بهدوء

بقلم
د.ناجي حجلاوي
محدوديّة المناهج في كتب التّفسير
 عندما كانت العبارة تشي للقارئ بخلاف ما قصد المؤلّف منها، تأكّد للدّارس أنّ عمليّة التّفسير لا تخرج عن أطراف ثلاثة: النّصّ وصاحبه وقارئه، وبحسب العلاقة القائمة بين هذه الأطراف ينبع المنهج المتّبع وبها ينطبع. وإذا كان المنهج يساعد على المزيد من الفهم من خلال تقصّي مقاصد النّصّ بقدر من التّجرّد، فإنّ صفة التّجرّد تظلّ مطلباً عزيزاً على الدّارسين. فالدّراسة التي تركّز الاهتمام على موضوع من المواضيع دون محاولة استبعاد الذّات منه، تظلّ مهدّدة بمزالق منهجيّة من قبيل الإسقاط  والمغالطة التّاريخيّة. 
ولعلّ دراسةً حضاريّة لقضايا التّفسير، كهذه الدّراسة، تحتاج إلى الاتّكاء على الجوانب اللّغويّة لإبراز أكبر درجة ممكنة من الموضوعيّة بالرّغم من أنّ الجهاز اللّغويّ ليس بالضّرورة جهازا محايدا. أمّا وقد تميّزت اللّغة بنصيب غير يسير من الدّقة العلميّة، فإنّ دراسة القرآن باعتماد المدخل اللّغوي هي الطّريقة الأقلّ ذاتيّة وأقلّ إسقاطا. إذ يكتفي المفسّر بالقيل القرآنيّ دليلا على ما يصل إليه من المعاني، وإن كان غضّه النّظر عن العوامل الخارجيّة، من قبيل ظروف التّنزيل وطبيعة النّوازل ومناسباتها، قد يُثير تساؤلا مفاده هل الانفتاح على مناسبات القول وأسباب التّنزيل والظّروف الحافّة بالوحي يُعدّ استنقاصا للحقيقة الكامنة فيه، وحينئذ يُلحق الضّيم بما يُنجزه من تفسير؟ أم إنّ الاستعانة بكلّ ذلك يُعدّ عامل توضيح للمعاني المستفادة؟ وانطلاقا من هذا المنهج اللّغوي في التّفسير، تصبح غاية المرام هي محاولة الوقوف على المقصد الكامن في النّص من خلال سنن اللّغة العربيّة. ولعلّ من مزايا هذا المنهج، هو الإضعاف من منسوب الوعي المذهبيّ كالّذي نجده عند أصحاب المقالات وزعماء الفرق الدّينيّة في تناولهم للتّفسير والتّأويل.
إنّ النّصّ القرآنيّ يمثّل، في حدّ ذاته، كينونة مستقلّة. فهو نظام من المعاني، يفصح عن نفسه، وضمنه آيات مفهوميّة، وهي الّتي تتضمّن مفاهيم وتصوّرات إزاء الإنسان والله والمصير. وأخرى آيات مصداقيّة، وهي الّتي تتضمّن إشارات إلى الواقع المحيط بظرفية التّنزيل. وهو كتاب مطلق في مستوى هذه الكينونة. ولكنّه نسبيّ في مستوى فهمه لأنّ العقل الذي يحاوره يتأثّر بالسّقف المعرفيّ السّائد والحافّ بكلّ قراءة. وأمّا أن تُؤبَّدَ قراءةٌ واحدةٌ لهذا النّصّ، فهو أمر لا يحتمله الوعيُ البشريّ المتحوّل والدّائم في تغيّره. ومن هذا المنطلق، يلحظ الدّارس أنّه حين يقيم علاقة مع النّصّ المطلق، فإنّه يقيمها من حيث هو، بوصفه دارساً، لا من حيث المعطى النّصّيّ، إذ النّصّ صامت ولكنّ الرّجال هم الذين يُنطقونه، على حدّ عبارة علي بن أبي طالب(1). ولا من حيث علاقة النّصّ بصاحبه فذلك مقصد مستبعد إدراكه على الوجه الّذي أراد. ومن المفيد للدّارس أن يُلمَّ بأغلب منابع التّفكير الدّيني لدى القدماء. إلاّ أنّ إتلاف العديد من المصنّفات جعل كلّ وثيقة جديدة  ترِدُ على الدّارسين يكون لها من الأهميّة قدر إضافتها وتوسيعها لدوائر التّفكير الّذي ساد في فترة من فترات الثّقافة العربيّة الإسلاميّة. لقد ضاع العديد ممّا كُتب في فترة احتدم فيها الصّراع الفكريّ لاختلاف المذاهب وتعدّد الفِرَق والمقالات. 
