حديقة الشعراء

بقلم
رشيد سوسان
مَعبر رَفَح وَلا فَرح
 1 - يا وَيلَنا
سمَّوهُ سَهواً مَعبَراً... 
يا لَيتَـهُم سَمّوهُ بَرزَخاً: 
يصُدُّ النّاسَ عَن دِيارهِم، 
ويَلفِظُ الرِّجالَ 
خارجَ البُيوتِ لا يُبالي، 
يَطرُد النّساءَ والشُّيوخَ
والأَطفالَ دونَ رَحمةٍ، 
وَالعُربُ يَنظرون صَرعى كالدُّمى، 
«لا سَمحَ القَهّارُ»، لا يُحرِّكونَ مِعْولاً، 
لا يُرْسِلون كَفَناً. 
سُحقاً لهُ مِن مَعبَرٍ، 
بِلا اعْتِبارٍ يُبعِدُ الصِّغارَ عَن أَلعابِهِم،
وعَن تُرابِهم، وعَن أَبوابِهِم، 
وعَن زُقاقِهمْ، وَعَن دُماهُمْ... 
تَبّاً لهُ مِن مَعبرٍ، 
يُجرِّدُ الفَلّاحَ مِن حُقولهِ،
 زُروعِهِ، أَغنامِهِ، مُروجِهِ، 
ومائهِ، وأَرضِهِ، سَمائهِ... 
بُؤسى لهُ مِن مَعْبرٍ، 
يَحرِمُ ذا الْغَزِّيَّ مِنْ زَيتونِهِ وَخُبزهِ،
نَخيلِهِ، رُمّانهِ، عُهودهِ، تاريخِهِ، 
يُقصي الهَوى القُدْسِيَّ، جَهراً، 
مِن هَوى الإِسْراءِ، مِن
 إِشراقَةِ الـمِعراجِ، مِن 
حَضارةِ الخَليلِ، مِن أَريجِ قُدسِنا... 
يا وَيلَنا وَقَد أَضَلَّنا، 
عَلى وَقْعِ القُعودِ والتَّولّي،
وَصَدى الخِذْلانِ والتَّخلُّفِ المَقيتِ، 
سامِريُّ هذا العَصرِ في الظَّلامْ... 
يا وَيلَنا... يا وَيحَنا، 
ماذا تُرى خَطّتهُ أَيْدينا 
مِنَ الحَصادِ في الكِتابْ؟
وما الذي، بالفِعل، أعددناهُ 
لِلسُّؤالِ مِن جَوابْ؟
2 - عذراً جُنودَ القدس عذرا
لِغزَّةَ رَحْمَةُ الجَبّارِ تَحْميها
مَعابِرُها إلى الأَقصى، 
إلى التّحريرِ تُدْنيها.
مَعابِر غَزّةٍ، بِالرّوح 
جُندُ اللهِ يَغشاها.
جُنودُ اللهِ ما ضَعُفوا، وما هابوا...
ولَكِنّا خَذَلناهُم، 
وَعَن بُعدٍ قَتلناهُم، 
وَتِلكَ أَخسُّ أَصنافٍ 
مِن البَلوى، أذَقناهُم لَظاها،
دونَما خَجَلٍ ولا مَدَدِ.
فلا مَنٌّ وَلا سَلوى، 
ولا فَرحٌ يُحلِّقُ في سماءِ
قُلوبِ أَيتامٍ وأَطفالٍ، 
ولا أمَلٌ يَبثُّ الرّوحَ 
في الآباءِ والأحْفادِ، 
يُحيـي قَلبَ أمٍّ تَرتَجي فرَجاً،
وفي يَدِها مَفاتيحٌ وأَزهارٌ،
تُخبِّئُها لِيومِ العَودةِ الكُبْـرى.
فَعُذراً يا جُنودَ القُدس عُذراً، 
نَحنُ قَد تِهْنا، وَلَمْ نُسرِجْ، 
وَلوْ فَرَضاً، مَطاياكُم...
نَهاراً: قَد أَضَعناكُم، وبِعْناكُم. 
ولَيلاً: قَد قَتلناكُم، نَفيناكُم. 
وفي رَفَحٍ، قَطعْنا حَبلَ هَبَّتِكُم، 
قَطعْنا وِدَّ رايَتِكُم. 
طَرَدْنا النّورَ والزَّيتونَ 
مِن مَسْرى بَساتِنِكُم.
فيا أُسْدَ القِطاع دَعوا 
دَعاوانا بِجانبِكُم.
طَؤوا بِنِعالِكُم، عَلناً، وُجوهاً
 لا تُراعي، في مَساعيها، مَراميكُم.
طَؤوا، فَخراً، خُدوداً، في «العُروبةِ 
والعقيدةِ»، لا تُواسيكُم. 
وَذي نَبضاتُنا وقِلاعُنا، تَبكي 
بمَلجَإِ جُبنِها، خوفاً، 
وَلَم تَغضَبْ، لِـما شَهِدتهُ، 
دَهراً، مِن مَآسيكُم.
وبَحرُ كتابِكُم يَصْفو، 
يُسطِّرُ مَجدَ أَيديكُم.
 ويَسْمو ثمّ يسْمو، لا تُكدِّره، 
بِلَونِ الخُلفِ، أَيدينا.
دَعونا نَحن نَحملْ 
ثِقلَ ما اقْتَرفتْ أيادينا.
وَعيشوا، في غِنىً عنّا، 
بِما كسَبَت أَياديكُم.
«نُناديكُم... نَشدُّ على أياديكم».