شذرات

بقلم
د.محمد عمر الفقيه
ما لا يجوز أن ننساه أبدا
 ما لا يجوز أن ننساه أبدا أن إبليس يؤمن باللّه وباليوم الآخر ولم ينكر ركنا من أركان الإيمان أبدا، وفي أثناء حواره مع اللّه قال للّه : ﴿...خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾(الأعراف: 12) ...
فهو يؤمن إيمانا مطلقا بأنّ اللّه هو الخالق ... وكذلك يقسم بعزّة اللّه فيقول : ﴿...فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾(ص: 82) ...وكذلك يؤمن باليوم الآخر فيقول :﴿...أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾(الأعراف: 14) ...
وفي المحصلة إبليس يؤمن بكلّ أركان الإيمان يقينا. ومع ذلك وصفــه اللّه بالكفــر، فقال تعـالى: ﴿...وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾(الإسراء : 27) ... .
إذا ما هي مشكلة إبليس مع اللّه ؟
مشكلة إبليس مع اللّه أنّه عصاه وأصرّ على معصيته عنادا واستكبارا حين أمره اللّه بالسّجود لأدم، ولكنّه أبى واستكبر ورفض السّجود؛ وبهذا الذّنب العظيم استحقّ الطّرد من رحمة اللّه إلى يوم الدّين، والخلود في النّار إلى أبد الآبدين.
والأسئلة التي تطرح نفسها الآن هي :
كيف يمكن تقبّل فكرة أنّ من قال «لا إله إلاّ اللّه محمد رسول الله» يدخل الجنّة، وإن زنا، وإن سرق، وإن ارتكب الكبائر حتّى وإن لم يتب؟
وهل حقّا شفاعة الرّسول ﷺ تشمل من فعل كلّ الكبائر ومات ولم يتب فقط لأنّ شهادة «لا إله إلاّ اللّه» أثقل في الميزان من كلّ السّيئات؟
لماذا ينتفع بنو آدم بلا إله إلاّ اللّه ولم ينتفع إبليس بها رغم أنّ ارتكاب الإنسان للمعاصي قد فاق فعل إبليس؟
فهذه دعوة إلى الجميع أن يراجع حساباته وأن لا يصرّ أحد على المعصية، وأن نبادر جميعا إلى التّوبة إلى اللّه تعالى.
والذي يؤكّد أن مبدأ الحساب عند اللّه يقوم على أساس العدل الإلهي، فقد بيّن الحقّ عزّ وجل الى الأمم السّابقة كيف أنّهم زعموا بأنّهم أبناء اللّه وأحباؤه، وأنّهم لن تمسّهم النّار إلاّ أياما معدودات، فجاء البيان الإلهي الجليّ الواضح لهم ولمن جاء بعدهم على النّحو الآتي، قال تعالى : ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ * بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾(البقرة: 80-81).
فكما هو واضح من الآيات الكريمة جاء البيان الإلهي لا يحتمل التّأويل، وهو مبدأ إلهي لا محاباة فيه وتخضع له كلّ البشريّة على حدّ سواء، سواء كانوا من اليهود أو النصارى أو المسلمين ... ﴿بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾(البقرة: 81).
إذا كما هو واضح أنّ الإصرار على المعصية وعدم التّوبة والكبر يستوجب الخلود في النّار، وهذا هو القانون الإلهي الثّابت الذي لا يتخلّف أبدا والذي خضع له إبليس كذلك.