بهدوء

بقلم
د.ناجي حجلاوي
محدوديّة المناهج في كتب التّفسير(3) «مفهوم التّرادف وتجلّياته»
 لقد شكّلت قضيّة التّرادف إشكالا حقيقيّا بين اللّغويين. والقصد من التّرادف هو التّقارب في المعنى مع اختلاف اللّفظ. يقول ابن جنّي: «تجد للمعنى الواحد أسماء كثيرة، فتبحث عن أصل كلّ كلمة منها، فتجده مفضي المعنى إلى معنى صاحبه»(1). ومعنى ذلك أنّ التّقارب لم يستحل إلى تطابق كامل مثل الصّياح والصّراخ والصّخب والجلبة والصّعق والتّعبير وغير ذلك كثير ممّا يدلّ على شدّة الصّوت مع دقائق وفروق في المعنى. 
وبالرّغم من هذه الفروق، فإنّ الاستعمال قد لا يميّز بين هذه الألفاظ باعتبارها مترادفات في الوضع الواحد. وقد جنح العلماء، من أهل اللّغة، أنفسهم، إلى القول بالتّرادف طبقا لسيادة القول به في منظومة ثقافيّة تقرّ بالتّرادف أداة في الفهم. ولربّما كان ذلك تحت تأثير المنظور الشّعري الّذي كان الطّابع المميّز للذّهنيّة والذّائقة العربيّتيْن. إنّ القافية، بوصفها قانونا صارما، هي الّتي تفرض على الشّاعر، الكلمة ومرادفها وذلك بحسب الرّويّ وطبيعته والقافية ومُقتضياتها. وانظر إلى الرّمّاني كيف يعتبر أنّ الذّكر هو القرآن(2)، وأنّ التّبدّل هو التغيّر(3)، وأنّ البلوغ هو الوصول(4)، وأنّ البروز هو الظهور(5)، وأنّ التّسخير هو التّمهيد والتذليل(6)، وأنّ الإنظار هو الإمهال(7)، وغير ذلك كثير. إنّ القضيّة الّتي يطرحها التّرادف، بما هي قضيّة لغويّة، تندرج ضمن علاقة اللّفظ المفرد بالمعنى. وفي هذا الإطار، يمكن للدّارس أن يُلفي أربع حالات هي: أن يتحدّ اللّفظ بمعناه، أو أن تتعدّد الألفاظ والمعاني، أو أن تتعدّد الألفاظ والمعنى واحد، أو أن يتوحّد اللّفظ وتتعدّد المعاني. ومثال ذلك كلمة الله لفظ واحد ومدلول واحد. وهي تسمّى بالمفردة.
وأمّا الصّنف الثّاني ويُسمّى بالمتباين، وهو ما تتعدّد فيه الألفاظ والمعاني، كلفظ إنسان وفَرس، ممّا يدلّ على معان مختلفة، والنّوع الثّالث ويُسمّى بالتّرادف، وهو ما تتعدّد ألفاظه ويُشترك فيه المعنى، والنّوع الرّابع وهو يُسمّى بالمشترك، وهو ما اتّحد فيه اللّفظ ويتعدّد المعنى(8). وعلى هذه الشّاكلة، ينتبه النّاظر إلى أنّ المعنى هو المتحكّم في نسيج هذه المفردات المتقاربة إن صوتيّا أو دلاليّا، فالتّرادف في اللّغة من الرّدْفِ وهو ما تبع الشّيء، وكلّ شيء تبع شيئا فهو رِدْفُهُ، وإذا تبع شيء خلف شيء فهو التّرادف، وردف الرّجل وأردفه، ركب خلفه، وأردفه خلف الدّابة، والردف: الرّاكب خلف الرّاكب»(9). وفي الاصطلاح نلاحظ أنّ التّرادف يعني: دلالة الألفاظ العديدة والمختلفة على المعنى الواحد، مثل: الجود، والسخاء، والأريحية، والندى، والسماحة، والكرم، والبذل(10). وهو، تقريبا، عين ما عبّر عنه الرّمّاني بقوله: «التّرادف هو دلالة عدّة ألفاظ مفردة، وغير مفردة على معنى واحد أو متقارب»(11).
