شخصيات الإصلاح

بقلم
التحرير الإصلاح
د.غازي التّوبة
 كاتب ومفكر إسلامي، عضو في هيئة علماء فلسطين في الخارج والمجلس الإسلامي السّوري، ورئيس رابطة العلماء السّوريين،  يكتب في قضايا الحرّية والثّورة ونظام الحكم، وله عدة مؤلفات في الفكر الإسلامي ونقد التّجارب الإسلامية.وهو المشرف العام على موقع منبر الأمّة الإسلاميّة للدّراسات والبحوث(1). 
ولد د.غازي التوبة في 15 ماي 1939 بدمشق (سوريا) ونشأ في صفورية (2) في فلسطين، في عائلة مهجّرة، واع بالقضايا، حامل للهمّ منذ الصّغر، فهو الابن الأكبر للشّيخ القائد القسّامي أحمد التوبة «أبو غازي» الذي شارك في حركة عز الدّين القسّام وفي ثورة الأعوام 1936-1939، وينسب إليه اغتيال الجنرال (أندروز) الحاكم البريطاني للواء الجليل عام 1937م، وله ثلاثة إخوة، وثلاث أخوات. تزوج عام 1962م، وله ستة أولاد (أربعة ذكور وبنتان).
بدأ دراسته الابتدائية في فلسطين، ثمّ لجأ في حرب عام 1948 مع أسرته إلى سوريّة، وحصل على الشّهادة الابتدائية من المدرسة الخيرية في حمص عام 1950م وحصل على الشّهادة الإعدادية (1954م) ثمّ الثّانويّة (1957م) من ثانويّة خالد بن الوليد في حمص، ثمّ حصل على الإجازة من جامعة دمشق (1963م)، والماجستير من الجامعة اللبنانية في لبنان (1975م)، والدّكتوراه حول «تطور العقيدة الأشعريّة» من جامعة العالم الأمريكيّة في الولايات المتّحدة الأميركيّة. 
يعتبر الدكتور غازي التّوبة من المفكّرين الإسلاميّين القلائل الذين كان لهم جهد كبير وباع طويل في تحصين الفكر وبناء الوعي في هذه الأمّة في عصرنا هذا، حيث عمل في الحقلين الدّعوي والتّعليمي في عدد من البلدان العربيّة والإسلاميّة والأجنبيّة، ودرّس علوم اللّغة العربيّة، والدّراسات الإسلاميّة، والعقيدة الإسلاميّة في العديد من الجامعات.
تتمحور رؤى د.غازي التّوبة وأطروحاته حول ضرورة التّمسك بالإسلام كشرط لوحدة الأمّة ونهضتها واستمرار وجودها. وفي هذا يقول : «إنَّ الأمة استمرت في وجودها وكيانها لأنّها لبّت الفطرة، واتبعت ملّة إبراهيم.. لذلك فهي لم تعرف أزمات الوجود التي عصفت بالأمم الأخرى.. بل عرفت أمراض الوجود التي كانت تخالفها بين وقت وآخر»(3).. وفي المقابل، يتّهم التّوبة الفكر القومي العربي باستنزاف طاقات الأمّة وجهودها، والفشل في تحقيق الوحدة، وبناء مجتمع صناعي مكتف غذائيّا ومتحرّر من التّبعيّة للاستعمار. فقد كان القرن العشرين حسب الدكتور غازي «قرن القوميّة العربيّة، فقد حكمت أيديولوجيا القوميّة العربيّة معظم دول العالم العربي لكن لم تقم نهضة، بل قامت -على العكس من ذلك- نظم استبداديّة روّعت الشّعوب بأجهزتها الاستخباراتيّة»(4).
يحمّل التّوبة الفكر القومي العربي مسؤولية فشل الأمّة خاصّة في مواجهة إسرائيل في حروب عدّة، ويرى أنّ أساس فشل هذا الفكر هو أنّه لم ينطلق من الذّات، وأغفل دور الدّين في بناء الأمّة ونشأتها. ويتّهمها بتدمير الرّوابط القديمة التي أنشأها الدّين الإسلامي، وعجزت عن إنشاء روابط جديدة على مستوى الأمّة وتحقيق مفهوم المواطنة، ولجأت في المقابل إلى إحياء روابط طائفيّة أو عشائريّة من أجل ضمان سيطرتها على شعوب المنطقة.
