عبد الله البوعلاوي |
نحو قراءة تدبّرية لفقه السّنن الكونيّة من خلال القرآن الكريم (6) فقه السّنن الكونيّة ومهمّة الاستخلا : 208 - 2024/11/01 |
يحتوي القرآن الكريم على حقائق علميّة تستدعي النّظر والبحث لاكتشافها واستغلالها لتحقيق المنافع الإنسانيّة وتعزيز التّمكين العلمي والحضاري. فهو لا يقتصر على الجانب السّلوكي والأخلاقي فحسب، بل يفتح الأفق للنّظر في الكون وفهم سننه وقوانينه، ليجمع بين خيري الدّنيا والآخرة. ثُمّ إن الرّؤية القرآنيّة تتميّز بخصائص الوسطيّة والواقعيّة في التّشريع والتّطبيق، حيث تجمع بين القيم التّعبديّة والأخلاقيّة لمعالجة ما علق بالنّفس البشريّة من أدران وتشوّهات، وتساهم في تطوّر العلوم وتقدّمها. |
اقرأ المزيد |
نحو قراءة تدبّرية لفقه السّنن الكونيّة من خلال القرآن الكريم (5) فقه السنن الكونيّة ضرورة لتحقيق الش : 207 - 2024/10/04 |
تشير العلاقة بين السّنن الكونيّة والتّكليف الإنساني إلى كيفيّة ارتباط القوانين والظّواهر الطّبيعيّة التي تحكم الكون (السّنن الكونيّة) بمسؤوليّات الإنسان الدّينيّة والأخلاقيّة (التّكليف الإنساني). وتتجلّى هذه العلاقة بين الإثنين في كون الإنسان مطالب بفهم هذه السّنن واستثمارها بشكل يتوافق مع التّكليف الإلهي، ممّا يعزّز دوره في إعمار الأرض وتحقيق العدالة. |
اقرأ المزيد |
نحو قراءة تدبّرية لفقه السّنن الكونيّة من خلال القرآن الكريم (4) فقه السّنن الكونيّة واجب شرعي : 205 - 2024/08/02 |
لا يمكن بحال من الأحوال أن يتخلّف الإنسان «المسلم» أو يتجاهل السّنن الكونيّة لأنّها من الدّين، ذلك أنّ العبادات اليوميّة جعلها اللّه تعالى منسجمة بقوانين كونيّة تتبع نظاما ثابتا من قبل اللّه تعالى وهي ملزمة للبشر. وبموجب هذا المفهوم، يُعتقد أنّ هناك أفعالًا في الكون تعتبر واجبة على الإنسان وفقًا لهذه القوانين الكونيّة، ومن ثمّ يكون العمل بها من واجبات الدّين يؤثم الإنسان على تركها أو يعاقب بالتّخلّف عنها، ذلك أنّ إرادة اللّه تعالى في خلق الإنسان والكون بالغة من حيث التّرابط بينهما. |
اقرأ المزيد |
نحو قراءة تدبّرية لفقه السّنن الكونيّة من خلال القرآن الكريم (3) الغفلة عن فقه السّنن الكونيّة : 202 - 2024/05/03 |
خلق اللّه تعالى الكون بطريقة تتناسب مع وجود الإنسان واحتياجاته، وخلقه بعناية فائقة وبتوجيه دقيق ليكون ملائمًا لحياة الإنسان وليتمكّن من الاستفادة منه والعيش فيه، بما يسمح له أن يحقّق نهوضا حضاريّا، ذلك أنّ وجود الإنسان في الكون ليس عشوائيًّا بل يتماشى مع إرادة إلهيّة مقدرة، وأنّ اللّه قد خلق الكون بحكمة ورحمة ليخدم البشريّة ويساعدها على الوصول إلى هدفها النّهائي، المتمثّل في تحقيق الاستخلاف في الأرض والتّمكين فيها بالعدل الإلهي. ولم يعتن القرآن الكريم بربط الإنسان بالخالق أو ما يتعلّق ببعض الأحكام الشّرعيّة الزّجريّة فقط، بل اهتم بكافة جوانب حياته الرّوحيّة والمادّية والعقليّة والسّلوكيّة والأخلاقيّة، كما قدّم له توجيهات تشمل قيم دينيّة تنمّي الجانب الرّوحي فيه، وتوجّهه إلى القيام بجوانب مادّية تؤطّر له علاقاته الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسّياسيّة. |
