حديقة الشعراء

بقلم
الشاذلي دمق
زَمنُ التّهاوي

 ثَلْجٌ

مِدادُكَ يَراعِي 
والكلام ضنِينٌ 
يأْبَى أيّ انصياعِ
***  
في زحمة الفوضويّات
يَتوه نَظْمي، 
وبلا معنى 
يَغِيم في الأسماعِ ...
***
نشيجي ..
هَمْسي وأنيني، 
ليس له داعِ
***
شَكْوايَ الآن
في كَفَن العدم 
فسيّان سكوتي ..
سيّان إصداعي ..   
أنا لست بخير .. 
ما عادت قصائدي 
سامقة،
ولا ينابيعي دافقة 
لِغُرْبة الأوجاعِ
*** 
هنا جليد الصّدِّ
يزحف على عمري
ويكتسح أضلاعي..
***
رياضُ القلب ..
يُغشّيها الدّمع،   
والحُبّ 
رمادُ الجمر تحت ذراعي ..
***
شَجَنِي سَرْمديٌّ ..
مليءٌ بالذّهول 
والضّباب،  
ولا أحد به واعِ
كالجَنْدل أرسو بين أحيائي
وفي غَوْري  
تغتالني أصداء ألْفِ ناعِ
*** 
يتهاوى الطّينُ فيّ  
والرّوح تأبى اعتلائي
***
شَهِدَ ربيعي كلَّ مواسم المِنَنْ ..
لكن الزّمنْ،  
وبالذات في هذا الوطنْ
تكتنفه الآن الفِتنْ 
تسكنه المِحنْ 
تغمره الإِحَنْ.
سُدًى ...وعبثٌ هذا
صِراعي
ألِكَيْ يبقى طِينُ الوطن،  
يَرُوم من أمانيه اِنتزاعي؟!
***
لِمَ لا نحيا سويّا؟  
الطّين والمدى، 
الصّوت والصّدى،
الرّعيّة وظِلالُ الرّاعي.
***
هذا الوطن 
صار انتماءً بلا رَويّة ..
ولِواءً مجهولَ الهويّة ..
فحتّى متى عنيدةٌ  
فيه أحلامي؟ 
وإلى متى غريبة لديه أشياعي؟
***
يا أدِيمًا
كم فيك يُكابد ابنُ الثَّرَى!
وكم يُعاني!
يا شاحب الآمال
 النّفسُ فيك مسيّجة بالضّياعِ
*** 
ليس في دربكَ 
إلاّ نُضُوب الأماني 
وموت الأغاني
وليلُك الحَالك
تخبو فيه جُلٌّ المساعي ..
*** 
كم أسِنْتَ يا وطنْ  
فاقترفتَ غَدْر السِّباعِ 
حليفا صرتَ لِقُبْح الزّمنْ 
حتّى أصبحتَ همّي وصُداعي 
ألم تَكْفِكَ مُؤَنُ الصّبر منّي
حتّى اِكتَمَلتْ منك المؤامرة 
على شراعي؟
***
أما كانت تكفيني منك 
مغاليق الصّدِّ في أبوابي؟
*** 
كيف أُصدّقُ 
 أنّك أنت من تواطأ على حرفي 
ولساني ..
ولم تُقدّرْ صِدقي،
ولم تراعِ؟
***
حتّى النّاسكُ فيّ 
تَنكَّر  لطقوسه في معابد الرّحمانِ   
وباحةِ الوجدانِ.
 مُرعب ومخيف... أنت يا وطني، 
وعنيد .. 
 تصادِر الخشوع 
في حرم التّوحيد  
وتُنكِّس الأرواحَ بالويل 
والتّداعي
***
فلا حَيَّ عَلَى ..
ولا حَيًّ عَلَى .. 
وأطيارُ النَّورس تفرّ من بِقاعٍ لبقاعِ
*** 
لِعِلْمكَ، ومرّة أخرى،
أنا لستُ بخير ...
يُخاتلني الرَّدى فيك يا موطنا
فيفسد عليّ كلَّ شيء،
رغم عشقي لك للنُّخاع.
***
لا تَثْريب .. أرضَنا الأبيّة 
ولا عَتَبْ  ..
 نحن نعرف من كان السّبَبْ !..
البائدون والدّائبون، 
ومَن على مصاريع العَرش،
وحظّ الصّعود ...
ينتظرون .. 
والواهمون أنّهم آبدون .. 
جُلُّهم ثعالبٌ وضواري ..  
مع القطعان يَثْغون
ثمّ يَرُوغون 
كالضِّباعِ 
***
على جِلْدي لَحسوا ..
مِلحَ مائي،
سلخوا تاريخيَ الغالي !...
وَأَدُوا الذّكرى حيالي  !...
لَعَقوا الأحمر القاني وسط شرياني ..! 
كلّ هذا، ولَمْ أبال
***  
سرقوا تعبي 
صادروا عمري 
جَرّدوني من أوسمتي 
ورِقاعي
*** 
اغتصبوا سِهامي
واجتثّوا حتّى الحنين  
لِقلاعي
***
باختصار،
 جُلُّ «جناكيز» العرب سنافر  
يخشون العصافر  .. 
يهابون كلّ ثائر ، 
وصوتَه الهادر
ويُتقنون في لحمنا غَرْز الأظافر
ولَوثة المِقصلة والنِّطاعِ
***
فحَنانَيْكَ .. حَنانَيْك 
 أبا حفص، أيّها الفاروق
نَفَرَ العِزّ واِنكسف العدل  
فبَعْدك، 
أرضُ العروبة،
لا تُنبتُ الآن ...
إلاّ العقارب والأفاعي
***
 فَأَسْرِ يا ابْنَ العمائر، 
أرضُ الله واسعة 
أو فاُعرُجْ ...
واتركها بلا وَداعِ 
 *** 
قد ساء المُقام فيها
أُوصيك صِدقا 
 وتبًّا للنّفاق ...
 ثمّ تبّا للخداعِ...