محمد القوماني |
تقاعد الدنيا ومعراج الآخرة كيف نتعقّل مسار حياتنا فنتفهم الموت ولا ننزعج منه؟ : 193 - 2023/08/04 |
في الذكرى الخامسة لإحالتي على شرف المهنة/ التّقاعد (جويلية 2018) أستحضر تدوينة نشرتها بالمناسبة على حسابي بالفايس بوك. وممّا جاء فيها: «قضيت ثلاثة عقود ونصف في التّدريس بالتّعليم الثّانوي والعالي وبالتّعاون الفنّي وبلغت أعلى السلّم المهني. وقد تشرّفت بهذه المهنة وأرجو أن أكون قد شرّفتها. ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لفضّلتها على غيرها(...) ويهمّني أن أختم هذه التّدوينة بالإشارة إلى أنّه لمّا كان العمل تحقيقا للذّات، وواجبا وشرفا، واختيارا حرّا، فإنّ الوظيفة التي نكسب منها قوتنا تبدو أقرب للاضطرار، وقد تضيّق على أعمال أخرى أو لا تسمح بها. وإنّ مرحلة التّقاعد إذا أطال اللّه تعالى في عمرنا وأمدّنا بالصّحة الجسمانيّة والعقليّة والنّفسيّة، تتيح لنا فرصة اختيار الأعمال والأدوار التي نختارها بعد نضج، ويسرّنا أن نختم بها حياتنا». وأعود اليوم لهذا المعنى الأخير، الذي كان ماثلا بقوّة في تفكيري، لأعمّق فيه النظر بعد فترة من التأمّل ليست بالقصيرة، ولأضيف إليه معاني جديدة استقرّ عليها تفكيري في هذه المرحلة. والتي أوجزها في اعتبار الولادة خروجا إلى كَبَدِ الحياة الدّنيا، والموت معراجا إلى الحياة الٱخرة. وأنّ الحياة الثّانية أولى من الأولى. وأنّ تقاعدنا المهني في دنيانا يمنحنا إيلاء ٱخرتنا ما تستحقّ منّا. وأنّنا حين نتعقّل مسار حياتنا نتفهّم الموت أكثر ونتهيّأ له ولا ننزعج منه. وإليكم التّفاصيل. |
اقرأ المزيد |
بين دفّتي كتاب:ما بعد العلمنة والأسلمة : 104 - 2016/03/17 |
صدر مؤخرا عن دار ورقة للنشر بتونس كتابا بعنوان «ما بعد العلمنة والأسلمة. مقاربات في الثورة والإسلام والحداثة» للصديق محمد القوماني. وهو كتاب من الحجم المتوسط (23/15) وعدد صفحاته 225. وقد احتوى على تسعة فصول مع تقديم للدكتور احميده النيفر ومقدمة وتوطئة للمؤلف. واحتفاء بهذا الإصدار وتعميما للفائدة تنشر مجلة الإصلاح توطئة الكتاب التي تقدم محتواه بقلم صاحبه.. |
اقرأ المزيد |
النبيّ العربي: خاتما للمرسلين ورحمة للعالمين : 98 - 2015/12/25 |
جاء في صحيحي البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لعلاّت، أمّهاتهم شتّى ودينهم واحد». وللحديث صياغات أخرى بنفس المعنى. ومفاده أنّ الأنبياء عليهم السلام على اختلاف ما أوحي إليهم من شرائع وتفاصيل دعواتهم، ينتسبون إلى دين واحد وهو دين الإسلام ويدعون إلى عقيدة واحدة وهي توحيد الله تعالى وحسن عبادته، كما ينتسب الأبناء من أمّهات مختلفات إلى أب مشترك واحد. ومعنى هذا الحديث يخالف خطأ شائعا بين المسلمين وهو القول بأنّ الرسول محمد صلّى الله صلى الله عليه وسلم جاء بدين الإسلام. والصحيح أنّه ختم دين الإسلام الذي تعاقب المرسلون في بناء حلقاته. وحول هذا التدقيق نتوقّف في هذا المقال لتبيّن بعض دلالات الخاتمية التي تجعل من النبي العربي محمد رحمة للعالمين. |
اقرأ المزيد |
محمد القوماني في حوار مع الإصلاح : 53 - 2014/04/03 |
كان لنا معه موعد أول منذ سنتين في حوار مفتوح حول عدّة مسائل سياسية وفكرية صدر بالعددين الأول والثاني من المجلّة. إنه الأخ والصديق محمد القوماني رئيس حزب الإصلاح والتنمية وأحد الوجوه السياسية والفكرية التونسية التي تميّزت بحضورها ومواقفها قبل الثورة وبعدها. ولقد ارتأينا أن نؤثث معه حوارا جديدا بمناسبة صدور العدد الأول من السنة الثالثة من المجلّة وعلى إثر انعقاد مؤتمر الحزب الذي أسّسه منذ ثلاث سنوات خلت مع ثلّة من المناضلات والمناضلين حتّى نتعرف على نتائج هذا المؤتمر ونسلّط الضوء على مواقف حزبه من مختلف القضايا الوطنية والعربية ونقف مع قرّاء «الإصلاح» على مدى التحولات الذي طرأت في فكر هذا الرجل وآرائه السياسية وقراءته لمستقبل ثورات الربيع العربي بصفة عامّة والثورة التونسية بصفة خاصّة. |
