كلمات
بقلم |
![]() |
بهاء الحامدي |
الحقيقة هي الأصل |
يتسلّل الشّكّ إلى يقينك القديم. كإنسان يفكّر، من حقّك بل من واجبك أن تشكّ، فتفتح بابًا كان مغلقًا على المسلّمات التي ظننتها ثابتة كأعمدة الكون. تبدأ رحلتك في البحث، تقرأ وتغوص في بحر المعرفة، معتقدًا أنّك ستعرف ما كنت تجهله. وقد تصبح مثل الذي قرأ وتأمّل في التّقاطعات بين الأفكار الإسلاميّة والفلسفات القديمة التي سبقت الإسلام، فتوهّم أنّ النّبي محمدا قد استقى من تلك الأفكار عبر رحلاته، معتقدًا أنّ ما جاء به الإسلام ليس إلاّ إعادة لحكايات شائعة وأفكار الجيران.
لكن لو تتجاوز تلك المرحلة، ومع كلّ صفحة تقلبها وكلّ فكرة تحلّلها، تكتشف أنّ المسألة أعمق بكثير. تبحر في القراءة أكثر، وتتلاشى ثقتك الأولى بما كنت تظنّ أنّك تعرفه. تدرك، مثل سقراط، أنّ كلّ ما تعرفه عن نفسك هو أنّك لا تعرف شيئًا.
وهنا، في عمق التّساؤلات، يظهر لك شيء عجيب، الإسلام ليس فكرة طارئة ولا خرافة مستعارة. إنّه امتداد للأفكار الأولى التي غُرست في فطرة الإنسان منذ أن وُجد، مثلا منذ إبراهيم الذي وضع أسس التّوحيد. تلك الأفكار كانت موجودة منذ البداية، صافية ونقيّة، كالنّور الذي يسبق الفجر.
وما جاء به محمد ﷺ ماهو، إلاّ الحقيقة الأولى التي عادت لتُشرق على البشريّة من جديد، حقيقة واحدة، و هي الأصل، الأصل الأوّل... |