شخصيات الإصلاح

بقلم
التحرير الإصلاح
أ.د. عبد المجيد الصغير
 الاستاذ الدكتور عبد المجيد الصغير هو أستاذ الفلسفة وتاريخ الفكر الإسلامي بكلية الآداب، جامعة محمد الخامس، بالرباط. وهو رئيس وحدة التكوين والبحث في الخطاب الصّوفي في الإسلام وأبعاده التّواصليّة وهو خبير معتمد لدى أكاديمية المملكة المغربية، ونائب رئيس منتدى الحكمة للمفكّرين والباحثين الذي يرأسه الدّكتور طه عبد الرّحمان. وأستاذ العقيدة وتاريخ علم الكلام بمؤسّسة دار الحديث الحسنيّة بالرّباط. 
اهتمّ الدكتور عبدالمجيد بتأريخ للفكر المغربي وتقويمه، وملاحقة مده وجزره، والبحث في بداياته.فبالرغم من تخصّصه الفلسفي الدّقيق الذي ينحاز لكلّ ما هو كوني وعالمي، فإنّ مفكّرنا قد اختار أن يتخصّص في البحث في تاريخ الفكر بالمغرب، والتّنقيب في مراحل نشأته وتشكّله، وإعادة تقويم مضمون هذا الفكر في بيئته وانطلاقا من سياقه والظّروف التي أنتج فيها، وقد لاحظ أنّ هذا الفكر يعاني نقصا كبيرا، وفقرا واضحا، نظرا لقلّة المصادر من جهة، ولصعوبة الاهتداء إليها من جهة أخرى. 
ويتجلّى ذلك في كتاباته في مجالات التّصوّف وخاصّة التّصوّف المغربي وقد أنجز فيه رسالته الجامعيّة الأولى «الماجستير»: «المدرسة الصّوفيّة الدّرقاوية في شمال المغرب وغروب الفكر الصّوفي المغربي» ومن هذه الرسالة تفرّع عملان وهما، الكتاب الأول «من تاريخ التّصوّف المغربي: إشكاليّة اصلاح الفكر الصّوفي في القرنين الثّامن عشر والتّاسع عشر للميلاد، أحمد بن عجيبة ومحمد الحرّاق»(1988)، والثاني «التّصوف كوحي وممارسة، دراسة في الفلسفة الصّوفيّة عند أحمد بن عجيبة»(1999)
كما انشغل بمجال علم الكلام خاصّة وهو استاذ في علم الكلام بكلية الاداب والعلوم الإنسانية وقد تولّى تدريس هذه المادّة لسنوات. وله دراسات هامّة في هذا المجال منها «المدخل الهامّ عن علم الكلام» الصّادر بالموسوعة الفلسفيّة العربيّة بالإضافة إلى  مجموعة مقالات نشرت ضمن كتابه المعروف في الفقه وشرعيّة الاختلاف في الإسلام، مراجعة نقديّة للمفاهيم والمصطلحات الكلامية» (2011)،وله أيضا ترجمة للمحاضرات التي ألقاها المستشرق الألماني «يوسف فان إيس» بمؤسسة الملك عبدالعزيز آل سعود بالدار البيضاء وقد صدرت تحت عنوان : «بدايات الفكر الإسلامي الأنساق والأبعاد» (2000)
واهتمّ الدكتور الصغير بمجال الفلسفة وله دراساته عديدة في المجال خاصّة عن ابن رشد وعلاقاته بابن طروس وابن تيمية ودراساته أيضا عن ابن خلدون.
وانشغل الدكتور عبدالمجيد في جزء من أعماله الأكاديميّة بتاريخ الفكر الإسلامي، خاصّة في الغرب الإسلامي، مع اعتناء بظرفيّة النّشأة وأسباب التّطوّر وإعادة النّظر في مقاصد علوم الإسلام وما تراكم حولها من مناهج وقراءات ومفاهيم وقيم. وفي هذا المجال نذكّر بأطروحة الدكتوراه التي أنجزها تحت عنوان «الفكر الاصولي وإشكالية السّلطة في الإسلام، قراءة في نشأة علم الأصول، ومقاصد الشّريعة» 
ويرى أن المراجعة النّقدية كانت تعتبر منذ البداية الأولى لنشأة علوم الإسلام في القرن الأول للهجرة مراجعةً ضروريةً وواجباً دينيّا، وأنّ هناك مساحات كبيرة من تراثنا في حاجة إلى إعادة فهم. غير أنّ هذه القراءات النقديّة يجب أن تكون علميّة وموضوعيّة بمعنى أن تكون ذات ضوابط عقلية واضحة، وأن تكون كلية لا انتقائية، بحيث تراعي بنية النص المقروء وتضعه في سياقه الخاص، ونبّه إلى كون الموقف المتشكك في قيمة المعرفة التاريخية رسّخ في الثقافة الإسلامية إمكانيةَ تقييم العلم ومعرفة رجاله وإدراك مقاصدهم وتفصيل قضاياهم وانشغالاتهم المعرفية في قطيعة مع كل حديث عن ظروفهم التاريخية وأحوالهم السياسية والاجتماعية.
وبالنسبة له، فإنّ الكثير من المحسوبين على الدراسات الإسلاميّة مقصّرون في استيعاب تاريخ الغرب الفلسفي والدّيني والاجتماعي والفكري؛ وأنّ جلّ الذين يروّجون ما يسمّونه بقراءاتهم الجديدة للإسلام يلعبون على معطى قطيعة علماء الإسلام اليوم مع علوم الغرب ومستجداته.
من ناحية أخرى يعتبر الصّغير «الخصوصيّة» مطلبا إسلاميّا أصيلا، وبأنّ الحضارة الإسلاميّة كانت منذ تأسيسها القرآني حضارةَ قيم ومفاهيم وليست حضارة صور وأشكال. 
والصغيّر يدعو إلى شرعيّة الاختلاف وعدم مصادرة حقّ الآخرين فيه، لكنّه من أكبر الملتزمين بمبدأ التّفاعل العلمي مع الأعمال والمشاريع الفكريّة المعاصرة له عن طريق إعداد قراءات نقديّة لها ونشرها ومن بينها تفاعله العلمي مع عابد الجابري وعبد اللّه العروي.
ويعتبر الصغير واحدا من المدافعين الحقيقين عن سلطة المفكر واستقلاليّته ونزاهته، لهذا فهو لا يتردّد في مواجهة من يبدو له في حاجة إلى النّقد والتّقويم، وفي هذا السّياق ندرج مؤلّفه:«قناعات معرفيّة أم أهداف استراتيجيّة، مراجعة نقديّة لمحاضرة بابا الفاتيكان» (2008) وكتابه:«الخطاب الاصلاحى العربى بين منطق السّياسة وقيم المفكر» (2011) و«القيم الإبراهيمية ونهاية التاريخ: الأبعاد الفلسفية والاخلاقية لإشكالية «الاعتراف بالآخر» مقارنات دينية ومقاربات سياسية».(2022)