بهدوء

بقلم
د.ناجي حجلاوي
حادثة الإفك من القصّة التّراثيّة إلى التّأويل الاستشراقي(2) «حادثة الإفك في التّراث2/2»
 منزلة عائشة
في إطار القصّة التّراثية، بالرّغم من تقبّل الضّمير الدّيني للحادثة المُشينة الّتي ألحقت الأذى بالنّبي وزوجه، فإنّ الرّوايات والآثار لا تنفكّ عن الكشف عن منزلة عائشة في المستوييْن العلمي والأخلاقي. فالصّورة المرسومة لهذه الزّوجة تبدأ من اللّه تعالى ذاته، فهو الّذي زوّج النّبي بها. وهو ما أكّده عمر بن الخطاب عندما استشاره النّبي في أمرها، فقال: «إنّ اللّه الّذي زوجكها لا يُدلّس عليك أبدا»(1). ولمّا تميّزت السّيدة عائشة بالنّباهة والذّكاء فقد كانت من أهمّ النّاقلات لأحاديث النّبي والمعلنة عن أحواله وأقواله وأفعاله(2). ولذلك تصدّت هذه المرأة إلى الفتيا والإفادة بالأجوبة الفقهيّة والعلميّة والتّصويب من الرّوايات والردّ على بعض الصّحابة والاستدراك عليْهم(3). 
وفي هذا الإطار، يندرج قول الحافظ بن حجر: «وقد مات عنها الرّسول ﷺَ  ولها نحو ثمانية عشر عاما وقد حفظت عنه شيئا كثيرا، وعاشت بعده قرابة خمسين سنة. وأكثر النّاس الأخذ منها ونقلوا عنها من الأحكام والآداب شيئا كثيرا حتّى قيل: إنّ ربُع الأحكام منقول عنها رضي اللّه عنها»(4). فهي صاحبة سابقة في الإسلام. أسلمت وهي صغيرة السّن، مع أبويْها. وفيها يقول البخاري: «قال أبو موسى الأشعري فيها: فضل عائشة على النّساء كفضل الثّريد على سائر الطّعام»(5). وقد أجمل عروة بن الزُبير ابن أختها أسماء القول في هذا المضمار حين قال: «ما رأيت أحدا أعلم بالقرآن ولا بفريضة ولا بحلال وحرام، ولا بشعر ولا بحديث العرب ولا النّسب من عائشة رضي اللّه عنها»(6). وهو ما يدعّمه الزّهري بقوله: «لو جُمع علم عائشة إلى علم جميع النّساء لكان علم عائشة أفضل»(7).
عائشة أم ماريّة؟
ليس خافيا على الدّارس أنّ الرّواية التّراثيّة تُطلق الاتّهام على عائشة وتُخرجها في صورة المُدانة، وفي ذات الوقت تتفصّى من النّتائج المنجرّة عن الحادثة. فكان التّناقض واضحا بين الأخذ بالمقدّمات والتبرّؤ من النّتائج والخواتيم. والملاحظ في هذه الرّواية أنّها تتميّز بالاضطراب والتّذبذب سندا ومتْنا بدءا من التّركيز على الجَرح في الرّجال دون العناية اللاّزمة بالمتون ومحتوياتها. وحادثة الإفك على سبيل المثال تتأرجح من حيث المتْن بيْن شخصيتيْن هي عائشة وماريّة. ومظاهر الاضطراب في رواية البخاري، سالفة الذّكر، تتجلّى في أنّ النّبي ما عُرف عنه أنّه كان يصطحب زوجاته في الغزوات والحروب. ولا عُرف عن العرب ذلك(8). فالرّجال في شأن المنازلات ولا دخل للنّساء في هذا الأمر بشيء. ولو كان الأمر جاريا أو مستحسنا لتأسّى الصّحابة بالنّبي. وعندئذ يصطحب كلّ محارب زوجته. 
إنّ غزوة بني المصطلق، هي الّتي تُسمّى أيضا باسم البئر الّتي كانت في المريسيع، قد اختلف إزاءها الأوس والخزرج حتّى كادوا يتحاربون(9). وهي المناسبة الّتي قال فيها عبد اللّه بن أُبيْ قولته المشهورة: «واللّه ما مثلنا ومثل محمّد إلاّ كما قال القائل: سمّن كلبك يأكلك. أمّا واللّه لئن رجعنا إلى المدينة لَيخرجنَّ الأعزّ منها الأذلّ»(10). وعلى افتراض أنّ عائشة كانت مع الجيش، فكيف تعود بمفردها إلى موطن ضياع العِقد دون إعلام زوجها أو أحد من الجنود القائمين بشؤون مركبها؟ وأيّ عقل يقبل حمل الهودج دون التّثبت من وجود صاحبته فيه؟ وإذا ذهبت المرويّات إلى أنّ خفّة الوزن لدى عائشة هي الّتي أوهمت حمَلة الهودج أنّها فيه، فإنّ هذا المعنى يتناقض رأسا مع ما ذكره البيْهقي في سُننه على الوجه التّالي: «أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا حدثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب، حدثنا يونس بن بكير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كانت أمّي تعالجني تريد تسمنني بعض السّمن لتُدخلني على رسول اللّه فما استقام لها بعض حتّى أكلتُ التّمر بالقثّاء فسمنتُ عنه كأحسن ما يكون من السّمنة»(11). وهذا المعنى يتأكّد  فيما رواه أحمد بن حنبل في مسنده من أنّ عائشة قالت: «خرجت مع النّبي في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللّحم ولم أبدن، فقال للنّاس تقدّموا فتقدّموا، ثمّ قال لي تعالي، حتّى أُسابقكِ، فسابقته فسبقته فسكت عني حتّى إذا حملت اللّحم وبدنت ونسيت خرجت معه في أسفاره. فقال للنّاس: تقدّموا فتقدّموا. ثمّ قال لي: تعالي، حتّى أسابقك فسابقته فسبقني،  فجعل يضحك، وهو يقول: هذه بتلك»(12). ولئن ذهب عباس محمود العقاد إلى أنّ القائمين على الهودج لم يتفطّنوا لغياب عائشة لتهيّبهم من مناداتها، فإنّ هذا التهيّب لا معنى له أمام تحمّل المسؤوليّة الّتي أُنيطت بعهدتهم. 
