الافتتاحية

بقلم
فيصل العش
افتتاحية العدد 175
 ليس هناك أصعب من أن تدعو النّاس للقراءة والاهتمام بالفكر والثقافة في وضع مضطرب، يهيمن عليه التشنّج والتوتّر والصراعات العلنيّة والمخفيّة، وتتواتر فيه الأحداث الحزينة بشكل مفزع. فليس من السّهل أن يهتمّ المثقفون والمثقفات بما يكتب وينشر ورقيّا أو الكترونيّا وهم في هرج ومرج، لا يعرفون مآلات الوضع الذي يعيشون فيه، فالأمور لا تبشّر بخير سواء على المستوى السّياسي أو الاجتماعي فرائحة الاحتقان أصبحت تسدّ الأنوف وتصيب المرء بالغثيان، زد على ذلك الوضع الصحّي الخطير الذي أصبح يهدّد الجميع بعد أن زحفت كورونا على الصّغير والكبير في موجة خامسة عاتية.
في وضع مثل هذا يزداد تعلّق النّاس بالأخبار ويقلّ اهتمامهم بالأفكار، لذلك تجد أغلبهم يتنقّل من وسيلة إعلاميّة إلى أخرى ومن موقع من مواقع التواصل الاجتماعي إلى آخر للبحث عن جواب سريع لما ستؤول إليه الأمور، وفي كلّ يوم تزداد الصّفحات الإخباريّة ويزداد معها عدد المتابعين لها وفي المقابل يذبل عود صفحات الثّقافة والفكر فلا تجد من يتابع ما تنشره أو ما تقدّمه من مقالات وتحاليل ورؤى.
ربّما يكون هذا سببا في انخفاض عدد الذين قاموا بتحميل نسخة العدد 174 من مجلّة الإصلاح، أو سببا في عدم ارتفاع عدد المتابعين لما ننشره على صفحة المجلّة على الفايس بوك وتويتر، فهل يعني هذا أن الفترة القادمة ستكون بداية النّهاية لمشروع يستعدّ للاحتفال بعيد ميلاده الحادي عشر؟ هل سيرمي القائمون على مجلّة الإصلاح المنديل ويكتفون بما نشروه وقدّموه طيلة عشر سنوات كاملة؟ أم أنّ الأمر يستدعي تجنّد الجميع لتجاوز هذه الصّعاب والحفاظ على هذا المكتسب؟
الجواب صعب، لكنّنا نأمل أن لا ينتشر الوهن في قلوبنا فنستسلم، ولأنّ مواصلة هذا العمل صعبة وتتطلّب مجهودات إضافيّة، فإنّنا ندعو كلّ من يطمح إلى المساهمة في هذا المشروع والمحافظة عليه، أن يساندنا بالقراءة أو بالكتابة، أو بالتّوزيع عبر الوسائل الالكترونية المتاحة في مجال الاتّصال. 
نأمل أن تستمرّ المسيرة وإن ضَعُفَ حماسُ البعض منّا، آملين - رغم الظروف الصعبة - أن تكون مجلّة الإصلاح «كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا» ولا تكون «كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ».