حديقة الشعراء
بقلم |
رشيد سوسان |
أَنْتِ الْهُدى يا غالِيَه |
صَرَخَـتْ هُدى،
نــادَتْ بِأَعْـلى صَوْتِها:
أُمّـي... أَخـي...
أُخْتـي... أَبـي...
لَمْ تَسْتَجِبْ إِلاَّ مِياهُ الْبَحْرِ
تَلْطِمُ خَدَّها.
أَسَفاً عَلى فُقْدانِ
مُعْتَصِمِ الْعَرَبْ!
فَتَساقَطَتْ أَصْداءُ صَرْخَتِها
عَلى قِمَمِ الْجِبالْ.
وتَغَلْغَلَتْ آهاتُها حُمَماً
بِأَعْماقِ التُّرابْ.
وَسَرى نَزيفُ صُراخِها
في كُلِّ ذَرّاتِ الرِّمالْ...
صَرَخـاتُها ازْدادَتْ صَدى!
آهـاتُها مَلأَتْ مَدى!
لَكِنَّها لَيْسَتْ سُدىً...
صَرَخاتُها صارَتْ وُعوداً
فِي الْكِتابْ.
صَرَخـاتُها لَفَحَتْ وُجـوهَ
الشّاهِدينَ... السّامِعينَ!
النّاظِرينَ... الصّامِتينْ!
صَرَخاتُها حَنَّتْ لَها:
شُهُبُ الْكَواكِبِ فِي الْعُلاَ.
أَنَّتْ لَها غُصَصُ النُّجومِ،
اللاّمِعاتِ مِنَ السَّمَا.
صَرَخاتُها ...
سَكَنَتْ مَنازِلَنَا الْوَدِيعَةَ
مِثْلَ عِطْرِ الْياسَمِـيـنْ.
وَسَقَتْ مَواتَ قُلُوبِنا
أَفْيـاضَ كَأْسٍ مِنْ يَقيــنْ.
صَرَخـاتُها نَبتَتْ هُنــا،
بِحُقولِنَا الْقَفْـرَا!
كَأَغْصانِ النَّخيـــــلْ...
* * * * *
صَـــرَخَـــتْ هُـدَى
نَــــادَتْ بِأَعْلَى صَوْتِها!
هَبَّتْ مِياهُ الْبَحْرِ قـائِلَةً:
لَقَدْ أَفَـلَ الْعَـرَبْ.
وَوَراءَهُمْ... وَأَمـامَهُمْ...
تَصْطَفُّ أَوْكارُ الطَّرَبْ.
لَكِنَّما سَيَجِيءُ يَوْمٌ فِيهِ
يُقْرَعُ صَوْتُ بُرْكانِ الْغَضَبْ.
وَيَعـودُ كُلُّ النّازِحيـنَ
الصّـامِديـنَ الصّابِريـنَ،
إِلَى التِّلالِ... إِلَى الرِّمــالِ...
إِلَى الدِّيــارِ... إِلَى الشَّجَــرْ.
|