وإزاء هذا الصّراع المحتدم، تولّد وعي منهجيّ في فهم النّصّ القرآنيّ عماده الجوانب اللّغويّة والمنازع العقليّة، فتشكّلت قضايا عديدة من قبيل عربيّة القرآن وإعجازه. ولمّا كان القرآن متشكّلاً في ثوب لغويّ، فإنّ المنهج اللّغويّ نُظر إليه على أنّه أقرب المناهج وألصقها بطبيعة هذا النّصّ، ولاسيّما من رجال وظّفوا جهودهم العلميّة لدراسة هذا المجال مثل علي بن عيسى الرّمّانيّ(ت384هـ/994م)(2)، والقاضي عبد الجبّار(ت415  هـ/1025م)(3)، وعبدالقاهرالجرجاني(ت471هـ/1078م)(4)، والزّمخشري(ت538هـ/1143م)(5)، ومن قبلهم نلفي جهود الفرّاء (ت207هـ/822م)(6)، وأبي عبيدة (ت209هـ/824م)(7)، والزّجّاج (ت311هـ/923م)(8). ولمّا كان المنهج عبارة عن معادلات ذهنيّة، فإنّ صاحبها يروم تسليطها على الموضوع المراد درسُه. وضمن هذا الفضاء، كان الرّمّانيّ، على سبيل المثال، واعيا بطريقته اللّغوية في فهم القرآن وتأويله. وهو القائل في معرض تفسيره لمصطلح الاختلاف:«للاختلاف وجوه منها ردّ المتشابه إلى المحكم على ما يشبه دلائل اللّغة والشّريعة وأوائل العقول»(9). ومن ثمّ رغب المفسّرون في إبراز ما ظهر لهم من النّصّ القرآنيّ وما فهموه منه. وهكذا ارتأى أصحاب هذا المنهج أن لا يتأرجح الرّصيد اللّغوي وأن لا يتأخّر عن الأفكار والمتصوّرات الّتي يحتوي عليها الخطاب القرآنيّ. وعلى هذه الصّورة، يتمّ التّضامّ بين الدّوّال والمدلولات من أجل تسمية الأشياء في العالم، لأنّ التّسمية اكتناه لحقيقة الشّيء وامتلاك له. ودون ذلك يُفسح المجال لسيادة الأوهام وغلبة الضبابيّة في الرّؤية، حيث تكون الحيرة السّالبة والجهالة الغالبة. وإذ حاول المفسّرون الأوائل في مطلع الحضارة الإسلاميّة التّصدّي لقضايا اللّغة المتنوّعة والمتفرّعة: معجما وتصريفا ونحوا وبلاغة، وأصلا ومواضعة، فإنّهم غطّوا بمجهوداتهم الكثيرة مجالات المعجم والدّلالة، فأبانوا عن شجاعة العربيّة وسعوا إلى إبراز أهمّيّتها عبر الإبانة عن خباياها وأسرارها. ولقد تمّ التّوسّل بها لبيان المقاصد غير الواضحة الكامنة وراء القيل القرآني، باعتبار الخروج من سياسة اللّغة إلى سياسة التّفسير أوّلا والتّأويل ثانيا. وهكذا دُرست اللّغة لذاتها ثم دُرست لغاية وظائفيّة. ولا غرو في ذلك، فالمصحف إنّما ورد بلسان عربيّ مبين. فقوانين المعنى الّتي تحتوي عليها اللّغة أصبحت مسخّرة برمتها لإزالة الغموض الوارد في بعض الآيات وإزالة التّعارض الكامن أحيانا بين آيات تبدو متناقضة.
وقد ورد في تفسير الرّماني ما يَلفت الانتباه منذ البدء في تفسير الآيات من ضبط المعنى اللّغوي، فبدا سعيه جليّا إلى ما يشبه الوعي بالجهاز اللّغوي. وفي هذا المجال أورد خضر محمّد نبها، وهو محقّق تفسير الرّماني، مايلي: «ولمّا كان الرّماني في تفسيره يتحرّى تعريف الكلمات وتحديد المصطلحات، وهذه ميزة هامّة تمّت ملاحظتها في المخطوط، فلذلك أدرجتُ في آخر هذا العمل المصطلحات الكلامية الّتي عرّفها الرّماني، وتعريفاته لبعض المفردات اللّغوية، وجعلتها ضمن نوعيْن من المعاجم: الأوّل: أسميته المعجم اللّغوي عند الرّماني والثّاني المصطلحات الكلاميّة عنده. وهي في الواقع تستحق عملا مستقلا قائما بذاته»(10). فمثّل هذا القول قادحا للذّهن ودافعا للبحث لمزيد التوغّل في شعاب الفعل التّفسيري عند الرّماني وعند غيره من خلال تفاسيرهم بالأساس، وما بُثّ في رسائلهم العليقة باللّغة رأسا وبالإعجاز القرآني أيضا، لما للإعجاز من علاقة متينة بالفصاحة والبلاغة. فللرّماني اهتمام بالغ باللّغة باد في مؤلفاته المتمثّلة في «الألفاظ المترادفة المتقاربة المعنى»(11)، وكتاب «معاني الحروف»(12)، و«رسالتان في اللّغة»(13) ، ورسالة «النُّكتُ في إعجاز القرآن»(14). ومن هذه الخلفيّة، اتّسعت الرّؤية لتشمل ما تطرحه ظاهرة التّرادف وظاهرة الإعجاز من قضايا وتشعّبات.
