فقه المعاملات

بقلم
الهادي بريك
من فقه المعاملات المالية في الإسلام الحلقة 3 : الرّبا بين ضغط الواقع وحسابات العلماء الجزء الاول
 موضوع الرّبا موضوع شائك معقّد لأسباب منها أنّه ليس قسما واحدا فحسب (ربا نسيئة أو ربا جاهليّة بحسب إختلاف التّسميات أو ربا فضل). وكذلك بسبب الإختلاف في تساوي هذين القسمين ليكونا شيئا واحدا من حيث قيمة التّشريع. أو أنّ ربا النّسيئة محرّم لذاته في حين أنّ ربا الفضل محرّم لغيره (محرّم مقاصديّ ومحرّم وسائليّ بحسب التّعبير الجديد) . ومن الأسباب كذلك الإختلاف في إستواء الآكل للرّبا (سواء كان ربا نسيئة أو فضل) مع المؤكل له. والمؤكل نفسه هل هو بمنزلة الرّائش المذكور في حديث الرّشوة. أي الوسيط الذي يتوسّل بين الآكل والمؤكل بأجر أو منفعة أم هو الذي يؤكل الآكل نفسه مباشرة، وهو الذي يسمّى اليوم دافع الرّبا. ومن المشكلات المستعصية هنا قضية الضّرورة. من هو المضطرّ إلى المؤاكلة؟ هل تتغيّر الضّرورات العتيقة وتصبح حاجات معاصرة ضرورات أم لا؟  وهل تكون الحاجة نفسها ـ كما قرّر الأصوليّون في قواعدهم ـ ضرورة أي تنزل منزلتها أم لا؟ ومن يحدّد الضّرورة: المضطرّ نفسه أم لا مناص من فقيه أو عالم؟ هل هناك هنا مساحة للضّمير وحديث النّفس والتّقدير الشّخصيّ أم على المضطرّ أن يبسط حتّى شؤونه الخاصّة الدّاخليّة على الفقيه ليجيزه أو لا يجيزه؟ وهل الضّرورات (الكلّيات بالتّعبير المقاصديّ) هي الخمس المعروفة؟ أم تتوسّع؟ معلوم أنّها صيغت قديما صياغة فرديّة لا جماعيّة. هي حفظ دين الإنسان وحياته وماله وعقله ونسبه أو عرضه. أين أسرته وأين وطنه وأين مصالح أخرى لا مناص منها اليوم لحفظ الحياة نفسها. بل الدّين نفسه؟
ومن المشكلات كذلك عدم التّمييز حتّى ممّن ينسبون إلى الفتوى بين ما هو محرّم لذاته ـ وهو يباح للضّرورة كما هو معلوم ـ وبين المحرّم لغيره وهو يباح للحاجة التي هي دون الضّرورة. مشكلة الإجمال هنا والكيل بميزان واحد يغلب عليه التّحوّط والمنع والتّحريم مخافة النّاس ـ سيما علماؤهم ـ أحيانا ومخافة الإثم والوقوع فيما يغضب اللّه سبحانه في أحيان أخرى ويتمّ ذلك بوعظ لا بعلم. أي إستنادا إلى قوله الصّحيح ﷺ في حديث طويل «فمن إتّقى الشّبهات فقد إستبرأ لعرضه ودينه». ولكن لا يلتفت إلى جزء من الحديث نفسه قال فيه ﷺ «وبينهما ـ أي بين الحلال والحرام ـ أمور مشتبهات لا يعلمهنّ كثير من النّاس». وبذلك ـ وبدافع التّأثّم في غير محلّه أو بدافع الخوف من النّاس ـ يعتصم الفقيه المفتي بالدّعوة إلى إتّقاء الشّبهات. والحال أنّ مقامه ـ من حيث أنّه عالم أو فقيه ومفت ـ ليس هو مقام الواعظ. بل هو مقام العلم بالمشتبهات التي لا يعلمهنّ كثير من النّاس. 