اقرأ المزيد |
ثلاثة أسئلة إلى النخبة : 48 - 2014/01/24 |
مـــا حدث بتونس بين 17 ديسمبر 2010 و 14 جانفـــي 2011 كان ثورة حقيقية فاجأت الجميع في نسقها وفي الأثـــر الذي خلفتـــه في تونس وفي العالم وخاصة في البلدان العربية. وبعيدا عن الجدال العقيم أحيانا حول مفاهيم الثورة والانتفاضة والاحتجاج والغضب والتمرّد وغيرها من المصطلحات التي يختلف المحللون في أيّهــــا الأنسب في توصيف ما حصل، فإن النتائج المتحققة فـــي الواقـــع على صعيد السلطة وعلى صعيد المجتمع في تونس والآثـــار المترتبة عن الثورة في الخارج، تحسم الجدال في تأكيد البعد الثــــوري فيمــــا حصـــل. وإن كنا نقر بأن ثورة الحرية والكرامـــة التونسية تبقى ثورة مخصوصة على غير مثال سابق، يتحدّد مصيرها ومدى نجاحها في تحقيق أهدافها بمدى قدرة المدافعين عنها في مواجهة القوى المضادة للثورة وإحباط مخططاتهم لإفشال مسارها والانقضـاض على مكتسباتها. لذلك نشدّد على أن هذه الثـــورة لم تـــأت صدفــــة ولم تصنعها أيادي خارجية كما يحاول البعض تسويق ذلك. فهي توّجت نضالات شرسة تكثفت خلال العقود الأخيرة واتخذت من مقاومة الدكتاتورية عنوانا وأولوية، بصرف النظر عن تعقيــــدات اليوميّات الحاسمـــة في الثورة والمتدخلين فيها والفاعلين في نتائجها. |
اقرأ المزيد |
بعد ثلاث سنوات من الثورة..حقيق بنا أن نُفصح.. : 47 - 2014/01/10 |
يحيـي التونسيــون الذكــرى الثالثــة لثــورة الكرامــة والحريـــة 17 ديسمبر/ 14 جانفي، مرة أخرى في ظلّ حالة من الانقسام السياسي الذي لم يسمح حتّى الآن بالاتفاق على تاريخ موحّد لذكرى الثورة فضلا عن أنشطة مشتركة للاحتفال بها، ووسط مخاوف متعدّدة وخاصة منها الأمنية، لم تتح فرصة لمعنى الاحتفال أصلا منذ هروب الدكتاتور. وفي انتظار النتائج النهائية للحوار الوطني على جميع المسارات، الذي مازالت بعض الآمال معلّقة عليه، رغم الصعوبات والخيبات، في تجاوز الأزمة السياسية خاصة، وإحياء ذكرى الثورة يوم 14 جانفي 2013 في أجواء احتفالية وتضامنية، في انتظار ذلك، وبعد ثلاث سنوات من الثورة المجيدة، وبعد أن ابتعدنا نسبيا عن أجواء الضغط بأنواعه وتراجعت العواطف لتفسح المجال للعقل بالمراجعة والتحليل، نرى من حقّنا ومن واجبنا في آن، أن نفصح عن بعض المعطيات والاستنتاجات التي نقدّر أن الوضوح فيها بات مطلوبا بل شرطا للنجاح في استكمال المسار الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة. |
اقرأ المزيد |
تونس الثورة في مفترق طريق : العدد 37 - 2013/08/23 |
تمرّ تونس في هذه المرحلة بأزمة سياسية غير مسبوقة، بل بمحنة لا أحد يمكنه الجزم بنتائجها، يحتدم فيها الصراع العاري حول الحكم ويضرب فيها الإرهاب بقوة وتدخل أجهزة الدولة سرعة قصوى في مواجهته، ويُلقي الزلزال السياسي بمصر بظلاله على الساحة الوطنية وتخترق الاختلافات حوله الأحزاب والمنظمات والجمعيات وجلسات المقاهي وحتى الأسرة الواحدة، حتى تكاد تفرّق بين المرء وزوجه، وينشغل الناس بالشأن السياسي كما لم يحصل من قبل وتكاد تنحبس أنفاسهم وهم يتابعون أخبار المناكفات السياسية بين الأحزاب والاتجاهات المتباينة ولقاءات الحوار. فكيف تبدو ملامح هذه الأزمة؟ وكيف نقرأ أهم أسبابها؟ وكيف نرى اتجاهات حلولها؟ وما هي أهم استخلاصاتها؟ |
