عبدالسميع نصري |
ايران ومذهب صناعة الحقد : 114 - 2017/01/05 |
هذا سؤال يطرح فرضيّة حول مدى خطورة الدّور الإيراني في المنطقة على العالمين العربي والإسلامي. وهي فرضيّة تردّدت كثيرا منذ نجاح الثّورة الإيرانية في التخلّص من نظام الشّاه وتأسيس جمهوريّة وفق مذهب الولي الفقيه. ويتنازع المسألة اليوم رأيان واضحان بات كلّ منهما يشكّل طرفا فاعلا في السّاحة الإقليميّة والدّولية، أحدهما موال ارتبطت مصالحه بالمشروع الإيراني في المنطقة، والآخر مناهض ويتخوّف من التّقية السّياسية لإيران. وقد نجحت إيران في تحقيق اختراقات مهمّة في العالم الإسلامي بسبب الاستفادة من المخزون العاطفي للمسلمين تجاه فلسطين، فلم تتأخر في أن تسوّق سياستها التي تبدو مناهضة للكيان الصّهيوني ومساندة لحركات المقاومة. ودفعت بناء على هذا المنزع إلى تشكيل ما أطلق عليه «محور المقاومة». وبصرف النّظر عن الموقف من هذا المحور الذي ساعد في صمود المقاومة الفلسطينيّة في وجه مشروع التّفريط وإنهاء القضيّة، الذي تزعمه النّظام العربي الرّسمي في معظمه وبعض القوى الفلسطينيّة، فإنّ إيران حصّنت مشاريعها النّووية والتّوسعية والإيديولوجيّة بهذا الجدار الحديدي، ونجحت في امتلاك أوراق قوّة مؤثّرة على السّاحتين الإقليميّة والدّولية. |
اقرأ المزيد |
بين ثقافة الرحمة وثقافة البؤس تضيع القيم وتنتحر الأمم : 84 - 2015/06/11 |
أردّت أن أحوم في أجواء الفساد في مجتمعاتنا، بحثا عن نفق ينبعث منه نور من الأمل، وأخترت أن أبدأ الحديث حول أثار غياب الرّحمة في الثّقافة الغالبة على مجتمعاتنا، بلمحة عن وضع ذوي الاحتياجات الخاصّة في ثقافتنا، التي تحيلهم إلى مسخرة يلهو بها الأطفال والشّباب، وربّما إلى مثار للشّفقة في أفضل الأحوال. وأتذكر أنّ شابّا من فئة ذوي الاحتياجات الخاصّة في بلد عربيّ، أطلق عليه النّاس صفة القرد، وكان كلّما مرّ بحيّ طاردوه وأحالوا حياته إلى جحيم. في المقابل يضع بلد مثل النرويج على ذمّة شخص مماثل ميزانيّة هائلة ومنزلا مستقلاّ وطاقما كاملا من المختصّين ومن المدرّبين وأعوان الصّحة، مهمّتهم توفير العيش الكريم لهذا الشّخص، وتتّخذ من أجل حمايته وحماية ذوي الاحتياجات الخاصة قوانين، تكفل حقوقهم. ويشترط أن يطّلع عليها الجميع، ولعلّ من أهمّهما هو حقّ المعني في تقرير ما يناسبه من أنشطة ومأكولات. حتّى أولائك الذين لا يتكلّمون وربّما لا يفهمون، توضع الخيارات أمامهم ليختاروا بأنفسهم ما يناسبهم. وهذا ما دفعني للمقارنة بين واقعين والتّساؤل عمّا إذا كان في ثقافة التّخلف والبؤس رحمة، وهو ما يذكّرنا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم: « من لا يرحم لا يُرحم». وهذه قاعدة تختزل واقع المسلمين الذي يسوده سواد القلوب ويشذّ فيه سلوك الرّحمة، وتقوم فيه المعاملة بين المسلمين على قاعدة «ولتعلمنّ أّينا أشدّ عذابا وأبقى». وما من شكّ أنّ المجزرة التي وقعت في رابعة في حقّ أبرياء كانوا يعبّرون عن رأيهم بكل سلميّة ومدنيّة، هي ترجمان لخواء القلوب من الرّحمة، إلى حدّ مطالبة البعض بالمزيد من القتل، حتّى يرهب من خالفه الرّأي. وليت الأمر توقّف عند هذا الحدّ، فقد كشفت الفتن في كلّ من الشّام، ومصر والعراق عن أقوام لا ينتمون لعالم البشر، في سلوكهم وما تكنّ صدورهم من حقد لمن هم في حكم الإخوة، استنادا لما ورد في القرآن الكريم: «إنّما المؤمنون إخوة». فقد شاهد العالم عبر مواقع التّواصل الاجتماعي، كيف تقوم مجموعة من الشّيعة في العراق بصلي مسلم سنّي على النّار وهو حيّ، وسمعنا بعمليّات الاغتصاب الواسعة التي تشرف عليها المليشيات الشّيعية في أبو غريب، ورأينا كيف يوضع السّني في حفرة ويقبر حيّا لأنّه لم يشهد بألوهيّة بشّار الأسد. والأعجب من ذلك أن يخرج محام في إحدى القنوات المصريّة لا ليطالب بقتل الإخوان فحسب بل بحرق جثثهم نكاية فيهم وفي ذويهم، حتّى أنّ مقدمة البرنامج نفسها ذهلت ممّا يكنّه هذا الكائن من حقد لمن يختلف معهم في الرأي، هذا وهو محام، ومهمّته الدّفاع عن المتّهم وحقوقه الأساسيّة مهما كان لونه أو دينه أو جنسه أو انتماؤه الفكري. |
اقرأ المزيد |
هل الحوار ممكن بين اليسار والإسلاميين في العالم العربي؟ : العدد 26 - 2013/03/22 |
ليس غريبا أن يحدث على إثر الثورات سجال فكري، قد يتلفح في عمومه بمشاكل مطلبية تارة، وقيمية تارة أخرى. لأن منطق الثورات يفرز مرحلة انتقالية من شأنها أن تساعد في إعادة ترتيب البيت الداخلي. فإذا برفاق درب النضال ضد الطغيان يتموقعون من جديد في خانات إيديولوجية شبيهة بالوضع الطائفي في لبنان. والخلاف الذي يرتقي إلى نزاع فكري يظل في دائرة التدافع الحميد، طالما أنه يستند في مقاصده إلى المصلحة العامة، لا مصلحة الأحزاب والأفراد. وفي هذا الصدد يقول الفيلسوف الألماني "كانت" في حديثه عن التطور التاريخي، أن النزاع الاجتماعي يعد أهم الآليات التي تساهم في أن يقوم الناس بتقويم أنفسهم بشكل مستمر، لأنهم يضعون أهدافا لبناء المجتمع، لكنها تلقى اعتراضا. وبما أن الجميع يسعى لبناء المجتمع كل حسب أفكاره، فإن كل واحد سيحتاج إلى تطوير قدراته وإيجاد القنوات الضرورية للتفوق بقوة حجته وجزالة رأيه على رأي من يخالفه. ويبدو أن منسوب التجاذبات الايديولوجية بين الشيوعيين والإسلاميين في عالمنا العربي، خاصة في تونس ومصر، لا يتلاءم وهذا الطرح لأنه لا يفترض النزوع إلى تطوير الأفكار وعدم الجمود على انطباعات مستدعاة من عمق التاريخ، لا توفر جوا من الانتفاع باجتهادات الطرفين في خدمة المجتمع والوطن وخدمة المصلحة العامة. |
اقرأ المزيد |