جيلاني العبدلّي |
عوضَ أن تبكي أمّي فلتبكِ أمهاتُ الآخرين : العدد 31 - 2013/05/31 |
خلال السنة الدراسية 1980- 1981 شهدتْ المعاهد الثانوية بمدينة باجة إضرابا تلمذيّا شاملا توقّفت على إثره الدراسة وقد كان من نشطائه والمحرضين عليه. كان تدخلُ البوليس لفضّ الاحتجاجات عنيفا، حتى أنّ التلاميذ شُرّدوا في التلال وتحصنوا بالمرتفعات المحاذية للمدينة إلى حين انسحاب قوات الأمن المرابطة حول المعاهد. ولما كان بصدد عبور وسط المدينة، متوجها إلى منزل أحد أقاربه حوالي الساعة الحادية عشرة، استوقفه في نهج باب الجنائز زميلان له في الدراسة، وجعلا يخوضان معه في أمر الإضراب، وبمجرد انصرافهما، أمسك بالشاب عونا أمن بالزي المدني، وسرعان ما تعززا بآخرين، وأحكم أحدهما قبضته في حزامه من الخلف، وحوّلوا وجهته إلى سيارة مدنية رابضة على مقربة من ضريح الولي الصالح سيدي بوتفاحة، وزجّوا به داخلها، وتنافسوا في رفسه، وشنّفوا أذنيه بسمج الكلام وسوقية الألفاظ ، وهم يتوعدونه بالويل والثبور، ثم انطلقوا به إلى مقر فرقة الأبحاث بمنطقة الأمن الوطني. |
اقرأ المزيد |
«وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون» : العدد 30 - 2013/05/17 |
كان وهو في سن السابعة عشرة من عمره يعمل على توسيع علاقاته وتنويع مصادر قراءته كشاب يتجه نحو رسم الملامح العامة لشخصيته. وقد حصل ذات مناسبة على عنوان لمجلة تخص الشباب من القراء باشتراك سنوي مجاني فلم يتردد في مراسلتها في سياق الرغبة في المعرفة وحب الاطلاع دون أن يعطي الأمر أهمية كبرى. وبعد مرور حوالي شهر على هذه المراسلة، وبالتحديد خلال العطلة المدرسية لفصل الربيع من سنة 1979 وقع ما لم يكن في الحسبان، فقد بلغه وهو موجود في تونس العاصمة أن مجموعة من أعوان الأمن الوطني بباجة قد خرجت إلى عائلته في أعماق الريف على بعد 25 كلم من مدينة باجة، باحثة عنه على وجه السرعة دون إطلاعها على الأسباب الدافعة إلى ذلك، الأمر الذي خلف لوالده ولوالدته حيرة واضطرابا وخوفا عليه. |
اقرأ المزيد |
مُتسوِّلونَ لا يتعفّفُونَ : العدد 29 - 2013/05/03 |
نزلتُ العاصمة التونسية يوما لشأن أقضيه واتجهتُ إلى شارع الحرية لأمر أسوّيه. ولما بلغتُ مستوى حديقة الحبيب ثامر، استوقفني مشهد لافتٌ، فلازمتُ مكاني وتابعتُ فصوله في فضول. شابٌّ منتصِبٌ على الرّصيف يبيع حزما من "الكاكي" مرصّفة بدقةٍ ونظامٍ فوق كيس كرْتُونيّ قد انتفض من مكانه كالمصعوق وجرى هاربا حاضنا بضاعته، وما إن اقترب من جثة مفروشة على الأرض لعجوز بدتْ للناظرين متداعية الجسد متهالكة النفس، حتى وَطَأَ طرفَ أصابعِ يدِها المطروحةِ للسؤال في اعوجاج وارتعاش مُردّدا على مسمعها: "بوليس، بوليس ، قومي، بوليس" ثم ازورّ ببضاعته متخفّيا عن عيون الأمن. |
اقرأ المزيد |
رُبَّ فقيرٍ قوتُهُ من القُمامةِ !! : العدد 28 - 2013/04/19 |