اقرأ المزيد |
نحو قراءة تدبرية لفقه السنن الكونية من خلال القرآن الكريم دعوة القرآن الكريم لفقه السنن الكونية (2) : 195 - 2023/10/06 |
إنّ الحديث عن السّنن الكونيّة في القرآن الكريم دعوة إلى استقراء مختلف السّنن وأنواعها، سواء تعلّق الأمر بسنن التّاريخ أو السّنن الاجتماعيّة أو التّربويّة، لأنّ القرآن الكريم يؤسّس لمنهجيّة معرفيّة تجمع بين القيم التّعبديّة والقيم الحياتيّة، وكلاهما من أمر اللّه تعالى في خلقه. إنّ حاجة الإنسان إلى فقه السّنن كحاجة الجسد إلى الطّعام والشّراب، فالوجود الفعلي للإنسان يتحقّق بإعمال العقل الذي يتمّ به التّكليف، وبه كرّم اللّه تعالى الإنسان وفضّله على سائر المخلوقات. يمنح هذا العقل الإنسانَ التّعامل مع الوجود في جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، لأنّه قادر على الإنتاج المعرفي الذي يؤهّل الإنسان للقيام بمسؤوليّة الاستخلاف في الأرض بالقيم القرآنيّة، و«تقويم حياته بها، في ضوء الظّروف المحيطة، والمشكلات الطّارئة، والإمكانات المتاحة»(1). |
اقرأ المزيد |
نحو قراءة تدبرية لفقه السنن الكونية من خلال القرآن الكريم (1) : 194 - 2023/09/01 |
إن بدء الوحي بكلمة «إقرأ» يوحي بتحول مفاجئ في حياة الإنسان من حيث رعاية اللّه تعالى له ليرشده إلى نور هدايته، وظلال حكمته، وعنايته به حتّى لا يبقى فريسة لأهواء نفسه وتصوّرات منحرفة طارئة عليه، ولتستمر هذه الالتفاتة الرّبانيّة بالإنسان ليقرأ كلّ شيء باسم الرّب لتتجلّى له معاني العبوديّة للّه تعالى ويتجدّد له في كلّ حين العهد الذي قطعه اللّه عليه وهو عالم الذرّ قبل نزول هذا الإنسان على كوكب الأرض، إذ قال سبحانه : ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ﴾ (الأعراف:172)، هذه الحقيقة يحملها كلّ إنسان في كيانه ويشعر بضعفه تجاهها، التي خلقت كلّ شيء وملكته وأتقنت تدبيره، يقول اللّه تعالى: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ، وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ﴾ (السجدة:17). وكلما صفت روح الإنسان وزكت ووقع فيها شعاع الهداية لمست فطرته الأنوار الربانية لتصبح فضاء لاستقبال كلمات الوحي وإدراك معانيها. |
اقرأ المزيد |
العقل والغفلة ضدان لا يجتمعان(2) : 160 - 2020/11/05 |
تنقسم الغفلة عن آيات اللّه تعالى إلى قسمين؛ غفلة عن آياته الشّرعيّة، وغفلة عن آياته الكونيّة. الغفلة عن آيات اللّه المبثوثة في كتاب اللّه تعالى: لقد أنزل اللّه تعالى القرآن الكريم متّصلا بحياة النّاس وواقعهم وحركتهم، فقد اشتمل القرآن الكريم على جميع ما يمكن أن يحتاج إليه الإنسان في حياته الرّوحية والمادّية. والحقّ في ذلك أن يقرأ الإنسان القرآن بهدف التّعامل معه بفاعليّة، ويمشي على خطاه، لا أن يعتبره نصّا مقدّسا للتّبرك والاستشفاء، لهذا يعتبر التّأمل في القرآن الكريم وقراءته بقلب واعٍ، ضرورة شرعيّة وسنّة كونيّة، يحتاج الإنسان إليها لمعرفة سرّ وجوده إلى جانب سرّ الوجود بكامله، لتنضبط علاقته بخالق الوجود، ويحقّق أمر الاستخلاف في الأرض. |