إنّ هذا البحث الحامل لعنوان «محدودية المنهج في كتب التّفسير»، يروم الاهتمام بمفهوميْن أساسييْن في كتب التّفسير هما: التّرادف والإعجاز لما يتميّزان به من أهميّة في تحديد الوعي الدّيني وما آل إليه من ضبابيّة وعموميّة يُشجّعان على التّقليد والرّضا بما قاله السّلف. وفرضيّة هذا البحث تتمثّل في اعتبار أنّ مفهوميْ التّرادف والإعجاز هما الكامنان وراء تكلّس الوعي الدّيني وتخبّطه في الضَّبابيّة والتّعميم وعدم الدّقة. وعليه فإنّ المنهج التّفكيكي، هو المنهج المرشّح للغوص في مكوّنات البنية الذّهنيّة الثّاوية وراء الخطاب التّفسيري انطلاقا من ظاهرة التّرادف ومن ظاهرة الإعجاز، وهو ما ستضطلع هذه الدّراسة بالكشف عنه واستبيان معالمه، حتّى إذا فُكّكت هذه المكوّنات، تسنّى للدّارس إعادة تركيبها في شكل نتائج واضحة المعالم.
ولا يخفى على النّاظر في كتب الّتفسير، لأوّل وهلة، أنّ الوعي التّفسيري يتمثّل في أنّه يبدأ بتعريف الكلمات تعريفا لغويّا، وتحديد المعنى الاصطلاحيّ للمفردات الكلاميّة الحاملة لأفكار المذاهب والمقالات. ولم يعدم المفسّرون، في إطار اهتماماتهم اللّغويّة، التّركيز على جوانب القراءات، فهم يتساءلون عن بعض القراءات ويوضّحون آراء القرّاء فيها. ويتعرّضون لمسائل الإعراب والمشاكل المنجرّة عن تحكّمها في المعنى وضبطه وتوجيهه. 
دواعي البحث
إنّ اللاّفت للنّظر في المدوّنة التّفسيريَّة، هو الأخذ بالآثار والأخبار والاعتماد على آراء المفسّرين السّابقين، وهو ما يدلّ على أنّ سنن التّفكير في الخطاب القرآنيّ ظلّت واحدة رغم اختلاف المذاهب. ولربّما ركّز هذا المذهب على جانب دون آخر يميّزه على غيره، وأمّا مراجع التّفسير الكبرى فتظلّ واحدة. وقد ذهب رضوان السّيد، في هذا الصّدد، إلى أنّ الرّماني، على سبيل المثال، مفسّرّ لغويٌّ وبلاغيٌّ بارزٌ، وهو عندما يصل إلى المعاني، يستوعب تُراث التّابعين وتابعيهم في التّفسير، وهو في هذه النّقطة يلتقي مع الطّبري المفسّر في أواخر القرن الثّالث. إلاّ أنّ الرّمّاني يضيف إلى ذلك طريقة السّؤال والجواب ليقدّم تفسيره الخاصّ به. ورغم ذلك فإنّ الرّماني، يلتزم جانب الآثار أو التّقليد التّفسيري الموروث عن الأوائل وهؤلاء في كثرتهم السّاحقة ما كانوا من المعتزلة(15).
ونحن إذ نركّز في هذا البحث على الأبعاد اللّغويّة الّتي تبدو من خلال ضروب استخدام المفسّرين للجهاز اللّغوي، فإنّنا نعوّل على التّثبّت من المعاني الّتي توصّلوا إليها واستنبطوها ضمن تفاسيرهم وذلك بإرجاع هذه المعاني إلى مجرياتها السّياقية ضمن النّص القرآني قصد الإمساك بمعالم النّسق التّفكيري لديهم في بعديْه: اللّغويّ في مستوى الدوّال والمذهبي في مستوى المدلولات. ولا نركّز فيها إلّا على ما يتعلّق بقطبيْ الاهتمام المشار إليهما آنفا وهما: قضيّة التّرادف وقضيّة الإعجاز.