ليس من الطبيعة ولا من القيم الفاضلـــة أن لا يتحــرك لنا ساكن، ولا يهتزّ لنا باطن، ونحن نعاين في سائر أيامنا وأرجاء بلدنا مواطنين معدميــــن يترددون علــى مصبّات النفايــــات، وينبشون في صناديق الفضلات طمعا في ما قد يلبّي بعضا من حاجاتهم الحياتية الأساسية. كنت قد زودتُ ذات صيف قائض وكيلا في السوق المركزية للخضر والغلال بعشرات الأكياس من غلة "العوينة"، وقد تعرّض بعضها للفساد بسبب ضعف الطلب وارتفاع درجات الحرارة الأمر الذي جعل الطبيب المراقب يأمر بسحبها من فضاء العرض لعدم صلوحيتها للاستهلاك. |
اقرأ المزيد |
صحبةٌ منعدمةٌ لسيّدةٍ منقبضةٍ : العدد 26 - 2013/03/22 |
كانتْ وحيدة في المحطّة، محتمية داخلها من غضب الطبيعـــــة. وحالما توقّفت الحافلة صعدتْ متثاقلة، وترجّلتْ بخطى وئيدةٍ لتأخذ مكانها على مقعد قبالتي. جلستْ متهاوية متهالكة، ووضعتْ حقيبتها على ركبتيْها، وسدلتْ كلتا يديها، ثمّ شبّكتْ أصابعها، ورفعتْ رأسها نحو النافذة ترسل نظرها بعيدا، تحدّق في الفراغ شاخصة، لا تحرّك لها جفنا ولا رمْشا، يأخذها شرودٌ عجيبٌ، ويسكنها وجومٌ عجيبٌ. |
اقرأ المزيد |
من الراديكاليّة السياسيّة إلى الواقعيّة السياسيّة : العدد 25 - 2013/03/08 |
المتأمل في المشهد السياسي التونسي يمكنه ان يلاحظ بوضوح انتهاج عموم الأحزاب السياسية لأسلوب الراديكالية السياسيــة، وما يطغى على خطاباتها وسياساتها من طوباوية وسوداوية واستعجالية وحرق للمراحل، وما يغلب على سلوكها من شيطنة للآخر وتعجيز له من أجل إرباك أدائه وإفشال خططه، وبالتالي إقصائه من صدارة الركح السياسي. ونظرا لما يخلفه هذا الأسلوب في العمل السياسي من صعوبات ومشاكل على طريق الإصلاح السياسي والازدهــــار الاجتماعـــي، فإن الأحزاب الراديكالية مدعوة إلى مراجعة رؤاها وخياراتها وأساليبها واعتماد مبدإ الواقعية السياسية التي تقدم المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة، وتؤصّل للمشاركة والتعايش والتناوب في كنف الآليات الديمقراطية والضوابط القانونية. |
اقرأ المزيد |
من الثورة . . . إلى الإصلاح إلى التنمية : العدد 23 - 2013/02/08 |
لغط كثير يطفو من حين إلى آخر على صفحات الشبكة الاجتماعية فايس بوك وعلى الفضائيات، تلوكه ألسن عديد السياسويين من محترفي التشكيك والتقزيم والمزايدة، ومن مدّعي الطهر السياسي والعفة النضالية.هؤلاء اللاغطون يتزيّنون بخطاب الثورة، ويمجّدون الثوريين، ويُسوّقونهم في مغالطة فجّة على أنّهم المناضلون الوطنيون التقدميون الصادقون الذين واجهوا قوافل الاستبداد بصدور عارية، وقارعوا الظلم بشظايا الكلام الثوري. |
اقرأ المزيد |
الاستقالات الحزبية: مبرّرات ومحاذير : العدد 22 - 2013/01/25 |
