الإفتتاحية

بقلم
التحرير الإصلاح
الإفتتاحية
 نمرّ هذه الأيام  بفترة عصيبة لا يعلم نهايتها ومنتهاها إلاّ الله  سبحانه  وتعالى ، فقد غدا البطش والقتل والتناحر واغتصاب الحقوق  ميزة واضحة لحالنا . وارتدّ عدد كبير من الناس على أدبارهم لينغمسوا في الظلمات ولم يعد لمنظومة القيم والمبادئ التي ميّزت حضارتنا حضور. فنحن كما يذكر المستشار لطفي الدهواثي في مقاله «رمضان القادم» أمّة يزداد أمرها سوءا حتّى لكأنّها لم تعد تبالي لولا قلّة من النّاس تكابد العناء في سبيل استنهاضها من جديد ولا تكاد تفلح. إنه وضع محيّر ومخيف يدفع إلى الغوص في الاسباب والبحث عن حلول لتخطّي هذه الحالة والتماس قبس من نور لعلّه يضيئ النفق المظلم الذي انحدرت فيه الشعوب العربية الاسلاميّة .
هذه الوضعيّة الحرجة شغلت الكاتبة يسرى بن ساسي فانبرت في مقالها تبحث في الأسباب وتقترح الحلول فترى أنّ «أهمّ ما يعوزنا اليوم ويجعلنا نرتد جلّ هذه الارتدادات هو الابتعاد عن شعار «إقرأ» وأنّ كبرى معضلاتنا ارتدادنا لا عن «التّدين» بل عن الفكر وإعمال العقل وهما صميم الدّين» لذلك ترى أن «البدايات هي اقرأ وتدبّر وتفكّر» ..فاتّزان الفرد في عالم أقلّ سماته الجنون موكول في جزء هام منه إلى أدبيات التّربية وطرائق التّعليم.
المهندس فيصل العش لم يحلق بعيدا عن الموضوع وحاول في مقاله «لولا فسحة الأمل» أن يغوص في أغوار أسباب انهيار منظومة القيم والانصراف الكلّي عن التفكير في المصير المشترك والبحث عن بدائل للنهوض بالمجتمع مقابل الانغماس في الأنانيّة المفرطة وشخصنة المشاغل والاهتمامات والسعي إلى تحقيق الرفاهة الذّاتية خاصة المادّية حتّى وإن كانت على حساب الغير. ويرى أن «الأزمة الأخلاقيّة والقيميّة والثقافيّة الخانقة التي تعيشها الأمّة هي نتيجة عقود من الاستحمار أبعدت الانسان عن التماس الطريق الصحيح نحو الانعتاق الحقيقي والحرّية وممارسة انسانيته التي اجتباها الله له». حيث نفذت على المجتمعات العربية الإسلاميّة عمليّات «استحمار» مكثّفة ومتنوعة هي اليوم أشدّ وأنكى . ويرى الكاتب أن «المستحمِرين» يعملون في نفس الوقت عبر مسارات ثلاث سياسية ودينيّة وثقافية على تدمير هذا المجتمع وترويضه ليصبح  في متناولهم يتحكمون في مصيره، مستغلّين تفوقهم التكنولوجي والمادّي وهيمنتهم على مختلف وسائل الإعلام وجزء لابأس به من النخب. ولولا «فسحة الأمل» لهيمن المستحمرون على الشعوب العربية الاسلاميّة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. تلك الفسحة التي تدفع الفكر الرسالي في حربه مع المستحمِرين إلى عدم الاستسلام  برغم اختلاف موازين القوى، والعمل على بناء جيل طلائعي يرفض ثقافة الاستحمار، له إرادة مستقلة يستطيع من خلالها بناء مستقبله ومستقبل وطنه.
وفي العدد مقالات أخرى وقصائد شعريّة ورسوم كاريكاتوريّة تصبّ في دعم الفكر الرسالي ومقاومة مخططات المستحمِرين ...
 قراءة ممتعة.....