لقد صدّق هذا المؤلّف بالرّواية التّراثيّة. وتحمّس في الردّ على من يشكّ فيها مُعربا أنّها وشاية لا قيمة لها عند منصف يلمس من ورائها تربة الكيْد والوقيعة الّتي نبتت فيها، إذ هي تربة وبيئة تنضح بسخائم الخصومة الدّينيّة والسّياسيّة، ومساوئ الخبث والكذب والنّفاق، وخليق بها أن تبعث الشكّ في كلّ حديث ينبت بين طيّاتها، ولو زعموا أنّه من الأسانيد والشّبهات أضعاف ما زعموا لهذه الوشاية الواهية، وليس لها من سند ولا شبهة إلاّ أنّ السّيدة عائشة تأخّرت في الطّريق هنيهة حين تحرّك العسكر على حين فجأة. وقد كانت الرّحلة كلّها كثيرة المفاجآت في مواعيد النّزول والرّحيل، بل لو تأخّرت كلّ امرأة في الرّكب غير السّيدة عائشة، لجاز أن تلحق بها شبهة من هذا التّأخير، لأنّ الرّكب لم تكن فيه امرأة غيرها يهابها الموكلون بهودجها أن ينادوها ليتأكّدوا من وجودها. ولم تكن فيه امرأة أخرى تهاب الرّقبة من جيش المسلمين كما تهابها. وهي زوج النّبي وبنت الصّديق، وقد كان أبوها يحمل راية المهاجرين في تلك الغزوة بعينها(13).
وفيما يتعلّق بصغر سنّها ساعة زواجها من النّبي، فإنّ لعباس محمود العقاد إشارات مهمّة تتمثّل في قوله: «وتختلف الأقوال في سنّ السّيّدة عائشة يوم زفّت إلى النّبي ﷺَ  في السّنة الثّانية للهجرة، فيحسبها بعضهم تسعا، ويرفعها بعضهم فوق ذلك بضع سنوات. وهو اختلاف لا غرابة فيه بين قوم لم يتعوّدوا تسجيل المواليد، إذ قلّما يُسمع بإنسان رجلا كان أو امرأة في ذلك العصر إلاّ ذُكر له تاريخان أو ثلاثة لميلاده  أو زواجه أو وفاته. وقد يبلغ الاختلاف بين تاريخ وتاريخ في تراجم المشهورين فضلا عن الخاملين عشر سنين. والأرجح عندنا أنّ السّيّدة عائشة كانت لا تقل عند زفافها إلى النّبي ﷺَ عن الثّانية عشرة ولا تتجاوز الخامسة عشرة بكثير»(14). ويدعّم هذا الرّأي إذا عُلم أنّ عائشة كانت مخطوبة لجبير بن مطعم بن عدي من أصحاب أبيها في الجاهليّة. علما بأنّ الفتاة لا تُخطب إلاّ بعد بلوغها سنّ الرّشد. وإذا اُفترض أنّ الخطبة كانت على عادة العرب تجري مُبكرا فإنّ هذا الافتراض يُلزم بولادة عائشة ولربّما بلوغها قبل إسلام أبيها، ما يُؤدّي، مرّة أخرى، إلى ارتفاع عمر عائشة. وقد ورد في كتاب «الطّبقات الكبرى» لابن سعد أنّها خطبت وهي في السّابعة أو التّاسعة(15)، ولم يتم الزّفاف إلاّ بعد فترة بلغت خمس سنوات في أشهر الأقوال. وهذا الأمر يستقيم عقلا لأنّ خولة الّتي خطبت للنّبي رغبت في أن يتأنّس النّبي بالزّواج بعد فراق زوجته الأولى خديجة. وقد ذكر  شمس الدّين الذّهبي في سير أعلام النّبلاء رواية مفادها أنّ زمن غزوة المريسيع كانت سنة 5 ه، وكان عمر عائشة آنذاك اثنتيْ عشرة سنة(16).
وثمّة رواية أخرى تشير إلى أنّ أختها أسماء ولدت قبل الهجرة بسبع وعشرين سنة وهي تكبرها بعشر سنوات. والنّتيجة الواضحة تُشير إلى أنّ عمر عائشة سيكون بين عشرين أو إحدى وعشرين سنة(17). 
