نقاط على الحروف

بقلم
جواد أحيوض
التحدّي الاسرائيلي وعلاجه الائتماني من خلال «ثغور المرابطة (3/4)
 البعد الفاعل في المقاربة الائتمانيّة: 
إنّ «المقاربة الائتمانيّة» بتشخيصها الجديد علينا لـ «إيذاء» الكيان الصّهيوني -السّاعي الى إعادة النّظر في الرّموز الدّينيّة للتّراث، وما تحمله من ثقل روحي من جهة، ومن جهة ثانية، إعادة النّظر في بناء الإنسان، وذلك بربطه بالميثاقين الائتمانيّين المذكورين في النّظرية الائتمانيّة، حتّى يمتلك القدرات التي تجعله متعدّيا، يتعدّى ثباته وجموده واستعباده- تبقى غير تامّة، إذا لم تجد من يفعّلها على أرض الواقع؛ أي أنّ هذه المقاربة، في حاجة ماسّة الى المقاوم القُحّ، وهو ما سماه طه بـ «المرابط المقدسي»، وهو الذي يقوم بعمليّة المقاومة، أي «المرابطة المقدسيّة». 
إذن، فمفهوم «المقاومة» الذي شاع استعماله لا يجد صداه في «فكر طه الائتماني»، فلقد بدّله طه بمفهوم إئتماني يليق بمقاربته في بعدها الفلسفي، وسماه بـ «المرابطة المقدسية»، الكفيلة بإخراج المشكلة الفلسطينية من الانخداع السياسي الذي تمّ فيه الاتفاق على قشور الصِّراع، صيغ في مجموعة من الاتفاقيات، كأوسلو مثلا، وأجّل اللّبّ كالقدس والحدود(1)، الى مفاوضات لا يحدّها زمان ولا مكان. ومع كلّ هذا بلغ التطبيع مكمنه، عندما أخذ الإنسان الفلسطيني «بالمعرفة التي تحجبه عن المعرفة»(2)؛ أي أنّ الإنسان الفلسطيني انخدع بالتّطبيع حتّى وصل به الحال إلى أن انقلبت عنده القيم واحْتُلت فطرته، عندما استبدل «المعرفة الإيمانيّة» بـ «المعرفة الإسرائيليّة»(3). 
المرابطة المقدسيّة كبديل: 
إنّ المشكلة الفلسطينيّة هاته، المشخّصة من طرف طه، المتمثّلة في إيذاءين: إيذاء الإله باحتلال الأرض المقدّسة وتزييف قداستها. وإيذاء الانسان باحتلال فطرته وسلب أصالتها بتزييفها، هي المشكلة الأساس في القضيّة الفلسطينيّة، وتحتاج الى تطهير مزدوج: تطهير الأرض من الدّنس، وتطهير الفطرة من الزّيف، ليكون هذا التّطهير بمثابة تجديد لـ «قداسة الأرض» وتجديد لـ «أصالة الفطرة»، ومن هنا لا نهاية للاحتلال الاسرائيلي الاّ بنهايتين: نهاية دنَس الأرض، ونهاية زيف الفطرة، ولا يقدر على هذا التّجديد الاّ المقاومة التي تأخذ بالمبدإ الائتماني، الذي أطلق عليه طه بـ«المرابطة المقدسيّة». 
والمرابطة: ملازمة ثغرٍ يُخشى هجوم العدوّ منه، كي لا يباغث الآمنين. لتكون «المرابطة المقدسيّة، هي المقاومة التي تلازم ثغور الأرض المقدّسة لتتصدّى لتدنيسها وتعيد إليها قداستها. وتلازم ثغور الفطرة المؤصَّلة لتتصدّى لتزييفها وتعيد إليها أصالتها»(4). ويقصد بثغور الفطرة هنا؛ كلّ مجالات التّراث التي قد يهجم منها العدوّ. 
فالمرابطة بهذا المعنى، فضاء روحي معنوي، تمتح من مصادر روحيّة متعدّدة، منها : عظمة الميراث الرّوحي الذي خلفه الأنبياء والصّالحون، وقوّة الرّباط بوجه عام وقوّة رباط البراق الذي يدلّ على الوثاق بوجه خاصّ، والقرب الإلهي في جلال السّجود داخل بيت المقدس، وجمال الشّهود في رحلة الإسراء والمعراج. 