وفي هذا الإطار، ميّز الرّازي بين الاسم والحدّ والمتباينين والتّوكيد والتّابع(12). فالسّيف والمهنّد يدلاّن على شيء واحد، إلاّ أنّ الأوّل يدلّ على المعنى باعتبار الذّات، والثّاني يدلّ عليه باعتبار الصّفة. وقد أشار عبد الحميد أحمد يوسف هنداوي إلى هذه المسألة بوضوح في قوله:«ولعلّ هذا ما يؤكّده الباحثون المحدثون من الميزة الّتي تمتاز بها اللّغة العربيّة بتلك الصّيغ الّتي تقوم بدور وضع الحدود بين الكلمات، وذلك لما يمتاز به كلّ لفظ من ألفاظ اللّغة من استقلاليّته بصيغته ومعناه الوظيفيّ فضلاً عن معناه المعجميّ»(13). إنّ عمل التّرادف ينطلق من تعريف الكلمة بمعادل لها أو بأكثر إمّا باعتماد سياق بعينه، أو تركه (14). إلاّ أنّ القول بالتّرادف ظلّ مسألة خلافيّة بين المتقدمين من علماء العربيّة. وقد ذهب حسن بن حمزة الأصفهاني(ت 360ه/970م) فيما يتعلق بكثرة الأسماء الّتي تُطلق على الدّاهية إلى أنّ أسماء الدّواهي من الدّواهي(15).
وقد ذهب الفارابي في كتاب «الحروف» إلى تفسير ظاهرة التّرادف بقوله: «فإذا استقرّت الألفاظ على المعاني الّتي جُعلت علامات لها فصار واحد واحد لواحد واحد وكثير لواحد أو واحد لكثير، وصارت راتبة على الّتي جُعلت دالّة على ذواتها، صار النّاس بعد ذلك إلى النسخ والتجوّز في العبارة بالألفاظ، فعُبّر بالمعنى بغير اسمه الّذي جُعل له أوّلا وجُعل الاسم الّذي كان لمعنى ما راتبا له دالاّ على ذاته عبارة عن شيء آخر كان له به تعلّق ولو كان يسيرا إمّا لشبه بعيد وإمّا لغير ذلك، من غير أن يُجعَل ذلك راتبا للثّاني دالاّ على ذاته. فيحدث حينئذ الاستعارات والمجازات والتجرّد بلفظ معنى ما عن التّصريح بلفظ المعنى الّذي يتلوه متى كان الثّاني يُفهَم من الأوّل، وبألفاظ معان كثيرة يصرّح بألفاظها عن التّصريح بألفاظ معان أخر إذا كان سبيلها أن تُقرن بالمعاني الأُوّل متى كانت تُفهم الأخيرة مع فهم الأولى، والتّوسّع في العبارة بتكثير الألفاظ وتبديل بعضها ببعض وترتيبها وتحسينها. فيبتدئ حين ذلك في أن تحدث الخطبيّة أوّلا ثمّ الشعريّة قليلا قليلا»(16). 
وهكذا يتجلّى أنّ الألفاظ ذات رصيد متزايد أكثر من المعاني ومن ثمّ وقع الالتجاء إلى أن يطلق أكثر من لفظ على المعنى الواحد. ويشترط التّرادف بين الألفاظ أن لا يفوق لفظ لفظا في درجة المواضعة لأنّه لو فاق ذلك وتجاوز لأضحى مجازا وتجوّزا وحينئذ يُحتجّ في الوقوف على دلالته بالسّياق والقرينة. والتّوسّع في العبارة هو الدّاعي إلى الكثير من الألفاظ وإبدال بعضها ببعض وترتيبها حفاظا على المعنى الواحد أو ما يشابهه. وللتّرادف، في المدوّنة الحديثة، تعاريف متعدّدة ومتنوّعة، بحسب اختلاف المدارس اللّسانيّة والتيّارات اللّغويّة المتزايدة. فالتّرادف، عند البعض، هو أن يكون تعبيران في لغة ما ويمكن أنْ يحلّ أحدهما محلّ الآخر دون تغيير المعنى الحقيقي الوارد فيهما(17). والكلمات المترادفة هي الكلمات التي تنتهي إلى النّوع الكلامي نفسه أسماء أو أفعالا. ويمكن أن تتبادل في الموقع دون تغيير المعنى أو التّركيب النّحوي للجملة. والمهمّ، عند أصحاب النّظريّة التّصوّريّة، أنّ التعبيريْن المترادفيْن هما اللّذان يفيدان الفكرة العقليّة أو الصّورة ذاتها. وعند الإشاريين، يصبح التّرادف، هو إذا ما اُستعمل التّعبيران مع الشيء نفسه والكيفيّة عينها. وعند التّحليليين، التّرادف هو اتّصاف كلمتين  بنفس مجموع الصّفات التّمييزيّة(18).
