خواطر

بقلم
شكري سلطاني
ربوة الأفكار
 المتأمّل في سير الإنسان وسعيه يتبيّن عديد السّلوكات وطبائع عند البشر وإختلاف أفعالهم وأحاسيسهم، فلا يندهش ويستغرب لفعل أو ردّة فعل أو سلوك ما طالما هناك دعائم وظروف وركائز تدفع لفعل دون غيره، دون التسرّع للحكم على الشّخص أخلاقيّا وقيميّا .
فاصباغ الفعل بصبغ الشّعور والعاطفة المصاحبة له وللتعلّق والإدراك والأحاسيس شأن كبير في تحديد نوعيّة السّلوك بشقّه السّلبي أو الإيجابي مهما تغاضى الشّخص عن تقييم سلوكه مادام يرى نفسه مُحِقّا وهو لهواه تابع ولنفسيته مستجيب.
1_ العاطفة والسّلوك : 
يتميّز الفعل البشري بخصائصه السّلوكيّة التّى تتراءى للنّاقد البصير بالعزم على الفعل ثمّ الفعل والتّطبيق بتقنيات وآليّات الفعل التّي ترتبط بدورها بنوعيّة الإحساس الشّعوري المرافق له والتّي تختلف طبيعته حسب تقبّل الشّخص وإدراكه ودرجة تعلّقه بما يهواه، فالعاطفة شاحذة للفعل دافعة له.
فإختلاف السّلوك ووجهته بإختلاف الشّعور ودرجة الإحساس في النّفوس.
فكم من فعل ظاهر سليم وباطنه حقد، مغيّب في القلوب، تبرز آثاره بعد حين، وكم من سلوكات تتراءى لناظر منسجمة وهي في حقيقتها موضوعة على الحسد لأنّ الذي بين القلوب بعيد.
2_ مسارات لحقيقة البشر :
مساران مختلفان يميّزان سير البشر في دنيا الغرور .
- تتميّز حياة العامّة والهمج والقطيع بالهامشيّة والسّطحيّة، حياة الشّكل والمبنى فيها كثرة الكلام والحركة والحرص والهرج والهذيان والأوهام، لا تستند إلى العلم ونور المعرفة، سُحب الجهل وغشاوته تجتاج تلك النّفوس البائسة، فترديها صرعى جهلها وحماقتها.
- مسار آخر يختلف نوعيّا عن سير الدّهمائيين يتميّز بحياة المعنى والحقيقة، حيث نور المعرفة والعلم والخبرة الحياتيّة ،حياة عميقة جوهريّة تلامس المعاني وحقائق الوجود، فيها التأنّي والصّمت والحكمة والتّأملات والتّفكّر والتّدبّر .
أليست سير الأنبياء والمرسلين والصّالحين والشّهداء والحكماء سيرا كلّها معانٍ وتجليّات روحانيّة وهمّة علياء تتفوّق على مسار الزّمان والإنسان وثقله المعنوي؟
3_بين الطفل والكهل :
- الطّفل براءة وبساطة وسذاجة وعفويّة بما يتوفّر لديه من جسد غضّ طريّ دون تأثير لهرمونات ضاغطة، وليس له بنية وقوّة جسديّة  حتّى يُمارس سلطة أو يتنمّر على غيره وذلك لعجزه وعدم قدرته .
كمّا أنّ عقله لم ينضج بعد لقلّة خبرته وتجربته في الحياة، فهو وافد جديد ومنخرط بسلوكه العفوي ومشاركته بريئة في الحياة الإجتماعيّة، ولا لوم عليه، فهو يحتاج لمزيد من الرّعاية والعناية والإسناد الماديّ والمعنويّ حتّى يستقيم أمره ويشتدّ عضده.
- عكس الشّاب والكهل، حيث تبرز القوّة الجسديّة والهرمونات المنفلتة الضّاغطة، ولذلك يتغيّر  ذاك الإنسان الطفل  البرىء الصّغير  ويتحوّل في بعض الأحيان إلى وحش قاسٍ متنمّر بتغيّر ملامح جسده وتأثيرات الهرمونات والقوّة العصبيّة والعضليّة وتغيّر الزّمان وضغط المكان، ولا مناص من مراقبته وتوجيهه حتّى يصلح أمره .
فمسيرة البشر كلّها تحوّلات وتغييرات كميّة ونوعيّة، والمجتمع يدعم بعضه بعضا بتدافعه وتحفيزه  أو يثبّط ويُعيق  مسار البعض بتطاحنه وصراعه وإقصائه وتجاهله .
في التحكّم في العاطفة توجيه للسّلوك وفي ترشيد السّلوك حسن السّعي والسّير وبين مرحلة الطّفولة ومرحلة الشّباب والكهولة جسر للمرور والعيش في معمعة الحياة.