تُعدّ ظاهرة الاستقالات التي عرفتْها ولا زالت تعرفها الأحزاب التونسية واحدةً من أبرز الظواهر السلبية التي طالما شغلت الرأي العام السياسي والإعلامي. ونظرا لما تمثله هذه الظاهرة من دور في إرباك المشهد الحزبي والسياسي وإضعاف مسار الديمقراطية في بلادنا، أجد من المهم كثيرا التوقفُ عندها بالتحليل والتقويم مساهمة في الإنارة والترشيد. |
اقرأ المزيد |
نعم الديمقراطية في مجلس مدينتنا : العدد 21 - 2013/01/11 |
في إطار متابعة أعماله المكثفة ولقاءاته المراطونية، انعقد بتونس اجتماع دوري لمجلس المدينة قصد النظر في مشاكل المواطنين ومتابعة شؤونهم. أخذ رئيس المجلس مكانــــه في الصّــــدارة، وخطب في الأعضاء بمهــــارة، فرحّـــب بالحاضريـــن المثابريــــن، وشكر الداعمين المآزريــــــــن، وعاتــــب الغائبيــــــــن المتقاعسيـــن، ونبّــــــــه إلى مناورات المعارضين وخطر أعــــداء الثــــورة المتربصيـــن، وذكّر بواجب السهر على شؤون الناس المختلفة، ودعا إلى حسن التدبير وجودة التسيير، وحثّ على التضحية في سبيلهم بالمال الوفير والجهد الكبير لأن ذلك من المبادئ الفاضلة والوطنية الصادقــــــة. |
اقرأ المزيد |
الخيارُ الأمنيُّ: حلٌّ أمْ تعبيرٌ عنْ مأزق؟ : العدد 20 - 2012/12/28 |
عاش التونسيون عقودا من الزمن في ظلّ دولة متغوّلة، طالما استندتْ إلى الخيار الأمنيّ في معالجة الأزمات المتفجّرة بين الفينة والأخرى، ومرّوا بمحطات عنفيّــــة كلّفتهـــم تضحيـــات جســـام، نخصّ بالذكـــر منهـــا أحــداث 26 جانفي 1978 وأحـــداث قفصــة في 26 و27 جانفي 1980 وأحداث الخبـــز فــي 3 جانفي 1984، وعمليات اضطهاد الإسلاميين سنــــة 1990 وأحــــداث مدينـــة الـــرديّف بقفصـــة في ربيع 2008. |
اقرأ المزيد |
أنا وصلاح الدين الأيوبي في بيت المقدس : العدد 19 - 2012/12/14 |
ولد بقلعة تكريت بالعراق ستة 532 ﮪ وتوفي بها سنة 589ﮬ. إنه الناصر صلاح الدين الأيوبي، قائد معركة حطين الشهيرة، وفاتح بيت المقدس الشريف، وواحد من أشهر ملوك المسلمين. لمّا نظرتُ إليه وتفحّصتُ فيه، قرأتُ على صفحات وجهه قيم العروبة، من شموخ ونخوة وشجاعة وإقدام وإصرار. مستكشفا البارحة كنتُ قد رأيته ينزل بالقدس زائرا مُتفقّدا، ويمشى في رحابها مستطلع |
اقرأ المزيد |
التّحالفُ الديمقراطيُّ: خيارٌ ثالثٌ لأفق واعد : العدد 18 - 2012/11/30 |
انعقدتْ بنزل أفريكا بالعاصمة تونس يوم 8 نوفمبر 2012 ندوة صحفية للإعلان عن ميلاد حزب التحالف الديمقراطي، الذي تشكّل أساسا من حزب الإصلاح والتنمية والتيار الإصلاحي للحزب الديمقراطي التقدمي، وبعض الشخصيات المستقلة من المجتمع المدني والسياسي. |
اقرأ المزيد |
حضرَ الشيخُ ولم يحضرْ القدوةُ : العدد 17 - 2012/11/16 |