عدم التّمييز هنا سواء بين ربا النّسيئة ـ المحرّم لذاته ـ وبين ربا الفضل المحرّم لغيره وسائليّا لا مقاصديّا من جهة وعدم التّمييز بين الآكل الشّره الجشع وبين المؤكل المضطرّ من جهة أخرى مع التّشديد في الضّرورات لتشمل الكلّيات الخمس فحسب وليس الحاجات المعروفة في السّلم المقاصديّ لصاحبه الغزّاليّ من جهة ثالثة ومن جهة رابعة قصر الإهتمام العلميّ هنا على حياة الفرد وليس الأسرة ولا الجماعة والشّعب والمجتمع والدّولة والأمّة وغير ذلك ومن جهة رابعة عدم إعتبار تغيّر الأزمنة والأمكنة والضّرورات والحاجات. كلّ ذلك مؤذن دون ريب بنشوء خلط رهيب يتسلّل إليه طرفان لا خير فيهما. وتضيع فيه كلمة الحقّ والعدل الأوفى بروح الشّريعة المناطة بتحقيق خير النّاس في معاشهم والمعاد : طرف يستبيح أكلّ الرّبا نسيئة وجاهلية بدعوى أنّ الآكل هو مصرف (بنك) وليس هو فقير. ولكنّه غنيّ. أو بدعاوى أخرى ساقطة ممجوجة تحتال على ما هو راسخ ثابت محلّ إجماع أنّه محرّم لذاته وليس حتّى لغيره. وطرف آخر مقابل له يسلك سلوكا متشدّدا ولكن في الإتّجاه المضادّ. وهو الطّرف الذي يردّ الفعل بعدم وعي على تشدّد الطّرف الأوّل فيعتصم بالأحوط، لا بالأيسر. وكلاهما ضالّ عن إعمال الفهم المقاصديّ للشّريعة كلّ ضلال حتّى لو اختلفت مذاهبهم كلّ إختلاف. وتضيع كلمة الحقّ هنا والعدل كلّ ضياع كما يحدث دوما عندما تستسلم الأمّة إلى طرفي التّشدّد شمالا أو يمينا. 
الإعمال المقاصديّ نفسه يشكو ضربا من اليتم في هذا الموضوع بصفة خاصّة سيما أنّ معاملاتنا المالية وفق الشّريعة توقّفت رسميّا بالكلّية وأهليّا بنسب عالية منذ قرون طويلة وعقود كالحة كاسحة نبذت فيه الشّريعة كلّ نبذ وهيمنت فيها الخيارات الغربيّة بمصارفها الرّبويّة. كلّ ذلك إضافة إلى موضوع أصوليّ ربّما أخذ حظّه فيما أنف من هذه التّحريرات وهو أيّ منهاج أصوليّ نعتمد وهو إلى الشّريعة أوفى: المنهاج القائم على أنّ السنّة لا تستقلّ بالتّشريع إستقلالا إبتدائيّا إستئنافيّا كاملا مطلقا وجامعا سيما في إنشاء تشريعات جديدة على وجه الإيجاب أو التّحريم بالمعاني الشّرعيّة. أي وجوب الثّواب ووقوع العذاب إلاّ إستقلالا وظيفيّا مشروطا بمهمّة التّبيين التي دندن حولها القرآن الكريم نفسه أيّما دندنة، والتي جلاّها العلماء فيما يعرف أصوليّا بتقييد المطلق وتخصيص العامّ وتفصيل المجمل. وما عدا ذلك ممّا يرد في السنّة صحيحا صريحا إنّما هو ترغيبات أو ترهيبات لا تحمل قيم الإيجاب أو التّحريم بالمعاني التي تستوجب الإثم والثّواب. 
