همسة

بقلم
البحري العرفاوي
معركة «التّعارف»
 الذين يجلسون وراء الحاسوب ويشغّلون محرّكاتهم لإنتاج خطاب الخصومة والعنتريّات والبطولات الزّائفة ومعارك الصّغار والصّغائر ، هؤلاء أغلبهم عاجزون عن التّواصل المباشر مع النّاس في الشّوارع، والمقاهي، والأسواق، ووسائل النّقل، والاعراس، ودور الثّقافة، عاجزون عن معرفة النّاس عن قرب لمعالجة كثير من الخلافات وسوء الفهم وسوء الظّن والمخاوف غير المبرّرة، عاجزون عن التّعريف بأنفسهم، وعن توضيح أفكارهم، وعرض ملامحهم على النّاس مباشرة للنّقد والتّعديل والإصلاح والإقناع، عاجزون عن تحمّل وهج النّقد، وأذى الانتقاد، وسخونة الغضب، كما تحمّله الأنبياء والفلاسفة والمصلحون.
إن هؤلاء العاجزين الأدعياء، هم سبب تمزّق الوشائج الاجتماعيّة وتسعّر لهيب الأحقاد والكراهيّة والعدوانيّة، وهم أعجز من أن يواجهوا معركة «التّعارف» بما تحتاجه من توازن نفسي، ورحابة صدور، وصفاء قلوب، واقتدار معرفي، وثقة بـ «الإنسان» الذي أحسن الخالق إنشاءه، وأودع فيه من نوره نفخة، ومن خيره خيرا، ومن علمه عقلا مؤهّلا لتحسّس سبل الحقّ ومسالك الحقيقة.