الذين يرتادون المنابر الدينية ويتابعون البرامج الإعلامية، يمكنهم بسهولة ملاحظةُ العددِ الضخمِ من الشيوخ الذين يتصدّرون المجالس المختلفة، سواء كانوا متحاورين متناظرين أو كانوا مفسّرين معلّمين وناصحين موجّهين.. وعلى أهمية الدور الحيوي الذي يلعبه هؤلاء الشيوخُ في نشر الثقافة الإسلامية وفي إشاعة التعاليم الدينية وفي تربيّة الناس على القيم الفاضلة والأخلاق الكريمة، فإنّ رسالتهم التي ارتضوها لأنفسهم قد اتخذتْ طابعا نظريا تنظيريا، واكتستْ علاقاتهم بالناس بُعدا افتراضيا تراسُليا، بحيثُ لم يترجموا أقوالهَم بين الناس إلى أفعالهم، ولم يَقرِنوا في حضرتهم سلوكَهم بخطاباتهم، ولم يمشوا في الواقع على رؤوس الأشهاد بأخلاقهم، ولم يجسّدوا في عيون الملإ القدوةَ الفاضلةَ الواجبَ اتباعُها والنموذجَ الحسنَ المفروضَ تقليدُه والنسجُ على منواله.. |
اقرأ المزيد |
زعماءَنا سادَتنا‼ أخْلوا مواقعكم وخُذوا تقاعدكم : العدد 16 - 2012/11/02 |
منذ سطع شبابُنا ونبع عطاؤُنا، أطلّ علينا زعماءُ سياسيّون حكماءُ ثوريّون كما بَدَوْا في خطاباتهم البليغة وكتاباتهم البديعة، فحلّلوا لنا مُتون السيّاسة وفُنون الكياسة وفسّروا لنا قواعد الإدارة وأسرار الولاية وشخّصوا لنا في واقعنا ومجرى حياتنا مواطن الخلل والضّعف ومكامن العلـــــل والعسف، في ثوريّة عالية ووثوقيّة تامّة، بانتهاج طريقهم وتعزيز خيارهم والتّضحية معهم بنفوسنا ونفيسنــــا في سبيل التّغيير وحُسن التّدبير والتّسيير، وقطعوا لنا عهودا باليسر بعد العسر، وضربوا وعودا بالرّخاء بعد الجفاء، فآمنّا بما قالوا ووعدوا، وصدّقنا بما اختاروا وعاهدوا، وانتصرنا لهم ندعمُهم ونعزّزُهم، وعزمنا معهم نُآزرُهم ونُناصرهم، وانخرطنا بأطيافنا المختلفة مــــن مواقعنـــا المتعــدّدة على اليمين كما على اليسار في نضال جليـــــل وسجـــال طويـــل ضد صروف الاستبداد وصنوف الفســـــاد والاستعبـــــاد، وتوزّعنا بين الفيافي والسجون والمنافي، ونالنا كثير من الترهيب والتعذيب والتغريب. |
اقرأ المزيد |
أحزابُنا! أيْنَهَا من فقرائنا؟! : العدد 15 - 2012/10/19 |
عرف الإنسان مشكلة الفقر على مرّ العصور وفي مختلف الأمصار. وقد شكلت هذه المشكلة ولا زالت تشكل، واحدا من أهم التحديات الواجبُ مواجهته والعملُ على رفعه والقضاء على آثاره السلبية اجتماعيا وأخلاقيا وصحيا وبيئيا، ذلك أن الفقر يلعب دورا مباشرا في تهديد الأمن الصحّي والبيئي والغذائي، ويساهم في تدنّي الأخلاق وتفكيك الأسر والمجتمعات، وفي زعزعة الاستقرار السياسي والاجتماعي. ونظرا لما يلقاه الفقراء من فاقة وحرمان وخصاصة وشظف عيش، فإن الذاكرة الانسانية قد احتفظت بهذه القسوة والمرارة والمعاناة واختزلتها في أمثال وأقوال تواترت على ألسنة معصومين وصالحين وفلاسفة وحكماء، فرسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام قد اعتبر "الفقر أشدُّ من القتل" لقدرته على تدمير الذات البشرية في أبعادها المادية والمعنوية والروحية. |
اقرأ المزيد |
