من عمق المجتمع

بقلم
د.أشواق طالبي المصفار
ظاهرة التّصفيح بين سلطة التّقاليد وحرّية الجسد (1-2)
 -1 في تعريف التّصفيح
الحقل المعجمي والدلّالي للتّصفيح حقل متشعّب، فهو في الأصل يشير إلى الخيل التي يقع تصفيحها، فالكلمة تستعمل عادة لتصفيح الدّواب كالحصان بتركيب صفائح من حديد في أسفل الحافر لمنع الاحتكاك المباشر بالأرض حتّى لا يلحق الضّرر بالحافر.                                             
تمّ اقتباس كلمة التّصفيح من هذا الحقل المعجمي لتستخدم في الحقل الرّمزي لتعبّر عن ممارسة طقوسيّة سحريّة تتوسّل بها فئات اجتماعيّة معيّنة للحفاظ على عذريّة الفتاة رمزيّا عبر تصفيحها ومنع اختراقها من قبل الذّكر. فالبعد الرّمزي للتّصفيح هو الحماية من الأضرار والتّلف. 
هذه الظّاهرة تعتبر نوعا من السّحر؛ لأنّ السّحر كما يذكر «مارسيل موس» يتكوّن من معتقدات وممارسات مشتركة، وهو نظام استقراءات مسبقة يتمّ التّوصّل إليها تحت ضغط الحاجة. فالتّصفيح ممارسة جبريّة على جسد المرأة كما يذكر «دوركايم» توحي بالامتثال الاجتماعي للعادات و تقديسها، فالإنسان حيوان صانع العادات كما يقول «باخوت»، فهناك قوّة خفيّة تدفعه إلى محاكاة الأسلاف وممارسة الطّقوس طواعيّا وعن قناعة حتّى تصبح بمثابة الدّستور فـ «العلاقات التي تتأسّس بين الأشخاص والأشياء ترتهن إلى قواعد مقيّدة» كما يذكر «جوفمان».  
أمّا أصل هذه الممارسة، فيبقى غامضا وقد أرجع الباحث التّونسي عبد الرّزاق القلسي مثل هذه الممارسات إلى الطّب الرّعواني الذّي تعود جذوره إلى ثقافة شعبيّة وافدة من الحضارات القديمة، يقول: «يبدو لنا هذا المكوّن السّحري قد نبع من تأثير بعض الأطياف والأعراق في تونس وفي المغرب العربي على بعض الأعراق الأخرى، ما سمح بدخول عقائد هي في الأصل عقائد وثنيّة وافدة من الرّوحانيّات الإفريقيّة، أو من الأديان القديمة ووجدت مستقرّا لها في الطّبّ الشّعبي الذي يمارس خاصّة في المناطق الشّعبية، أو في  المناطق الجبليّة، أو تلك التي تكون متاخمة للصّحراء، بل ووجدناه – في بعض الأحيان – في «المدن الرّاقية»(1) كما يبدو أنّ «الرّوحانيّات الهنديّة قد غذّت هذا المجال بالكثير من تصوّراتها وطلاسمها»(2).
عموما، التّصفيح عمليّة تقنيّة يتداخل فيها السّحر مع المعتقدات الشّعبيّة(3)،  مع شعائر قديمة يصعب تحديد أصولها ومنابتها، وهو - في العرف الشّعبي دوما - يضمن عذريّة المرأة ويجعل من الإيلاج قبل الزّواج (و قبل فكّه) أمرا مستحيلا.
إنّ العذريّة والحفاظ عليها هاجس كلّ المجتمعات المدنيّة والبدويّة على حدّ سواء، ولكن ما يميّز هذه عن تلك هي الوسائل والتّقنيات، وليس المبدأ في حدّ ذاته الذي يظلّ فاعلا بقوّة في المتخيّل الفردي والجماعي، في الواقع وفي الوعي منذ الطّفولة. في هذه المجتمعات، تفهم البنت، وهي لا تزال طفلة بأنّ ذاتها كأنثى وكإنسان يعتمد على سلامة غشاء بكارتها الذي هو غشاء هشّ وبالغ القوّة في الآن ذاته. وهكذا يمثّل التّصفيح ضمان لعذريّة البنت، تكمن وظيفته في تقييد الحراك الجنسي لها والتّحكم في اندفاعاتها الجنسيّة خاصّة في الفترات التي تعقب الطّمث، وهو أيضا يمنع أيّة عمليّة مباشرة جنسيّة قبل الزّواج. فهو تسييج واق لعذريّة البنت. 
