باختصار

بقلم
عبدالقادر رالة
النّقود الورقيّة في الصّين القديمة
 كان الصّينيّون أوّل من عرف النّقود المعدنيّة ومنعوا تزويرها ، وهم أيضا أوّل من استخدموا النّقود الورقيّة. وقد عاين ذلك ابن بطوطة في رحلته الى الصّين، وتحدّث بإعجاب عن ذلك، فالنّقود الورقيّة قد شاع واتسع استعمالها من طرف المغول لمّا أسّسوا أسرة يوان الصّينيّة ( 1271ـ 1368)...
كتب ابن بطوطة: « وأهل الصّين لا يتبايعون بدينار ولا درهم ... وإنما بيعهم وشراؤهم بقطع كاغدٍ (ورق)، كل قطعة منه بقدر الكفّ مطبوعة بطابع السُّلطان...وإذ تمزّقت تلك الكواغد في يد إنسان حملها الى دار كدار السّكّة عندنا، فأخذ عوضها جدداً ودفع تلك، ولا يُعطي على ذلك أجرة ولا سواها ... وإذ مضى الإنسان الى السّوق بدرهم فضّة أو دينار يريد شراء شيء، لم يُؤخذ منه ولا يلتفتُ إليه حتّى يصّرفه (بقطعة الكاغد) ويشتري بها ما أراد»(1).
«وكان صنع الأوراق النّقديّة من أقدم ما أخرجته الطّباعة بالقوالب. وقد ظهرتْ هذه الأوراق أوّلا في مقاطعة «سيتشوان» في القرن العاشر الميلادي ثمّ أصبحت عملا هاماً من أعمال الحكومة الصّينيّة ، ولم يكن يمضي على اختراعها قرن من الزّمان حتّى أدّت الى تجارب في التّضخّم المالي . واتبعت بلاد فارس في عام 1294م هذه الطّريقة الجديدة من طرق خلق الثّروة. وقد وصف «ماركو بولو» في عام 1297 في دهشة بالغة ما يظهره الصّينيّون من تقدير لهذه القصاصات من الورق. أمّا أوروبا فلم تعرف النّقود الورقيّة إلاّ في عام 1656 م حين أصدرت أوّل عملتها منها»(2). ولم تكن دهشة الرّحالة الايطالي «ماركو بولو» أقلّ من دهشة معاصره ابن بطوطة !..
وكما هو معلوم، فالورق اختراع صيني يعود الى القرن الثّاني ميلادي، ولم يستخدم في صناعة عمولات ورقيّة تتداول بين النّاس إلاّ في الفترة الممتدة بين القرن السّابع والعاشر تحت حكم أسرتي «تانغ وسونغ» (618 - 1272)، وكان ذلك بشكل محدود، لكن في القرن الثّالث عشر تمّ تعميم ذلك بشكل سريع...