وبالعودة إلى مسألة البحث عن العِقد الضّائع يُمكن التّساؤل: كيف لم تنتبه عائشة إلى انصراف الجيش بما يحدثه ذلك من جَلبة وضوضاء ما يدعوها إلى الصّياح والجري لتُدرك الجماعة؟ وكيف يُستساغ نوم امرأة صغيرة السنّ في جوف الظّلام في صحراء خالية؟ وكيف لم تُبلّغ عائشة، من قبلُ، عن خبر ضياع العِقد؟ وأيّة قدرة ساقت صفوان بن المعطل إلى المكان المحدّد الّذي تنام فيه عائشة في لباس أسود؟ وأيّة سرعة كان الجيش يسير بها حتّى يتوارى عن الأعيْن بشكل يحُول أمام صفوان بن المعطل كيْ يلحق به؟
إنّ زوجة النّبي يُفترض فيها أن تكون مقدرة ومبجّلة بشكل يدعو إلى مزيد العناية بشأنها والتّثبّت من أمر وجودها كيْ لا تكون لُقاطة لكلّ لاقط، ولاسيّما أنّ الطبري يحكي عن تقديس البعض من أتباعها لها: وقد جاء في تاريخه ما يلي: «حدثني عمر، قال: حدثنا أبو الحسن، قال: حدثنا أبو ليلى عن أبي عكاشة الهمداني عن رفاعة البجلي عن أبي البختري الطائي قال: أطافت ضبّة، والأزد بعائشة يوم الجمل وإذا رجال من الأزد يأخذون بعر الجمل فيفتّونه ويشمّونه ويقولون: بعر جمل أمّنا ريحه ريح المسك»(18). وقد أورد إسحاق ابن راهويه أنّ عائشة قالت: «لقد أُعطيت تسعا ما أعطيتها امرأة بعد مريم بنت عمران: لقد نزل جبريل بصورتي في راحته حتّى أمر رسول اللّه ﷺَ أن يتزوّجني، ولقد تزوّجني بكرا وما تزوّج بكرا غيري، ولقد قُبض ورأسه في حجري، ولقد قَبرته في بيتي، ولقد حفّت الملائكة في بيتي وإنْ كان الوحي لينزل عليه، وإنّي لمعه في لحافه»(19). وقد قال: «إنّي واللّه ما نزل الوحي عليّ، وأنا في ثوب امرأة  من نسائي غير عائشة»(20). «وإنّي لابنة خليفته وصديقه، ولقد نزل عذري من السّماء، ولقد خلّفت طيبة عند طيب، ولقد وُعِدْتُ مغفرة ورزقا كريما»(21).  
وإذ تتهافت رواية البخاري وغيرها من الرّوايات، فإنّ من مظاهر هذا التّهافت أنّ النّبي يستشير أسامة في شأن عائشة. والحال أنّ أسامة فتى صغير السنّ. وكان أولى أن يستشير أباه زيدا بن الحارثة. جاء في سير أعلام النبلاء أنّ عائشة قالت: «أراد الرّسول أن يمسح مخاط أسامة، فقلت: دعني حتّى أكون أنا أفعل. فقال: يا عائشة أحبّيه إنّي أحبّه. فقلت: كان سنّه في سنّها»(22).  كلّ هذه التّناقضات تُحيل على أنّ الرّواية متأخّرة تستهدف النيْل من النّبي ﷺَ  وتحطيم صورته ولاسيّما  أنّه هو الّذي حاصر قوى الظّلم والجور. فقد رأى المنافقون في عهده ﷺَ أنّ أفضل وسيلة لإسقاط الدّين هي إسقاط أعظم حَملته وعلى رأسهم النّبي ﷺَ وذلك من خلال تشويه سمعته والقدح في نزاهته وعِرضه(23). فرأى فيه المنافقون والمستبدّون منافسا قويّا فنسجوا قصّة منفرطة العناصر كانفراط العِقد المزعوم المنسوب إلى عائشة في مناسبتيْن مختلفتيْن.
ولعلّ من الأدلّة القاطعة على بطلان الرّواية هو تكرّر قصّة العِقد المنفرط وافتعالها أكثر من مرّة وإلاّ فما وجه المعقوليّة في ضياع أكثر من عِقد للشّخص نفسه. ما دعا أبا بكر إلى أن يُعاتبها بقوله: «في كلّ سفر للمسلمين منكِ عناء وبلاء»(24). وقد ورد في صحيح البخاري في كتاب التّيمم ما يلي: «حدّثنا عبد اللّه يوسف، قال أخبرنا مالك بن عبد الرّحمن بن قاسم عن أبيه عن عائشة زوج النّبي قالت: خرجنا مع رسول اللّه ﷺَ في بعض أسفاره، حتّى إذا كنّا بالبيداء(25)، أو بذات الجيش، انقطع عِقد لي، فأقام رسول اللّه ﷺَ على التماسه، وأقام النّاس معه، وليسوا على ماء، فأتى النّاس إلى أبي بكر الصّديق، فقالو: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول اللّه ﷺَ والنّاس ليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فجاء أبو بكر، ورسول اللّه ﷺَ  واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبست رسول اللّه ﷺَ والنّاس ليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فقالت عائشة: فعاتبني أبو بكر، وقال: ما شاء اللّه أن يقول، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التّحرك إلاّ مكان رسول اللّه ﷺَ على فخذي، فقام رسول اللّه ﷺَ حين أصبح على غير ماء، فأنزل اللّه آية التّيمم فتيمّموا، فقال أُسيد بن الحضير: ما هي بأوّل بركتكم يا آل أبي بكر، قال: فبعثنا البعير الّذي كنت عليه، فأصبنا العِقد تحته»(26). 