مُسنّة بين مخالب الفقر : العدد 14 - 2012/10/05 |
في سياق نشاط تجاريّ لي، قصدتُ ذات صيف ولاية القيروان برفقة أحد الأصدقاء لأقوم بجلب حمولـــة من غلــــة الصبّــــــار المعروفة لدى التونسيين باسم "الهندي". ولما كنتُ في مستوى مدينة حاجب العيون، توقفتُ على حافة الطريق أين كان ينتصبُ كثيرً من الفلاحيــــن عارضيــــن غلتهــــم في أكياس بلاستيكية مرصّفة على طول مسافة أميال من القارعة، وجعلتُ أدقّق النظر في المعروضات مُتبيّنا أحسن الأثمان وأجود الغلال. |
اقرأ المزيد |
ما أفلحتْ أُمّةٌ لم تجعل ْ من شبابها عمادا لمستقبلها : العدد 12 - 2012/09/07 |
لما دخلتُ ككل صبـــاح مقهـــى العـــــادة وجلستُ منفردا في ناحية علــــى اليميـــن بالنسبـــة للدّاخـــل، اقتــــرب منّــي شاب يستجلي، إن كان بالإمكان أن يجلس على مقربة منّي؟ فقلت: تفضّل سيدي، لا مانع عندي. وضع صاحبنا فنجان القهوة على الطاولة.. قعد في تؤدة وأشاح بوجهه عنّي. أخذ نفسا متتابعا من سيجارة أشعلها ثم نفث في الجوّ سحابة داكنة، وأعاد الكرّةَ المرّةَ تلو المرّة. حرّك مقعده مرات قلقا كالجالس على الجمر، مُلتفتا يمينا ويسارا، ظاهر الأرق كثير الحنق، يُطرق آنا ثمّ يعلو بهامته أحيانا، يتأمّل فنجانه، يأسره خياله، يخطّ على الطاولـــة ببنانـــه ويقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، يتنهّد يكاد لا يلقي الانفاس، يلعن الوسواس الخنّاس وآكلي حقوق الناس، يصمت برهة، يرمقني خلسة، يهمّ بالقول لكنّ فاه يلتمّ، يفرك أصابعه، ثم يأخذ في مصّ سيجارته مصّا، وسرعان ما يُلقي بها أرضا، يدوسها بالقدم دوسا، ثم يميل بالرأس إليّ معتذرا إن كان قد أزعجني، ملتمسا عفوا إن كان قد أحرجـــني، ثم يُضيف في وهن بصوت يملؤه الشجن، يفصّل قوله مُحتنقا، يشرح مأساته مُحتقنا. |
اقرأ المزيد |
في سبيل خطاب نسويّ جديد : العدد 10 - 2012/08/10 |
تعتبر قضية المــــرأة واحـــدة من أبرز الموضوعات التي تواترت في خطاب الأحزاب السياسية والمنظمات الأهلية ومثّلت محورا لعديد الفعاليات السياسية والأنشطة المدنية والبرامج الإعلامية الرامية إلى تحقيق مزيد من المكاسب لفائدة المرأة وتحسين وضعها وموقعها في صلب المجتمع والدولة. |
اقرأ المزيد |
أحزابٌ: من الوحدة إلى التفتّت : العدد 9 - 2012/07/27 |
عاشت معظم الأحزاب التونسية قبل ثورة الرابع عشر من جانفي 2011، ولازالت تعيش في راهنها بعد الثورة حالة من الانقسام والانشطار لعبت دورا مباشرا في إرباك أدائها السياسي، وإضعاف قدرتها على الفعل الميداني، وبالتالي في تحويلها إلى مجرّد ظواهر سياسية تؤثّث المشهد السياسي ولا تؤثّر فيه، علاوة علـــى أنّ غالبيـــة التونسييــــن لا تُدرك لا وجود هذه الأحزاب ولا برامجها، وحتى الأحزاب التي ترددّت أسماؤها على مسامع المواطنين فقد اقترنت بأسماء زعمائها الذين احتكروا الأضواء الإعلامية والمنابــــر الدعائيــــة واختزلوا مؤسساتهم الحزبية في ذواتهم. هذه الحالة المرضية تعود في نظري إلى جملة من الأسباب الذاتية المتعلقة بذات الأحـــــزاب، سأكتفـــي بالمــــرور على أبرزها كما بدتْ لي من خلال تجربتي في العمل السياسي. |