أيّ منهاج نعتمد؟ أم نعتبر ما ورد في السنّة حتّى خارج تلك الدّوائر الأصوليّة المتعلقّة بالتّبيين هو تشريع إبتدائيّ إستئنافيّ إنشائيّ جديد يستوي مع التّشريع القرآنيّ؟ الحقّ أنّ من يدرس بجدّ ومثابرة وفقه عمل الصّحابة يجدهم منحازين إلى المنهاج الأوّل. أي عدم إستقلال السنّة بالتّشريع بالمعاني المذكورة آنفا إستقلالا إبتدائيّا إستئنافيّا جامعا عامّا كاملا. والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى. ولكنّ مشكلة المشكلات هنا هي على وجه التّحديد ركود الفقه وإيصاد باب الإجتهاد وميلان النّاس إلى التّقليد ونبذ المعطى المقاصديّ الذي ظنّ كثيرون ـ حتّى اليوم ومنهم علماء ـ أنّه في مقابل النصّ بمعناه الأصوليّ وليس هو في مقابل الوسيلة وليس النصّ. كلّ ذلك جعل من الرّبا مشكلة حقيقية لا وهمية في حياة النّاس. 
ومن المشكلات كذلك عدم الإهتداء بالسنّة نفسها التي لم تتردّد طرفة عين واحدة في إباحة ما أصله المنع كلّما كان المنع آيلا إلى نبذ عرف تعارف عليه النّاس وهو يقضي مصالحهم. والأمثلة على هذه المعاملات كثيرة، وليس أشهرها بيع السّلم الذي منعه هو نفسه ﷺ حال مقدمه بالمدينة مهاجرا. فلمّا أخبر أنّه عرف النّاس أباحه. ولكنّه ضبطه بأن يكون في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم. وهو الأمر الذي استنبط منه الفقهاء الرّاسخون أنّ أكثر ما ورد في السنّة صحيحا صريحا بالمنع من معاملة ماليّة ما هو ترهيب أن يخترمها غرر أو جهالة فيكون ذلك سببا في شحناء وبغضاء يصرم صفّ الأمّة. ومن ذا أبيحت معاملات كثيرة هي اليوم ملء حياتنا، وكلّها في الأصل ممنوعة بسبب الغرر والجهالة من مثل الإجارة وإستخدام الحمّام وبيوع كثيرة، من مثل بيع السّلم كما تقدّم وبيع الأجل أو ما يسمّى عندنا اليوم بيع التّقسيط وبيوع أخرى كثيرة قد نتعرّض إلى بعضها إن شاء اللّه. 
المشكلة إذن هي في الأصل أصوليّة. ولكن لها مظاهرها الأخرى من مثل الجهل وتقحّم هذا المجال الذي فيه ما فيه من عسر الإستنباط ببضاعة مزجاة أو لا بضاعة أصلا. وهي مشكلة تقديم الأحوط على الأيسر في مخالفة صريحة صحيحة لإتّجاه الشّريعة التي قرّر الأصوليّون أنّها ما جاءت سوى لحفظ مصالح النّاس في معاشهم ومعادهم. ولكن بالمعاني الشّرعية للإستصلاح والإستحسان، وليس بمعاني المزاج والهوى المتقلّب. ومن تلك المشكلات كذلك أصوليا الإستغناء بجهل أو بعمد عن تحكيم المراجع التّشريعية المعروفة في الفقه وإستنباط أحكامه، ومنها الأقيسة والإستصلاح والإستحسان وتحكيم العرف عندما لا يكون مصطدما مع نصّ صحيح صريح أو مقصد بمثل ذلك فحسب، وليس يطلب منه أكثر من ذلك. 
والذّرائعية التي إستخدمت في تراثنا كثيرا في إتّجاه السدّ فحسب. حتّى إنّك اليوم تسمع كلمة سدّ الذّرائع وليس فتح الذّرائع. وهو كفيل بإعطائك فكرة عن الإتّجاه السّيّء الذي عليه جزء مهمّ من تراثنا التي يسعى إليه كثيرون من المفتين مستفتين لا منتقين منتخبين في أدنى درجات الإجتهاد لما هو أنسب لعصرنا. أمّا مباشرة الإجتهاد الإنشائيّ الجديد فهو مهجور بنسبة عالية حتّى في أكثر المجامع العلمية التي لها حساباتها. عدا أنّ حساباتها عادة ما تكون حسابات علمية، وليست حسابات سياسية سيّئة. وبالنّتيجة يظلّ المسلم المسكين مطحونا مقهورا وخاصّة ـ ربّما ـ في بلاد لا حكم فيها للإسلام ويستوي مع المسلم الذي يعيش في دار الإسلام رغم إختلاف المعطيات. 
