أ.د.وليد قصاب
التّفسير بين الموضوع والذّات : 204 - 2024/07/05
يقوم التّفسير الحيَوِيُّ النّاجح للنُّصُوص على مُعَادَلَةِ التَّوَازُنِ بين الذّات والموضوع؛ ذلك أَنَّ كُلّاً منهما مشروع ومسموح به في تفسير النّص واستقباله ما دام لا يطغى على الآخر، أو يستبعده، أو يَسْتَبِدُّ هُوَ وحده بهذا النّشاط المعرفي الهامّ. والذّات معناها إحساس المفسِّر بالمعاني، وشعورهُ تِجاهها، وما تركته في نفسه من أثر، أو أَوْحَتْ إليه من أَفْكَارٍ وَمَشَاعِرَ، وما استطاع أن ينفُذَ إليه منها ممّا لا يَسْتَطِيعُ أن يَنْفُذَ إليه غَيْرهُ. وهذه الذّاتُ حاضرةٌ عند التَّعامُلِ مع النّصوص عادةً، وقد يمكن أن نُعَبِّرَ عنها -بِلُغَةِ النّقد الأدبي الحديث- بِأُسْلُوب التَّلَقِّي أو أُسْلُوب قِرَاءَةِ النّص واستقباله.
اقرأ المزيد
حرية الإبداع تطول الثوابت : 203 - 2024/06/01
يزداد في الأدب العربي الحداثي عددُ المتطاولين على الأديان والمعتقَدات، بل على الذّات الإلهيَّة والأنبياء، يوماً بعد يوم. لقد صار ذلك (تقليعة) أو(كالتّقليعة) في أدب حداثِيِّي اليوم، وهم يتسابقون إليها متباهين، كلٌّ يريد أن يبزَّ الآخرين، وأن يبدعَ في فتح قاموس البذاءة والسبِّ والمجاهرة بالاعتداء على كلِّ ما هو ثابتٌ مقدَّس في ثقافة هذه الأمَّة.
اقرأ المزيد
مرجعيّتنا الفكريّة.. إلى أين؟ : 202 - 2024/05/03
من يتأمَّل خارطة المشهد الثقافيِّ العربيّ المعاصر لا يشعُر بالتّفاؤل، وتبدو له هذه الخارطةُ مبتلاةً بكثير من التّشوُّهات التي تُشعر أنّ صحَّتها معتلَّة بعلل خطيرة، وهي عللٌ أيسرها أنّها لا تُسعِف - كما هو شأنُ الثّقافة في كلِّ أمّة - على تمثُّل شخصيّة واضحة الملامح لهذه الأمَّة التي تُنتجها، وهُويَّة الحضارة التي تَصدُر عنها.
اقرأ المزيد
نظريات أم تقليعات؟ : 199 - 2024/02/02
يتسارع ما يسمّى بالمذاهب والنّظريّات الأدبيّة والفكريّة والفلسفيّة في عالم اليوم تسارعًا منقطع النّظير، حتى صار من العسير على أيّ قارئ مهما كان نهمه للقراءة والاطلاع أن يلاحقها، أو يتتبّع آخر مستجداتها. ويلاحظ أنّ المذاهب الأدبيّة والمناهج النّقديّة –إذا خصّصنا الكلام بها- مناهج ثوريّة، ومن طبيعة هذه الثّورة أن تقوم على هدم ماقد سبقها وتقويض؛ إذ لم يعد الفكر ذا بناء تزامنيّ تصاعديّ يكمل بعضه بعضًا، أويتمّمه، ويستدرك النّقص فيه.
اقرأ المزيد
حُمَـاةُ الأقصى : 197 - 2023/12/01
شَــبّ اللّظــى في غزّةٍ والــــــنّــارُ تـــتّــقِـــدُ يَــصْلى بها أهـْـلُوكُــــمُ وديـــــارُهـــم بَـــــدَدُ ومــشَـرّدون وجـائـعــو نَ، وعــيــشُهم نَـــكَــدُ
اقرأ المزيد
تجنيد العقائد المنحرفة في الأدب العربيّ الحديث : 195 - 2023/10/06
بسبب قدرة الأدب على التّغيير، وبسبب دوره المؤثِّر الفعّال في حفز النّفوس على الثورة والعمل، وتبنّي المواقف؛ اصطنعته الطّوائف المختلفة في القديم والحديث سلاحًا هامًّا من أسلحتها في الدّعوة وصياغة الأحاسيس والتّصوّرات المختلفة عن الكون والإنسان والحياة . فكان واحدٌ مثل ستالين يقول : « الأدباء مهندسو البشريّة».
