شخصيات الإصلاح

بقلم
التحرير الإصلاح
أ.د. عبد الجليل التميمي
 الأستاذ الدكتور عبد الجليل التميمي، مؤرخ ومفكّر تونسي ولد في 21 جويلية 1938 بمدينة القيروان،  تلقّى تعليمه الابتدائي بمسقط رأسه ثمّ التحق بالتعليم الثانوي الزيتوني بتونس العاصمة ليدرس في ابن شرف ويتحصّل على شهادة العالمية، ثمّ واصل دراسته الجامعيّة بالعراق ليحرز على الإجازة في التاريخ. توجه، بعدها، إلى فرنسا ليحرز عام 1972 على دكتوراه الدّولة في التّاريخ الحديث، من جامعة «آكس أون بروفنس»، ليكون أوّل دكتور دولة في التّاريخ على مستوى المغرب العربي،وقد نوقشت رسالته من طرف خمسة من أكبر الأساتذة الفرنسيّين. كما تحصّل قبلها على ثلاثة ديبلومات: من الأرشيف الوطني الفرنسي، ومن جامعة بتسبورغ بالولايات المتّحدة، ومن الأرشيق الوطني الأمريكي بواشنطن.
يتقن أ.د. عبد الجليل التّميمي اللّغة التّركيّة والأنجليزيّة والفرنسيّة، تمّ تعيينه أستاذا مساعدا بكليّة العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة لجامعة تونس،رغم وقوف كلّ الأساتذة وقتها ضدّ تعيينه لأنّنه كان خريّج جامعة بغداد والشّعبة العصريّة الزّيتونيّة، فقد كان أوّل زيتوني يتحصّل على الشّهادة الابتدائيّة.
يعتبر من أبرز المتخصّصين في التّاريخ العثماني والموريسكي في العالم، وأوّل من اجترح مصطلحات جديدة حول الموريسكيّين في الوطن العربي، تحمّل العديد من المسؤوليّات في اختصاصه، اشتغل بإدارة الأرشيف الوطني، وكان خبيرا في علم الأرشيف بمؤسّسة الأرشيف العام للحكومة التّونسيّة، وأستاذا جامعيّا، ومديرا للمعهد الأعلى للتّوثيق، ورئيسا للفرع الإقليمي العربي التّابع للمجلس الدّولي للأرشيف- وهو أحد مؤسّسيه-، ورئيسا للّجنة العربيّة للدّراسات العثمانيّة- وهو أحد مؤسّسيها-، ورئيسا للجمعيّة التونسيّة للتّاريخ والآثار، ورئيسا للجنة العالميّة للدّراسات الموريسكيّة –وهو أحد مؤسّسيها-، ونائب رئيس المجلس الدّولي للفلسفة والدّراسات الإنسانيّة التّابع لليونسكو، ورئيسا للاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات، ونائب رئيس الاتحاد الدّولي للمستشرقين، كما أنّه انتخب عضوا في الجمعيّة التاريخيّة الأكاديميّة التّركيّة، واللّجنة العالميّة لمؤتمر الفنّ التّركي.
أسّس أ.د. عبد الجليل التّميمي مركز الدّراسات والبحوث العثمانيّة والموريسكيّة والتّوثيق والمعلومات بمدينة زغوان، ومن أهداف هذا المركز، كما جاء في أحد منشورات المركز(1)، أن يكون مركز معلومات تاريخيّة، وقاعدة بيانات وتوثيق للارشادات البيبلوغرافيّة بالموضوعات الخاصّة بالحقبة العثمانيّة والموريسكيّة-الأندلسيّة، ومكتبة متخصّصة في هذا المجال، وورشة دراسات وبحوث ونشر في ذات الاختصاص، وربط التّعاون العلمي بين الباحثين العرب والأتراك والفرنسيّين والإسبان والأمريكيّين وكلّ المختصّين الدّوليين في هذا الحقل المعرفي.
انطلق مشروع هذه المؤسّسة بإصدار المجلة التّاريخيّة المغاربيّة  عام 1974، وقدضمّت أعدادها الـ 178 أكثر من  1700دراسة أكاديميّة بالعربيّة والفرنسيّة والأنجليزيّة والإسبانيّة، ومنذ عام 1981 أصبح الدكتور عبدالجليل ينظّم مؤتمرات تاريخيّة حول الدّراسات العثمانيّة والموريسكيّة، وصولا إلى تأسيس المركز عام 1985 تحت مسمّى «مركز البحوث والدراسات العثمانية والموريسكيّة والتّوثيق والمعلومات». وفي عام 1995، تغيّر اسمه إلى «مؤسّسة التّميمي للبحث العلمي والمعلومات». وفي منتصف نوفمبر2004 انتقلت المؤسسة إلى مقرها الحالي في المركز العمراني الشّمالي بالعاصمة التّونسيّة. 
غطّت مؤسّسة التّميمي أهم فروع المعرفة والبحث في العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة واهتمّت بالذّاكرة الوطنية والمغاربية، وبالدّراسات عن الإيالات العربيّة ومدوّنة الآثار العثمانيّة، والدّراسات الموريسكيّة-الأندلسيّة، والملفّات الجغراسياسيّة، وقد نظّمت أكثر من 145 مؤتمرا ولقاء عربيا ودوليا، ومئات الملتقيات للذّاكرة الوطنيّة وعشرات المنتديات عن ثورة 2011، ونشرت مائتين وخمسين كتابا، 
من مآثر أ.د. عبد الجليل التّميمي أنّ له  أغنى مكتبة خاصّة في العالم العربي، تضمّ في رفوفها أكثر من 21 ألف كتابا، وكان من الذين عملوا على تعريب تدريس مادة التّاريخ بالجامعة التّونسية لما يهمّ التّاريخ العربي الإسلامي. وهو المؤرّخ العربي الإسلامي الوحيد الذي تجرأ وطلب من ملك أسبانيا «خوان كارلوس» وابنه الإعتذار من المسلمين وخاصّة من المورسكيّين، عبر توجيه ثلاث رسائل لهما يطلب فيها الاعتذار عن هذه المأساة الإنسانيّة ولكنّ طلبه قوبل بالرفض. ويعود سبب هذا الرّفض -حسب التّميمي- إلى أنّ قوّة «اللّوبي الكاثوليكي» هي التي تمنع الإسبان من الإعتراف بهذا الظّلم، ونتيجة تقصير العرب المسلمين الذين لم يقوموا بواجبهم للضّغط وخانوا القضيّة الموريسكية-الأندلسيّة.