اقرأ المزيد |
العبادة طريق إلى الكمال الذاتي والاجتماعي : العدد 35 - 2013/07/26 |
تختزل العبادة في الإسلام الأبعاد الروحية والعملية للعقيدة النظرية وتشكّل أحكام العبادات جانبا مهما من الفقه الإسلامي التطبيقي. وإذا كان التوحيد أساس العقيدة الإسلامية وعمودها الفقري، فإن العبادة هي صورة الإسلام والتجسيم العملي لمعاني التوحيد. لذلك لا نجانب الصواب حين نقول استنادا إلى الآية «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ»، أن العبادة مُحقّقة للمقصد من خلق الإنسان واستخلافه في الأرض، باعتبار أنّ عبادة الله طريق إلى الكمال الذاتي والاجتماعي للإنسان. وهذا هو المقصد الأسمى والحكمة الأساسية من تشريع العبادة في الإسلام، الذي نروم شرحه والاستدلال عليه في هذا المقال. |
اقرأ المزيد |
يوميّات الزلزال السياسي بمصر: ولا بدّ للثورة أن تنتصر : العدد 34 - 2013/07/12 |
وجّهت الانتكاسة السياسية في مصر ضربة مُوجعة للمسار الانتقالي الديمقراطي ولآمال المصريين والعرب عموما في القطع مع منظومة الاستبداد والفساد وتدشين عصر الديمقراطية بعد الثورات الشعبية السلمية التي أطاحت برؤوس الدكتاتورية. لقد كانت احتجاجات ملايين المصريين بالميادين على سياسات الرئيس محمد مرسي والمطالبة برحيله يوم 30 جوان 2013 عنوان أزمة سياسية حادة ومؤشرا واضحا على فشل الحكّام الجدد في تحقيق أهداف الثورة والاستجابة لتطلعات عموم الشعب وعلى خيبة أمل بعد أكثر من سنتين من انتصار الثورة. وكان احتشاد ملايين من المصريين في ميادين أخرى مؤيدين للرئيس مرسي، بالتوازي مع المعارضين له، علامة انقسام حادّ واضح في الشعب المصري ونخبه ومؤشرا بالغ الخطورة على حالة الاستقطاب التي لم تخفي الشعارات والتصريحات والخطب في الميادين خلفياتها الأيديولوجية والثقافية. وخلال أيام قليلة جدّا من المواجهة السياسية بين المعارضين والمؤيّدين جاء انقلاب العسكر مدعوما بالأمن وجيوب القضاء الفاسد والفلول والإعلام المضاد والتمويل المشبوه ومساندة جهات خارجية، ليجهض في نفس الوقت احتجاجات الشباب الثائر وتطلّعه المشروع إلى تصحيح المسار وليجهض بالتوازي عملية الانتقال الديمقراطي المدني ويسرق الثورة، ويُحبط الآمال. لكن ردّة فعل المصريين الذين تضاعف عددهم في الميادين وخرجوا بالملايين في مختلف محافظات مصر رافضين للانقلاب العسكري ومطالبين بالعودة إلى الشرعية الانتخابية واستمروا في الاعتصام السلمي، والمواقف السياسية من الانقلاب في الداخل والخارج، عناصر قد تعيد خلط الأوراق وتفتح آمالا جديدة أمام مستقبل الديمقراطية في مصر وسائر البلاد العربية. فمن مزايا المحن تمحيص الناس، وفي المواقف المتقابلة مما يحصل في مصر مناسبة للفرز السياسي، ليس على أساس تقدير المواقف وتقييم السياسات والأفراد، فذلك أمر يظل نسبيا ومقبولا ولا ضير فيه، ولكن الفرز الأهم هو على أساس الانتصار للقيم التي من المفترض أنّ النضال السياسي يصدر عنها ويعمل من أجلها. وفي مقدمة مقاييس هذا الفرز المحمود الانتصار لقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والانحياز للثورة والاجتهاد في تحقيق أهدافها. |
اقرأ المزيد |
التهديدات الإرهابيّة والمعالجات القاصرة : العدد 30 - 2013/05/17 |
