أ.د.عبدالجبار الرفاعي
لا علمَ بلا فلسفة : 198 - 2024/01/05
‏الفلسفةُ توقظ العقل، الفلسفةُ استعمال العقل خارجَ وصاية الآخرين، ووصايةِ الرّوح والقلب والمشاعر. تَعَلّمُ الفلسفةِ هو تعلّمُ التّساؤلِ، وتعميقُ الأسئلة الكبرى، وتوالدُ الأسئلة على الدّوام من الإجابات. التّفلسفُ لا ينتهي ولن يتوقّفَ مادام الإنسانُ يندهشُ ويفكّر ويتساءل ويشكّك ‏ويتأمّل ويناقش ويتحاور ويختلف ويتنافس ويتصارع. التّفلسفُ وعيٌ عقليّ تأمليّ عميق، لا يجيده كلُّ عقل، يحتاج التّفلسفُ عقلًا ذكيًّا فطنًا مندهشًا متسائلًا.
اقرأ المزيد
تمثلات الدين فردية ومجتمعية : 197 - 2023/12/01
كما يؤثر الدّينُ في حياة الفرد يؤثّر في حياة المجتمع. آثارُ الدّين في الحياة تكونُ ظاهرةً ومستترة، تارةً تكونُ سطحيّةً مكشوفة تظهرُ في اللّغة والمواقف والسّلوك، وأخرى تكونُ عميقةً غاطسةً في اللاّشعور. لا يتوقّفُ أثرُ الدّينِ على حياة الفرد كما يرى جماعةٌ ممّن لا ينظرون للواقع بتأمّلٍ دقيق، ما فعلتْه الأديانُ في حياة المجتمعات لا يقلُّ عن فعلِ الأديان في حياة الأفراد. يحضرُ الدّينُ في حياة الفرد مثلما يحضرُ في حياة المجتمع، لا دينَ بلا تديّن فردي ومجتمعي،كلُّ ما يؤثّرُ في حياة الفرد يؤثّرُ في حياة المجتمع. يُعبِّر الدّينُ عن حضوره بشكلٍ ظاهر في تفكير الفرد ولغته وثقافته ومواقفه وسلوكه، كما تظهرُ تمثّلاتُ الدّين في تفكير المجتمع ولغته وثقافته ومواقفه وسلوكه. يتوغّل الدّينُ بشكل خفيّ في اللاّشعور الفردي، وهكذا يتوغّل بعمق ليكون بنيةً راسخة في اللاّشعور الجمعي.
اقرأ المزيد
مناقشة الرؤى الرسولية لعبد الكريم سروش : 196 - 2023/11/03
لكلٍّ من العلم والفنّ والغيب حقيقةٌ على شاكلته، يمكن التّعرّفُ على هذه الحقيقة في فضائها الخاصّ. للغيبِ حقيقتُه ومظاهره وفضاؤه، مثلما للعلم حقيقتُه وفضاؤه وقوانينه، وهكذا للفنّ حقيقتُه وفضاؤه. التّعرّفُ على الغيبِ في القرآن الكريم يكونُ من خلال ما تتحدّث به آياتُه. الحياةُ الرّوحيّة هي الأفقُ الأوضحُ الذي تظهر فيه آثارُ الغيب في حياة الإنسان، وهذا الأفقُ لا يتطابق مع الأفقِ المادّي الذي تنكشفُ فيه قوانينُ الطّبيعة. لا يخضع الغيبُ في اكتشافِ ذاتِه ومعرفةِ حقيقته للعلمِ ومناهجِ البحث العلمي، وإن كانت العلومُ هي الأداة الأساسيّة في التّعرّف على تأثيرِ الغيب في الواقع ودراسةِ تعبيراته في الحياة الفرديّة والمجتمعيّة.
اقرأ المزيد
الدين والرؤية الجمالية للعالَم : 195 - 2023/10/06
يحتاج الإنسانُ إلى لغةٍ مكتفية بذاتها خارجَ اللّغة، يتحدّثُ فيها للوجود ويتحدّثُ فيها الوجودُ إليه، لغةٍ يتذوّقُ فيها إيقاعَ أنغام الوجود وألحانه. الفنُّ لغةٌ يتذوّقُها كلُّ إنسان مهما كانت لغتُه وثقافتُه وديانتُه. الفنُّ ‏لغةُ الرّوح قبلَ العقل، لغةُ القلب قبلَ الفكر، لغةٌ آسِرةٌ تُصغي إليها المشاعرُ كأجمل ما تصغي لأيّة لغة. لغةُ الواقع المحسوس تُنهِك القلب، الفنُّ ‏لغةٌ يستريحُ فيها القلبُ عندما يُرهقه المكوثُ طويلًا في لغةِ الواقع المحسوس.