اقرأ المزيد
الأدب الإسلاميّ في إطار البديهيات الشرعية والواقعية والفنية : 194 - 2023/09/01
إنّ موطن الخلاف بين دعاة الأدب الإسلاميّ وبين معارضيه أنّ الأولين يؤمنون بارتباط الأدب بالدّين، وهم يرون أنّ هذا الرّبط هو من صميم العقيدة والواقع، وهو بالتّالي ضرورة شرعيّة وفنّيّة وليس مجرّد مذهب فنّيّ في الأدب والنّقد فحسب. بينما لا يرى الآخرون هذا الارتباط، ولعلّهم قد يشعرون أنّ الأدب نشاط مستقل عن الدّين، في الطّبيعة والوظيفة. ويبدو لي - فيما اطّلعت عليه من آرائهم - أنّ الذي يحملهم على تبنّي مثل هذا الموقف أمران رئيسان:
اقرأ المزيد
موقف الأدب الإسلاميّ من المذاهب الأدبية الغربية (2/2) : 191 - 2023/06/02
المذاهب الأدبية الغربية هي نتاج فلسفات وإيديولوجيات أنتجتها الحضارة الغربيّة، وقد استنبطت من أدب ذي طبيعة مختلفة ـ فكريّا، وفنيّا، وجماليّا ـ عن طبيعة أدبنا العربي الإسلامي. وبالتّالي فهي ليست إنتاجا إبداعيّا عربيّا، ولا هي مستقرأة من نماذج أدبنا العربي أو الإسلامي: قديمه وحديثه، ولا هي إفرازات مجتمع عربي إسلامي، أو حضارة عربيّة إسلاميّة. ولأنّ الحضارة الغربيّة الآن هي الغالبة المتسلّطة، فإنّها تنجح في تصدير مذاهبها إلى الآخرين، ويقع المغلوبون المنهزمون تحت سلطانها، وقد يذوبون فيها، ولا سيّما إذا لم يفيؤوا إلى ركن ركين من عقيدتهم أو تراثهم، أو تاريخهم، يحميهم من الفناء أو التّلاشي في الآخر. وقد فعلت المذاهب الأدبيّة الغربيّة فعلتها في أدبنا العربي الحديث، وغرّبت كثيرا من نماذجه، وقطعت صلتها شكلا ومضمونا بمنابع الثّقافة العربيّة والإسلاميّة الأصيلة. فكيف يتعامل الأدب الإسلامي مع هذه المذاهب الأدبية الغربية؟ وأين سيكون موقعه منها؟ وما هي معاييره في ضبطها، وكبح جماحها؟
اقرأ المزيد
موقف الأدب الإسلاميّ من المذاهب الأدبية الغربية (1/2) : 190 - 2023/05/05
مما لا ينبغي أن يخفى على أحد أنّ الأدب فنّ غير حيادي، بل هو منحاز دائما إلى الفكر الذي أنتجه، وإلى التّصوّر الفلسفي أو العقدي الذي صدر عنه. ومن ثمّ فإنّ المذاهب الأدبيّة عند جميع الأمم هي في إطار هذا الارتباط بالحضارة التي أنتجتها، والفلسفات التي خرجت من رحمها. إنّها ليست مجرّد آراء في الأدب واللّغة والنّقد، أو أجناس الأدب وطبيعتها ووظيفتها، ولكنّها – وهي تتحدّث عن ذلك كلّه – تمثّل عقائد وإيديولوجيّات عن الكون والإنسان والحياة، وعن الأديان والألوهيّة في أحيان غير قليلة.
اقرأ المزيد
أكلُّ أدب إلاّ الأدب الإسلاميّ؟ : 189 - 2023/04/07
لو شاء الباحثُ لسوَّد الصَّفحاتِ الكثيرةَ في تسويغ الدَّعوة إلى الأدب الإسلامي، وبيانِ ضرورته في هذا العصر خاصَّة، وإذا كان تبنِّي كلِّ فكرٍ يمثِّل هُويَّة الأُمَّة التي ننتمي إليها هو من البَدَهِيَّات التي لا تحتاج إلى مسوِّغٍ أصلاً؛ فإنَّه -من قبيل المجادلة بالتي هي أحسن- نذكرُ أنَّ على رأس هذه المسوِّغاتِ -إن كان لابدَّ من مسوِّغاتٍ لمَنْ لا يقتنع إلا بها- تفشِّي الدَّعوةِ إلى أدبٍ غيرِ إسلاميٍّ؛ بل إلى كلِّ أدبٍ غيرِ دينيٍّ، ولا خُلُقيٍّ، ولا هادِفٍ؛ بل إلى مُعاداة كلِّ أدبٍ من هذا القبيلِ، وإقصائِه، والتَّعْتيمِ عليه، أو الاِنتقاصِ من قَدْره والإزْرَاءِ به، وعده لوناً من ألوان القَوْل المتخلِّف الرَّجْعِيِّ!
اقرأ المزيد