اقرأ المزيد |
زعماءَنا سادَتنا‼ أخْلوا مواقعكم وخُذوا تقاعدكم : العدد 8 - 2012/07/13 |
منذ سطع شبابُنا ونبع عطاؤُنا، أطلّ علينا زعماءُ سياسيّون حكماءُ ثوريّون كما بَدَوْا في خطاباتهم البليغة وكتاباتهم البديعة، فحلّلوا لنا مُتون السيّاسة وفُنون الكياسة وفسّروا لنا قواعد الإدارة وأسرار الولاية وشخّصوا لنا في واقعنا ومجرى حياتنا مواطن الخلل والضّعف ومكامن العلل والعسف، في ثوريّة عالية ووثوقيّة تامّة، بانتهاج طريقهم وتعزيز خيارهم والتّضحية معهم بنفوسنا ونفيسنا في سبيل التّغيير وحُسن التّدبير والتّسيير، وقطعوا لنا عهودا باليسر بعد العسر، وضربوا وعودا بالرّخاء بعد الجفاء، فآمنّا بما قالوا ووعدوا، |
اقرأ المزيد |
من الراديكاليّة السياسيّة إلى الواقعيّة السياسيّة : العدد 7 - 2012/06/29 |
المتأمل في المشهد السياسي التونسي يمكنه ان يلاحظ بوضوح انتهاج عموم الأحزاب السياسية لأسلوب الراديكالية السياسيــة، وما يطغى على خطاباتها وسياساتها من طوباوية وسوداوية واستعجالية وحرق للمراحل، وما يغلب على سلوكها من شيطنة للآخر وتعجيز له من أجل إرباك أدائه وإفشال خططه، وبالتالي إقصائه من صدارة الركح السياسي. ونظرا لما يخلفه هذا الأسلوب في العمل السياسي من صعوبات ومشاكل على طريق الإصلاح السياسي والازدهــــار الاجتماعـــي، فإن الأحزاب الراديكالية مدعوة إلى مراجعة رؤاها وخياراتها وأساليبها واعتماد مبدإ الواقعية السياسية التي تقدم المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة، وتؤصّل للمشاركة والتعايش والتناوب في كنف الآليات الديمقراطية والضوابط القانونية. |
اقرأ المزيد |
إما دمقرطة أو صوملة : العدد 6 - 2012/06/15 |
في الوقت الذي يتجه عموم التونسيين إلى مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بكثير من أحلامهم في تحقيق الاستقرار والتنمية والعدل ومعالجة مشكلاتهم في الفقر والبطالة والجريمة والهجرة السرية وفي العمل على وقف نزيف الاحتجاجات والإضرابات أمام بطء مسار الإصلاح الحكومي الشامل تتّجه كثير من المجموعات السلفية إلى ممارسة العنف المادي والمعنوي ضد الأشخاص والمؤسسات مستغلة حالة الفراغ الأمني التي تمر بها تونس في هذه المرحلة الانتقالية. |
اقرأ المزيد |
من الرعيّة إلى المواطنة : العدد 5 - 2012/06/01 |