حين تفشل التربية الدينية في كبح النوازع الحيوانية في الإنسان، ويحصل العكس، فيصبح الفكر الدينــي منبعا للعنف والتحريـــــض على القتل وسفك دمـــاء الأبريــــاء من المخالفيــــن، ويجد فريق من «المتدينين» أنفسهم في مواجهة الدولة وأجهزتها «الطاغوتية»، وحين يرتدّ الفكر الإسلامي إلى دوائر التكفير والاحتراب الطائفي بعد كل جهود المصلحين في القرون الأخيرة، وحين تفشل سياسات التحديث ونشر الفكر المستنير في محاصرة التشدّد والتعصّب، ويتحصّن «الحداثيّون» بقوّة الدّولة وأجهزتها ولا يرون غير منع الآخر من التعبير والتنظّم والوجود، وسيلة لحسم المعركة ضدّه، حين يحصل كل ذلك، أو حتى بعضه، لا نشعر بالارتياح، فضلا عن التفاؤل، بعد الثورة المجيدة التي ظننا أنها حرّرت الجميع وأدخلتنا مرحلة جديدة نؤسس فيها للتعايش السلمي والتنافس الديمقراطي، وتكون فيها المصلحة الوطنية الجامعة ديدننا في وطن حرّ ومجتمع عادل. وهذا ما يجعلنا مُجدّدا نخوض في مقتضيات مواجهة مخاطر إرهابية متعاظمة، نخشى أن تكون معالجــــة أسبابها قاصـرة، وذلك على خلفية الأحداث الأخيرة الحاصلــــة بجبل الشعانبــــي بالقصريـــن، إثر تفجّر مجموعة من الألغام وإصابة عدد من عناصر الجيش والأمن الوطنيين، الذين كانوا يلاحقون مجموعة إرهابية متحصّنة بالفــرار، ووسط مخاوف من وجود معسكرات أخرى للإرهابيين، أو حتى إمكانيــــة وصولهــــم إلى العاصمة على حدّ تعبير رئيس الحكومة. فالأحداث الأخيرة وسياقاتها، مشكلة معقّدة، وهي أكبر من أن تحلّ بمعرفة هوية المجموعة المسلحة أو ادّعاء القضاء عليها أو التسرّع في إدانة هذا الطرف أو ذاك وحمل عبئها عليه. |
اقرأ المزيد |
بين حكم خائف ومعارضة يائسة:متى يأذن صبح العرب بالبلج؟ : العدد 29 - 2013/05/03 |
في سنة 2003 تمّ إسقاط نظام صدام حسين بالعراق بالقوّة العسكرية، ودخلت المعارضة على ظهور الدبابات الأمريكية وتحت حماية الحلف الأطلسي لتستلم مقاليد الحكم وتبشّر ببناء العراق الجديد. عراق "اجتثاث البعث" والقطع مع النظام البائد وإشاعة الديمقراطية وحقوق الإنسان. وفي سنة 2013 تُدكّ المدن والقرى السورية على رؤوس أصحابها ويسقط الآلاف من الشهداء والقتلى والجرحى في حرب قذرة تشابهت فيها الأمور بعناوين مضلّلة، بين مؤيد لثورة شعب أعزل على جلاديه الذين لم يترددوا في مواجهة مطلبه المشروع في الحرية، بالعسف والقصف واستخدام نظام دكتاتوري للأسلحة الثقيلة في مواجهة مواطنيه، وبين محذّرين من مخاطر تنفيذ مخطط عدواني صهيوني استكباري جديد، ضدّ دولة عربية تتصدّر خط الممانعة والمقاومة، وضدّ نظام يشكل آخر حصون حماية البيضة العربية. وعلى مدى عشر سنوات فاصلة بين الحرب في العراق وسورية، تكثفت ضغوطات داخلية وخارجية على المنطقة العربية في مجملها لإخراجها من وضع الاستثناء الديمقراطي وإصلاح أحوالها المريضة، ومحاصرة خطر الإرهاب المنبعث منها. حتى كادت كل دائرة نفوذ في العالم تقترح مشروعا في هذا الغرض. وكان "الربيع العربي" الذي انطلق من تونس مهد الثورات الجديدة، بهروب المخلوع بن علي في 14 يناير 2011، وشمل دول عربية أخرى وعلى رأسها مصر، عنوانا لنجاح الضغوطات وتتويجا لأحلام الشعوب في الحرية والكرامة ، وتدشين عصر جديد. وبعد ما يزيد عن السنتين من نجاح ثورات "الربيع العربي" في الإطاحة برؤوس الاستبداد والفساد، وبداية الحديث عن "خريف عربي"، نظرا لتوقف مسار الثورات بسرعة وعدم شمولها أغلب البلدان العربية، وتعثّر تجارب الانتقال الديمقراطي في بلدان الثورات، يتجدّد السؤال لماذا يتغير الحكام عندنا ولا تتغير الحكم؟ ومتى يأذن صبح العرب بالبلج؟ |
اقرأ المزيد |
القرآن هاديا للعقل لا وصيّا عليه : العدد 28 - 2013/04/19 |