اقرأ المزيد |
العقل والغفلة ضدان لا يجتمعان(1) : 159 - 2020/10/01 |
لقد ميّز اللّه الإنسان على بقيّة المخلوقات بالعقل، وهي القيمة التي يميز بين الأشياء صوابها وخطئها. ويتفاضل النّاس من حيث قوّة الجهد العقلي، وقدراتهم في ابتكار المعرفة والإبداع وإيجاد الحلول للمشاكل التي تعترضهم بأقل جهد ممكن. وقيمة الإنسان من قيمة عقله في النّشاط المعرفي وتفوّقه بالنّظر والتّأمّل بدون توقّف في القضايا الإنسانيّة والوجوديّة، ذلك أن ليس للعقل حدود في الزّمان والمكان، وأنّ العقل هو الذي مكَّن الإنسان من تحقيق إنجازاته العلميّة في كلّ المستويات المعرفيّة. |
اقرأ المزيد |
لحظة يقظة في وقت الابتلاء (الإنسان بين محنة الوباء ومنحة الإيمان) : 156 - 2020/07/02 |
الحديث عن هذا الوباء أو هذا المرض شغل أذهاننا وكياننا، وأقض مضاجعنا، أذهب عنا أفراحنا ومسرّاتنا، شوّش علينا تفكيرنا، وقلب موازين حياتنا بين عشية وضحاها. هذا المرض ( فيروس كورونا) جعلنا نلازم مساكننا، خوفا على أنفسنا ومن تجمعنا به قرابة من الهلاك، وهذا من جبِلَّة الإنسان وفطرته الخوف على نفسه، والحفاظ على النفس من كلّيات الدّين، واللّه تعالى يقول «وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا»(1)، ويقول أيضا: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا» (2) وفي نفس الوقت يقول سبحانه: «تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا» (3) ، تأملوا معي حالَ الدّنيا، تتعاقب فيها الأيام واللّيالي والأجيال، كلّ بعيد فيها قريب، وكلّ جديد سَيَبْلى، وكلّ كائن سيفنى، وكلّ حياة إلى منتهى، ألا كلُّ آتٍ قريبُ المَدى، وكل ما هو آت آت، «مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ»(4)، ما بالُنا والتّشبث بالحياة خوفا من الرّحيل، «دخل سليمان بن عبد الملك المدينة، فأقام بها ثلاثاً، فقال: ما ههنا رجل ممّن أدرك أصحاب رسول اللّه ﷺ يحدّثنا؟ فقيل له: ههنا رجل يقال له أبو حازم، فبعث إليه فجاء. فقال سليمان: يا أبا حازم، ما هذا الجفاء؟ قال أبو حازم: وأيّ جفاء رأيت منّي؟ فقال له: أتاني وجوهُ المدينة كلُّهم ولم تأتني؟! فقال: ما جرى بيني وبينك معرفة آتيك عليها. قال صدق الشّيخ. يا أبا حازم، ما لنا نكره الموت؟ قال: لأنّكم عمّرتم دنياكم وخرّبتم آخرتكم، فأنتم تكرهون أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب»(5) . |
اقرأ المزيد |
لنغتنم مدرسة الصيام : 154 - 2020/05/07 |
تمضي بنا الأيام وتنقضي معها الأعمار، ونتذكر عجلة الزّمان لنجعل منها فرصة لنجدّد الصّلة بخالقنا. وما أكثر مواسم الأرباح التي تفتح بها أبواب الخيرات فيستبق فيها المتسابقون ويتنافس المتنافسون في التّغيير إلى التي أفضل في الطّاعة والأقوال ومحاسن السّلوك. ويُعدّ شهر رمضان شهر الصحوة من الغفلة، |
اقرأ المزيد |
رمضان؛ شهر التنافس في الخيرات : 131 - 2018/06/07 |