فالمرابطة المقدسيّة -باستنادها على هذه المصادر الرّوحيّة- عبارة عن فضاء روحي معنوي قوي بقدر ما هي فضاء مادّي، وهذا ما يعزّز صلاحيتها ونجاعتها، لأن «قداسة الأرض» و«أصالة الفطرة» اللّتين تتولى هذه المرابطة تجديدهما، هما معنيان روحيّان صريحان؛ وحضورهما في الوجدان أقوى من حضور المدركات الحسّية. ولولا المعنيان الرّوحيان: «القداسة» و«الأصالة» ما رابط مرابط، مقاوما هاتين الظّاهرتين الاحتلاليتين، حتّى إن إدراكها، منوط بإدراك هذين المعنيين الرّوحيّين (5).  
وهنا تأتي المرابطة المقدسيّة -باعتبارها تتميّز بخاصّيتين أساسيّتين: الخاصّيّة الائتمانيّة والخاصّيّة الإشهاديّة- لتفعل فعلها الائتماني، في التّصدّي لـ «تدنيس الأرض» و«تزييف الفطرة»، من خلال توسّلها  بالضّفتين الشّهوديتين: الإسراء والمعراج. وبناء على هذا؛ 
1. اقتضى تصدّي هذه المرابطة لتدنيس الأرض المؤذي للإله، الرّجوع الى «ميثاق الأمانة» المأخوذ من الإنسان(6)، وجاء على ثلاث مراتب؛ إحداها، رفع المالكيّة الإسرائيليّة عن أي شيء في أرض فلسطين، بدءا بالدّولة وانتهاء بالوجود؛ حيث يرى طه أنّ أول مستوى من مستويات المرابطة المقدسيّة للتّصدي لمنازعة الإله، هو تجريد الإسرائيلي من المالكيّة، وحيث إنّ الدّولة كمؤسّسة هي العلامة الكبرى لهذه المالكيّة الإسرائيليّة، فإنّ المستوى الأول من المقاومة يظهر في عدم الإقرار بالكيان الإسرائيلي، ثمّ تليه مستويات أخرى دون ذلك، من قبيل رفض كلّ السّياسات الإسرائيليّة التي تقرّ بهذه المالكيّة، وفي مقدمتها ما يتعلّق بالتّنسيق الأمني مع الكيان الإسرائيلي؛ والثّانية، ترسيخ ثقافة الائتمان، وتشمل التّفكير في الآيات التّكوينيّة والتّكليفيّة، وحفظ الموروث الرّوحي، ورؤية الإرادة الإلهيّة في العالم عوض الإرادة الإسرائيليّة، وتقديم الوفاء بالواجب على استيفاء الحقّ؛ والثّالثة، استرداد الأمانة المسلوبة، وله شرطان، أحدهما، أن يكون مقصد الأمانة، لا تحصيل مِلْك بعينه، ولا حفظ أمانة بعينها، وإنّما حفظ ميثاق الأمانة، أو حفظ مبدإ الأمانة نفسه؛ اذ أوشك هذا العالم ان يكون «عالم ما بعد الامانة»؛ وعلامة ذلك «تضييع الأمانة»، و«صفقة القرن»؛ والثّاني، أن يكون منهجها، لا الوقوف عند القوّة المادّية، وإنّما الاستناد الى القوّة الرّوحيّة، ولا الانحصار في كيفيّة واحدة بعينها للمواجهة، وإنّما التّعاطي مع كلّ الكيفيّات الممكنة، ولا الجمود على هذه الكيفيّات، وإنّما الابتكار الدّائم لها، ولا تخصيص الرباط بأرض فلسطين، وإنّما تعميمه على الأرض كلّها، مع حفظ خصوصيّة كلّ رباط حيثما كان(7). 