فأيّ عقل يقبل أنّ قائدا، بمنزلة النّبي الّذي هو واحد من أُولي العزم من الرّسل، ينام على فخذ زوجته لا يُبالي بالعطش الّذي يُعانيه الجنود وبالويْلات الّتي يكابدها الجيش؟ وكيف ينزل جبريل بآيات تُخبر عن وجوب التّيمم ساعة غياب الماء ولا يُخبر بمكان العِقد؟  
وحتّى الاعتماد على الأسانيد في ذكر حادثة الإفك فقد اعتراه الخطأ، فالسّند الّذي أورده البخاري في صحيحه جمع بيْن اسم مسروق وهو تابعي من اليمن، وأمّ رومان وهي صحابيّة ماتت في حياة الرّسول وبالتّحديد في السّنة الرّابعة أو الخامسة للهجرة ولربّما سمعه من عائشة ونُسب الأمر إلى أمّها(27). وقد استدرك ابن حجر العسقلاني على البخاري فأورد في هذا الاتّجاه قوله: «ولا غريب من البخاري أن يضيف على سنّ أمّ رومان سبع أو ثماني أو عشر سنوات كيْ تلتقي بمسروق مع أنّ أصحاب الصّحاح الخمسة غير البخاري أعرضوا عن ذكر هذا اللّقاء الّذي يجمع بين الميّت والحيّ»(28). 
ومن الملاحظات الجسيمة البارزة في الحديث الّذي يمثّل المتن الأساسي لحادثة الإفك واستتباعاتها نجده يُشير إلى أنّ سعد بن معاذ، والحال أنّه مات قبل سريّة المريسيع فكيف يستقيم محاججته لسعد بن عبادة  في مسجد رسول اللّه حتّى كادت الأمور تتجاوز المشادّة الكلاميّة لتتحوّل إلى منازعات؟ فسعد بن معاذ تُوفي السّنة الخامسة من الهجرة وبعد الخندق بشهر وبعد قريْضة بليال(29). في حين أنّ غزوة بني المصطلق كانت في السّنة السّادسة للهجرة على رأي ابن إسحاق في المغازي. وإذ يشير القرآن إلى أنّ الحادثة من تأليف عُصبة متكاتفة ومتعاونة، فإنّ عبداللّه بن أُبيْ  بن سلول وحسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش، على حدّ رأي الرّواية الموروثة، لا ترابط قويّ بينهم حتّى يشكّلوا عُصبة. 
ومن مظاهر الاضطراب في الرّوايات المتعلّقة بحادثة الإفك، نجد عددا من الأخبار تكِل الحادثة إلى ماريّة القبطيّة وتنسبها إليها. فقد ورد في كتاب المستدرك للحاكم ما يلي: «حدّثنا عليّ بن حمشاذ، حدّثنا حسن بن حمّاد سجادة، حدّثني يحيي بن سعيد الأموي، حدّثنا أبو معاذ سليمان بن الأرقم الأنصاري عن الزّهري عن عروة عن عائشة قالت: أُهديت ماريّة إلى رسول اللّه ﷺَ ومعها ابن عم لها، قالت: فوقع عليها وقعة فاستمرت حاملا، قالت : فعزلها عند ابن عمها، قالت: فقال أهل الإفك والزّور: مِن حاجته إلى الولد ادعى ولد غيره، وكانت أمّه قليلة اللّبن فابتاعت له ضائنة لبون فكان يُغذّى بلبنها، فحسن عليه لحمه، قالت عائشة : فدخل به على النّبي ﷺَ  ذات يوم فقال: كيف ترين؟  فقلت: من غذّي بلحم الضّأن يحسن لحمه، قال: ولا الشّبه، قالت : فحملني ما يحمل النّساء من الغيرة أن قلت: ما أرى شبها، قالت: وبلغ رسول اللّه ﷺَ  ما يقول النّاس، فقال لعليّ: خذ هذا السّيف فانطلق فاضرب عنق ابن عمّ ماريّة حيث وجدته، قالت: فانطلق فإذا هو في حائط(30) على نخلة يخترف رطبا قال: فلما نظر إلى عليّ ومعه السيف استقبلته رعدة قال: فسقطت الخرقة، فإذا هو لم يخلق اللّه عز ّوجلّ له ما للرّجال شيء ممسوح»(31). 
