في الصميم

بقلم
د.عثمان مصباح
القصص القرآني من منظور جديد (11) عاد الأولى
 السّياق التّاريخي لنشأة عاد
انضافت صدمة الطّوفان في الذّاكرة الإنسانيّة إلى صدمة الإهباط من الجنّة، وأثمرت تماسكا أطول إزاء مناورات الشّياطين مقارنة بالانفراط الذي وقع في الأمّة الأولى، إذ سمح بظهور عدّة أقوام مستخلفين، أي جماعات سياسيّة مستقلّة كيانا ومكانا، فها هي الأرض تستقبل بعد نوح أمما من الخلفاء: ﴿فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ، وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ﴾(1)
وأعظم تلك الأمم على الإطلاق عاد الأولى، وعظمتهم تجلّت في المظهر والمخبر، فأمّا المظهر فنبّأ عنه نبيهم هود في عِظته إذ قال: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ ‌بَسْطَةً﴾(2) وأمّا المخبر فلخصّه قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَاد ‌إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ، الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾(3)
كانت عاد أمّة من العمالقة الأشدّاء ذوي حضارة هائلة، تفنّنوا في تشييد العمائر الضّخمة، وكانت أرضهم كثيرة الماء، غاية في الخصب. 
وإشارات القرآن تفيد أنّ عادا مرّت بمرحلتين في تاريخها، مرحلة الاستخلاف، ومرحلة الاختلاف، ولهذا ذكّرهم أخوهم هود بالمرحلة الأولى، وجعلها حجّة على انحرافهم عن دعوة نوح التي استجاب لها آباؤهم الذين أعادوا إحياء خلافة آدم وبنيه زمن الفطرة.
فلسفة الاختلاف عند «عاد»
الاختلاف كما ذكرنا سابقا هو اصطناع خصوصيّة زائفة لاحتكار امتيازات ماليّة وسلطويّة، ولأجل ذلك تُستدعى الأسطورة لتأسيس الخصوصيّة والاستثناء، ويتمّ تجسيد ذلك في رموز قوميّة على رأسها الصّنم.
ووظيفة هذه الرّموز إخفاء الجريمة التّاريخيّة التي تتمثّل في الانقلاب على مبدأ الخلافة، وهو المبدأ الذي يقضي بسيادة الأمّة على نفسها، ويجعل المُلك فيها شراكة جماعيّة نيابة عن المَلك الحقّ سبحانه، بل شراكة إنسانيّة تؤسّس لحسن الجوار بين الشّعوب، والتّعاون على الخير.
ويمكننا أن نلحظ الانتقاء المتعمّد في تأسيس المشروعيّة التّاريخيّة عند الملأ من قوم عاد، إذ حين أحالهم هود على آباء الهدى ردّوا عليه قائلين: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ، وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾(4) والأوّلون الذين ترفّعوا عن الانتساب إليهم كانت أخلاقهم الإيمان بربّ العالمين، وعدم اتخاذ إلاه قوميّ، والوفاء بعهد الاستخلاف، وترك العلوّ في الأرض، ورجاء اليوم الآخر.
لكنّهم رفضوا دعوة نبيّهم إلى عبادة اللّه وحده ﴿قَالُوا: أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا! فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾(5)
فانظر كيف تبرؤوا من آباء الهدى، واعتزّوا بآباء الضّلالة الذين أسّسوا لهم العلوّ في الأرض بغير الحقّ، حتّى صار الفرد منهم لا يشعر برابطة إزاء الأغيار من القبائل والشّعوب، ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ ‌إِنْ ‌تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾(6)
أصول الفساد في قوم عاد
الفئة المترفة هم أصل الشّرّ في كلّ الأمم كما يؤكّد القرآن: ﴿وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا ‌أُتْرِفُوا فِيهِ، وَكَانُوا مُجْرِمِينَ﴾(7)، ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا ‌مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾(8)
وهؤلاء المترفون هم أولياء الشّيطان من الإنس، الذين يشاقّون اللّه ورسله، ويبغونها عوجا ليضلّوا النّاس عن سبيل اللّه، حتّى يستأثروا بالنّعيم في الحياة الدّنيا، ويوهموا الجماهير المستضعفة أنّ الحرمان الذي يقاسونه قدر مقدور، والصّبر عليه واجب قومي.
وهذا المكر لا يتحقّق إلاّ باصطناع منظومة ثقافيّة ترعى الولاء الوثني الذي يطمس العقول، وتتولّد عنه قداسات وتحريمات تعطّل الرّقابة والمحاسبة داخل المجتمع، وتجعل الكثرة المخدوعة راضية بتحكم القلّة الباغية.