2. أمّا تصدّي المرابطة المقدسيّة لتزييف الفطرة المؤذّي للإنسان، فقد اقتضى الرّجوع الى «ميثاق الإشهاد» المأخوذ، هو أيضا من الإنسان(8)، وجاء هو الآخر على مراتب ثلاث: إحداها، مقاومة تجليات الإرادة الإسرائيليّة في تدبير الحاكم المطبّع، وذلك ببيان خيانته لأمانة الحرّية التي في ذمّته، واقعا في تَعْبيدِ نفسه لهذه الإرادة؛ والثّانية، مقاومة تجليّات الإرادة الإسرائيليّة في تدبير الحاكم المطبّع، وذلك ببيان خيانته لأمانة العدل التي في ذمّته، واقعا في تعبيد نفسه وشعبه لهذه الإرادة، والثّالثة، توعية المجتمع الذي أُكْره على التّطبيع بمدى الضّرر الذي يلحقه بكيانه، وذلك بإعادة تأسيس القيم على الصّفات الإلهيّة، وإعادة تأسيس الإسلام على الصّبغة المقدسيّة، وإعادة تأسيس الرّوح على القرب الإلهي(9).
فمن الملاحظ أنّ طه قد كثّف كلّ طاقاته، وأستفرغ جهدهُ ولم يأْلُ، في تزويد «المرابطة المقدسيّة» بكلّ المعاني الرّوحيّة المأصولة(10)، محاولا بذلك أن يعيد الاعتبار للإنسان الفلسطيني من خلال المقاومة بمفهومها العميق المُتبنَّى في «المقاربة الائتمانيّة»، ليقوم المقاوم الفلسطيني من جديد كي يحرّر روحه والسّلطة القائمة عليه من «مالِكيّة الكلام» الى «مالكيّة الفعل»؛ حيث يرى طه أنّ الكيان الاسرائيلي، استطاع أن يصرف السّلطة الفلسطينيّة(11) عن «طلب مالكيّة الأرض» الى «الاستغراق في مِلكيّة الكلام»؛ «فقد أدخلها هذا الكيان في سلسلة من المفاوضات التي لا نهاية لها، حتّى أضحى المسؤول الفلسطيني، يفاوض من أجل أن يفاوض، مستمتعا بملكيّة كلامه في التّفاوض، بدلا من مِلكيّة أرضه، وكأنّ المفاوضة أمست تغنيه بالمرّة عن المقاومة، بَلْه المرابطة»(12) الى درجة وصل الحال فيه بهذه السّلطة -في طلب المكاسب الإداريّة والحظوظ المادّية- الى ما جعل الهِمم تفتر، والنُّفوس هانئة برغد العيش، الأمر الذي جلب للفلسطينيّين فاحش الأذى بسبب التزامات السّلطة مع هذا الكيان الذي لا يعرف الوفاء. 
لذا، يطلب طه بضرورة «الانبعاث الرّباطي» الذي لا يقدر عليه الاّ الشّباب، الذين لم تفسدهم وظائف السّلطة، ذكورا وإناثا (13). 
ولأجل هذا الانبعاث الرّباطي، يؤسّس طه لمجموعة من المبادئ الرّوحيّة التي تحيي الهِمم وتخرجها من «مالكيّة الكلام» الى «مباشرة الفعل الرّباطي»، ومن بين هذه المبادئ مثلا: «مبدأ توارث الآثار الرّوحيّة للأعمال»، وذلك بإعادة النّظر في الرّبط بين العمل المادّي وروحه؛ «فلئن كانت الآثار المادّية تبقى بعد فناء الأعمال التي صنعتها، بل تبقى بعد فناء العاملين، فبأن تبقى الآثار الرّوحيّة، بعد فناء العاملين، فضلا عن أعمالهم، من باب أولى؛ غير أنّ الآثار المادّية مهما طال زمانها، فهي إلى زوال، بينما الآثار الروحيّة تبقى بقاءً لا زوال بعده؛ ومتى صحّ هذا، صحّ معه أيضا أنّ الآثار الرّوحيّة التي تركها الأنبياء والرّسل، عليهم الصّلاة والسّلام، في «بيت المقدس» لا تزال تُظلِّل أكنافه، وأنّه تُورَّث كما تُورَث الآثار المادّية»(14)، إذ يرثها حسب طه أولئك الذين صاروا على نهجهم، ونهلوا من علمهم. وهنا يربط طه هذا «الموروث الرّوحي» الذي يلازم «بيت المقدس» بـ «السّند الثّقيل» في القرآن، وذلك أنّ القرآن وصف هذا «الموروث المقدسي الرّوحي»(15) الموصول بعالم الملكوت، بـ «إسلام الوجه للّه»(16) أطلق عليه طه اسم «الصّبغة المقدسيّة» تنبيها على شمول الأنبياء الذين أقاموا بالأرض المقدّسة وما حولها، أو صلّوا فيها.