كيف أهل الله الإنسان لخلافته فــــي الأرض، وجــــــاء الوحــــي رحمة مــــن الله مرشدا للعقــــل؟ ثم جاء القرآن إعلانا عن توقف الوحي واستقلال العقل؟ كيف نمتلك وعيا تاريخيا ونجذّر الإيمان بفكرة التقدم من خلال تعاقب الرسالات وفلسفة الوحي؟ كيف نجددّ تفكيرنا بعيدا عن التردد وادّعاءات التوفيق والتسلّق الكاذب على منجزات العقــــــل؟ كيف نفي بمقتضيات وعي المرحلـــة التاريخيــــة، بما هي مرحلة تنوير واستقلال العقل؟ كيف نصل إسلامنا بقضايا الواقع وهموم الناس حتى تصير العقائد بواعث على النشاط لا تعويضا عن الحاضر وحتّى نضعَ الإنسان في التاريخ ونجعل منه محور اهتمامنا؟ تلك بعض الأسئلة التي تشغلنا في هذا المقال. |
اقرأ المزيد |
التوحيد أساسا للتصوّر وباعثا على السلوك : العدد 27 - 2013/04/05 |
ليس المهمّ في التفريق أو التفاضل بين العقائد الدينية من منظور عقلي، اختلاف منطوقها أو الشعائر المعبّرة عنها، بقدر ما يهم في ذلك ما تبنيه تلك العقائد من تصورات تخدم الإنسان وما تؤسسه من بواعث على السلوك الايجابي. ويبدو جليّا، استنادا إلى القرآن الكريم أساسا، أن الفرق بيـــن التوحيــــد والشـــرك، لم يكن مُجرّد اختلاف في التلفّظ بكلمة التوحيـــــد "لا إله إلا الله" أو التلفـــظ بمــــا يخالفهــــا، بل اختلافــــا في النظر وفي العمل في المقام الأول. فالتوحيد تصوّر للكون وللإنسان وللمجتمع يختلف جوهريا عن النظرة المشركة. وهذه محاولة للتفكير في التوحيد وبه، موصولا ببعض مشاغل عصرنا، تستفيد من اجتهادات بعض مفكري الإسلام المعاصرين في تجديد التصور وتصحيح السلوك والعلاقات. |
اقرأ المزيد |
هل نحن إزاء مشهد حزبي جديد؟ : العدد 16 - 2012/11/02 |
تشهد الساحة السياسية خلال الفترة الأخيرة عملية تحوّل عدد من الأحزاب إلى كتل سياسية إمّا في صيغة أحزاب جديدة مندمجة أو جبهات، وهذا أمر ايجابي وعلامة صحيّة، لأن العملية الأولى لتكوين الأحزاب بعد الثورة تأثرت بردّ الفعل على حالة المنع السابقة، فتكونت الأحزاب بسرعة وفي وضع كانت فيه الأطراف المختلفة لا تعرف بعضها جيدا ولم تكتشف صعوبات العمل الحزبي. لكن تجربة انتخابات 23 أكتوبر وحكم "الترويكا" بيّنا الحاجــــة إلى أحــــزاب قويـــة أو كتل سياسية فاعلة حتى تقدر على التأثير في المشهد السياسي وتكون لها حظوظ في الاستحقاقات الانتخابية ولا تكون مجرد تعددية شكلية. كما أن هذا الكم الكبير من الأحزاب لا يبدو مقنعا ولا يلقى استحسان المواطنين. ويبقى الأهم من هذا كلــــه أن التــــوازن في المشهد الحزبــــي شرط لنجــــاح الديمقراطيــــة، بل هو ضامنهــــا الأوّل. وعلى هـــذا الأســـاس نقدّر أن حالات الاندماج التي تحصل خلال الفترة الأخيرة بتشكيل أحزاب جديدة أو جبهات سياسية، ستعيد تشكيل الخارطة الحزبية والكتل النيابية داخل المجلس التأسيسي والمشهد السياسي عموما. |
اقرأ المزيد |
المؤتمر الوطني للحوار والفرص الضائعـة : العدد 15 - 2012/10/19 |
يحلّ موعد 23 أكتوبر، ذكرى أول انتخابات حرة وتعددية وشفافة بعد الثورة المجيدة وهو في نفس الوقت الموعد المُفترض لانتهاء أعمال المجلس الوطني التأسيسي، حسبما التزمت به أحزاب عديدة من بينها من يشارك في الحكم، حين وقعت على وثيقة الانتقال الديمقراطي قبل الانتخابات، يحلّ هذا الموعد وسط مؤشرات أزمة سياسية وجدال حادّ وتوتّر غير مسبوق في أوساط النخبة، وتنازع حول الشرعية . وأيضا وسط أوضاع اجتماعية وأمنية متفجّرة في مناطق مختلفة من البلاد وفي قطاعات متعدّدة، وغموض وحيرة لدى أغلب المواطنين. وليس أدلّ على عناوين الأزمة السياسية التي تمرّ بها بلادنا في هذه المرحلة من مؤشرات إضرابات الجوع غير الطبيعية التي يشنها نواب بالمجلس الوطني التأسيسي والأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، ومن الإضراب العام بقطاع الإعلام. وفي هذا السياق يتنزل انعقاد المؤتمر الوطني للحوار الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل يوم 16 أكتوبر المنقضي وشارك فيه عدد كبير من الأحزاب والجمعيات وحضر جلسته الافتتاحية الرؤساء الثلاث وقاطعه حزبا النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية. |
