محمد الحاج سالم |
في السؤال القديم المتجدّد: الثورة العربيّة بين الممكن والمستحيل : العدد 47 - 2014/01/10 |
محمّد الحاج سالم: في ظلّ الالتباسات المهيمنة على الخطاب «الثّوري» العربي المعاصر، هل يبدو لكم ذلك الخطاب عقلانيّاً ؟ وما هي مظاهر العقلانيّة فيه ؟ - الأزهر الزّنّاد: للخطاب الثّوريّ ثلاث مراحل - في ما أرى- تناسب درجةُ العقلانيّة فيه ترتيبَ المرحلة: ما قبل الثورة وزمن الثورة وما بعدها. فما قبلها خطاب إعداد للثورة يوصّف الواقع المتردّي وفيه نسبة كبيرة من العقلانيّة، وفي زمنها خطاب استنهاضيّ حماسيّ قد تتقلّص فيه العقلانيّة وأمّا خطاب ما بعد الثّورة فلا مناص من أن يكون عقلانيّاً بما يرسم من برامج مستقبليّة. وهذه المراحل في الثورات العربيّة متداخلة متزامنة بحكم تتابعها فتزامنها فاختلافها في المراحل المذكورة بالاستتباع. فأسبقها الثورة التونسيّة، وفيها يلمس النّاظر زيادة في درجة العقلانيّة في الخطاب بحكم مقتضيات المرحلة: تنظيم الانتخابات، مهامّ المجلس التّأسيسيّ، برامج الأحزاب ومضامينها، التّحاليل الفكريّة السياسيّة بما في الواحد منها من تصوّر(ات) للمستقبل، إلخ. وفي العموم، أرى أنّ في الخطاب العربيّ صوتين على الأقلّ: عقلانيّاً وغير عقلانيّ، وكلاهما يعد بمشروع اجتماعيّ وللواحد منهما أنصار ومعارضون على مستويين وطنيّ وعالميّ، وقد يخفت صوت ويرتفع آخر، وقد تتبلور عقلانيّة توافقيّة في نهاية المطاف. |
اقرأ المزيد |
في السلطة الإيديولوجيّة للعلماء في الإسلام : العدد 44 - 2013/11/29 |
صحيح أنّنا نجد التجربة التاريخيّة للجماعة الأولى جزءاً من المرجعيّات الإيديولوجيّة لجماعات المسلمين عبر العصور، إن لم تكن في محلّ القلب منها، بما في ذلك إيديولوجيّات الحركات الإسلاميّة المعاصرة، بل ويمكن القول بشيء من الاطمئنان إنّها أضحت عنصراً أساسيّاً في أيّ إيديولوجيا تنتسب إلى الإسلام عموماً، ومن هنا ضرورة التوقّف عندها قليلاً حتّى تتمايز المسائل. لقد كان الصراع بين الجاهلية والإسلام «صراعاً بين حركتين اجتماعيّتين لأهداف سياسيّة» أي «صراعاً إيديولوجيّاً» بحسب تعريفنا الإجرائيّ للإيديولوجيا(1). من المؤكّد أنّ نظرتنا إلى «الإسلام الأوّل» هنا بوصفه إيديولوجيا هي نظرة وضعانيّة. وهي نظرة جزئيّة وقاصرة علميّاً بلا شكّ، لكنّنا نراها مفيدة للتّحليل إذ تجعل من «الإسلام الأوّل»، وليس من «الإسلام» كدين عالمي، حركة اجتماعيّة محدّدة في الزّمان والمكان (وسط الجزيرة العربيّة خلال فترة تنزّل الوحي) ومنغرسة بقوّة في الواقع «بهدف تغيير نمط عيش الإنسان العربيّ وعلاقاته باتّجاه إقامة (دار الإسلام) المنتظمة حول سلطة مركزيّة» على ما يقول أستاذنا الفيلسوف فتحي التّريكي(2). أمّا الفائدة الثانية من هذه النظرة، فهي إمكانيّة فهم عمليّة التحوّل البنيويّ الشّامل التي شهدها المجتمع العربي «الجاهلي» ممثّلة في «الحركة المحمديّة» بتحويلها ذاك المجتمع من «مجتمع قبليّ مُشرك تعدّدي مفتّت» إلى «مجتمع دولانيّ مسلم واحد موحدّ»، إذ تُلقي أضواء جديدة على عمليّة فهمنا لتشكّل «الإسلام الأوّل» كحركة تاريخيّة تعتمد إيديولوجيا متجسّدة في حركة اجتماعيّة لتأدية جملة الوظائف التي تطلّبتها عمليّة البناء التّاريخي لـدولة الإسلام الأولى، وهو ما كان يحتمّ ظهور هذه الأخيرة من خلال مؤسّسات هي التي ستتكفّل بالوظائف اللاّزمة لإنجاز التغيّر المنشود (3). |
اقرأ المزيد |
أيّها الضّارعون المعذّبون في الأرض ! : 42 - 2013/11/01 |