ويبدو أنّ القرن الثّالث شاهد على حركيّة ثقافيّة تشابكت فيها الاتّجاهات والتّيّارات، وهو ما حدا بالمفسّرين، إلى الاهتمام بالمسألة اللّغويّة، لما لها من الأهميّة في تحديد معالم فرقة من الفرق أو مذهب من المذاهب والحفاظ عليها. فكان هذا الإجراء، ضمن العمليّة التّفسيريّة، مجهودا إضافيا متعلقا بالمفردات والأسماء، وهو أمر من شأنه أن يعمّق التّميّز عن بقية الفرق عبر توفير ما يشبه الأرضيّة المعرفيّة أو النّظام المفهومي الخاصّ، ولو بصفة جزئيّة، ضمن المشترك اللّغوي واستعمالها المُشاع بين مختلف المفسّرين. «فقد اطّرد في العرف البشري تعريف اللّغة بأنّها جملة رموز متواترة بين أفراد المجموعة البشريّة الّتي تتحوّل بفعل الرّابط اللّغوي إلى مجموعة فكريّة حضاريّة، وهذه الرّموز سواء كانت مُلهَمة إلهاما أم منبثقة انبثاقا، فإنّها تمثّل ضربا من التّسليم الضّمني بين مستعمليها، ثم إنّها ترتبط فيما بينها بقوانين، وبفضل هذه القوانين تنصهر الرّموز الجزئيّة في شبكة من القواعد المجسّمة لبناء اللّغة الكلّيّ»(16). إنّ المؤسّسة اللّغويّة واحدة ومعاني المفردات فيها تتلوّن بألوان التّفكير المتنوّعة بحكم الانتماء الاجتماعي والمذهبيّ، إذ تعبّر اللّغة تعبيرا خارجيا عن الخوالج النّفسية المتمثّلة في العقائد والشّكوك والرّجاء والخوف. وهكذا يبدو أنّ اللّغة ليست مجرّد تعبير عن الحقيقة، بل هي الحقيقة ذاتها، إذ هي الأداة الكفيلة ببيان الدّلالات الإيحائية الكاشفة عن المعاني الإيمانيّة الّتي يتمّ استنباطها من الكلام الإلهيّ. 
إنّ هذا البحث يروم استثمار التّراث التّفسيري استثمارا يركّز على المعقولية الثّاوية فيه، إذ ينهض بالأساس على استنطاق النّصّوص المنجزة في العصور الإسلاميّة الأولى من أجل تفكيكها للوقوف على قيمتها النّابعة من المادّة الأصليّة المشكلّة لها، دون الاقتصار على ما قيل فيها وحولها من الأنصار أو المناوئين. وهي طريقة تنأى بالمادّة المدروسة عن التّجاذب والتّنازع المذهبييْن. فالتّراث في حاجة إلى دراسة علميّة تعيد له الاعتبار الّذي يليق به دون تمجيد أو تحقير لا مبرّر لهما. وإنّما المُراد هوّ الوقوف على ما أثاره الأقدمون من القضايا الّتي استجابت لمشكلاتهم وأجابت عن أسئلتهم الّتي كانت مطروحة في ضوء ثقافة محدودة بحدود الأطر الزّمانيّة والمكانيّة. وحَسْبُ التّراث أن يمدّنا بمادّة نتخذّها منطلقا للبحث والتّمحيص في ضوء ما حقّقته المعرفة الإنسانيّة من تقدّم. فما إن يتناول الدّارس هذه المادّة التّراثيّة بمناهج مستحدثة  حتّى تتراءى له نتائج مغايرة لما توصّل إليه السّلف. وهكذا تتطوّر الحركة العلميّة إذ هي مرتبطة، أساسا، بعامليْن اثنيْن: إمّا التّجديد في مستوى طريقة التّناول وهو المنهج وإمّا الإتيان بموضوع جديد. 
إنّ هذا البحث يستمدّ مشروعيّته من طبيعة الخطاب الّذي أقامه القرآن. وهو خطاب ينهض على ضرب المَثل. وقد أشار إلى أنّ هذه الأمثال لا يعقلها إلّا العالمون(17). ويمزج بين عالميْ الغيب والشّهادة. وهو خطاب يصرّح بكونه يجمع بين النّبوءة والرّسالة: النّبوءة علوم ومعارف يصدّق بها ويكذّب. والرّسالة أحكام تُطاع وتعصى(18). كما جمع بين المحكم والمتشابه وتفصيل الأحكام. وفي هذا الإطار، يتنزّل ما ذهب إليه محمّد رشاد الحمزاوي من أنّ كلام اللّه: «فضلا عن كونه صفة من صفات الله فهو مليء بتراكيب وتعابير وصور ومصطلحات، خالفت ما عرف منها في الشّعر الجاهليّ وقوانينه اللّغويّة وجماليّته الأدبيّة»(19).  وبناء على هذا التميّز الّذي حرص المُصحف على إبرازه، انتبه بعض العلماء إلى أنّ الله تعالى: «سمّى كتابه اسما مخالفا لما سمّى به العرب كلامهم على الجمل والتّفصيل. سمّى جملته قرآنا كما سمّوا ديوانا وبعضه سورة كقصيدة، وبعضها آية كالبيت وآخرها فاصلة كقافية»(20). ومن ثمّ فإنّ الطريقة الأكثر إفادة هي الانطلاق رأسا من كتب التّفسير، لأنّها الطّريقة التّطبيقية المُمحّصة لهذه الآراء.
