذاكرة العرب، بلغنا من خلال الأساطير التي حُشيت بها التّفاسير وكتبُ التّاريخ، ومع ذلك فإنّ توراة عزرا أسقطتْ ذكرَهم، بغرض احتكار العناية الإلهيّة لبني إسرائيل، فهم وحدهم شعب الله، والله ربّهم دون العالمين، لا يبالي بأمّة سواهم. فماذا يخبرنا القرآن بخصوص قوم عاد؟ وفيما أشبهوا قوم نوح؟ وما الذي ميّز تجربتهم؟ |
اقرأ المزيد |
القصص القرآني من منظور جديد (10) الطوفان بين تقريرات القرآن ودسائس الكهان : 180 - 2022/07/01 |
طغى الخيال على الحقيقة في السّرديّات الدّينيّة عند اليهود والنّصارى والمسلمين، والذين أسّسوا أساطيرها كانت لهم أغراض عنصريّة مقيتة، أغراض أبطلها القرآن حين قصّ علينا نبأ آدم والنّبيّين بالحقّ، لكنّ أبناء اليهود الذين تسلّلوا مبكرا إلى الثّقافة الإسلاميّة النّاشئة، تمكّنوا أن يبثّوا مرويّاتهم بين الأجيال الأولى من المسلمين، فإذا بدسائسهم قد صارت من أقوال (السّلف الصّالح)، وأعطِي لها سلطان التّقرير والتّفسير، فلأجلها تُلوى أعناق الآيات، وتُجعل البيّنات كالألغاز، وتُهدر المراجعات القرآنيّة لقصص أهل الكتاب. |
اقرأ المزيد |
القصص القرآني من منظور جديد (9) من الاستخلاف إلى الاختلاف : 179 - 2022/06/03 |
كان المجتمع الإنساني الأول مجتمعَ ملوكٍ، الولاءُ فيه لله وحده، وهذا الولاء هو الذي ضمِن لبني آدم تلك الشراكة المباركة، في إطار مشروع إنساني واحد، هو مشروع الخلافة في الأرض. فكيف احتال إبليس لإخراج بني آدم من جنة الاستخلاف إلى جحيم الاختلاف؟ |
اقرأ المزيد |
القصص القرآني من منظور جديد (8) قصة ابْني آدم بعيدا عن الإسرائيليّات : 178 - 2022/05/06 |
القرآن لا يُهدي جواهره إلّا لمن يُحسن الظّنّ بقائله عزّ وجل، ومن مُقتضى ذلك أن يعتقد القارئ لكتاب اللّه كمال البيان الإلهي، بحيث يستغني به عن أيّ نصّ شارح، يقينا منه أنّ اللّه نزّله على النّبي الأمّي﴿تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾(1)، ألم يقل سبحانه:﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ، مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى، وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾(2) |
اقرأ المزيد |
القصص القرآني من منظور جديد (7) أوّل أمّة مستخلفة في التّاريخ : 177 - 2022/04/08 |
قلنا سابقا أنّ قصّة آدم في الجنّة كانت مجرّد تأهيل لإنجاح مشروع الخلافة، إلاّ أنّ كتب التّراث لم تهتم بتجربة آدم الاستخلافيّـة، بل نجد فيهـا قصّـة تائـه في الأرض عنوانها الفشل، تبتدئ بالطّرد من الجنّة، وتنتهي بقتل قابيل لهابيل. وهذا من أثر التّزوير اليهودي الذي أسقط عن عمد عهد الاستخلاف، في سبيل صناعة تاريخ عنصريّ يظهر فيه البشر كائنات شرّيرة تثير غضب الخالق إلى حدّ النّدم على إيجادها، فيكون الطّوفان محاولة لتصحيح الخطأ، لكنّ ثمرة هذا التّصحيح لن تبدأ بالظّهور إلاّ مع إبراهيم، لا باعتباره نبيّا مصلحا، وإمام ملّة عالميّة، بل باعتباره أبا حصريّا لأمم خصّه اللّه بعهد يتضمّن امتيازات عرقيّة، غير أنّ هذا العهد لن يتمحّض إلاّ لفرع واحد من ذرّيته، وهم بنو إسرائيل، وإلاّ لفرع من بني إسرائيل ينتهي التّاريخ التّوراتي باصطفائه، وهم اليهود. |