الرعيّة كمصدر لفعل رَعَى تعني الضبط والمراقبة، وتُحيل على السواد الأعظم من الخاضعين للأمر الواقع المحكوم بآليات السيطرة والترويض والمراقبة. بهذا المعنى عاش التونسيون لأكثر من خمسة عقود تحت حُكمي الديكتاتورين الراحل الحبيب بورقيبة والمخلوع زين العابدين بن علي، وخضع غالبيتهم للحكم الفردي وأشكال القمع والمنع والمراقبة والمصادرة، ودبّ فيهم الخوف والتخويف من شقّ عصا الإذعان ورفض سياسة الامتهان، وانتشرت بينهم الوشاية والدسيسة، وانساق كثير منهم إلى التزلف للحاكم والتمسح له والإطناب في تعظيمه والتفنّن في مدحه، وساد عند كلّ طلوع له أو ترحال التحشيد والتطبيل والتزمير والتصفيق والتنميق، وأضحى نيْل الحقوق مشروطا بمدى الولاء وإثبات الوفاء. |
اقرأ المزيد |
مهمّشون بعد الثورة كما قبل الثورة : العدد 4 - 2012/05/18 |
يُعتبر التّهميش الاجتماعي والاقتصادي والسياسي من أكبر الظواهر الخطيرة التي اخترقت المجتمع التونسي في العقود الماضية. وإذا كان المهمّشون ينقسمون إلى شرائح وفئات وأفراد، فإن فئة الشباب وفي مقدمتها خريجو الجامعات كانت من أشد الفئات عرضة للتهميش والنبذ والتجاهل والمحاصرة، الأمر الذي دفع بها إلى التعلّم الذاتي والعمل على الاطلاع والنقد، مستفيدة من الوسائل المعلوماتية الحديثة في استنباط طرق جديدة في التواصل والنضال، وهو ما أهلها للتمرّد على منظومة الاستبداد والفساد عبر ثورتها المباركة في الرابع عشر من جانفي 2011، التي أطاحت بعرش الديكتاتور زين العابدين بن علي، وأعادت الكلمة للتونسيين. |
اقرأ المزيد |
نعم لزراعة الأحلام..لا لإشاعة الأوهام : العدد 3 - 2012/05/04 |
على مر ثلاث وعشرين سنة من عهد الدكتاتور التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، ظل غالبية التونسيين يكتمون أحلامهم، ويخمدون أوهامهم خوفا من أن تطالهم أساليب القمع الوحشي التي اعتمدها جهاز البوليس في التعاطي مع المعارضين السياسيين، وفي مقدمتهم الإسلاميين بمختلف فصائلهم. لأكثر من عقدين خبت أحلام عموم التونسيين في الديمقراطية والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والوحدة العربية، واندثرت أوهام الكثيرين في بناء الخلافة أو الإمارة أو الدولة الإسلامية أو غير ذلك وسادت حالة من اليأس والإحباط والتشاؤم، وانتشر الخوف والرقابة الذاتية، وساد اليأس والإحباط والتشاؤم، وشاعت بين المواطنين ثقافة الخلاص الفردي، وأضحت قابلية التغيير باتجاه إشاعة الأوهام أو زرع الأحلام رهينة خوارق قد تأتي من السماء. |
اقرأ المزيد |
الخطاب السياسي التونسي: أرجوحة للشيطنة والضحينة والعقلنة : العدد 2 - 2012/04/20 |
توقفت طويلا ـ وأنا أتأمل المشهد السياسي التونسي لمرحلة ما بعد ثورة الرابع عشر من جانفي ـ عند خطاب سياسي غريب ظل لشهور متعاقبة يتأرجح بين الشيطنة والضحينة والعقلنة. أعني بالشيطنة شيطنة جهة معينة لجهة أخرى، وأعني بالضحينة تظاهر جهة معينة بمظهر الضحية، وأعني بالعقلنة عقلنة جهة لكل من المشيطنين والمضحينين. |
اقرأ المزيد |