ويبدو أنّ اللّغة العربيّة على درجة عالية من المرونة الاشتقاقيّة الّتي جعلتها تتمتّع بقابليّة تسمح بتكاثر الصّيغ الصّرفيّة المحدّدة للمعنى بحسب التّغيّر في البنية الصّوتيّة. وقد أشار تمّام حسّان إلى هذا المعنى بطريقة واضحة. نورد قوله شاهداً، على طوله، لما يتضمّنه من إفادة وتوضيح لهذه الفكرة:«اللّغة العربيّة محظوظة جدّاً بوجود هذه الصّيغ الصّرفيّة، لأنّ هذه الصّيغ تصلح لأن تُستخدم أداة من أدوات الكشف عن الحدود بين الكلمات في السّياق، وتشكو معظم لغات العالم من عدم وجود مثل هذا الأساس الّذي يمكن به أن تحدّد الكلمات. والباحثون في لغات غير لغاتهم يعانون التّعب والمشقّة اللّذيْن يجدونهما في سبيل هذا التّحديد، فيعمدون إلى كلّ الوسائل الممكنة يستخدمونها في هذا الغرض، ويظهر القسر والعسف في استخدامها واضحيْن، فأمّا اتّخاذ الصّيغة الصّرفيّة أداة من أدوات خلق الحدود بين الكلمات في السّياق، فميزة للّغة العربيّة من كُبريات ميزاتها الّتي تُفاخر بها»(19).
إنّ ظاهرة التّوكيد بما هي كلمة ثانية في التّرتيب تفيد معنى التّأكيد. وكذلك التّابع إذا انفرد بذاته لا يفيد شيئا، كالقول لاغب دون شاغب، وضبّ دون خبّ. ويظلّ القسم المهيمن في هذا المجال هو ما اختلفت ألفاظه واتّفقت معانيه، ويسمّيه الأصوليون بالأشباه والنّظائر. وفي هذا المجال، ألّف حمزة بن الحسن الأصفهاني أربعمائة اسما للدّواهي، وتعدّدت أسماء الأسد، وكذلك أسماء السّيف، الّتي تزيد على أربعين ومائة اسما. وقد ساهم الرّماني، في هذا الإطار، برسالة كاملة أسماها«الألفاظ المترادفة المتقاربة المعنى»، وهو دليل على حيويّة هذه المسألة في مجال التّفكير اللّغوي وعلاقته بالتّفسير وقضاياه. وقد تضمّن «المزهر» للسّيوطي ذكرا للفيروزآبادي الّذي ألّف كتابا أسند إليه عنوانا دالّا يتمثّل في «الرّوض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف»(20)، وقد أدلى ابن فارس وأبو هلال العسكري والجرجاني بدِلائهم في هذه المسألة. إنّ هذه الظّاهرة تدلّ، بما لا يدعو مجالا للشّكّ، على رغبة في الاتّساع في الكلام، إذ لا ترى الثّقافة التّقليديّة حرجا في اعتماد الألفاظ العديدة الدّالة على المعنى الواحد، ولربّما رأوها ظاهرة إيجابيّة تنمّ عن ثراء المعجم اللّغوي. وفي هذا المجال يتنزّل قول قطرب «إنّما أوقعت العرب اللّفظتيْن على المعنى الواحد، ليدلّوا على اتّساعهم في الكلام، كما زاحفوا في أجزاء الشّعر ليدلّوا على أنّ الكلام واسع عندهم، وأنّ مذاهبه لا تضيق عليهم عند الخطاب والإطالة والإطناب»(21). 