إنّ اللاّفت في هذه القصّة الّتي تجعل الإفك لاصقا بماريّة، أنّها وقعت في السّنة الّتي اُتّهمت فيها عائشة في غزوة بني المصطلق(32). والخلاصة من هذه الرّواية هي اشتعال نار الغيرة لدى عائشة وإيداع مارية عند ابن عمها وهي حامل وأمر النّبي لعليّ بقتله. وإذا بدا الأمر معقولا في بداية القصّة فإنّ أمر النّبي بالقتل قبل التّثبّت من الجناية يُعتبر تجوّزا لا مبرّر له وإساءة لا تُقبل. وقد جاء في صحيح مسلم ما يلي: «حدّثني زهير بن حرب، حدّثنا عفان، حدثنا حمّاد بن سلمة، أخبرنا ثابت عن أنس، أنّ رجلا كان يُتّهم بأمّ ولد رسول اللّه، فقال رسول اللّه لِعَلِيٍّ: «اذْهَبْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ فَأَتَاهُ عَلِيٌّ فَإِذَا هُوَ فِي رَكِيٍّ يَتَبَرَّدُ فِيهَا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: اخْرُجْ، فَنَاوَلَهُ يَدهُ فَأَخْرَجَهُ، فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ لَيْسَ لَهُ ذَكَرٌ، فَكَفَّ عَلِيٌّ عَنْهُ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ ﷺَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَمَجْبُوبٌ مَا لَهُ ذَكَرٌ»(33). 
وبعض الرّوايات تشير إلى شكّ النّبي في نسب ابنه إبراهيم حتّى جاءه جبريل وخاطبه وكَنّاه بأبي إبراهيم. وهي الطّريقة ذاتها الّتي بُرّئت بها عائشة حسب ما تنصّ عليه الرّواية التّالية: عن عبد اللّه بن عمرو أنّ رسول اللّه دخل على أمّ إبراهيم ماريّة القبطيّة أمّ ولده وهي حامل منه بإبراهيم فوجد عندها نسيبا لها، كان قدم معها من مصر، فأسلم وحسن إسلامه. وكان يدخل على أمّ إبراهيم ماريّة القبطيّة وإنّه لمكانه من أمّ ولد رسول اللّه ﷺَ  أن يجُبّ نفسه، فقطع ما بين رجليْه حتّى لم يُبق لنفسه شيئاً قليلاً ولا كثيراً. فدخل رسول اللّه ﷺَ يوماً على أمّ إبراهيم فوجد قريبها عندها فوقع في نفسه من ذلك شيء كما يقع في أنفس النّاس. فرجع متغيّر اللّون فلقيَ عمرًا فأخبره بما وقع في نفسه من قريب أمّ إبراهيم. فأخذ السّيف وأقبل يسعى حتّى دخل على ماريّة. فوجد قريبها ذلك عندها. فأهوى إليه بالسّيف ليقتله فلمّا رأى ذلك منه كشف عن نفسه. فلمّا رأى عمر ذلك رجع إلى رسول اللّه ﷺَ فأخبره. فقال النّبي ﷺَ ‏:‏ ‏ألا أخبرك يا عمر، إنّ جبريل ﷺَ أتاني فأخبرني أن اللّه عزّ وجلّ قد برّأها وقريبها ممّا وقع في نفسي. وبشّرني أنّ في بطنها غلاماً منّي. وأنّه أشبه الخلق بي. وأمرني أن أسّميه إبراهيم وكنّاني بأبي إبراهيم. ولولا أنّي أكره أن أحوّل كنيتي الّتي عرفت بها لتَكنّيْت بأبي إبراهيم، كما كنّاني جبريل عليه السّلام‏»(34).  وإذ لا تستقرّ الرّوايات على حال، فإنّ بعضها يُورد اسم جريج وهو ابن عم ماريّة، والأخرى تذكر الحادثة منسوبة لشخص آخر اسمه مابور وهو غلام قبطي أسود. الأوّل مجبوب والثّاني خصيّ(35). 
وتزداد الرّوايات تهافتا عندما تُصوّر النّبي على أنّه يخشى زوجاته. وهو ما يتناقض مع شخصيّة الرّسل والقادة من ذوي العزم والهمم العالية. واسمع هذا الحديث: حدّثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني، حدّثنا إسماعيل بن عمرو البجلي، حدّثنا أبو عوانة عن أبي سنّان عن الضّحاك بن مزاحم عن ابن عبّاس في قول اللّه عزّ وجلّ: ﴿ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾( التحريم: 3). «دخلت حفصة على النّبي ﷺَ  في بيتها وهو يطأ ماريّة، فقال لها رسول اللّه ﷺَ : لا تخبري عائشة حتّى أبشّرك ببشارة، فإنّ أباك يلي من بعد أبي بكر إذا أنا متّ، فذهبت حفصة، فأخبرت عائشة أنّها رأت النّبي ﷺَ يطأ ماريّة وأخبرتها أنّ النّبي ﷺَ أخبرها أنّ أبا بكر يلي بعد رسول اللّه ﷺَ  ويلي عمر من بعده. فقالت عائشة للنّبي ﷺَ : من أنبأك هذا؟ قال: نبّأني العليم الخبير، فقالت عائشة: لا أنظر إليك حتّى تحرّم ماريّة، فحرّمها. فأنزل اللّه عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾(التحريم: 1)(36). 
