الافتتاحية

بقلم
فيصل العش
افتتاحية العدد 178
 يصدر هذا العدد من مجلّة «الإصلاح » بعد أيام قلائل من نهاية شهر رمضان وقدوم عيد الفطر المبارك وبهذه المناسبة نتقدّم إلى قرائنا الأعزّاء خاصّة والأمة الإسلاميّة عامّة بأحرّ التهاني وأجمل الأمنيات راجين من اللّه العلي القدير أن يتقبّل صيام الجميع وقيامهم ويجعل هذا العيد بابَ أمل لحياة أفضل للمسلمين بعيدا عن التناحر والتقاتل الذي انتشر في مختلف الأمصار 
رحل رمضان ككلّ سنة، ولم يبق من ذكريات الشّهر سوى القليل من الأخبار السّعيدة والكثير من الأخبار الحزينة وإن كانت الأخبار الحزينة لا تفارقنا منذ سنوات، لكنّنا لن نقف عندها في هذه الافتتاحيّة حتّى لا نكدّر صفو قرائنا الأعزّاء وهم يحتفلون بالعيد. سنقف أمام خبرين سعيدين، يتعلّق الأوّل بما شاهدناه في مختلف الدول الإسلاميّة من احتفاء بالقرآن الكريم عبر إقامة المسابقات وتوزيع الجوائز على الحافظين لكتاب اللّه وخاصّة الأطفال والشّباب من الجنسين، وهذا تأكيد أنّ شجرة الإسلام ثابتة تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربّها بالرّغم من محاولات التّشكيك والتّضليل التي يمارسها أعداء هذا الدّين سواء من الخارج أو من الدّاخل.
الخبر الثاني يراه الكثيرون حزينا وأراه سعيدا وهو يتعلّق بالهجمة الصّهيونيّة الشّرسة التي تعرّض لها المسجد الأقصى خاصّة والقدس عامّة، ووجه السّعادة فيه صمود المقدسيين رجالا ونساء، ودفاعهم عن مقدّساتهم من جهة وتمتين العلاقة بين هذا الصّمود وتحرّكات المقاومة العسكريّة في غزّة من جهة أخرى، صحيح أن موازين القوى مختلفة، لكنّ السّنوات الأخيرة أثبتت عجز الكيان الصهيوني عن حسم معركة  الهويّة بتهويد القدس وتحويلها إلى عاصمة فعليّة للكيان. ولم يكن هذا العجز إلاّ نتيجة لإرادة منع الحسم التي حملها الفعل الشعبي أساسا وتضافرت معه المقاومة المسلّحة في غزّة.
الفلسطينيّون هم سائقوا قطار التّغيير في هذه الأمّة إن شاء اللّه، وبرغم تشتّتنا وبرغم آلام أطفال ونساء غزّة واليمن وسوريا، فإنّ الدّائرة ستدور على الأعداء. هم ليسوا كلّهم من الأجانب بل العديد منهم من بني جلدتنا يتآمرون على شعوبهم ليلا نهارا ويسعون جاهدين إلى منع أيّة محاولة تأتي من هذه الشعوب في اتجاه حرّيتها وتقرير مصيرها. سيقول البعض من المتشائمين هذا هراء ويقول من في قلبه ذرّة من تفاؤل هذا حلم، أما أنا فسأقول هذا أمل. ورغم فضاعة ما يحدث هناك وهنا، ورغم صعوبة المرحلة، فإنّ الأمل يبقى قائما مادام هناك دعاة للإصلاح برغم قلّتهم مرابطين في السّاحات المختلفة للدفاع عن إنسانيّة الإنسان العربي وهويّته. هذا أمل، مادام هناك مجاهدون لا يخافون الموت، يحملون أكفانهم على أكتافهم وهم على أطراف غزّة يناورون ويقضّون مضاجع بني صهيون. هذا أمل ما دام هناك من يتلو كتاب الله ويتدبّر آياته.
الوضع صعب ولكنّ الأمل قائم والمرابطون هنا وهناك مطالبون أكثر من أي وقت مضى بأن يشمّروا عن سواعدهم ويتوكّلوا على ربّهم، فما النّصر إلاّ من عند اللّه العزيز الحكيم .
سيعود رمضان إن شاء اللّه في العام المقبل ليسقي أملنا في كلّ مرّة ويغذّيه، عساه يكبر وينضج ويتحوّل إلى حقيقة. أمّا نحن، فربّما نكون عند عودته في مواقعنا ضمن المرابطين للدّفاع عن وطننا وعن حرّيتنا وعن إنسانيتنا، أمّا إذا وافانا الأجل، فإنّنا واثقون أنّ هناك من الشّباب من سيحمل المشعل ويواصل المسيرة...