اقرأ المزيد
الاغتراب الميتافيزيقي : 194 - 2023/09/01
«الاغتراب الميتافيزيقيّ» كما أصطلحت عليه، هو اغتراب وجودي عن العالَم الميتافيزيقي. وهو ضربٌ من الاغتراب يختلف عن اغتراب الوعي، والاغتراب الاقتصادي، والاغتراب الاجتماعي، والاغتراب النفسي، والاغتراب السّياسي. ينشأ هذا الاغتراب عندما يحبس الإنسانُ وجوده بالوجود المادّي الضّيق، فيختنق باغترابه عن الوجود الميتافيزيقي. وينتج عن ذلك تمزّق الكينونة الوجوديّة للإنسان وضياعها بتشرّدها عن الأصل الوجودي لكلِّ موجود في عالَم الامكان. يفتقرُ الإنسانُ في وجوده المتناهي المحدود إلى اتّصالٍ بوجودٍ غنيّ لا نهائيّ لا محدود، وعندما لا يتحقّق له مثلُ هذا الاتّصال الوجوديّ يسقطُ في الاغترابِ الميتافيزيقيّ. الاغترابُ الميتافيزيقي يعني أنَّ وجودَ الذَّات البشرية وكمالَها لا يتحقّقان ما دامتْ مغتربةً في منفى عن أصلها الذي هو الوجود الإلهي.
اقرأ المزيد
مفتاحُ تفسير الكتاب الكتابُ نفسه : 193 - 2023/08/04
مفتاحُ تفسير كلِّ كتاب هو الكتابُ نفسُه، لأنّ نصوصَه مُضاءٌ بعضها بالبعض الآخر، سواء كان كتابًا مقدّسًا أو غيره. آياتُ القرآن الكريم تفسِّر إحداها الأخرى، وذلك ما دعا أكثر من مفسِّرٍ لتبنى تفسير القرآن بالقرآن. ويعدّ هذا المنهج من أدقّ مناهج التّفسير الموروثة، غير أنّ مَن اعتمده لم يكن استثناء، فكان اختياره لتفسير آيةٍ بآية وكلمةٍ قرآنيّة بآية وآيةٍ بكلمة يخضع لرؤيته للعالَم وتكوينِه المعرفي ومعتقده ولغته الأم.
اقرأ المزيد
أثر رؤية المفسِّر للعالَم في التفسير : 192 - 2023/07/07
مفتاحُ تفسير كلّ كتاب هي الكتاب ذاته، لأنّ نصوصَه مضاءٌ بعضها بالبعض الآخر، سواء كان كتابًا مقدّسًا أو غيره. آياتُ القرآن الكريم تفسِّر إحداها الأخرى، وذلك ما دعا أكثر من مفسِّر مجتهد لتبنى تفسير القرآن بالقرآن. ويُعَدّ هذا المنهج من أدقّ مناهج التّفسير الموروثة، غير أنّ من اعتمده لم يكن استثناء، فكان اختياره لتفسير آيةٍ بآية وكلمةٍ قرآنيّة بآية وآيةٍ بكلمة يخضع لرؤيته للعالَم وتكوينِه المعرفي ومعتقده. ولا يعني ذلك أنّ المفسِّرين المجتهدين الذين اعتمدوا هذا المنهج لم يحرصوا أشدَّ الحرص على الوفاء لمنهجهم المعتمد في تفسيرهم. إذ نراهم يهتمّون بإضاءة مدلول الآيات بالآيات، ويشدّدون على استنطاقها بنظائرها، ويعودون أحيانًا إلى الآيات المفتاحيّة الكبرى في القرآن فيطبّقونها على آيات تمثّل مصاديقَ لها، ويحاولون اقتفاء أثر الدّليل ويعملون على التّمسك بالحجج المنطقيّة ما أمكنهم ذلك، ومع ذلك نرى أثرًا واضحًا لرؤية المفسِّر للعالَم وتكوينه المعرفي ومعتقده في هذا النّوع من التّفسير.
اقرأ المزيد
الفهمُ ضربٌ من تحقّق الموجود : 191 - 2023/06/02
أبديّةُ الكتب المقدّسة لا يحقّقها في مختلف الأزمان إلاّ تعدّدُ قراءتها وتنوّعُ فهمها. تفسيرُ النّصوص الدّينيّة لا يمكنه أن يواصلَ الحضورَ إن لم يتأسّس على تعدّد الفهم وتنوّعه، تبعًا لتعدّد وتنوع الأحوال والأزمان، لذلك تتوقّف المعرفةُ عندما تكفُّ عن الاستمرار في توالد الفهم وتعدّد المعنى وتنوّعه. رفضُ التّعدّد والتّنوع في الفهم يعني أنّ الواقعَ يلبثُ ساكنًا، والقرآنَ يظلُّ صامتًا، لا يبوحُ برؤية يتكشّف فيها المعنى الذي يستجيبُ لما تفرضه حياةُ الإنسان وأنماطُ عيشه المتغيّرة. كأنّ الإنسانَ مكثَ منذ لحظة وجوده في الأرض كما هو؛ لا يتحرّك، لا يتحوّل، لا يتغيّر، لا يتطوّر. واقعُ حياة الإنسان في الأرض يكذِّب ذلك.
اقرأ المزيد