اقرأ المزيد |
23 أكتوبر .. شرعيّة ضرورية لكن ليست فوق النقد : العدد 14 - 2012/10/05 |
بعد نحو سنة من إنجاز الشعب التونسي لثورته المجيدة التي أطاحت برؤوس الاستبداد والفساد، وبعد سنة من انتخابات المجلس الوطني التأسيسي الذي فتح الطريق لبناء نظام سياسي يقطع مع العهد البائد ويحقق أهداف الثورة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية بين الأفراد والجهات، ويمنح التونسيين، وفي مقدمتهم الشباب، آمالا في مستقبل أفضل، يقترب موعد 23 أكتوبر، وسط جدال سياسي حادّ وتوتّر غير مسبوق في أوساط النخبة، وأوضاع اجتماعية وأمنية متفجّرة في مناطق مختلفة من البلاد وفي قطاعات متعدّدة، وغموض وحيرة لدى أغلب المواطنين. وبعيدا عن خطابات التشكيك والتهويل، أو التجاهل لحقيقة الوضع وإظهار الطمأنينة الزائفة، نرى من المناسب ومن المشروع في ذكرى توقيع وثيقة الانتقال الديمقراطي )15/09/2011( أو ذكرى مرور سنة على انتخابات المجلس التأسيسي 23)/10/2011(، أن نتوقف بجدية لتقييم مسار المرحلة الانتقالية ولتعميق النظر حول قضايا بالغة الأهمية لم تعد تحتمل التأجيل، وفي مقدمتها التساؤل عن مدى اتجاهنا في تغيير الحكم والقطع مع الاستبداد بمجرّد تغيير الحكّام بعد الثورة؟ والتساؤل عن المخاطر التي تتهدد الثورة في ظل التنازع حول الشرعية بعد انتخابات تعدديّة وشفافة. |
اقرأ المزيد |
اقتحام السفارة الأمريكية بتونس.. المنعرج : العدد 13 - 2012/09/21 |
تدلّ مؤشرات عديدة على أن المنعرج الذي أخذته الوقفة الاحتجاجية في محيط السفارة الأمريكية بتونـــس يوم الجمعــة 14 سبتمبر 2012 قد يشكّل منعرجا في المشهد الوطني التونسي برمّته. فمع مرور الأيام تتكشّف الحقائق وتتفاعل المواقف لتُبين عن حجم الأضرار المادية والسياسية البالغة لتلك الأحداث التي صدمت عموم التونسيين في الداخل وهزّت صورة تونس في الخارج. |
اقرأ المزيد |
هل تؤسس الثورات العربية ديمقراطية ما بعد العَلمنة والأَسلمة؟ : العدد 11 - 2012/08/24 |
إذا كانت المواطنة العنوان الأبرز للحداثة السياسيـــة، للتعبير عن الإنسان صاحب الحقوق في دولة تعاقدية مدنية يتساوى فيها الجميع أمام القانون، فإن الديمقراطية تُعدّ العنوان السياسي للحداثة بامتياز. لذلك لا غرابة أن تُوصف المجتمعات الحديثة بالمجتمعات الديمقراطية. وحين عمّـــت الديمقراطيــــة أغلب بلـــدان العالــم خلال العقود الأخيرة، ظل العالم العربي يُوصف بالاستثناء، وكان الجدال حادّا والتباينات غير خافيــة في تعليل هذا الاستثناء، لا سيّما ما يتصل بعلاقة الإسلام بالديمقراطية. فهل أنهت الثورات العربيــــة التـــــي أطاحت بكثيــــر مــــن رؤوس الدكتاتوريـــة هذا الاستثناء؟ وهل تفتح الانتخابات الحرة والتعددية التي قادت حركــــات إسلاميــــة إلــــى الحكـــم عقــــب تلك الثورات، عصر الديمقراطية العربية الإسلامية؟ لعل إجابة عميقة على مثل هذه الأسئلة تستوجب توقّفا عند أهم تحولات الفكر والسياسة في تاريخنا الحديث والمعاصر الممهدة للربيع العربي الحالي. |
اقرأ المزيد |
الطاهر الحداد ودعوته الرائدة إلى المساواة وتطوير التشريعات : العدد 10 - 2012/08/10 |