ولا شكّ أنّ الخطاب التّقليديّ السّلفيّ يسري في النّاس سريان النّار في الهشيم إذ هم يعيشون مقهورين مسحوقين بدرجات التّحريم العليا المتشدّدة من أفواه العلماء والمفتين، ولكنّهم في الأعمّ الأغلب يعدّون المحرّم عليهم أيّ معاملة عالما فقيها نحريرا صلبا في دينه. في حين أنّ من يعمل بقاعدة سفيان الثّوريّ (إنّما الفقه رخصة من ثقة أمّا التّشدّد فيحسنه كلّ أحد) ليس هو عندهم لا عالما ولا فقيها، إنّما هو مأجور من أيد غربيّة صليبيّة. 
المشكلة إذن حقيقيّة وناكية ثقيلة. ومظاهرها كثيرة وأسبابها عميقة تاريخيّة وتراثيّة. ومعالجاتها ممكنة بسبب مدوّنتنا الأصوليّة الثّرة وسعة الشّريعة نفسها. ولكنّها معالجات قتاليّة صداميّة طاحنة. أوّل ضحاياها الفقهاء الشّجعان الذين لا يخافون النّاس، إذ أنّ مخافة النّاس هنا هي المعضلة. وليس مخافة الدّولة بسبب تعلّق الأمر بمعاملات ماليّة وليس بمعاملات سياسيّة مباشرة. وأوّل من ينبذ أولئك الفقهاء الشّجعان النّاس أنفسهم بسبب خطاب تقليديّ سلفيّ سرى فيهم سريان النّار في الهشيم. ومن ذا يتأخّر المجتهد ويتقدّم المجترّ ونحكم على أنفسنا بتأبيد التخلّف على شريعتنا. 
وهذه بعض القواعد العاصمة من الوقوع فيما يغضب اللّه سبحانه ومن الطّرفين المتشدّدين معا. إذ أنّ محلّ الرّضا هو التوسّط وليس هو توقّي مباح إتّقاء شبهة، إلاّ من مسلم مقلّد متّبع لا شأن له بالإجتهاد ولو ترجيحا، ولا هو في إجتهاد يخرم الأصول أو يصرم العقول أو يهدم المنقول.
القاعدة الأولى : الأصل المحكّم هو أنّ مشهدي البيع والرّبا مختلفان
ذلك هو منطوق آية سورة البقرة ومفهومها كذلك ﴿...وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا...﴾(البقرة: 275) وذلك ردّا على القائلين ﴿إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا﴾.  المثليّة المقصودة هنا هي تشابه المشهد. إذ في كلا المشهدين سلعة وربح وتوافق. الآية هنا حملت الحكم الشّرعيّ العمليّ فحسب ولكنّها حرصت على التّفريق بين المشهدين المتشابهين في الظّاهر كلّ تشابه. ومن أغزر ما يعلم هنا أنّ الأصل الآصل هو أنّ مشهد البيع هو غير مشهد الرّبا، أي أنّه في العادة ـ وبسبب ذلك الإختلاف ـ لا يكون في مشهد البيع ربا. ولا يكون في مشهد الرّبا بيع. ذلك هو منطوق قوله أنّ البيع بيع وليس هو ربا. وأنّ الرّبا ربا وليس هو بيع، ومن ذا أحلّ هذا وحرّم ذاك. ثمّ يعلّمنا اللّه سبحانه العلّة من ذلك التّحريم القطعيّ في الآيات القادمات.