الوقف لغة هو التحبيس أو التسبيل أي جعل الشيء أو منفعته في سبيل الله، فهو من جنس الصدقة الجارية، ومنه ويا للغرابة «السبّالة»! نعم السبّالة بمعنى الحنفيّة أو «الشّيش ماء» بمعنى قناة الماء باللّغة التركيّة كما تُعرف في بعض مناطق بلادنا، فهي في الأصل مَعِينُ ماءٍ يوُضع على ذمّة السّابلــة أي المارّين فـــي الطريق ليستقـــوا منه «على رحمة الوالدين» كما نقول في تونس! تذكّرتُ هذا وأنا أقرأ بذهول مقدار الأموال الموقوفة في الغرب على الأعمال الخيريّة. وهاكُم بعض أمثلة قد تُصيبكم مثلي بالدُّوار: خصّص «بيل غيتس» ما قيمته 4,2 مليار دولار من ثروته للتّعليم والصحّة والمكتبات العامّة في مدينة سياتل... وحبّست مؤسّسة فورد 10,8 مليار دولار للمنح الجامعيّة وعلاج الفقراء، وقُل نفس الشّيء عن مطاعم القلب (les resto du coeur) في فرنسا وبلجيكا حيث تُقدّم الوجبات مجانّاً للفُقــراء، وهذه أنشأها الفنّان «كوليش» (Coluche ) سنة 1985 بمساعدة من أهل الفنّ والأدب والجمعيّات الخيريّة... يتمّ هذا في بلاد غير المسلمين، فيما تُعاني «أمّة الإسلام» ما تُعاني من جوع وفقر وحرمان مُقابل حفنة من باذخي النفط الذين لا همّ لهم إلاّ التبجّح بأنّ الله أكرمهم بالإسلام! |
اقرأ المزيد |
المداران الحزينان: بكائيّة الهنود الحمر وصدمة اللّقاء مع الإسلام (*) : العدد 41 - 2013/10/18 |
عُرف عن المفكّر الفرنسيّ الكبير «كلود ليفي ستروس» أنّه أحد عمالقة الفكر الإناسيّ ورائد المدرسة البنيويّة فيها ومؤسّسها، وأنّه بذل جهودا علميّة جبّارة في استكشاف «بقايا» عوالم الهنود الحمر في أمريكا الجنوبيّة منتجاً أربعة مؤلفات حولهم هي من أهمّ ما كتب إلى حدّ اليوم حول التجربة الحضارية لتلك الشعوب ومعاييرها الثقافية. ولعلّ أهمّ تلك الكتب التي ألّفها في هذا المجال، هو كتابه المداران الحزينان (1)، وهو كتاب سبق أن قرأناه في نطاق اهتمامنا العلميّ بالنظرّيات الإناسيّة عموماً وإمكانيّة الاستفادة منها في إعادة قراءة المسكوت عنه واللاّمقول والمهمّش في التّاريخ عموماً وفي الحضارة العربيّة الإسلاميّة على وجه الخصوص. إلاّ أنّ طلب الصّديق الدّكتور «العادل خضر» التّعليق على نصّ ترجمه لستروس حول رؤيته للإسلام كدين وكمجال حضاريّ في الكتاب المذكور (الصّفحات 455-467)، دفعت إلى إعادة قراءة مجمل الكتاب مجدّداً بعين أخرى غير عين الأكاديميّ المتخصّص، وهي عين لا ننكر أنّها إسلاميّة البؤبؤ عربيّة الحاجب، أي باختصار عين مسلم متسائل عن مدى إمكانيّة قراءة الإسلام إناسيّاً، وهو ذات السّؤال الذي سبق للمفكّر الكبير «هشام جعيط» أن طرحه في كتابه المهمّ «أوروبّا والإسلام» مستنكراً ورافضاً إخضاع الإسلام إلى علم لا يدرس غير المجتمعات الموسومة بسمة «البدائيّة»، فهو يقول: «هل يخضع الإسلام للإثنولوجيا؟ أليست الحضارة المرتبطة باسمه معقّدة مرتبطة كثيراً في التّاريخ وكلاسيكيّة جدّاً حتّى يمكن أن نطبّق عليها المنهج الإثنولوجيّ الذي يدرك البنى البسيطة والمجتمعات (البدائيّة)؟» (2). |
اقرأ المزيد |
الإسلام في ضوء التحليل النفسي : العدد 32 - 2013/06/14 |
هذه ترجمة لمحاضرة الدكتور فتحي بن سلامة أستاذ علم النفس وعميد وحدة البحث والتكوين في العلوم الإنسانية العياديّة بجامعة باريس ديدرو. المحاضرة بعنوان «الإسلام في ضوء التحليل النفسي»، وألقيت باللغة الفرنسيّة خلال مؤتمر «قوّة التوحيد. التحليل النفسي والأديان» الذي انعقد بمتحف سيغموند فرويد بفيينا أيّام 29-21 أكتوبر 2009. Fethi Benslama, L’islam au regard de la psychanalyse (Conférence), Sigmund Freud Museum, colloque « The force of monotheism. psychoanalysis and religions », Vienne, 29-31 octobre 2009. |
اقرأ المزيد |
في ما وراء صدام الحضارات: الفكر الإسلاميّ والغرب : العدد 29 - 2013/05/03 |
إنّ لفولتير الجاهل تماما باللّغة العربيّة، اليوم الكثير من التّلاميذ. من يعرف اليوم عظمة المثل الأعلى الذي ألهم المعتزلة ؟ من يقرأ في البلدان النّاطقة بالفرنسيّة الكتاب المتميّز لفريد إسحاق حول القرآن؟ لم يكن صاموئيل هنتغتون يتوقّع حين قدّم أطروحته حول صدام الحضارات أنّها ستساهم في تعميم قراءة سياسيّة للنّزاع بين الإسلام والغرب، وأنّها سوف تخدم أولئك الذين يمكن أن يساهم التّبسيط الفظّ والمخلّ للفكر الإسلاميّ في تغذية حججهم. ولقد تدعّم هذا التّعميم بفعل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، إلاّ أنّ ما يتضمّنه من مبالغات مكشوفة لا يزال ينتظر التّفنيد، ذلك أنّ جدواه ما فتئت تتعاظم مع الأيّام في سياق تحقيريّ للفكر الإسلاميّ والعربيّ |
اقرأ المزيد |