تنتمي مفردات: التّصفيح، العذريّة، الزّفاف إلى شبكة واحدة من المفاهيم، وإلى متخيّل واحد ذي صلة بجسد الأنثى في أقوى مظاهر تجليه وانبثاقه، وفي علاقته بالجنسانيّة على وجه أخصّ. فهي تؤشّر إلى نمط من الوعي الشّعبي إزاء الجسد الأنثوي الذي يجب أن يظلّ تحت الرّقابة بكلّ الآليات الممكنة وبحسب نمط الانتماء إلى البيئة، ريفيّة أو حضريّة وإلى الطّبقة الاجتماعيّة.
2 - مراحل طقس التّصفيح:
إنّ الأمر العرفي في هذه الممارسة هو رمزيّة الكلمات في العمليّة وتأثيرها واقترانها بالنّية والاعتقاد فيه، ويمارس هذا السّحر من قبل بعض النّسوة المتخصّصات على جسد الفتاة قبل سنّ البلوغ لغلق العذريّة رمزيّا باستعمال أدوات وتمتمات تنطقها الفتاة إلى حين يوم الزّواج حيث تُعاد هذه الممارسة وتعاد صياغة تمتمات معاكسة من أجل التّمكين من الفتح. يتمّ هذا الطّقس السّحري بتتبّع مراحل منظّمة وبأدوات خاصّة، وتختلف طرق ممارسة التّصفيح لكنّها تتّفق حول نفس الهدف.
وأول ما يمكن ملاحظته في هذه الطّرائق المتّصلة بالتّصفيح، حضور محدّد ووظيفي لمهنة النّسج (تمتمات الخيط)؛لأنّ مهنة النّساجة تبدو «صندوقا لكلّ القوى السّحريّة في المتخيّل الشّعبي والسّحري»(4) وقد تحدّث «مالينوفسكي» في كتابه «حدائق الشّعاب المرجانيّة» ومن خلال نظريّة اتنوغرافيّة للغة السّحر لكونها تقوم على إعادة وضع العبارات السّحريّة (تعاويذ) في السّياقات العمليّة.فكيف ذلك؟
تختلف الأدوات الرمزية للتصفيح فمنها:
1-1  التّصفيح بالجروح: 
تقوم المرأة المختصّة في ظاهرة التّصفيح، وتكون قد توارثت هذا الفعل بالتّقليد، بهذا الطّلسم عبر إجراء سبعة جروح متوازية في ساق الفتاة (الرّكبة) ثمّ تتمتم ببعض التّعاويذ وتغمس حبّات الزّبيب في دم الجروح وتعطيها للفتاة لتأكلها، وتتكرّر هذه العمليّة سبع مرّات وفي كلّ مرّة تلفظ الفتاة : «أنا حيط وولد النّاس خيط»، إلى حين يوم الزّواج يعاد نفس الطّقس وبنفس الطّريقة إلاّ أنّ تمتمات الفتاة تُقال بصياغة معكوسة: « أنا خيط وولد النّاس حيط».
1-2 التّصفيح بالقفل:
يؤخذ هنا القفل مفتوحا ويدار حول الرّكبة اليمنى للفتاة سبع مرّات ثمّ يقفل، تنطق الفتاة بنفس التّمتمات ثمّ يُحتفظ بالقفل حتّى موعد ليلة الزّفاف، ويُعاد نفس الطّقس لكن هذه المرّة حول الرّكبة اليسرى مغلقا سبع مرّات ثمّ يُفتح، وتُعاد التّمتمات بصياغة عكسيّة. وتُوجد طرق أخرى موثّقة في دراسات وبحوث جامعيّة حول هذه الظّاهرة يقدّر عددها بإحدى وعشرين طريقة.