في غضون أيام يهلّ علينا شهر شوّال ونودّع رمضان، الشهر الذي تشرق معه نفحات ربانية، تتجدّد معها الإرادة النفسية والعزيمة على التنافس في العبادات وأنواع البر لتهذيب النفس وتزكيتها وتدريبها، يقول الله تعالى:«قَد أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا»[1] . الإنسان العاقل هومن تهيأ لاستقبال رمضان طمعا في الفوز بجوائزه المختلفة، من صيام وقيام وصلاة وقراءة القرآن وصدقة وعَمَل بر لتحصيل قيمة التقوى، التي يقبل الله بها الأعمال ويتفاضل النّاس فيما بينهم، وبها يدخلون الجنّة. في شّهر رمضان يسعى الإنسان ليُصبِغ حياته بالعبادة في كلّ أحواله، يتقلّب من طاعة إلى أخرى، يسمو شاكرا لله الذي وفّقه لإدراك هذا الشهر وأغدق عليه من النّعم الوافرة، وتوفيق الله له بالقيام بجميع الطّاعات، وصابرا ليس على الجوع والعطش، بل يصبر محتسبا على مقاومة المفطرات المعنويّة والمادّية امتثالا لقول النّبي صلى الله عليه وسلم: «فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ»، ويرقى بين مقام الخوف على ضياع وقت من أوقات رمضان في غير طاعة وبين الرّجاء طمعًا في قَبول أعماله كلّها، فيأنس بالذّكر والاستغفار، ويشنف سمعه بتلاوة القرآن، ويبتعد عن المساوئ والشّهوات وكلّ ما يفسد الصّيام معنويّا أو ماديّا. |
اقرأ المزيد |
معجزة الإسراء والمعراج؛ وتجاوز العقل النسبي : 130 - 2018/05/03 |
يضعنا الحديث عن معجزة «الإسراء والمعراج» أمام خاصّية علميّة وظاهرة كونيّة حدثت لمحمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الذي اخترق جسده المكان، حيث أُسري به من بيت الله الحرام «مكّة» إلى بيت المقدس، ثم أعرج به من المسجد الأقصى إلى السّماء السّابعة. |
اقرأ المزيد |
حقيقة الهجرة : 123 - 2017/10/05 |
لقد كان من توفيق الله تعالى أن وَفَّقَ عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه أن اختار حدث الهجرة ليكون تأريخا للمسلمين، رغم وجودِ مناسبات عديدة، كمولد النبي صلى الله عليه وسلم أو يومِ نزول ملكِ الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إحدى غزوات النبي عليه السلام، أو فتحِ مكة أو غيرها لتبقى أفواجُ المسلمين مهاجرةً إلى الله تعالى في كل وقت وحين بأن يعبدوه سبحانه ولا يشركوا به شيئا، وأن يقوموا بما أمرهُم به ويجتنبوا ما نهاهم عنه وذلك حقُّ الله عليهم. «فالهجرة الحقيقية أن تهاجر بقلبك إلى الله تعالى ورسوله، فتهاجر يقلبك من محبة غير الله إلى محبته، ومن العبودية لغيره إلى العبودية له، ومن خوف غيره ورجائه والتوكل عليه إلى خوف الله ورجائه والتوكل عليه، ومن دعاء غيره وسؤاله والخضوعِ له والذلِ والاستكانة له إلى دعائه وسؤاله والخضوع له والذلِ له والاستكانةِ له، وهذا بعينه معنى الفرار إليه»[1] قال الله تعالى: «فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ»، فالهجرة مخالفةُ النفسِ مما تدعو إليه من الأهواء واتباعٍ لمرضاة الله، ولا يتحول عنها إلى أن يلقَى الله تعالى. |
اقرأ المزيد |