واللاّفت في هذا الصّدد أيضا أنّ الرّوايات لا تشي بأنّ أصحابها لا يتحرّجون من جعل الحياة الشّخصيّة للنّبي في أدقّ تفاصيلها موضوعا يُستطاب الخوض فيه وكأنّه عنصر قارّ في الدّين، فضلا عن الدسّ الواضح في معارضة المسألة الأخلاقيّة بالمسألة السّياسيّة، فالنّبي يسترضي زوجته بتولية أبيها. وأكثر من ذلك يعمد البخاري إلى تصوير نساء النّبي على أنّهن منقسمات إلى قسميْن متصارعيْن. وذلك فيما رواه في الحديث التّالي: حدّثنا إسماعيل، قال: حدّثني أخي عن سليْمان بن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: «أنّ نساء رسول اللّه ﷺَ كُنَّ حزبيْن: فحزب فيه عائشة وحفصة وسودة، والحزب الآخر أمّ سلمة وسائر نساء رسول اللّه»(37). وليس خافيا أنّ هذا الفضاء الأسري المشحون بالصّراعات والخلافات لا ينسجم البتّة مع مقتضيات النّبوءة والرّسالة المستوجبة للاحترام والمودّة والسّكينة.
وبعض الرّوايات تصوّر الأدوار السّلبيّة الّتي سلكتها عائشة وحفصة من قبيل الرّواية الّتي تُورد ما يلي: «أخبرنا هشام بن محمّد حدثني ابن الغسيل عن حمزة بن أبي أُسيْد السّاعدي عن أبيه وكان بدريا. قال: تزوّج رسول اللّه ﷺَ  أسماء بنت النّعمان الجونيّة. فأرسلني. فجئت بها. فقالت حفصة لعائشة أو عائشة لحفصة: اخضبيها وأنا أمشطها. ففعلن ثمّ قالت لها إحداهن: إنّ النّبي ﷺَ يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول أعوذ باللّه منك. فلمّا دخلت عليه. وأغلق الباب. وأرخى السّتر، مدّ يده إليها، فقالت: أعوذ باللّه منك. فقال بكمّه على وجهه فاستتر به، وقال: عُذتِ بمعاذ، ثلاث مرّات. قال أبو أسيد ثمّ خرج عليّ فقال: يا أبا أسيد ألحقها بأهلها ومتّعها برازقيّتيْن، يعني كرباستيْن. فكانت تقول: دعوني الشّقيّة»(38).
لقد بدأت القصّة، في أوّل ظهورها، سُنّيّة كانت أو شيعيّة، متضمنة لمّا يُسمّى بحادثة الإفك وكانت متعلّقة بماريّة. ولكن هذه القصّة تحوّلت تدريجيّا عن هيأتها الأُولى لتُنسب إلى عائشة رواية وحدثا. فهي الّتي تروي القصّة عن نفسها. وكُرّست فكرتا تزويجها وبراءتها من اللّه تعالى. والتّناقض وارد في صُلبها يتمثّل، في أنّ اللّه هو الّذي زَوّج عائشة للنّبي فكيف يكون هذا الزّواج الإلهي مبْنيّا على سوء تقديرٍ، وكيف تكون ثمرته على هذا المنوال؟ وعلم  اللّه الكاشف منزه عن ذلك. ولْنستمع إلى ما يرويه الطّبراني من أنّ النّبي قد صدّق الخبر بحقّها في الرّواية التّالية: «فبلغ رسول اللّه ﷺَ أنّ عائشة قد بلغها الأمر فجاء إليها فدخل عليها وجلس عندها، وقال: يا عائشة إنّ اللّه قد وسّع التّوبة. فازددتُ شرّا إلى ما بي. فبينا نحن كذلك إذ جاء أبو بكر فدخل عليّ، فقال: يا رسول اللّه ما تنتظر بهذه الّتي خانتْك وفضحتني. قالت: فازددت شرّا إلى شرّ»(39).   
إنّ المتابع للقصّة المتعلّقة بحادثة الإفك لا يقف على نواة صلبة، من شدّة التّعارض والتّناقض بين ما تحتويه الرّوايات من معطيات وأحداث. والغريب أنّ هذه المكوّنات القصصيّة تدور حول أمر واحد هو الإساءة الواضحة للنّبيّ إذ تُنسب له أقوال وتصرّفات ومواقف لا يقبلها العقل السّليم ولا الفطرة السّويّة لأنّها لا تنسجم عقلا ونصّا مع مقام النّبُوءة والرّسالة في آن واحد. ولا أغرب من أن تصدر هذه الأشياء النّابية ممّن يدّعي الصّلة بهذا النّبي ورسالته. ويظهر الاقتداء به. وفي ذات الوقت يُشهر سلاح التّشهير بالدّارسين الّذين يتناولون هذه القضايا من المستشرقين.
الهوامش
(1) إبراهيم علي سالم، النفاق والمنافقون في عهد رسول الله ﷺَ، مكتبة الجامعة الأمريكية، القاهرة، ط1، سنة 1948، ص119. 
(2) انظر مهدي رزق الله أحمد، السيرة النّبوية في ضوء المصادر الأصلية: دراسة تحليلية، مركز الملك فيصل للدّراسات والبحوث الإسلامية، الرياض، ط1، سنة 1412ه، 1992م، ص711.
(3) ينظر في هذا الصدّد بدر الدّين الزّركشي، الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة، تحقيق سعيد الأفغاني، تعليق وتخريج عصمت الله، المكتب الإسلامي، بيروت، لبنان، ط2، سنة 1390ه، 1970م.