1-3  إزالة التّصفيح:
تتمّ إزالة التّصفيح من قبل نفس المرأة بنفس الطّريقة التي تمّت بها عمليّة التّصفيح مع التّمتمات والتّعويذات. وفي حالة وفاة المرأة الّتي قامت بهذه العمليّة أو ضياع القفل، يقع اللّجوء إلى الرّقية الشّرعيّة أو عرّاف أو إلى المرآة حيث تجلس الفتاة أمام المرآة مستقبلة القبلة وعاقدة النّية لتفتح نفسها بنفسها (5). 
3 - رمزيّة العناصر المكوّنة للبنية النّسقيّة لسحر التّصفيح: 
* الدّم يرمز إلى العذريّة.
* حبّات الزّبيب ترمز للخصوبة والتّكاثر.
* القفل يرمز إلى العضو التّناسلي للرّجل ورمزيّة الغلق والفتح.
* الرّكبة ترمز إلى محاكاة ركبة الرّجل لإنجاح العمليّة السّحريّة ما يعبّر عنه «فريزر» بسحر المحاكاة. إذ يقرّ «فريزر» بـ « كلّ شبيه يستدعي شبيهه» أي أنّه وبما أنّ القوّة الجنسيّة للرّجل ترتكز في ركبتيْه، فإنّ هذه الطّقوس تمارس على مستوى ركبة الفتاة، وهنا يكمن الغلق والفتح الرّمزي والتّأثير الرّمزي في الرّجل في الغلق والفتح.
* النّية ترمز إلى التّسليم بسلامة المشروع والنّجاح فيه.
* التّمتمات ترمز إلى رمزيّة اللّغة وما يسميه مالينوفسكي «مجازا مبدعا» قادرا على التّسلل إلى المخيّلة الجماعيّة وجعلها تؤمن بقدرة الكلمات السّحريّة على التّأثير.
* الحيط يرمز للحماية والتّأمين، كما يرمز للقوّة والصّلابة.
* الخيط يرمز إلى الارتخاء، فالرّجل خيط أي أنّ سحر التّصفيح يجعله ضعيف جنسيّا لا يقدر على معاشرة فتاة مصفّحة.
نستنتج هنا، أنّ طريقة التّصفيح ومراحلها تمثّل بنى منظّمة وثابتة في شكل قواعد ترسّخت في لاوعي النّسوة اللاّتي يمارسنها بطريقة واعية، وتحمل هذه العناصر رموزا تعيد – حسب كلود لفي ستراوس- تنظيم التّجربة المحسوسة وسط منظومة دلاليّة معيّنة. وتتحوّل العائلة، هنا، إلى أداة ضغط اجتماعيّة- جماعيّة لتدعّم هذه الطّقوس المتوارثة، كما لا يزال للتّمتمات وللكلمات وقعها السّحري أو ما يسمّيه مالينوفسكي «مجازا مبدعا» قادرا على التّسلل إلى المخيلة الجماعيّة وجعلها تؤمن بقدرة السّحر على التّأثير. وهكذا تتحوّل ظاهرة التّصفيح إلى طقس سحري لارتباطها الوثيق بهذه العناصر الثّابتة التي يعزّزها الانتماء الثّقافي وتعزّزها قوّة إيمان الأفراد بها، فالإيمان أعلى درجات التّصديق وعلى حدّ قول  «كلود لفي شتراوس» فإنّنا نفكّر بحكم العادة، وعليه فإنّ الكثير من اللاّوعي الجمعي سيكون قابعا خلف كواليس الطّقس السّحري.
4 - حقيقة ظاهرة التّصفيح:
هل الغرض من هذا السّحر وهميّ أم واقعي؟ يكون وهميّا إذا ما نظرنا إلى العلم ويكون واقعيّا اذا ما ربطناه بسياقه الاجتماعي؛ لأنّ السّحر يدور في عالم خاصّ به، وهذا العالم هو حقيقي بالنّسبة لأهل الممارسة، فهو يؤثّر تأثيرا عميقا على سلوكهم، فوضعيّة السّحر هي مسرح الفعل الممتلئ بالتّأثيرات والتّفاعلات التّعاطفيّة. 
تثبت شهادات الفتيات المصفّحات أنّ سحر التّصفيح واقعا، من خلال التّجارب الملموسة التي عايشوها، فقد كنّ يعتقدن بأنّ ظاهرة التّصفيح ليست بالظّاهرة العلميّة فيعتبرنها عادات بالية، إلى حين يوم الزّواج حيث تجدن أنفسهن غير قادرات على ممارسة العلاقة الجنسيّة وهن مصفّحات. هنا تتجلّى الجدوى الرّمزيّة لظاهرة التّصفيح في بنية نسقيّة مترسّخة في اللاّوعي الجمعي. 