إنّ إشكاليّة هذا البحث، تُردّ رأسا إلى علاقة الفكر الدّيني باللّغة، لأنّ الحديث عن الوعي الدّيني دون المدخل اللّغوي يُحيل على عبثيّة لا طائل من ورائها، وإن كانت هذه العلاقة معقّدة، فلا مناص من الإشارة إلى أنّ الله الّذي خلق الإنسان علّمه البيان مباشرة. فلا قيمة للعقيدة وللقيم ولفهم العالم دون الولوج من باب اللّغة للعلاقة العضويّة بين الفكر واللّغة. إنّ اللّغة تحتوي على رصيد ثقافيّ نجد صداه، كأحسن ما يكون، مجسّدا في المصنّفات التّفسيرية. وقد صوّر السّيوطي هذا الارتباط القائم بين الجوانب الدّينية واللّغوية في قوله: « كانت العرب في جاهليّتها على إرثٍ من إرث آبائهم في لغاتهم وآدابهم ونسائكهم، وقرابينهم. فلمّا جاء الله تعالى بالإسلام، حالت أحوال، ونُسخت ديانات، وأُبطلت أمور، ونُقلت من اللّغة ألفاظ من مواضعَ إلى مواضعَ أخر بزيادات زيدت، وشرائع شُرّعت، وشرائط شُرطت، فعفى الآخرُ الأوّل»(21). إنّ المفسّر، بِغضّ النّظر عن مذهبه، يبدأ من اللّغة وإليها يعود وكل ذلك يكشف عن مركزيّة هذه الأداة الّتي يسعى كلّ مفسّر إلى تكييفها مع ما يروم إبرازه على أنّه مقصد ومراد من كلّ آية. وإذا كانت للّغة مسائل وقضايا وتشعّبات منجرّة عن تفرّع أجزائها وارتباطها بالفكر والتّحولات الاجتماعية، فإنّ التّفسير هوّ الآخر عالم متشعّب الأطراف بما احتوى عليه من قضايا الإيمان والعقائد والتّشريعات في أشكال متنوّعة: أنباء وأخبار وقصص وأقوال بأساليب مباشرة وغير مباشرة. فكيف بأداة في العمل مليئة بالأسئلة والإشكالات أن تحلّ قضايا موضوع لا يقلّ عنها تشعّبا وتعقيدا؟ وإذا كان رصيد اللّغة لا يُدرك، على حدّ عبارة الشّافعي، الّذي يعتبر أنّ اللّسان العربي لا يحيط به إلاّ نبي(22). فإنّ كلام الله بحر لا تنفد كنوزه ولا تنتهي عجائبه وهو مكتف بذاته، لا يحتاج إلى حديث غيره(23).
إنّ النّاظر في المدوّنة التّفسيرية تلفته محدودية المنهج المتحكّم  في مكوّناتها وعناصرها. فعلوم القرآن هي ثمرة المحاورة بين النّص والعقل. وقد أُطلق عليها في زمن متأخّر اسم علوم القرآن. وهذه العلوم الّتي هي أقوال قراءة وقع اعتبارها تدريجيّا  مداخل ضرورية لفهم القرآن. فأضحى الرّأي التّفسيري  محدّدا أساسيّا في ضبط الوعي الدّيني. والّذي يتّخذ له سبيلا مخالفا في التّأويل يُعتبر سالكا لسبيل الخروج عن الأمّة والإجماع وقائلا في القرآن برأيه، ويُنعت بالتّطفل والتّدخّل في مجال يندّ عن حدود الاختصاص. وبالنّهاية يكون هذا الرّأي في غير محلّه ومن غير أهله. ومن مظاهر التّهافت، نذكر أنّ النّتائج المنجرّة عن الأدوات التّحليليّة المستنبطة من المفسّرين، ليست محلّ توافق ولا حتّى تقارب فيما بينهم جميعا، فلا النّاسخات كالنّاسخات ولا المنسوخات كالمنسوخات، لا في نصّ الآيات ولا في عددها. وكذلك الأمر في أسباب النّزول. وقد قال الواحدي في شأنها: «ذهب الّذين يعلمون فيما أُنزل القرآن. وأمّا اليوم فكلّ أحد يخترع شيئا ويختلق إفكا وكذبا ملقيا زمامه إلى الجهالة، غير مفكر في الوعيد للجاهل بسبب الآية»(24). فأنت تجد السّبب الواحد وراء نزول الآيات العديدة. وتجد الأسباب العديدة وراء الآية الواحدة. وتتضارب الرّوايات وتتعدّد من مفسّر إلى آخر. 