(4) ابن حجر العسقلاني، الفتح الباري بشرح صحيح الإمام البخاري، ج7، تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي، المكتبة السلفية، مصر، ص107.
(5) البخاري، الصحيح،  م ن، وبالتّحديد كتاب فضائل أصحاب الرسول ﷺَ، باب فضل عائشة رضي الله عنها، حديث رقم 3769، ص 785.
(6)  أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ج2، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، سنة 1988، ص ص49-50.
(7)  شمس الدّين الذّهبي، سير أعلام النبلاء، ج2، م ن، ص 185.
(8) استغرب جارية بن قُدامة السعدي من خروج عائشة إلى موقعة الجمل حين قال لها: «قد كان لك من الله سترة وحرمة، فهتكت سترك وأبحت حُرمتك، إنه من رأى قتالك فإنه يرى قتلك، وإن كنت أتيتنا طائعة فارجعي إلى منزلك، وإن كنت أتيتنا مستكرهة فاستعيني بالنّاس. وقال غلام من بني سعد لطلحة والزبير: أما أنت يا زبير فحواريّ رسول الله، وأما أنت يا طلحة فوقيت رسول الله بيدك، وأرى أمّ المؤمنين معكما، فهل جئتما بنسائكم»؟ وقد قال أبو الأسود الدؤلي لعائشة في هذه المناسبة: «ليس على النساء قتال ولا لهن الطلب بالدماء». انظر سيف بن عمر الضبّي الأسدي، الفتنة ووقعة الجمل، تحقيق أحمد راتب عرموث، دار النفائس، بيروت، لبنان، ط4، سنة 1402ه، 1982م، ص 125.
(9) أورد المقريزي في كتابه بينما كان المسلمون على ماء المريسيع إذ أقبل سنان بن وبر الجهني، وهو من جهينة بن سود بن أسلم حليف الأنصار ومعه فتيان بن بني سالم يستقون وعلى الماء جمع من المهاجرين والأنصار، فأدلى دلوه وأدلى جهجهاه بن مسعود بن سعد بن حرام الغفاري، أجير عمر بن الخطابٍ، دلوه فالتبست دلو سنان ودلو جهجهاه وتنازعا، فضرب جهجهاه سنانا فسال الدم فنادى: يا للخزرج، وثارت الرّجال، فهرب جهجهاه وجعل ينادي في المعسكر: يا لقريش، يا لكنانة، فأقبلت قريش وأقبلت الأوس والخزرج وشهر السلاح حتّى كادت تكون فتنة عظيمة، فقام رجال في الصلح فترك سنان حقه. انظر تقي الدّين أحمد بن علي المقريزي، إمتاع الأسماع، تحقيق محمود شاكر، القاهرة، د ت، ص199 وما بعدها.
 (10) عبد الملك بن هشام، السيرة النبوية، ج3، تحقيق عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، ط3، سنة 1410ه، 1990م، ص ص136،137.
(11) أبو بكر أحمد البيْهقي، السُنن الكبرى، ج7، تحقيق محمّد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، سنة 1424ه، 2003م، وبالتّحديد باب المرأة تصلح أمرها للدخول بها، حديث رقم 14469، ص 414.
(12) أحمد بن حنبل، المسند، ج 6،  دار صادر، بيروت، لبنان، د ت، حديث رقم 26320، ص 264. وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء، ج3، م ن، ص 451.
(13) عباس محمود العقاد، الصّديقة بنت الصّديق، مؤسسة هنداوي، مصر،  ط2، سنة 2014، ص ص61،60.
(14) عباس محمود العقاد، الصّديقة بنت الصّديق، م ن، ص39.
(15) محمّد بن سعد، الطبقات الكبرى، ج8،  دار صادر، بيروت، لبنان، د ت، ، ص 58 وما بعدها.
(16) انظر شمس الدّين الذّهبي، سير أعلام النبلاء، ج2، م ن، ص153.
(17) انظر شمس الدّين الذّهبي، سير أعلام النبلاء، ج2، م ن، ص288. وعز الدين بن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج7، تحقيق علي محمّد معوض ومن معه، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط2، سنة 1424ه، 2003 م، ص8.
(18) انظر ابن جرير الطبري، تاريخ  الرسل والملوك، ج3، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، مصر، ط4، سنة 2014،   ص43.
(19) انظر شمس الدّين الذّهبي، سير أعلام النبلاء، ج2، م ن، ص 141. 
