إنّ تميّز الوجود البشري بالتّنوع والتّعدّد يجعل مبدأ الاختلاف معيارا مؤسّسا لكلّ صيغ التّفاعل الإنساني، وحتّى إن كان هذا المبدأ محرّكا فاعلا لتاريخ الصّراعات بكلّ تمفصلاته على امتداد التّاريخ، ذلك أنّ من محاسن التّفكير في الوجود الإنساني هو إدراك حجم الفراغات والتّباينات التي تحكم طبيعة الحياة المشتركة التي يعيشها الإنسان مع الأغيار، ذلك الفراغ الذي سمّاه الوجوديّون بالعدم يؤسّس لأهميّة الاعتقاد في أنّ الاختلاف أصل تجاري لهذا الوجود وليس عرضا تحكمه الصّدفة والفجائيّة، لذلك لابدّ من أن ندرك ككائنات عاقلة أنّ الاختلاف هو فعاليّة إنسانيّة وجوديّة تمحو كلّ أنماط ما يسمّيه «دولوز» بالإجماع المفتعل أو التّواطؤ القبلي وما يمقته «ديكارت» من أشكال الاتفاقات الجماعيّة والاحكام الجاهزة التي لا تجعل من الإنسان ذاتا فاعلة ومؤثّرة في هذا الوجود بقدر ما تختزله في خانة القطيع يُجمع بعزف النّاي بمنطق شاعريّة «نيتشه»
|