غير أنّ النّخبة المترفة من قوم عاد ابتدعوا شاغلا جديدا لعوامهم، إذ زيّنوا لهم العدوان على الأمم الأخرى، ونهب خيراتها، فجعلوهم ينظرون باستعلاء إلى من سواهم، وحوّلوهم إلى سوط عذاب يذيق شعوب الأرض الخسف والهوان، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَقَالُوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾(9)
لم يكن قوم عاد يعانون ندرة في الموارد والثّروات، لكنّ جشع السّادة المترفين هو الذي حملهم على البغي والعدوان، قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ، وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَأُتْبِعُوا فِي هَذهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ﴾ (10)  
وممّا يبيّن كيف جمعت عاد بين الثّراء والجبروت قوله تعالى: ﴿كَذَّبَتْ ‌عَادٌ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ: أَلَا تَتَّقُونَ! إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ، وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ، إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ! وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ! وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ! فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ، وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ، وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾(11) 
وهكذا بدا هود وهو يدعوهم إلى تصحيح انتمائهم إلى الأفق الإنساني بالتّخلي عن ولائهم الوثني كالمغرّد خارج السّرب، لهذا انتفض حرّاس الامتيازات القوميّة التي يقتضيها عندهم منطق القوّة، ﴿قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ: إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ، وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ؛ قَالَ: يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ، وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾(12)
ثم تصدّى عليه السّلام لفضح التّزوير الثّقافي الذي أحاط به السّادة أتباعهم ليحوّلوهم إلى قطعان مخدّرة، لا تعقل حجّة، ولا تشعر بالغضاضة من الخضوع الأعمى، ومن الإجرام في حقّ الشّعوب الأخرى: ﴿قَالَ: قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ، أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ؟! فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ﴾(13)
والآباء المشار إليهم هنا هم الذين ارتدّوا قديما على أعقابهم، وكفروا بعد الإيمان، وعطّلوا مبدأ الاستخلاف، وانقلبوا على جماعتهم، وأسّسوا النّظام الوثني على مقاس امتيازاتهم، وورثوا الحظوة لذريّاتهم، حتّى وصل الأمر إلى الملأ الذين تصدّوا لدعوة هود.
فتناسل السّادة من سادة، وتناسل الأتباع من أتباع، كما أشار إلى ذلك نوح عليه السّلام حين دعا على الملأ من قومه فقال: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ ‌دَيَّارًا، إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾(14) . 
وقد تعلّمنا من تجربة قوم نوح أنّ عوام القوم في صمت مطبق، وأنّ المحاورين للرّسول، والمجادلين في الحقّ هم الذين يخشون على امتيازاتهم أن تسقط، وهذه سنّة تاريخيّة لم تتبدّل أبدا: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ ‌مُتْرَفُوهَا: إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ. وَقَالُوا: نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾(15)
جغرافية عاد الأولى
اختلف المؤرّخون والمفسّرون في تحديد البلاد التي سكنها قوم عاد، ورغم أنّ القرآن قد وردت فيه عدّة إشارات جغرافيّة هامّة إلاّ أنّهم لم يستثمروها بشكل كاف، ومن ذلك:
﴿وَاذْكُرْ أَخَا ‌عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ... فَلَمَّا رَأَوهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ، تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾(16)
ففي هذا النّص لفظان مفيدان في بيان صفة بلاد عاد: الأحقاف والأودية، فالأحقاف هي أكداس الرّمال التي تستطيل في الأرض على شكل جبال، والأودية قرينة على أنّ أرض عاد جبليّة، ويؤكّد ذلك قول هود في خطابه لقومه: ﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ﴾(17)، والرّيع هو المكان المرتفع.
لكنّ اللّفظين ينطويان على إشارتين متناقضتين، فالأودية هي المنخفضات التي بين الجبال الصّلبة، وأودية عاد كانت خصبة كما تقرّر سابقا، ولذا لمّا رَأوا العارض ظنّوه سحابا يحمل مطرا، أمّا الأحقاف فهي صحار لا تصلح للزّراعة، ولا تسمح بالاستيطان، لهذا سمّيت أحقاف جنوب الجزيرة العربيّة بالرّبع الخالي.
وهذا التّناقض سببه الوهم الذي وقع للمفسّرين، وهو ظنّهم أنّ الأحقاف كانت موجودة زمن عاد الأولى، مع أنّ القرآن يؤكّد أنّهم كانوا أصحاب جنّات وعيون ومقام كريم، وعليه فإنّ قوله تعالى: ﴿أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ﴾ هي كقوله سبحانه: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ ‌لِأُنْذِرَكُمْ ‌بِهِ﴾(18) ﴿قُلْ إِنَّمَا ‌أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ﴾(19)، بمعنى أنّ الأحقاف كانت مجرّد وعيد سيحصل مستقبلا إذا أصرّ القوم على كفرهم وطغيانهم، وعِيدٌ يحوّل الأرض الخصبة إلى صحراء تتراكم فيها الرّمال، وهذا ما صنعته الرّياح العاتية التي أرسلها اللّه عليهم: ﴿وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ، مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ ‌كَالرَّمِيمِ﴾(20)
وقد أكّدت الأبحاث العلميّة الحديثة أنّ صحراء الرّبع الخالي كانت أرضا خصبة ذات وديان وبحيرات، وأنّ كثبانها الرّمليّة العظيمة طارئة عليها.
