للتصوف الإسلامي إمكانات ومقومّات استطاع من خلالها أن يضرب بجذوره في المشرق والمغرب الإسلامي، ويتعدّى أثره من بلاد الإسلام لينتقل من الشّرق إلى الغرب، ويشهد إقبالاً في عصرنا الحالي لم يكن يشهده من قبل، فمن خلال دراسة أجرتها جامعة «ييل الأمريكية»، يمكن القول: إن ثلثي مناطق العالم وصلها الإسلام عن طريق المتصوّفة، نفس النتيجة تؤكدها الباحثة الأمريكية «جيزيلا ويب»، قائلة: «كان الصّوفية هم النّاقلين الفعليين للإسلام إلى مناطق أبعد من الشّرق الأوسط، خصوصًا إلى إفريقيا وشبه الجزيرة الهندية والعالم الماليزي-الأندونيسي، وفي سياق روح التّقليد الصّوفي نفسه، ما زال المتصوّفة يواصلون هذا الدّور في أمريكا».
وفي أوروبا أيضًا تروى قصص كثيرة حول كيفية انجذاب بعض المفكّرين الأوروبيين الكبار للتّصوف الإسلامي، والدّخول عبر أبوابه الواسعة إلى رحاب الإسلام، ويمكن الإشارة هنا إلى «رينيه جينو» (الشّيخ عبد الواحد يحيى)، و«فريتجوف شيون»، و«تيتوس بوركهاردت»، و«مارتن لينجز» (الشّيخ أبو بكر سراج الدين)، الذين وجدوا في الشّرق الإسلامي نوذجًا عاليًا من نماذج الحكمة وحياة الحقائق. وعلى المستوى الشّعبي ينجذب كثير من الشّباب الأوروبّي ذي النزعة اليساريّة إلى التّصوف الإسلامي ويرون فيه ثروة روحيّة تساعدهم على تحمّل الحياة.
|