باختصار
بقلم |
د.علي مدني رضوان الخطيب |
واسجد واقترب |
أنظر إلى قوم يسجدون، راقبهم عن كثب، سترى أنّهم في أجمل الصّور وأبهاها لأنّها صورة متّحدة منتظمة، تنسجم مع الكائنات كلّها، فتشعرك أنّ الكون كلّه يتّجه لخالق واحد وفي ذلك راحة للجميع: ﴿ ... أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾(يوسف: 39) و ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾(الزمر: 29)
يسجد الهدهد للّه يشكره على الحبّ الذي يخرج له من الأرض وينفطر قلبه أنّ أحداً يسجد لغير اللّه ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ* اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾(النمل: 25-26) ؟!
وأنبيـاؤه – وهم صفوة خلقـه – لم يجدوا ما يحقّق شكر النّعمة إلاّ أن يسجدوا للّه:﴿ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾(مريم: 58) و﴿ ... فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ﴾(ص: 24).
السّجود مادّة أساسيّة في حياة المسلم اليوميّة، وآه لو ضممت إلى سجودك العلم والتّدبّر والتّسبيح والبكاء، تستنبت بها أغصان الخشوع، ويبقى سجودك وحده معلماً بارزاً وشارة مضيئة تُعرف بها مع المؤمنين يوم القيامة.
السّجود هو آخر ورقة لإخراج من في النّار، إذ يبعث اللّه تعالى الملائكة أن يخرجوا أهل السّجود من النّار ﴿ ...وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ﴾(سورة القلم: 43).
فهل تبدّد الأمل في النّجاة أو تضيـع الفرصـة وقد أقبلت؟
فهيّا نشدّ الحبال المرخاة ونصل من بوابة القلـب إلى بــاب الملك ﴿...وَاسْجُـدْ وَاقْتَرِب ﴾( العلق: 19)
|