اقرأ المزيد |
القصص القرآني من منظور جديد (6) سرّ الإرادة الإنسانيّة : 176 - 2022/03/04 |
الإرادةُ: طلبٌ قلبيٌّ لاجتلاب ما ينفع واجتناب ما يضر، وهي بهذا المعنى مشتركة بين أنواع الحيوان، لكن اختصاص آدم بالخلافة دال على أن إرادته تتفرد بميزات لا نظير لها عند بقية الأحياء، فما هي يا ترى تلك الميزات؟ |
اقرأ المزيد |
القصص القرآني من منظور جديد (5) تجربة الجنّة والتّأهيل العملي : 175 - 2022/02/04 |
في اختبار الكفاءة العلميّة أثبت آدم أن اصطفاءه لخلافة الأرض كان عن علم وحكمة، وبناء عليه أمر اللّه الملائكة أن تسجد له إقرارا بهذا التّكريم المناسب، وفي اللّحظة التي كان المتابع الخالي الذّهن من أساطير التّراث ينتظر المشهدَ المواليَ أن يكون في الأرض، إذْ به يقرأ: ﴿وَقُلْنَا: يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ، وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا، وَلَا تَقْرَبَا هَذهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ! فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا، فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ، وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ، وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾(1) |
اقرأ المزيد |
القصص القرآني من منظور جديد (4) اصطفاء آدم لخلافة الأرض : 174 - 2022/01/07 |
انتهينا في الحلقة السّابقة إلى أنّ الإنسان من حيث التّكوينُ هو ابن التّراب، وأنّ سره العبقريَّ مركوزٌ في قلبه، ومن القلب يمتدّ إلى سائر الجسد، ويتألّف من قوّتين: قوّة العلم، وقوّة العمل، وهي التي نسمّيها إرادة. بيد أنّ هذا السّر لا تبدأ فعّاليتُه إلاّ بعد صيرورتين اثنتين: ففي رحم أمّه تتشكّل بنيته الأولى من قابليّات مدهشة، لكنّها في غاية الهشاشة؛ وفي رحم الثّقافة الاجتماعيّة تستوي إنسانيّتُه. |
اقرأ المزيد |
القصص القرآني من منظور جديد (3) فـطـرة آدم : 173 - 2021/12/03 |
أشرنا سابقا إلى أن (الفَطْرَ) عبارةٌ عن خلق إلهي مباشر يكون في المبتدأ، ويتم باشتقاق شيء من شيء آخر، وقد استعرضنا باختصار كيف فطر الله السماوات والأرض؟ ولماذا؟ وعرفنا من الغايات الأربعة أن الفَطْر الأول لم يكن إلا تمهيدا لفَطرٍ ثان، وهو المتعلق بالإنسان، وقد آن لنا أن نستعرض الفطرة الإنسانية عرضا قرآنيا غير مشوب بالأساطير التي أتخمت كتبَ التفسير والحديث، ولا بالشطحات الفلسفية ذات النسب العقلاني، أو ذات النسب العِرفاني. |
اقرأ المزيد |
القصص القرآني من منظور جديد (2) في بدء التكوين كان الله فاطرا : 172 - 2021/11/05 |