ولمّا كانت مسألة التّرادف مسألة خلافيّة بين علماء اللّغة، فقد ذهب بعض الدّارسين إلى اعتبار أنّ أبا علي الفارسي من منكري التّرادف، وإن تصدّى إلى ذلك تلميذه ابن جنّي. فقد  رُوي عن أبي علي لمّا كان في مجلس سيف الدّولة بحلب أنّ ابن خالويه قال: «أحفظ للسّيف خمسين اسما»، فقال أبو علي: «إنّه لا يحفظ له إلاّ اسما واحدا وهو السّيف». فردّ ابن خالويه: «فأين المهنّد والصّارم وكذا وكذا؟»، فقال أبو علي: «هذه صفات». فاعتُبر من ذلك أنّه لا يفرّق بين الاسم والصّفة(22). وما من شكّ في أنّ إثبات الصّفات لا يتعارض مع القول بالتّرادف، فالأصل في الأشياء أن يسمّى الشّيء بالاسم الواحد المفرد، ثمّ يُنعت هذا الشّيء بنعوت عديدة ومختلفة باختلاف خصائصه ونعوته، وإذا بتلك الصّفات أو تلك النّعوت تحلّ محلّ اسم هذا الشّيء في يوم ما، ويُنسى الاستعمال في أصل التّسميّة، ولربّما تناساه المتحدّث باللّغة. وقد ارتأى ابن جنّي أنّ هذا الجانب حسنٌ في اللّغة كثير المنفعة وقويّ الدّلالة على شرف هذه اللّغة، فاتّضح، حينئذ، أنّ للمعنى الواحد أسماء كثيرة، فلكلّ اسم منها أصل. وهذا المعنى يفضي إلى المعنى المجاور والمصاحب(23). وقد أحصى ابن سيده في كتابه المخصّص مئات المترادفات، وأوصلها الفيروزآبادي إلى ألوف. وهكذا يتّضح أنّ الكلمات المترادفة في أصل الاستعمال تدور حول معنى واحد، لكن فيما بينها فروق عند التّدقيق في أصل الاستعمال(24). وبصفة إجماليّة، يمكن إرجاع المترادفات إلى نوعين أساسيين: ألفاظ متواردة وهي الواقعة على ذات واحدة، وألفاظ مترادفة: وهي الّتي يتقارب معناها، وهو ما يسمّى بالمعنى العام. وقد دقّق ابن الأعرابي المسألة، حين اعتبر أنّ: «كلّ حرفين أوقعتهما العرب على معنى واحد، في كلّ واحد منها معنى ليس في صاحبه، ربّما عرفناه، وربّما غمض علينا، فلم نلزم العرب جهله»(25)وقد تقصّى البعض علاقة اللّفظ بدلالته كالبحث عن سرّ تسمية مكّة بمكّة والبصرة بالبصرة، والكوفة بالكوفة، والرّجل بالرّجل والمرأة بالمرأة، وقد يعوزُ الدّارسَ التّدليلُ على الرّابط المعنويّ في كلّ ذلك. إلاّ أنّ بعض اللّغويين يرجع الأمر إلى حكمة العرب، الّتي لم تصل إلى المتأخّرين. والملاحظ هو إسراف هذه النّظرة في بيان الفروق بين المترادفات، حتى يظنّ المرء أنّ الألفاظ المتقاربة في المعنى من شدّة تعلّقها بأصل اشتقاقها، تبدو وكأنّها متباينة. ومثال ذلك الاحتجاج بكون الإنسان من النّسيان والبشر من البَشَرة.