عاد إرم؟
ومن الإشارات الجغرافيّة الهامّة أيضا ما جاء في سورة الفجر: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَاد ‌إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ﴾(21) والمقال لا يتّسع لتحليل كلمة (إرم) من النّاحية اللّغويّة والتّاريخيّة والجغرافيّة، لذا سأكتفي بدلالة المجاورة بين لفظتي (عاد) و(إرم)، وهي في رأيي إضافة تفيد تخصيصا جغرافيّا يخرج أقواما لاحقين حملوا اسم عاد، لكنّهم استوطنوا بلدانا شتّى، يؤكّد ذلك قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ ‌عَادًا الْأُولَى﴾ (22)
وهذه الإضافة بقي منها أثر إسميٌّ إلى يومنا هذا، وهو (حضرموت)، وهذا الاسم مذكور في أقدم المدوّنات التي وصلتنا، كوثائق المسند اليمنيّة، وكتاب التّوراة، وكتب اليونان، وقد فُسّر تفسيرات عدّة لم تحظ بالقبول، وسأدلي هاهنا بتفسير جديد عسى أن يكون هو التّفسير الصّحيح.
الواو والتّاء في آخر (حضرموت) زائدة، لحقت أعلام أشخاص مثل طالوت وجالوت، وهاروت وماروت، ولحقت أيضا أعلام أماكن، خاصةً في جنوب الجزيرة مثل ريسوت، ورخيوت، وطلكوت، ودمقوت، وحيروت، وكلّها مدن على ساحل بحر العرب، وحاروت وريثوت، وأركوت، وأمنوت، وعربوت، وأجدروت، وبرهوت، ومروت، والأُخروت، ‌‌‌والثَّلَبُوتُ، وبيروت ... والعجيب أنّ معظم هذه الأسماء تقع في بلاد حضرموت التّاريخيّة، وتنبئ بعادة لسانيّة قديمة في صكّ أسماء الأعلام.
الباقي بعد إسقاط الزّيادة إذن هو (حضرم) لذا قالوا في النّسبة إليها: (حضرميّ)، وجمعوه على الحضارمة، والحضارم، والحضرميّين.
وحضرم اسم معدول به عن (عاد إرم)، ومثل هذا العدول معروف في سنن اللّسان بسبب الميل إلى التّسهيل، ويبدو أنّ البقيّة المؤمنة من قوم عاد قد انتقلوا إلى المنطقة الجنوبيّة التي صارت تعرف باسم حضرموت، فسمّي المكان باسم ساكنيه، ونشأت هناك عاد الثّانية، ثمّ تفرّعت منهم شعوب أشهرها قوم ثمود.
خاتمة
لقد كان قوم عاد بصدد تأسيس نظام عالمي استكباري قائم على الظّلم والعدوان، وبهلاكهم استراحت أمم كثيرة وأجيال لاحقة من استنزاف طويل، وعبء ثقيل، يورث النّاس يأسا من رحمة اللّه، القاضية بكسر الجبابرة، وتجديد أنفاس التّاريخ بدورات استخلافيّة مباركة.
الهوامش
(1) سورة يونس - الآية 73 
(2) سورة الأعراف - الآية 69
(3) سورة الفجر - من الآية 6 إلى الآية 8
(4) سورة الشعراء - الآيتان 137 و 138
(5) سورة الأعراف - الآية 70
(6) سورة محمد - الآيتان 22 و 23
(7) سورة هود - الآية 116
(8) سورة الإسراء - الآية 16
(9) سورة فصلت - الآية 15
(10) سورة هود - الآيتان 59 و 60
(11) سورة الشعراء - من الآية 123 إلى الآية 135
(12) سورة الأعراف  - من الآية 66 إلى الآية 68
(13) سورة الأعراف - الآية 71
(14) سورة نوح -  الآيتان 26 و 27
(15) سورة سبأ -  الآيتان 34 و 35
(16) سورة الأحقاف -  من الآية 21 إلى الآية 25
(17) سورة الشعراء - الآية 128
(18) سورة الأنعام - الآية 19
(19) سورة الأنبياء - الآية 45
(20) سورة الذاريات - الآيتان 41 و 42
(21) سورة الفجر  - الآيتان 6 و 7
(22) سورة النجم - الآية 50