باختصار
بقلم |
![]() |
عبدالقادر رالة |
ابن الأثير والمغول |
يُعتبر ابن الأثير الذي عاش في الفترة الممتدة بين 1160م و1232م من أهمّ المؤرّخين المسلمين في العصور الوسطى، وكتابه الكامل في التّاريخ من أهمّ كتب التاريخ وأنفعها.
رغم أنّ ابن الأثير، تُوفّي قبل سقوط بغداد سنة 1258م من طرف المغول بحوالي ثلاثين سنة ! المغول الذين أحرقوا بغداد وقتلوا الخليفة، ثمّ ساروا نحو الشّام ناشرين الرّعب والدّمار والخراب في كلّ مكان وصلت إليه خيولهم!.. إلاّ أنّ ما كتبه عنهم في كتابه الكامل في التّاريخ، يُعتبر من أعنف وأشدّ ما كُتب عن الغزو المغولي لأسيا الوسطى وفارس وخراسان! حتّى أنّ المؤرّخ ابن الأثير رأى في الكتابة عن الهجمة المغوليّة، مجرّد الكتابة فيها رعب وألم !..
كتب يقول :«لقد بقيت عدّة سنين معرضا عن ذكر هذه الكارثة استعظاما لها كارهاً لذكرها، فأنا أقدم إليه رجلاً، وأؤخّر أخرى، فمن ذا الذي يسهلُ عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين؟ ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟فيا ليت أمّي لم تلدني ويا ليتني متّ قبل حدوثها وكنت نسيا منسيّا. إلى أن حثني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها وأنا مُتوقّف، ثُم رأيتُ أن ترك ذلك لا يُجدي نفعاً»(1).
وكتب أيضا واصفا هول الهجمة المغوليّة بأسلوب المقارنة:«فإنّ التّواريخ لم تتضمّن ما يقاربها ولا ما يدانيها، ومن أعظم ما يذكرون من الحوادث ما فعله بختنصر ببني إسرائيل من القتل، وما بنو إسرائيل بالنّسبة إلى من قتلوا ؟( أثناء الاجتياح المغولي )(2).
ما سطره ابن الأثير، واضح وجلّي، يعكس ألما وحسرة ـ ويُعبر
عن رعب من مصاب العالم الإسلامي الجلل بسبب الغزوّ المغولي ! وتُوفي المؤرّخ الكبير ، وسقطت بغداد مدينة السّلام ، وأحرقت دمشق وحلب و...
لكنّ الإسلام الذي خاف المُؤرخ أن ينعاه بقى صامداً واستمر مقاوماً وانتصر على المغول وغير المغول!...
الهوامش
(1) و(2) هجمات مضادة في التاريخ الإسلامي، عماد الدين خليل، ص 10
(1) و(2) هجمات مضادة في التاريخ الإسلامي، عماد الدين خليل، ص 10 |