يحتفل التونسيات والتونسيون بالعيد الوطني للمرأة لهذا العـــــام إحياء للذكــــرى 56 لمجلة الأحـــــوال الشخصيـــــــة الصــــــادرة في 13 أوت 1956 وسط جدال محتـــــدم وتجاذبات أيديولوجيــــــة وسياسية داخل المجلس الوطني التأسيسي وخارجه، حول صيغة دسترة حقوق المرأة وموضوع المساواة بين الرجال والنســــاء. وقد بات إصدار تلك المجلة الجريئة في النهــــوض بأوضـــــاع المــــرأة والأســرة في السنــــة الأولى للاستقــــــلال، من أهــــم الإنجــــازات على الصعيد الاجتماعي التي أعطت لتونس مكانة رائدة بين أشقائها من العرب والمسلمين عامة. وربما لم يكن الإقدام على تلك الخطوة ممكنـــــا ولا المحافظـة على ذلك التوجه مُتاحا في مجتمعنــــا، لولا سبق رواد الإصـــــلاح من التونسييــــن قبل ذلك في طرق أبواب صارت اليوم مفتوحة ولولا روح التجديد والانفتاح والاعتدال التي تصبغ مجتمعنا. ولذلك يكون من المهم في هذا السياق وفي تفاعـــل غيـــــر خاف مع الجدال الذي يثيره موضــــوع المــــرأة في كتابة الدستور الجديد، أن نعرض وجهة نظرنا حول الإسلام والمساواة بين النساء والرجال، من خلال التعريف بالدعوة الرائدة في هذا المجــــال إلى المساواة وتطوير التشريعات التي تضمنهـــــــا كتاب "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" الذي نشره المصلح التونسي الطاهر الحداد في ثلاثينات القرن الماضي. |
اقرأ المزيد |
المسائل الخلافية في دستور الجمهورية : العدد 8 - 2012/07/13 |
تُرجّح التوقّعات أن تكون المسودّة الأولى للدستور التي تعكف لجان المجلس الوطني التأسيســي على صياغتـــه على مكتــب رئيس المجلس نهايــــة شهــــر جويليــــة الجـــاري، لتبـــدأ لاحقا الجلسات العامة للحوار حول الموادّ واحدة واحـــدة، قبل الصياغة العامة مجدّدا. ويبدو أن عمل اللجـــــان علــــى أهميتـــه، لم يتقدم في تحقيــــق توافقـــات حــــول أهـــم المسائـــل الخلافية، المعروفة والمتوقعــــة حتى قبل انتخاب المجلس أصلا. فما هي أهم القضايا الشائكة في كتابــــة الدستــــور الجديـــــد؟ ومــــا هي أهم الاسئلة التي تطرحها؟ |
اقرأ المزيد |
على هامش الحصاد المدرسي المشاكل المزمنة والأسئلة المُحيّرة حول تعليمنا : العدد 7 - 2012/06/29 |
مع الإعلان عن النتائج النهائيـــة فـــي مختلف مراحل التعليـــم، يُســـدل الستـــار علــــى السنــــة الدراسيـــة الثانيـــة بعد الثــــورة. وفي حين يفرح الأولياء بنجاحات أبنائهم ويباهي المسؤولون بإلإرتفاع المطّرد في نسب النجاح في جميــــع مستويات التعليم، يبدو المدرّسون وحدهم قلقين إلــــــى حد التشاؤم علــــى مستقبـــل التربية والتعليم ببلادنا وغير مرتاحين تماما للمفارقــة المسجلـة بين ارتفاع نسب النجاح وتراجع مستوى التلاميذ . وإذا كان تراجع مستوى التكوين ليس المشكلة الوحيدة التي يعانـــي منها نظامنا التربوي والتعليمي، فإنها إحدى المشكلات الأساسية التي تحتاج إلى اهتمامنا. كما قد يكون الحصاد المدرسي مناسبة للتعبير عن كبرى انشغالاتنا حول واقع التعليم ببلادنا. |
اقرأ المزيد |
الاسلام ونظام الحكم : من الخلافة الراشدة إلى الجمهورية الديمقراطية : العدد 6 - 2012/06/15 |