خلاصة ما ذهب إليه علماء اللّغة أنّ (الفَطْرَ) هو شَقٌّ ابتدائي على سبيل الافتتاح المؤدّي إلى ظهور شيء لم يكن، أو إلى استئناف دورة من الحياة(1). فمثال ظهور ما لم يكن قولُهم: «فَطَر نابُ البعير» أي شقَّ اللّحمَ وطلع، وذلك إذا بلغ البعير السّنة التّاسعة، فيُسمى حينئذ بازلا. ومثال الابتداء الاستئنافي قولهم: «الفَطور» للوَجْبة الافتتاحيّة، و«تفطّر الشّجر» إذا تشقّق بالورق، و«تفطّرت الأرض بالنّبات». و(الفَطْر) الذي أسنده اللّه إلى نفسه هو من النّوع الأول، فقد وقع مرّة واحدة، وتعلّق في القرآن بشيئين لا ثالث لهما: بمجموع السّماوات والأرض، وبالإنسان. سنكتفي في هذه الحلقة بتحليل «الفَطْر» المتعلّق بمجموع السّماوات والأرض، كيف وقع؟ وكم استغرق؟ ولماذا وقع؟ |
اقرأ المزيد |
القصص القرآني من منظور جديد «مدخل عام» : 171 - 2021/10/01 |
(الإنسان كائن ثقافي) مقولة اشتهرت في الفلسفة المعاصرة، وأكدتها الدّراسات العلميّة في شتّى المجالات، والدّلالة السّالبة لهذه المقولة هي أنّ الإنسان العاقل (Homo sapiens) ليست له طبيعة(1)، بل له تاريخ هو الذي يفسّر (تكوينه)، ذاك الذي كان يسمّيه القدماء طبعا وغريزة ومزاجا وحقيقة وهويّة؛ ومن عجائب الكشف العلمي أنّ غرائز الطّفل تكون عند الميلاد مجرّد إمكانات، وشرط تحقّق تلك الإمكانات هو وجوده في سياق اجتماعي يحفّز نموه باتجاه الأنسنة (2)، وبدون هذا السّياق يستحيل أن يكون سليلُ الإنسان إنسانا (3). |
اقرأ المزيد |
حجة الله بين المسلمين كيف تتحقق؟ (2-2) : 169 - 2021/08/06 |
ما يُنسب إلى اللّه من الدّين لا بدّ فيه من اليقين، إذ الإيمان بتلك النّسبة لا تتحمّل أدنى ريب، وهذا شرط لا يتحقّق إلاّ في نصّ القرآن، لذلك كان اتخاذ أيّ مصدر سواه لدين الإسلام تقوّلا على اللّه بغير علم، هذا ما قرّرناه في الحلقة السّابقة(1)، واليوم سنعالج الإشكال الثّاني المتعلّق بحجّة اللّه فيما ينسب إلى المسلمين من الكسب. ووجه الإشكال هو أنّ الكسب جهد بشريّ مرهون بشروط تاريخيّة متقلّبة، إذ الإمكانات بين مدّ وجزر، وهذا ما يجعل التّطبيق العملي لحكم اللّه متغيّرا بتغيّر الأشخاص والأحوال والأزمنة والأمكنة، لكن قد يقال: من هو المخول بإعلان التّوقيت المناسب، وتحديد المقادير والكيفيّات المطلوبة شرعا بحيث تكون طاعته طاعة للّه، ومخالفته معصية؟ وما علاقة هذا الإلزام المخول لجهة بشريّة بالدّين المنزّل؟ |
اقرأ المزيد |
حجة الله بين المسلمين، كيف تتحقّق؟ (1-2) : 168 - 2021/07/02 |
بين الدّين وتطبيق الدّين - كما أثبتنا في مقالات سابقة(1) - فارقٌ إذا تمّ إسقاطه وقع الخلط بين الإلهي وبين البشري، وبين ما يصحّ أن يبقى ويستمر، وبين ما ليست له صلاحيّة الاستمرار. الدّين الإلهي لا وجود له خارج النّص القرآني، والمسلمون على اختلاف أجيالهم يشتركون في الإيمان به، أمّا التّطبيق فهو كسب في الإيمان يختلف من فرد إلى فرد، ومن جماعة سياسيّة إلى أخرى، ومن جيل إلى جيل: ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ، لَهَا مَا كَسَبَتْ، وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ، وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾(2) وهنا يرد إشكالان منهجيان: الأول، كيف تمّت الدّلالة على الدّين المشترك دلالة تقوم بها الحجّة على كلّ مسلم؟ وتحمي الدّين من ظنون المتخرّصين وعبث العابثين؟، والثاني، كيف ينشأ الإلزام الشّرعي المقتضي للكسب، والكسب في حالة صيرورة تاريخيّة مستمرة؟ |