وظاهرة التّرادف، تجد لها، أيضا، مبرّرا في تقارب الصّيغ الصّرفيّة وما يتعلّق بعلم الأصوات وعلم وظائف الأصوات. فالمخارج المتجاورة تضطلع بدور التّقريب بين المفردتيْن كتقارب صوت الهاء والهمزة على سبيل المثال، وإن اختلفت الصّفات، إذ يميل المتكلّم إلى الرّخو بدل الصّوت الشّديد، وقد يتمّ التّصحيف والقلب كجبذ وجذب، أو سباسب وبسابس، أو صعق بدل صقع. ونفص بدلا من نصف وزراط  بدلا من صراط وكمل بدلا من جمل... وغير ذلك كثير. وما من شكّ في أنّ هذا القلب لا يحيل على معنى التّرادف بالمعنى الدّقيق، وإنّما يحيل على ظاهرة التّصحيف والقلب بمفعول الجوار الصّوتي.
وقد يقوم المجاز بتوسيع المعنى، فالدّفن، على سبيل المثال، في أصله يُستعمل للميّت ثمّ طال استعماله دفن السّرّ، وكذلك لفظة وغى إنّما تُطلق، في الأصل، على الأصوات المتعالية في الحرب، وتمحّضت للدّلالة على الحرب ذاتها. وقد يخصّص الاستعمال معنى عامّا كان مستفادا من كلمة، كالهلاك، الّذي يُطلق في الأصل، على كلّ أنواع البُعد، فأصبح يطلق على الفناء فقط(26). وقد يتّسع المعنى انطلاقا من الاشتقاق المتولّد من الأصل كاعتبار الرّحمة من الرّحم، وليس خافيا وجود البعد المجازي في اعتبار علاقة المحلّيّة بين الرّحم وما تولّد عنه من محبّة ووئام، وقد يضيف الجواز معنى إضافيّا فالحلس هو الرّداء أو البرذعة على ظهر الفرس، في أصل الاستعمال اللّغوي، ومن شدّة التصاق الفارس به أُطلق اللّفظ على الفارس ذاته. وقد يذهب استمرار الاستعمال بالفوارق بين اللّفظتيْن كالريّب والشّكّ، في حين أنّ الرّيب يعني الاضطراب والغليان، والشّكّ يعني التوقّف بين طرفيْ القضيّة نفيا وإثباتا(27). وجليّ أنّ فعل التّرادف والتّقارب بين الألفاظ باد في الطّرق التّالية: تخصيص العامّ، وتعميم الخاصّ، واعتماد مقتضيات المجاز المرسل وعلاقاته.
ولعلّ ما يحسب للأطروحة القائلة بالتّرادف، أنّها تزوّد المستعمل للّغة بمعجم ثريّ وزاد واسع وبألفاظ عديدة في المعنى الواحد. وبذلك تتّسع دوائر الاختيار والانتقاء بما يناسب مقام القول ويلائمه، حرصا على دقّة التّعبير وجمال الأداء. وقد تتّسع دوائر القول بالتّرادف لتطال مستوى التّراكيب، إن كانت اسميّة مثل: هو في غرّة شبابه، أو هو في شرخ شبابه، أو فعليّة مثل: لمّ شعثه، أو أصلح ثأوه، أو هانني وأشجاني، أو أسهب وأطنب(28).  وعموما، فإنَّ التّرادف يظلّ ثاويا في اختلاف الألفاظ والاتّفاق في المعاني أو التّقارب فيها. وقد عبّر عنه قدامة بن جعفر في قوله: «والإرداف يُراد به الدّلالة على المعنى فلا يُؤتى باللّفظ الخاصّ بالدّلالة على ذلك المعنى بنفسه، بل هو ردفه وتابع له ضرورة، ليكون في ذكر التّابع دلالة على المتبوع»(29).
الهوامش
(1) ابن جنّيّ، الخصائص، ج 2، تحقيق محمّد عليّ النّجار، دار الهدى للطّباعة والنّشر، بيروت، ط2،  ص113.
(2) أبو الحسن علي بن عيسى الرّمّاني، الجامع لعلم القرآن، تحقيق خضر محمد نبها، تقديم رضوان السيد، ص 175، وص458.
(3) نفسه، ص144.
(4) نفسه،ص232.
(5) نفسه،ص137.
(6) نفسه،ص148.
(7) نفسه،ص196.
(8) جلال الدّين السّيوطي، المزهر في علوم اللّغة وأنواعها، ج1، النّوع العشرون معرفة الألفاظ الإسلاميّة، القاهرة، سنة1986، ص368.