وقس على ذلك شأن الآيات المحكمات والمتشابهات. فالمحكم عند هذا المفسّر متشابه عند ذاك، والمتشابه عند ذاك محكم عند غيره. وأمْر المفسّرين في هذا العنصر يدعو إلى الغرابة، فمنهم من رأى أنّ القرآن كلّه متشابه، ومنهم من قال إنّ القرآن كلّه محكم، ومنهم من رأى أنّه جمع بين النّوعين دون أيّ تحديد لعدد المحكمات والمتشابهات، ودون أيّ ضبط لنصوصها. وليس أمر المطلق والمقيّد والخاصّ والعام بأفضل حالا ممّا سبقت إليه الإشارة من بقيّة الأنواع.  
إنّ المتأمّل في المنظومة التّفسيريّة التّقليديّة، يُلفي أنّ أعلامها في الوقت الّذي يعتبرون فيه أنّ الحقيقة الدّينيّة قد اكتملت مع القرن الأوّل استنادا إلى الحديث الّذي يُشير إلى أنّ خير النّاس هم الّذين جايلوا الرّسول، ثمّ الّذين يلونهم(25)، فإنّهم يعمدون في تفاسيرهم إلى الفصل بين الآية وسياقها. كما يفصلون بين جملة الشّرط وجملة جوابه. كما هو الحال في قضيّة تعدد الزّوجات المتعلّق فحسب بالأرامل صاحبات الأيتام. والمفسّرون أنفسهم يفهمون دلالة التّخيير الواردة في حرف «أو» على أنّه يعني دلالة الجمع الوارد في حرف الواو. وبذلك سمحوا بالجمع بين الزّوجة وملك اليمين. وهم الّذين يتعاملون مع الاسم النّكرة كما لو كان معرّفا في الآية الّتي تُشير إلى أنّ آيات أُخر متشابهات. واستساغوا الجمع بين لفظة الشّهيد ودلالة الموت. والحال أنَّ صريح الآيات بعيد كلّ البعد عن هذا الجمع، وإنّما تسلّل الخلط إلى الأذهان من اعتماد التّرادف بين لفظتيْ الموتى والأموات. والأمثلة الدّالة على هذا الخلط المفهومي عديدة ومتنوّعة، وهو ما يُحيل على ما يُمكن تسميته «بالجهل المقدّس».
وأمام هذا التّداخل مازال المرء يتأمّل هذه المنظومة حتّى يُلفي أمرا متناقضا يأبى العقل السّليم قبوله. وهذا الأمر يتمثّل في اعتبار أنّ آيات مثل آيات الإٍرث، على سبيل المثال، تعتبر ناسخات لآيات الوصيّة. وإذا بآيات الإٍرث نفسها تكرّر في أربعة مواضع أنَّ الوصيّة والدّيْن مقدّمان على قانون الإٍرث. وإذا كان الخطاب القرآني يقدّم الوصيّة على الدّيْن، فإنّ المفسّرين كما الفقهاء يقدّمون الدّين على الوصيّة. وعندئذ لا يجد المرء مناصا من تقدير الإكراهات السّياسيّة والإملاءات المسلّطة من رجال السّياسة والسّلاطين سببا كافيا لفهم هذا الالتباس. والأدلّة على ذلك كثيرة كما سترد في هذا المصنّف.
وما من شكّ في أنّ الثّقافة الذّكوريّة الّتي كانت سائدة زمن تدوين التّفسير قد تركت آثارها السّلبيّة في توجيه المعاني المستفادة من الآيات المتعلّقة بالأحوال الشّخصيّة. فلا غرابة أنْ يُفسّر لفظ الرّجال بالذّكور، في كلّ الحالات، ولفظة النّساء بالإناث. وفي ضوء هذه الثّقافة فُسّرت قواعد القوامة وشُرح تأديب المرأة بالضّرب. وصُلْب هذه المنظومة الثّقافيّة انبرى أصحاب الاتّجاه اللّغوي يُركّزون على ما يجعل الكلام الإلهي كلاما خارقا معجزا. وبدلا من أن يكتفي المفسّرون بالإعجاز على أنّه مجرّد دليل على المصدر الإلهي للقرآن، حتّى يُركّزوا على ما فيه من القيم، فإنّهم أوغلوا في تفاصيل الإعجاز وأمعنوا في مكوّناته، ممّا أدّى إلى جعْل القدرة على الفعل انفعالا وحوّل القدرة على الإنجاز إلى إعجاز. وهو ما يُذكّر بما ذهب إليه «ويليام نيكولس» من أنّ المعجزة بشكل عامّ تمثّل تدخّل العنصر الخارق في سياق التّاريخ البشري وهو أمر يورّث ضعف الفهم وعجز الفعل، والحال أنّ الإنسان بإمكانه أن يُسيّر حياته بمفرده(26).  وهكذا تضافرت آثار مقولة الإعجاز مع آثار ظاهرة التّرادف وترسّبت الثّقافة في تعميق المعوّقات واجترار المداخل نفسها وإعادة إنتاج آليات المعرفة ذاتها. فصار الزّمن الثّقافي يدور حول ذاته في حركة اعتماد. ولا يُفتّ في عضد هذه الثّقافة إلّا بواسطة إبداع آليّات جديدة تنبع من القرآن ذاته لإعادة فهمه. إذْ إنّ هذا الكتاب، مازال يُمثّل منبع تفكير لدى عدد غير قليل من النّاس. وأمام هذا التّداخل اللّافت للنّظر في الأفكار والهشاشة في البناء، لا يجد الدّارس مناصا من التّساؤل حوْل الأسباب الكامنة وراء ذلك كلّه.