كما يبدو جليّا، أنّ هذه الممارسات تستدعي ضرورة الاعتقاد فيها والإيمان بها ليتمّ استيعابها وترسيخها في اللاّوعي كضرورة لنجاحها، وأنّ الاعتماد بالأساس على موضع الرّكبة لممارسة طقس التّصفيح يتماشى ومبدأ السّحر عند «فريزر» الذي يقرّ بـ « كلّ شبيه يستدعي شبيهه» أي أنّه وبما أنّ القوّة الجنسيّة للرّجل ترتكز في ركبتيْه تمارس هذه الطّقوس على مستوى ركبة الفتاة وهنا يكمن الغلق والفتح الرّمزي والتّأثير الرّمزي في الرّجل في الغلق والفتح.
إنّ هذه المنظومة الدّلالية الرّمزيّة لطقس التّصفيح تضطلع بدور مؤثّر في الجانب النّفسي للفتاة لارتباط الحياة الجنسيّة بالجهاز العصبي، هنا تجوز صياغة فرضيّة أنّ للتّصفيح انعكاسات نفسيّة سلبيّة على الفتاة ما يسبّب تصلّبا في العضلات، ولا يزول هذا التّصلّب إلاّ بعد إزالة التّصفيح وزوال العقد النّفسيّة معه وزوال الأثر النّفسي له. 
تقوم التّنشئة الاجتماعيّة بدور هامّ في عمليّة هضم تمثّلات الأفراد والجماعات للممارسات والطّقوس المتوارثة بالعادة والتّقليد والتّلقين. وفي هذا الإطار تندرج ممارسة طقس التّصفيح كممارسة متوارثة ومازالت متواصلة إلى اليوم عند بعض العائلات التّونسيّة التي تعتبرها صمّام أمان لعذريّة الفتاة وشرف العائلة، خاصّة وأنّ المرأة تعتبر كائنا ضعيفا في هذا المجتمع، خاضعة لسلطة الرّجل. ولنا هنا أن نذكر بأنّ ولادة الأنثى كانت تعتبر مجلبة للعار، فلا تفرح العائلة بولادتها ظنّاً منها أنّ تربية الفتاة تربية شاقّة وتتطلّب المراقبة المستمرّة، وقد نُسجت حول ولادتها الكثير من الأمثال الشّعبيّة التي تعكس التّمثّلات حول جسامة ولادة الفتاة من قبيل:«من له فتاة بالمنزل له موقد من نار»، أو «المرأة زرّيعة إبليس».
تعكس هذه التّصوّرات والتّمثّلات-التي لازالت متواصلة إلى اليوم- أنّ كيان المرأة محصور في جسدها، فأجساد النّساء في المجتمع الباتريركي التّمييزي تبقى حبيسة للمعايير الأخلاقيّة والموروث الأبوي وهو ما يُضفي عليها صبغة الخصوصيّة. وهذا المجتمع الأبوي يفرض الوصايا على جسد المرأة. وبالعودة إلى التّاريخ نتبيّن أنّ فرض الوصايا على جسد المرأة ولده ظهور الملكيّة الخاصّة للأرض وقيام المجتمع الأبوي وسيطرة الرّجل على الملك، وتعتبر المرأة مثلها مثل الأرض ملكا للرّجل، وفي هذه الوصايا يختبئ خطاب القوّة العنيف.