والمقاوم المقدسي، باعتباره وارثا لهذه الصّبغة، كما يرث أرضه ومسجده، يتعيّن عليه أن يروّض نفسه على تجرّدين إثنين؛ أحدها، أن يتجرّد من نسبة نصيبه من هذا الميراث الرّوحي الى نفسه، متحقّقا بأنّه أمانة في عنقه، لأنّ هذا الإرث ليس حظّا من حظوظه أو كسبا من مكاسبه، وإنّما هو فضل خالص من رَبِّه أضافه الحقّ سبحانه الى نفسه، قائلا: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً﴾(17)؛ والثّاني، أن يتجرّد من نسبة العمل بهذا النّصيب الى نفسه، موقنا بأنّه سبحانه هو خالق هذه الصّبغة والهادي إليها (18). 
وفِي هذا المقام يدفع طه أكثر فأكثر بهذه «الصّبغة المقدسيّة» بإعادة تأسيس الإسلام عليها، حتّى تصل الى أعلى مستوى في الرّباط، محاولا إعادة صياغة علاقة جديدة بين «الإسلام» وبين ما أطلق عليه «الصّبغة المقدسيّة»، ويتمثّل هذا الصّوغ في «الخروج عن التّصوّر الضّيق والظّاهر الذي يجعل ما حدث في بيت المقدس للرّسول، واحدة من المعجزات الدّالة على رسالته، أو يجعل منه مجرّد طور من أطوار الدّعوة بمكّة المكرمة، الى تصوّر أوسع مدى، يجعل من «الصّبغة المقدسيّة» عبارة عن روح الإسلام نفسها، بحيث لا إسلام بغير هذه الصّبغة» وعلى هذا الأساس، يقوم عمل المرابط المقدسي، في تبصير قومه بأنّ التّطبيع الإسرائيلي يجعلهم يضيّعون حتما هذه «الصّبغة المقدسيّة» التي هي جوهر الإسلام، فإن ضاعت، ضاع الإسلام كما ضاعت نسبتهم اليه (19).
فطه هنا، يسعى جاهدا الى النّظر في روح الإنسان وإعادة تأسيسها على القرب الإلهي حتّى تتجدّد، لأنّ الرّوح  في حقيقتها هي القوّة المولِّدة لكلّ أنواع التّجديد الأخرى، معنويّة كانت أو مادّيّة. كما أنّ طه هنا بهذه الحمولة الفكريّة المترجمة في إبراز معاني الدّين الأصيلة وإحيائها، أراد أن يجعل منها الدّعامة الأساسيّة التي يمكن أن تجابه الأساطير التي تتبنّاها إسرائيل، خاصّة في الدّعاية الصّهيونيّة التي تربط دائماً بين «فكرة الحقوق التّاريخيّة» وفكرة «أرض الميعاد» التي يبدو وكأنّها تعطي الإسرائيليين «حقّا إلهيّا» لتملُّكِ فلسطين والسّيطرة عليها (20)، وهي بدعة اعتبرها المفكّر الفرنسي روجيه جارودي في إحدى كتبه التّاريخيّة، أنّها تريد أن تجعل من الدّين وسيلة سياسيّة بتقديسها من خلال القراءة الحرفيّة والانتقائيّة لكلام منزَّل (21). 
في الحلقة القادمة والأخيرة سنتطرّق إلى أهمّية «المقاربة الائتمانيّة» التي طرحها طه عبد الرحمان باعتبارها استثناء في الدّرس الفلسفي المغربي وفِي الدّرس الفلسفي الموصول بتاريخ الفلسفة وتوجهه الفكري من ناحية ولكنّنا سنتوقّف عند أهمّ ثغرة في هذه المقاربة - حسب رأينا- وهي المتعلّقة بالجوهر الفاعل فيها، وهو «المرابط المقدسي» الذي خصَّه طه بفعل المقاومة من حيث هي مرابطة تتوخّى المكابدة غير المنقطعة في ترك إرادة الذّات الى إرادة اللّه. لنختم في الأخير بعرض خلاصة بحثنا وأهمّ نتائجه. 