ومن غير المستبعد أنّ كثيرا من الأطروحات الفكريّة والآراء الّتي كانت موجودة، كانت تتّسم بالوجاهة والصّواب ولكنّها لم تصل إلينا نتيجة الإتلاف الّذي أضاع مكتبات بأسرها تحت وطأة الفتن والحروب. والدّليل على هذه الظّاهرة ما يعثر عليه الدّارس من حين لآخر، على بعض الإشارات، كالّذي ذهب إليه أبو مسلم الأصفهاني في تفسيره من أنّ النّسخ لا يكون صُلب الشّريعة الواحدة والرّسالة الواحدة، وإنّما يكون بين الرّسالات المتباعدة في الزّمان، حتّى يفعل التّطوّر الزّمني فعله في ضرورة التّبدّل والتّغيّر في الأحكام(27). ولكن الآراء الّتي انتصرت، وهي الّتي وصلت إلينا هي الّتي كانت مدعومة بالاختيارات السّلطويّة ثمّ عمّقتها الممارسة الفقهيّة وساهمت في ترويجها. وبناء على كلّ ذلك، فإنّ الدّرس الإسلامي مازال خصبا وبكرا مع امتداد مساحته، وهو ما يحتّم على الدّارسين تعقّب جذور الأشياء وتقصي مصادرها، ما وسعهم الجهد، على حدّ عبارة مصطفى الصّاوي الجويني(28).
وعلى هذه الشّاكلة باتت الدّواعي الكامنة وراء هذا البحث تتمثّل في المزيد من ضبط المفاهيم الأساسيّة في النّسيج التّفسيري وتخليصه من المحتوى المذهبي والنّأي به عن سيطرة المرويات المتعارضة مع صريح القيل القرآني. وانطلاقا من التّشعّب الكامن في الجهاز اللّغوي من جهة، وفي الفعل التّفسيري من جهة أخرى، فإنّ الدّارس إذْ يتعذّر عليه الإمساك بكلّ هذه التّشعبّات والسّير في كلّ سُبُلها، فإنّ غاية المرام لديه هي أن  يقتصر على إعادة ترتيب بعض العناصر المتداخلة وتبويبها في فصليْن إثنيْن هما: التّرادف وقضاياه، والإعجاز وكيفيّاته ومآلاته.
الهوامش
(1) يقول عليّ بن أبي طالب: « هذا القرآن إنّما هو خطّ مستور بين الدّفّتين لا ينطق بلسان ولا بدّ له من ترجمان وإنّما ينطق عنه الرّجال» علي بن أبي طالب، نهج البلاغة، ضبط صبحي الصّالح، دار الكتاب اللَبناني، بيروت، ط 1، سنة 1967، ص 182.
(2) تجدر الإشارة في هذا الصّدد إلى أنّ المحقّق خضر محمّد نبه قد جمع شتات تفاسير أعلام عديدين  من أعلام المعتزلة مثل  أبي الحسن الرّماني وأبي بكر الأصمّ وأبي عليّ الجبّائي وأبي مسلم محمّد بن بحر  الأصفهاني والقاضي عبد الجبّار وأبي القاسم  الكعبي البلخي وسمّاها «بموسوعة تفاسير المعتزلة»، وقد نشرها بدار الكتب العلميّة، بيروت، في مطلع هذا القرن.
(3) المغني في أبواب التّوحيد والعدل، ج16، إعجاز القرآن ، تحقيق أمين الخوليّ، دار الكتب، القاهرة،  ط1، سنة1960.
(4) دلائل الإعجاز، تحقيق عبد المنعم خفاجي، ط1، القاهرة،  سنة1969.
(5)(الكشّاف عن حقائق التّنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التّأويل، مكتبة مصر، دار مصر للطّباعة، ط 1، د ت.
(6) معاني القرآن، تحقيق أحمد يوسف نجاتي ومحمد علي النجّار، دار الكتب، القاهرة، ط1، سنة1972.
(7) مجاز القرآن، تحقيق محمّد فؤاد سيزكين، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط2، سنة1981.
(8) إعراب القرآن، تحقيق إبراهيم الأبياري،  دار الكتاب اللّبناني، بيروت، ط2، سنة1986. 