اقرأ المزيد |
حقيقة الحكمة وعلاقتها بالقرآن : 167 - 2021/06/03 |
ذكر القرآن حكمة آل إبراهيم، وحكمة داود وسليمان، وحكمة لقمان وعيسى بن مريم... وقال: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ، وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾(1) فرشّح لها مِن كل أبناء الزمان. ولكن لمّا قال سبحانـه وتعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ﴾(2) وقال: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾(3). قال أصحاب نظريّة الوحيين: الحكمة هي السّنّة! وإلاّ ما معنى نزولها؟. وهذا الزّعم يصطدم باللّغة، وبالاستعمال القرآني، وبالآثار التي يصحّحونها. فأمّا اللّغة، فإنّه لم يعرف فيها أنّ الحكيم لا يكون إلاّ نبيّا، وأمّا الاستعمال القرآني، فإنّ اللّه قال عن كتابه : ﴿وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ» (4)، وقال: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَــةِ﴾(5) والوحـي المتلو هو القـرآن، وقال بعد أن ذكر أمّهات الأخلاق: ﴿ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ﴾(6). |
اقرأ المزيد |
أفق القرآن وآفاق الأزمان : 166 - 2021/05/06 |
في مقالنا السابق (1) أسسنا لقاعدة (وحدة الدين وتعدد الكسب بتعدد العصور)، لكن قد يقول قائل: ينبغي أن يكون القرآن قد دل على هذه القاعدة بطرق متنوعة، فهل دل القرآن على إمكان وجود سنة بعد سنة النبي ﷺ؟ |
اقرأ المزيد |
الإسلام بين أمّة الدّين وأمّة الكسب : 165 - 2021/04/01 |
الأمّة في اللّغة إذا أطلقت على جماعة من النّاس فبالنظر إلى وجود ما يجمعهم، ويحقّق لهم وحدة الانتماء، وإذا أطلقت على عظيم من النّاس فباعتبار أنّه سبب للاجتماع، إذ صار أصلا يُنتمى إليه، فالجامع في الحالتين كأنّه أمّ يُرجع إليها، أو إمام يُتّبع، وبذلك تتبيّن الوجهة ويتّحد القصد، وقد كانت العرب تقول: «لَا أُمَّةَ لِبَنِي فُلَانٍ، أَيْ: لَيْسَ لَهُمْ وَجْهٌ يَقْصِدُونَ إِلَيْهِ، لَكِنَّهُمْ يَخْبِطُونَ خَبْطَ عَشْوَاءَ»(1) . |
اقرأ المزيد |
نحو قراءة قرآنية للتراث : 160 - 2020/11/05 |
ينقسم تراثنا إلى قسمين، القسم الأول كلمة إجماع بين طوائف المسلمين، وهو نصّ القرآن الكريم، وأمّا القسم الثاني فهو تراث الاختلاف، وهو نفسه ينقسم إلى قسمين: تراث ما قبل التّدوين، وتراث ما بعد التّدوين. والفرق بينهما أنّ تراث ما قبل التّدوين هو تراث شفهي، تحوّلت وقائعه بفعل القراءات الطّائفيّة اللاّحقة إلى تاريخ مفارق للتّاريخ البشري، لا تجري عليه سننه، تاريخ متعدّد الوجوه تعدّد الطّوائف، كلّ طائفة تبني رواية تستمدّ منها مشروعيّتها، وتعتبرها تاريخا مقدّسا، والمساس به هو مساس بالعقيدة نفسها. |
اقرأ المزيد |