الهوامش
(1) ولقد اعتبر منير شفيق هذا الامر مأساة أخرى «صاغها العالم العربي الاسلامي حكّاما ومثقفين وأشباه المثقفين الذين هرولوا نحو السلام الخادع واعتقدوا انه آتٍ لا محالة، وخلطوا المعاني السامية للسلام بالاستسلام، حتى غلبت معاني الاستسلام بشتى تمظهرات البعد الحقيقي للسلام». (منير شفيق، المشروع الصهيوني في فلسطين؛ التسويات والحلول، المقاومة والانتفاضة، منشورات نادي الفكر الاسلامي: الرباط، ط 1 - ماي 2002. ص 3).
(2) ثغور المرابطة، ص 30 وما قبلها من الصفحات. 
(3) وهذه المشكلة تندرج، في عنصر سلب الفطرة؛ التي أعطاها طه تفسيرات موضوعية، حيث شرح فيها انواع التطبيع الذي يريده الاسرائيليون، ولقد مرّ بمراحل، أولاها ان هولاء الاسرائيليين سعوا في البداية الى التطبيع الاسلامي، ظنّا منهم انه يفتح الطريق للتطبيع مع العرب، ولو على جهة السِّر؛ وبعد اتفاقية «كامپ ديفيد» و»وادي عربة» طمعوا ان يكون التطبيع العربي الجزئي طريقا الى التطبيع الكلي معهم؛ ثم، بعد اتفاقية «أوسلو»، اتخذوا التطبيع الفلسطيني مطية لتحصيل المزيد من التطبيع العلني؛ والآن، وقد اصاب العالم العربي ما اصابه من آفات التنازع والتقاتل والجهالة والعمالة، يركزون على التطبيع العربي العلني، باعتبار التحدي العربي الحالي فرصة لا تُفوّت لاملاء تصوُّرهم للتطبيع العلني على من لايزال من العرب متردّدا في الهرولة اليهم، تمهيدا لتصفية القضية الفلسطينية بصفة نهائية. يُرجى العودة تفاصيل هذا التطبيع وخصائص هذا الاحتلال للانسان من خلال فطرته، في الصفحات التالية من: (ثغور المرابطة: 26 - 34).
(4) ثغور المرابطة، ص 37
(5) ثغور المرابطة، ص 37 وما قبلها. 
(6) وفِي هذا التصدي، ينزل طه «الحمولة الفكرية» لطرحه، فيربط بين «المرابط المقدسي» و»رحلة الإسراء»؛ حيث يرى ان «المدافع المقدسي» احتاج الى سبب روحي ليدفع به الاذى الاسرائيلي، وهو «الإسراء»، وخصوصية هذا الإسراء انه ربط بين مسجدين عظيمين؛ وحقيقة المسجد هو البيت الذي لا يملكه أحد غير الله.
