تمتمات
بقلم |
![]() |
م.رفيق الشاهد |
غزة من جديد |
«إذا الشّعب يوما أراد الحياة *** فلا بدّ أن يستجيب القدر»(1).
لكلّ فرد عقيدة وضمير، وبعضهم يلتقون حول أهداف مشتركة تجمعهم على اختلاف مللهم وتشعّب مذاهبهم على قلب رجل واحد. هكذا اليهود والنّصارى، لن ترضى حتّى نتّبع ملّتهم. وهكذا المسلمون لا في صدّهم لهذه الرّغبة فقط، بل في نشر تعاليم الإسلام واتساع رقعته. وهكذا الشّعوب باختلاف دياناتهم وعقائدهم تلتقي حول أهداف بعيدة المدى تعزّز ميزان القوى النّاعمة والخشنة، لتتصدّر الأممّ وتخضعها لسلطانها، فتقودها لما يزيدها تحصينا وقوّة.
الحرب في الأخير خيار لابدّ منه لإثبات الذّات والقدرة على الصّمود من أجل القضيّة العادلة. ولا تُحسب نتائجها بالخسائر البشريّة ولا المادّية، بل الغلبة لمن صمد أكثر وللأكثر قدرة على التّحمل. أمّا النّصر فلمن حافظ على رايته مرفوعة ثابتة ثبات الحقّ في وجه العدوّ وأمام راية الباطل وإن لم تخفتْ وبقيت هي أيضا مرفوعة ترفرف على فوهات المدافع والمدرّعات.
حكم علينا وهذا قدرنا، أن نواجه عدوّا غاصبا رفع رايته الباهتة في أرض فلسطين وفي غزّة بالذّات، حيث استبيحت القيم الإنسانيّة لا في شخص الفلسطيني الغزّاوي وحده، بل في وجه كلّ العرب والمسلمين، بل البشريّة جمعاء. لهذا لن تسقط راية القدس وإن حملها الشّخص الأخير جذوة الأمّة التي لا تنطفئ.
الحياة حرب بقاء نخوضها كلّ يوم فرادى وجماعات ضدّ القوى الدّافعة إلى الموت. ولا يعي هذه الحياة إلاّ من بلغ سنّ الرّشد لإدراك كيانه ووجوده وسبب هذا الوجود وغايته.
والحرب قدرنا اليوم وغدا، نخوضها بكرامة تشرّف إنسانيتنا. فلا بدّ من الإعداد لها برباط القوّة بكلّ أنواعها تثْبِت وتثبّت وجودنا. ها قد دُمّرت غزّة، وقُدّر حجم الدّمار بالهائل في كامل القطاع وفي جميع المجالات الحيويّة. وها هي تكرّم شهداءها اليوم من كثرتهم لم يستكمل تعدادهم بعد، ولكنّني أرى بعين الفخر والاعتزاز همّة الغزّاويين الذين نهضوا من الأنقاض ينفضون عن أجسادهم المنهكة غبار الحرب قبل إعلان وقفها، واثقي العزم على إعادة البناء والتّعمير، ولا يزيدهم إلّا عزّة وكرامة.
غزّة باقية ببقاء جذوة المقاومة المشروعة مشتعلة، وتحرير القدس قضيّة شعب أراد ويريد الحياة وآمن ألّن يخذله القدر.
الهوامش
(1) أو القاسم الشابّي - ديوان أغاني الحياة، قصيدة إرادة الحياة
|