يرفض التّوبة بشكل صريح إمكانيّة فصل الشّأن السّياسي عن الدّيني، إذ يشدّد على أنّ الإسلام منهج ديني ودنيوي متكامل. ويرى أن هناك حركات سياسيّة إسلامية تخلّت عن النّهج الإسلامي عندما قبلت بفصل الشّأن السّياسي عن الدّيني.
وفي نقده للدّيمقراطيّة يقول:«عند تفكيك مصطلح الدّيمقراطيّة نجد أن الدّيمقراطيّة تقوم على محورين: مبادئ وآليّات. الآليّات مقبولة، أمّا المبادئ فهي تتعارض تعارضًا كاملًا مع ديننا الإسلامي؛ لأنّها تصطدم مع نصوص قطعيّة الثّبوت قطعيّة الدّلالة»(5).
في الشأن الفلسطيني، يركّز التّوبة على أنّ القضيّة الفلسطينيّة قضيّة عربيّة وإسلاميّة ولا تخصّ الشّعب الفلسطيني وحده.
ويحمل الزّعيم الفلسطيني الرّاحل ياسر عرفات تراجع الاهتمام العربي بفلسطين، إذ يقول إنّه جاء إلى السّاحة السّياسيّة في فترة كانت كلّ التّيارات القوميّة والإسلاميّة تعتبر فلسطين قضيّتها الأولى، لكنّه (عرفات) عمل على ترسيخ كونها قضيّة تخصّ الشّعب الفلسطيني وحده.
ومن جهة أخرى يتهم إيران باستغلال القضيّة الفلسطينيّة لتلميع صورتها داخل العالم الإسلامي ممّا يخدم «تمدّد مشروعها الشّيعي».
ألّف الدّكتور التّوبة كتبا عديدة في الفكر والسّياسة والدّعوة منها: «الفكر الإسلامي المعاصر، دراسة وتقويم (1969)» و«في مجال العقيدة: نقد وعرض(1976)» و«جذور أزمة المسلم المعاصر: الجانب النفسي(1994)» و«الجماعة في الإسلام: المشروعية والإطار(1995)» و« التغيير في العالم الإسلامي: أزمة موضوعية أم ذاتية؟(1996)» و«أبو الأعلى المودودي، فكره ومنهجه في التغيير: دراسة وتقويم(1996)» و«الأمة الإسلامية بين القرآن والتاريخ: دراسة وتحليل،(1999)» و«إشكالية النهضة بين الفكر القومي العربي والصحوة الإسلامية(2003)» و«النفس المسلمة: صور من بنائها وأحوالها(2005)» و«القضية الفلسطينية: الواقع والآفاق(2005)» و«لماذا سقطت الخلافة العثمانية؟: قراءة في عوامل ضعف الأمة(2008)» و«صفورية والمجاهد والفتى(2011)»و«رؤى وآراء معاصرة: دراسة نقدية(2012)»و«قراءات في شؤون الإسلام والأمة والحضارة: رؤية نقدية،(2015)»و«نظرات في الربيع العربي والثورة السورية(2017)»و«آراء الدكتور سعد الدين العثماني في السنَّة والحُكم.. تحليل وتقويم(2019)».
الهوامش
(1) للاطلاع على الموقع : https://www.al-ommah.com
(2) صفورية بلدة فلسطينيّة مُهجرة في قضاء النّاصرة، ومن أكبر بلدات الجليل. تبعد عن مدينة النّاصرة 6 كم شمالا. وقد أنشئت على تلّ يبلغ ارتفاعه حوالي 110 م. تمتاز بخصبة أراضيها، وقد اعتمد سكانها على الزّراعة وتربية المواشي. وكان في القرية العديد من الآبار والينابيع، وأبرزها «القسطل» المتواجد في مدخلها، والذي كان يروي البساتين المحيطة به.
(3) https://www.facebook.com/ghazialtawbah/?locale=ar_AR
(4) للاطلاع: ماذا-جنى-الفكر-القومي-العربي-على-الأمة/20/4/https://www.aljazeera.net/opinions/2017
(5) للاطلاع: د-غازي-التوبة-يكتب-الدين-والسياسة-تم/https://alomah.net