(9) ابن منظور، لسان العرب، مج9، دار إحياء التّراث العربي، بيروت، لبنان، د ت، مادّة ردف، ص ص 114،117.
(10) يمكن العودة في هذا الصّدد إلى سيبويه، الكتاب، ج1، تحقيق وشرح عبد السّلام هارون، دار الجيل بيروت، ط1، سنة1991، وبالتّحديد باب اللّفظ للمعاني، ص24. ومحمد خضر، فقه اللّغة، مكتبة الملك فهد، السّعوديّة، ط1، سنة1981، ص289.
(11) الرّمّاني، الألفاظ المترادفة المتقاربة المعنى، ص42.
(12) انظر الرّماني، م ن، ص 10.
(13) عبد الحميد أحمد يوسف هنداوي، الإعجاز الصّرفيّ في القرآن الكريم: دراسة نظريّة تطبيقيّة التّوظيف البلاغيّ لصيغة الكلمة، المكتبة العصريّة، صيدا، بيروت، ط1، سنة2001، ص9.
(14) محمد رشاد الحمزاوي، المعجم العربي: إشكالات ومقاربات، بيت الحكمة، تونس، ط1، سنة1991، وبالتّحديد منزلة بعض عناصر المعجم العربي الجديد من الدراسات العربية الحديثة، ص186.
(15) علي الجارم، التّرادف، مجّلة مجمع اللّغة العربية، ج1، القاهرة، سنة1948، ص314.
(16) الفارابي، الحروف، تحقيق محسن مهدي، دار المشرق، بيروت، سنة1970، ص14.
(17) V. Synonymit , Mates, in Semantics and Philosophy of language, Linskey,U.S.A,1952, ed. L, p113     
(18) تحسن العودة في هذا الأمر إلىأحمد مختار عمر، البحث اللّغوي عند الهنود وأثره على اللّغويّين العرب، دار الثّقافة، بيروت، لبنان، سنة1972، وبالتّحديد الفصل التّاسع: علم الدّلالة، وبالتحديد الباب الثالث: تعدد المعنى ومشكلاته وضمنه الفصل الثالث الخاص بالتّرادف، العنصر الثّاني: مفهوم التّرادف الكامل، ص ص  223،224.
(19) تمّام حسّان، مناهج البحث في اللّغة، مكتبة الأنجلو المصريّة،  ط1، 1995، ص 176.
(20) السّيوطي، المزهر، ج1،  م س، ص 407.
(21) السّيوطي، المزهر،  ج1، م س، ص ص 400،401 
(22)  انظر، السّيوطي، المزهر،  ج ن، م ن، ص 405.
(23) انظر ابن جنّي،  الخصائص، ج1،  م س، ص 113.
(24) فتح الله صالح عليّ المصريّ، مقدّمة تحقيق كتاب الرّمّاني ، الألفاظ المترادفة المتقاربة المعنى، م س، ص 18.
(25) أحمد بن فارس، الصّاحبي، المكتبة السّلفيّة، مطبعة المؤيّد، ط1، سنة 1328 هـ- 1910م، ص 65.
(26) هلك في لسان العرب تعني مات وباد، انظر ابن منظور، لسان العرب، مج 10، م س، ص ص 503،508. والجدير بالملاحظة هو أنّ القرآن يفرّق بين الهلاك والموت، إذ الهلاك فناء ليس بعده حياة لأنّه مرتبط بظلم القرى واستبدادها، وأمّا الموت فيمثّل مرحلة انتقاليّة تتلوها حياة أخرى.
(27) انظر محمد خضر، فقه اللّغة، مكتبة الملك فهد، السّعوديّة، ط1، سنة1981، ص ص 292،293.
(28) الرّمّاني، الألفاظ المترادفة المتقاربة المعنى، م س، ص ص 64، 72، 74.
(29) قدامة بن جعفر، جواهر الألفاظ، تحقيق محمّد محي الدّين عبد الحميد، دار الكتب العلميّة، بيروت، 1985، وبالتحديد مقدّمة المؤلّف، ص7.