القاعدة الثّانية : الرّبا محرّم مفهوم معقول ومعلّل مقصود، وليس تعبّدا
هل ضنّ اللّه علينا هنا بالحكمة من تحريم الرّبا؟ أبدا. لم؟ لأنّ الأمر جلل من جهة ولأنّ المجال هو مجال معاملات معقولة، وليس مجال عقائد مجملة لا نفقه تفاصيلها ولا مجال عبادات بمعناها الخاصّ لا نفقه بعض حكمها سيما في فروعها. قال سبحانه مبيّنا الحكمة من تحريم الرّبا﴿...لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾(البقرة: 279). أي نفي الظّلم عن الآكل أن يقهر غيره بسبب قوّته الماليّة. وهو سلوك مناف لعنوان الإنسانيّة وإتّجاه الإسلام. ونفي الظّلم عن المؤكل نفسه (سيما بمعنى المعطي المباشر وليس بمعنى الرّائش) أن يستسلم للقهر والحيف ويضيع ماله الذي هو قوام حياته ومناط كرامته وحريته. وجود الظّلم في المعاملة الرّبويّة (ربا النّسيئة الجاهلية الأولى) لا يحتاج إلى دليل حتّى لو تلوّن اليوم بألوان أخرى معاصرة لأنّ القهر يظلّ قهرا حتّى لو قدّم في قدح من عسل مصفّى. علّة التّحريم إذن متوافقة مع عنوان الإسلام كلّ توافق، وهي تحرير الإنسان من أن يقهر النّاس بماله. وتحريره من أن يستسلم لذلك القهر، إلاّ ضرورة قاهرة.
القاعدة الثّالثة : لم يذكر القرآن الكريم عدا الآكل
القاعدة الأصوليّة المتّبعة هنا لضمان حسن الإستنباط هي أنّ القرآن الكريم حاكم على كلّ شيء، حتّى على السنّة نفسها، ومهما بلغت درجة صحّتها وصراحتها. إلاّ تبيينا كما أنف قوله (أي : تفصيلا لمجمل أو تخصيصا لعامّ وتقييد لمطلق، وهو موجود ولكنّه قليل). أي عدم المساواة التّشريعيّة في الوزن بين القرآن الكريم والسنّة فيما عدا ذلك التّبيين. وبقدر تشديد القرآن الكريم كلّ تشديد في شأن الرّبا فإنّه لم يومئ إلى المؤكل ولا مرّة واحدة مجرّد إيماء. ومن لا يفيد من هذا علما فالذّنب ذنبه، وليس هو ذنب التّشريع. ذلك لا يعني سوى أنّ أكل الرّبا محرّم لذاته كلّ تحريم ومشدّد فيه كلّ تشدّد وهو معقول. إذ لا يأكل أموال النّاس بالباطل عدا مجرم سفّاح فقد كلّ قيم الإنسانيّة بله الإسلام. ولا يضطرّ إمرئ إلى أكل أموال النّاس بالباطل سيما ربا نسيئة وجاهليّة مفضوحة إلاّ جشعا وشرها إستوجب كلّ لعن وغضب وعذاب. أمّا المضطرّ ـ أي المؤكل ـ فهو تحت سقف ردّده القرآن الكريم كثيرا في شأن أكل لحم الخنزير وشرب الخمر وغير ذلك (إلاّ ما إضطررتم إليه) وهي رخصة تكرّرت كثيرا وبصياغات كثيرة وفي الأعمّ الأغلب كلّما ورد تحريم. ويفيد الإستقراء الشّامل لذلك أنّ اللّه سبحانه لفرط رحمته بعباده جعل لهم في حياتهم بالإسلام ـ ما أسمّيه (ترجمة عن اللّغة الألمانية) ـ مخارج للطّوارئ يحفظون بها حياتهم أفرادا وأسرا وجماعات عندما تحلولك في وجوههم بعض دروب الحياة المتقلّبة. أمّا من يريد إقناعي بأنّ الشّريعة رخّصت لقائل الكفر إضطرارا هو من قدّره (عمّار بن ياسر) وأقره عليه القرآن الكريم والسنّة نفسها كلّ إقرار ولكنّها لم ترخّص لمؤكل الرّبا (وليس آكله) فلا حديث لي معه البتّة. إذ نبذ العقل والقياس والإعتبار.