إنّ التّنشئة الاجتماعيّة في ظلّ هذه الثّقافة تسعى إلى تقييد المرأة وتحريم العلاقات مع الجنس الآخر حتّى لا تقع في الخطيئة وتلقى حتفها الاجتماعي (الذي يصل حدّ القتل). وهذه الممارسات تؤكّد جبروت طقس التّصفيح، فحتّى الطّقوس الاحتفاليّة للزّفاف لا تنطلق إلاّ بعد تثبّت الزّوج من عذريّة زوجته وهو وازع احتفالي يرسم ملامح النّظام الأبوي(6).  لكلّ هذا تعتقد هذه الجماعات في ضرورة تأطير الفتاة منذ نعومة أظفارها تأطيرا صارما؛ فتنشئة الفتاة تختلف عن تنشئة الفتى (أكثر مرونة وحرّية)، فالفتاة تربّى ضمن منظومة أخلاقيّة معياريّة (محتشمة اللّباس، منخفضة الصّوت...) ويحرم عليها الاحتكاك بالجنس الآخر لكونها ضعيفة الشّخصيّة، فتلجأ العائلة إلى الرّدع المادّي والمعنوي، وتفرض عليها مجموعة من القيود وقمع غرائزها وجسدها عبر طقس التّصفيح. إنّ مثل هذه القوانين التّنشيئيّة التّمييزيّة الإقصائيّة للفتاة هي مضادّة لقوانين الطّبيعة. كما تترجم هذه الممارسات على انعدام ثقة العائلة في الفتاة التي ترى في طقس التّصفيح ضمانا للعفّة وحماية للشّرف باعتبار أنّ الطّقوس كما عرفها «مالينوفسكي» تُضعف القلق الذي ينشأ بسبب الأنشطة الخطيرة والمحفوفة بالمجازفة.
إنّ طقس التّصفيح الممارس على جسد الفتاة يخلق نوعا من الرّاحة النّفسيّة لدى العائلة، ووفق  تصوّرات المخيال الجمعي، فإنّ هذا الطّقس يخول للمرأة ولوج معترك الشّأن العام وهي في مأمن. الفتاة المحصّنة تحمل في وعيها وفي لاوعيها هذا التّصوّر، فتزاول تعليمها أو تدخل حياة العمل دون خشية مخالطة الرّجال.
5 - التّصفيح من طقس حماية إلى تقنية انفلات من الرّقابة
يتجلّى الهدف الأسمى من التّصفيح في الحفاظ على شرف العائلة وبالتّالي تقليص الرّقابة الاجتماعيّة والحفاظ على عذريّة الفتاة، لكن الظّروف تغيّرت في عصرنا الحاضر وخرجت الفتاة للتّمدرس والعمل، وأصبحت تزاول تعليمها العالي وتلج سوق الشّغل بعيدا عن مسقط رأسها وعن أسرتها، وهكذا يُصبح التّصفيح مُعوّضاً للرّقابة العائليّة إلّا أنّ هذا الضّمان الرّمزي أصبح يمثّل اليوم منفذا لإطلاق العنان للحياة الجنسيّة خارج أطر الزّواج دون حصول أيّ أضرار بيولوجيّة.
هكذا خرجت ظاهرة التّصفيح من مفهوم الحماية الرّمزيّة والعفّة الأخلاقيّة لتتّخذ لبوسا ذاتيّا يعبر عن تحرّر المرأة من قيود المجتمع الأبوي، وأصبح حماية بيولوجية تجعلها تتصالح مع أعضائها الجنسيّة، فعمليّة التّصفيح تساهم في الانفلات الأخلاقي والانفلات الاجتماعي عبر إقامة علاقات جنسيّة خارج الأطر الشّرعيّة. 
الهوامش
(1) عبد الرّزاق القلسي، الطب الشعبى في تونس وعلاقته بجسد المرأة، مقال منشور ب «الثّقافة الشّعبية»، فصلية علمية متخصصة، رسالة التراث الشعبي من البحرين للعالم، العدد34،ص ص 122-123.
(2) السّيد الحسيني الملكي، سحر الهنود من عهد الجدود، دار النّفائس، بيروت، ط1،2018، ص 8 وما بعدها.
(3) يُنظر عمر سليمان الأشقر، عالم السحر والشّعوذة، دار النفائس للنشر والتوزيع، ط3، 1997، ص89.
(4) ابتسام بن دريري، التصفيح في تونس، دار سراس، تونس، ط1، 1997، ص101.
(5)  ينظر عبد الرّزاق القلسي، الطب الشعبى في تونس وعلاقته بجسد المرأة، مقال منشور بالثّقافة الشّعبية، م ن،ص131.
(6) يُنظر بن إسماعيل نادرة: أبكارا؟ الجنسانية الجديدة للتونسيات، دار سراس، تونس، ط1، 2012، ص98.