(9) أبو الحسن علي بن عيسى الرّمّاني، الجامع لعلم القرآن، تحقيق خضر محمد نبها، تقديم رضوان السيد، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، سنة2009، ص222.
(10) الرّمّاني، الجامع لعلم القرآن، وبالتّحديد مقدّمة المحقق، م س، ص11. 
(11) تحقيق فتح الله صالح علي المصري، دار الوفاء للطّباعة والنّشر والتّوزيع، المنصورة،  ط3، سنة1992.
(12) تحقيق عبد الفتّاح اسماعيل شلبي، دار نهضة مصر للطّبع والنّشر، القاهرة، د ت.
(13)  تحقيق إبراهيم السّامرّائي، دار الفكر للنّشر والتّوزيع، عمّان، ط1، سنة1984.
(14) ثلاث رسائل في إعجاز القرآن، تحقيق محمد خلف الله ومحمد زغلول سلام، ط2، دار المعارف، مصر، سنة1968.
(15) انظر الرّمّاني، التّفسير، تقديم رضوان السّيد، م س، ص3.
(16)  عبد السلام المسدّي، حدّ اللّغة بين المعيار والاستعمال، مقال ضمن كتاب جماعي: الملتقى الدّولي الثّالث في اللّسانيّات، مركز الدّراسات والأبحاث الاقتصادية والاجتماعيّة، تونس، ط1، سنة1986، ص67.
(17) «وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ  وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ»، سورة العنكبوت 29، الآية 43.
 (18) V.Moubarac ,Youakim, Abraham dans le coran : l’histoire d’Abraham dans le coran et la naissance de l’islam : étude critique des textes coraniques suivie d’un essai sur la représentation qu’ils donnent de la religion et de l’histoire, librairie philosophique,  J, vrin, Paris, 1958, Chapitre I:  La prothétologie coranique et Muhammad : notion étymologique de prophétie , progression coranique, pp 15, 19.
(19) محمّد رشاد الحمزاوي، العربية والحداثة أو الفصاحة فصاحات، دار الغرب الإسلامي، بيروت، سنة1986، ص157 وما بعدها.
(20) جلال الدّين السّيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج1، دار المعرفة، بيروت، لبنان، دت، ص50.
(21) جلال الدّين السّيوطي، المزهر في علوم اللّغة وأنواعها، ج1، النّوع العشرون معرفة الألفاظ الإسلاميّة، القاهرة، سنة1986، ص296. وابن فارس، الصّاحبي في فقه اللّغة وسنن العرب في كلامها، تحقيق أحمد صقر، دار إحياء الكتب العربيّة، بيروت، سنة 1977، ص78.
(22) الشّافعي ، الرّسالة، تحقيق أحمد شاكر، مكتبة الحلبي، مصر، القاهرة، ط1، سنة 1358هـ/ 1940م، ص41.
(23) جاء في الحديث رقم 2906، في سنن التّرمذي، باب فضل القرآن، مايلي: «حدّثنا عبد بن حميد، حدّثنا حسين بن علي الجعفي، قال: سمعت حمزة الزيات عن أبي المختار الطائي عن ابن أخي الحارث الأعور عن الحارث، قال: مررت في المسجد فإذا النّاس يخوضون في الأحاديث. فدخلت على علي، فقلت: يا أمير المؤمنين !ألا ترى أنّ الناس قد خاضوا في الأحاديث؟ قال: وقد فعلوها؟ قلت: نعم. قال: أمّا إنّي قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ألا إنّها ستكون فتنة، فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله فيه نبأ ما كان قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله. وهو حبل الله المتين وهو الذِّكر الحكيم وهو الصراط المستقيم. هوّ الّذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق على كثرة الرّد ولا تنقضي عجائبه. هوّ الّذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا إنّا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرّشد من قال به صدق ومن عمل به أُجِرَ ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هُدِيَ إلى صراط مستقيم. خذها إليك يا أعور. قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه وإسناده مجهول وفي الحارث مقال.
(24)  أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي، أسباب النزول، دار الهلال، بيروت، طبعة جديدة، سنة1991، ص 9
(25) انظر صحيح البخاري، حديث رقم 2652، وصحيح مسلم، حديث رقم 2533.
(26) V. Nicholls, william, the pelican guide to  modern theology: volume 1: systematic and philosophical theology, penguin, books, Australia, 1969, p183.  
(27) يمكن العودة في هذا المجال إلى أبي مسلم الأصفهاني، التّفسير، تحقيق خضر محمد نبها، موسوعة تفاسير المعتزلة، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط1، سنة2007، البقرة 2، الآية 106، ص43.
(28) مصطفى الصّاوي الجويني، مناهج في التّفسير، منشأة المعارف، مصر، د ت، وبالتّحديد المقّدمة،  ص3.