(20) البخاري، الصحيح، م ن، كتاب فضائل أصحاب النّبي ﷺَ، باب فضل عائشة ، حديث رقم 3775، ص 786. وانظر إلى التّناقض بين الرّوايات في الموضوع الواحد. فقد ورد في سيرة ابن هشام ما يلي: «قال ابن إسحاق: وحدثني إسماعيل بن أبي حكيم مولى آل الزبير أنه حدث عن خديجة رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله ﷺَ: أي ابن عم أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك ؟ قال نعم. قالت فإذا جاءك فأخبرني به. فجاءه جبريل عليه السلام كما كان يصنع، فقال رسول الله ﷺَ لخديجة: يا خديجة هذا جبريل قد جاءني، قالت: قم يا ابن عم فاجلس على فخذي اليسرى، قال: فقام رسول الله ﷺَ فجلس عليها، قالت: هل تراه ؟ قال: نعم. قالت: فتحوّل فاجلس على فخذي اليمنى، قالت: فتحوّل رسول الله ﷺَ فجلس على فخذها اليمنى، فقالت: هل تراه ؟ قال نعم. قالت: فتحوّل فاجلس في حجري، قالت: فتحوّل رسول الله ﷺَ فجلس في حجرها. قالت: هل تراه؟ قال: نعم. قال: فتحسّرت وألقت خمارها. ورسول اللهﷺَ جالس في حجرها، ثم قالت له: هل تراه ؟ قال لا ، قالت: يا ابن عم اثبت وأبشر فوالله إنه لملك وما هذا بشيطان». محمّد بن عبد الملك بن هشام، السيرة النبوية، ج2، تحقيق طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، لبنان، ط1، سنة 1411ه، 1991م،  ص85.
(21) انظر إسحاق بن راهويه، المسند، ج2، تحقيق عبد الغفور بن عبد الحق البلوشي، مكتبة الإيمان، المدينة المنورة، ط1، سنة 1991، ص22.
(22) انظر شمس الدّين الذّهبي، سير أعلام النبلاء، ج2، م ن، ص501.
(23) انظر أمير بن محمّد المدري، حادثة الإفك: دروس وعبر، م ن، ص1 وص53. ومحمّد سعيد رمضان البوطي، فقه السيرة، دار السلام، مصر، ط1، سنة 2008، ص285.
(24) انظر شمس الدّين الذّهبي، سير أعلام النبلاء، ج2، م ن، ص 171.
(25) يُشير شمس الدّين الذّهبي إلى أنّ هذا المكان يُسمّى بالصُّلصُل. انظر أعلام النبلاء، ج2، م ن، ص 169.
(26) البخاري، الصحيح، م ن،  كتاب التيمم، حديث رقم 334، ص38.
(27) انظر ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج8، م ن، ص176.
(28) شمخي جابر فاضل، حادثة الإفك بين مارية وعائشة، م ن، ص30.
(29) إسماعيل بن عمر بن كثير، البداية والنهاية، ج 6، تحقيق علي شيري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، ط1، سنة 1988، ص 98.
(30) الحائط هو البستان. انظر جمال الدّين بن منظور، لسان العرب، مج 7، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، د ت، مادّة: «حيط»، ص 281.
(31) الحافظ أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الحاكم النّيسابوري، المستدرك على الصحيحيْن، مج5، تحقيق أشرف بن محمّد نجيب المصري، دار المنهاج القويم للنشر والتّوزيع، المملكة العربية السعودية، ط1، سنة 1439ه، 2018م، وبالتّحديد كتاب: معرفة الصّحابة ، ذكر سراري رسول الله ﷺَ،  حديث رقم 6903، ص50.
(32) أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البرّ القُرطبي النّمري، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق عادل مرشد، دار الأعلام، عَمان، الأردن، ط1، سنة 1423ه، 2002م، ص 920.
(33) مسلم بن الحجاج النيسابوري، الصحيح، ج17، م ن ، باب براءة حرم النّبي من الرّيْبة، حديث رقم 2771، ص81.
(34) انظر نور الدّين الهيْثمي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، ج9، تحقيق حسام الدّين القدسي، مكتبة القدسي، ط1، سنة 1994،  وبالتّحديد باب فضل إبراهيم بن رسول الله ﷺَ، حديث رقم 14951. والغريب أنّ جبريل في الروايات ينزل بغير الوحي وهي تستنزله في كلّ حين بمقتضى الأحداث وقد تجعل منه شخصا عاديا يُصافح النّبي أحيانا ويتأذّى أحيانا أخرى بالروائح الكريهة. وانظر إلى هذا الحديث: «من أكل ثومًا أو بصلًا فلا يقربن مسجدنا وليصل في بيته إنّ الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو الإنسان». انظر البخاري، الصحيح، م ن، وبالتّحديد كتاب: الأذان، باب: ما جاء في الثوم النّىء والبصل والكُرّاث، حديث رقم 853، ص 181. ومسلم، الصحيح بشرح النووي، ج5، م ن، وبالتّحديد كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها مما له رائحة عن حضور المسجد حتّى تذهب تلك الريح وإخراجه من المسجد، حديث رقم 564، ص 33.
(35) ابن كثير، البداية والنهاية، ج4، م ن، ص273.
(36) انظر الطبراني، المعجم الأوسط، ج3، تحقيق طارق بن عوض الله بن محمّد وعبد المحسن بن إبراهيم الحُسيْني،  دار الحرميْن للطباعة والنشر والتّوزيع، مصر والسودان، سنة 1415ه، 1995م، حديث رقم 2316، ص 13.
(37) البخاري، الصحيح، م ن، وبالتّحديد كتاب: الهبة، باب: من أهدى إلى صاحبه وتحرّى بعض نسائه دون بعض، حديث رقم2581، ص533. وذكره شمس الدّين الذّهبي، سير أعلام النبلاء، ج2، م ن، ص 143.
(38) ابن سعد، الطبقات الكبرى، مج8،  م ن، ص ص145، 146.
(39) الطبراني، المعجم الأوسط، ج6، م ن، حديث رقم 6389، ص ص270-271