وفِي هذا المستوى من الربط، ينتقل طه الى ربط ثانٍ؛ «الربط بين المرابط والامانة». فمن خلال التعهد الذي واثق فيه الانسان ربه على تحمل الامانة، يكون «إسراء المرابط» قائما على حفظ «الحالة الائتمانية الأصلية» مستحضرا لها ومتلبّسا بها؛ وهي الحالة الائتمانية= =الاولى التي عرض فيها الحق سبحانه الامانة على مخلوقاته فأبت حملها، استعظاما لأمرها، الا الانسان، فانه ارتضى حملها، فهذا التعهّد الأوّل هو الاصل في «وجود الامانة» لذلك، فانّ حفظ المرابط المقدسي للحالة الائتمانية الأصلية، يجعله يتبيّن ان علاقته بجميع أعماله وتصرفاته الرباطية ليست علاقة امتلاك، وإنّما علاقة إئتمان، ناسبا ملكيتها لله وحده، ومن هنا يكون واجب المقدسي حفظ القداسة، وليس حفظ الأرض بدون قداسة. بمعنى انّ طه يريد ان يقول: انّ حفظ روح الشيء يستوجب حفظ مادة الشيء، فكلما حفظنا الجوهر حفظنا ارضنا وجسمنا. اي ان تمسك الفلسطيني بقدسية الارض يجب ان يغلب على تمسكه بملكيتها، لأنّ الملكية تابعة للقدسية. (ثغور المرابطة، ص 39 - 40)
(7) ثغور المرابطة، ص 29-51
(8) كما ربط طه بين «المرابط المقدسي» و«رحلة الإسراء» في التصدي لإيذاء الأرض، فإنه ربط بين هذا «المرابط» و»المعراج» في التصدي للإيذاء الفطري، حيث يرى انّ «المدافع المقدسي» احتاج الى سبب روحي يعيد للفطرة أصالتها، وهو «العروج»، وخصوصية هذا «العروج النبوي» أنّ الله أشهد رسوله من آياته العظمى وصفاته الحسنى ما لم يُشهده أحدا. أما عروج المرابط فيقوم على وجه التعيين في حفظ « الحالة الإشهادية الأصليّة» مستحضرا لها ومتلبّسا بها، وذلك أنّ الحالة الإشهاديّة الاولى: هي التي أشهد فيها الحقّ سبحانه وتعالى ذريّات بني آدم على ربوبيته ووحدانيته، متجليّا عليهم بصفاته وآخذا منهم الميثاق؛ ذلك أنّ هذا الإشهاد هو الاصل في وجود الفطرة المنطوية على مجموعة من المعاني الروحيّة والقيم الخُلقية، حينها يدرك المرابط المقدسي ان هذه القيم والمعاني المفطور عليها: هي التي تجعل من الإنسان المراد لربّه، فما من عمل يأتيه دافعا اذى الحلول الاسرائيلي الاّ وهو موقن بأنّ إرادة رَبِّه تتولاه فيه. فعلامة آصل الفطرة عند هذا المرابط؛ أنّ فطرته عبارة عن إرادة الله فيه.  (ثغور المرابطة، ص 52)
(9) ثغور المرابطة، ص 51/61
(10) ضد المفصولة، جريا على طرحه في كتابه «تجديد المنهج في تقويم التراث»، حيث يقصد بالمأصولة، (المعرفة التي تصل العقل بالغيب والعلم بالعمل)، ضد (المعرفة التي تفصل العقل عن الغيب وتفصل ما بين العلم والعمل). انظر: (ص: ١١-١٢ من هذا الكتاب المذكور). 
(11) والجدير بالذكر انّ طه عبد الرحمن يخطئ خيارات هذه السلطة في التعاطي مع الكيان الإسرائيلي، وذلك من وجوه عدة، أولها وقوع السلطة الفلسطينية فيما وقع فيه الكيان الصهيوني من طلب المالكية، معتبرا أن طلب المالكية مناف للتحلي بالائتمان الذي يوجبه الوقت، إذ فريضة الوقت محو آثار الإحلال، وليس وقت التحكم في الرِّقاب، فتكون هذه السلطة قد وقعت، على قدرها، في المنازعة الإلهية، حيث كان ينبغي ان تنهض بالامانة الإلهية، ومنها أيضا أن السلطة الفلسطينية تسعى لإقامة الدولة الفلسطينية على جزء محدود من الأرض المقدسة، مما يجعلها تُخِل بأمانة حفظ القداسة. (ثغور المرابطة، ص 44). 
(12) ثغور المرابطة، ص٤٤
(13) ثغور المرابطة، ص٤٤-٤٥
(14) ثغور المرابطة، ص 46
(15) الموروث الروحي: هو الموروث الذي اختص به المقدس، والذي اسهم فيه كل من الرسل والانبياء بأشكال وأقدار مختلفة. ثغور المرابطة، ص 60.
(16) تدبر الآيات الكريمة: 135-138 من سورة البقرة.
(17) سورة البقرة، الآية 138
(18) ثغور المرابطة ص 46-47
(19) ثغور المرابطة، ص 60
(20) روجيه جارودي، اسرائيل الصهيونية السياسية، دار الشرق: بيروت، ط  1-1983 م. ص 33-102
(21) روجيه جارودي، الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية، منشورات جريدة الزّن: الكتاب زالاول، أكتوبر 1996، ص 13.