كانت قضية الحكم / السلطة / السياسية/ الإمامة أو الخلافة بتعبير القدماء أولى موضوعات الخلاف بين المسلمين وأخطرها. وظلت محلّ نزاع بينهم منذ وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وحتى تاريخنا المعاصر. ففي تاريخنا القديم لم يقف الخلاف حول مسألة "الإمامة" عند حدود الجدل النظري الحادّ والحجاج العقلي والنقلي، بل جرّد المسلمون سيوفهم لحلّ هذا الخلاف.يقول الشهرستاني في كتابه" الملل و النحل" وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة.إذ ما سلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينيّة مثلما سلّ على الإمامة في كلّ زمان."(1) وفي تاريخنا المعاصر فجّر كتاب "الإسلام وأصول الحكم" للشيخ علي عبد الرازق أكبر المعارك الفكرية في ساحتنا ومازال الموضوع يثير جدالا واسعا ويشكل محور صراع محتدم، خاصّة مع تنامي حركات الإسلام السياسي وصعود بعضها إلى الحكم بعد ثورات الربيع العربي. |
اقرأ المزيد |
هل تفتح الثورات العربية عصر المواطنة في ربوعنا؟ : العدد 5 - 2012/06/01 |
شكل عصر الأنوار في أوروبا مرحلة نوعية بجعل المواطنة حقا إنسانيا يتمتع به الجميع على قدم المساواة، حين أسّس روّاد التنوير الاجتماع السياسي على فكرة التعاقد وجعلوا المواطن عضوا في الدولة تربطه بها علاقة حقوق وواجبات . وجعلت الثورة الفرنسية المواطنة حقا قانونيا بإعلانها حقوق الإنسان والمواطنة، وترسّخت هذه المواطنة في أوروبا وأمريكا عبر الأجيال، بتطوير منظومة حقوق الإنسان وتغيير القوانين باطراد، باتجاه مزيد من التحررية وضمان المساواة والكرامة. أما في منطقتنا العربية فيبدو أن مفهوم الغَلبَة، الضارب بجذوره في القرون الخوالي، ظل يؤسس الاجتماع السياسي في الدول الحديثة بدل مفهوم التعاقد. فالحاكم يستمدّ مشروعيته من قهر خصومه وغلبتهم وبسط نفوذه على الأغلبية التي وصفها الكواكبي بقوله: "عليهم يصول و بهم على غيرهم يجول" . وكان من الطبيعي أن تغيب المواطنة أو تضمر في ظل حكم الغلبة. وتلك من أهم معوقات الديمقراطية وحقوق الإنسان في ربوعنا وإحدى الفوارق النوعية بين أوضاعنا السياسية ونظيرها في المجتمعات الديمقراطية. وهي فوارق تشمل السلوك المُواطني للحكام والمحكومين في آن. فهل تفتح الثورات العربية الأخيرة على الاستبداد، عصرا سياسيا جديدا، يُكرس فيه مبدأ الحرية وتكون فيه المواطنة أساس الانتماء للدولة وتُعتمد فيه الانتخابات الحرة والتعددية أساسا وحيدا للشرعية السياسية؟ في هذا السياق تتنزل مقاربتنا لمفهوم المواطنة، وتداعيات ضمورها في ربوعنا وأولوية تفعيلها في هذه المرحلة، حتى تصير ثقافة المُواطنة موجّها للسلوك الفردي، وأساسا لعلاقة الفرد بالدولة وقاعدة في الحياة الجماعية. |
اقرأ المزيد |
تيار الهوية العربية الإسلامية: من مهام الدفاع إلى متطلبات البناء : العدد 4 - 2012/05/18 |
أفضت الانتخابـــات الحرّة والتعدديــــة التي عرفتهـــا بعض الدول العربية عقب الثورات الشعبيـــة، إلى فوز مُستحــــق للأحزاب ذات التوجهــــات الإسلامية، بما عزّز فرضيّة حكم الإسلامييــــن على غرار ما يحصـــل بإيران وتركيـــا عل سبيل الذكر لا الحصر، غير أن قراءات أخـــرى تميل إلى ترشيــح تيار الهوية العربية الإسلامية بجناحيه العروبــي والإسلامــــي إلى تقدّم بقية التيارات في قيادة المرحلة القادمة، بعد مراجعات متأكدة على هذا الصعيد، ومن ثمة بات من المشروع التساؤل عن مدى قدرة هذا التيار بروافده المختلفة على كسب تحديات البناء بعد أن نجح خلال عقود سابقة في كسب معارك الدفاع؟ |
اقرأ المزيد |
سجن برج الرومي ومفارقات البورقيبية : العدد 3 - 2012/05/04 |
كنت ممن لبّوا دعوة وزير العدل مشكورا إلى اصطحابه يوم الأحد 29 أفريل المنصرم إلى مدينة بنزرت الجميلة، لزيارة سجن برج الرومي، حسب التسمية الأصلية، أو الناظور كما يسمى حاليا. كانت بادرة حسنة في تكريم بعض المساجين الذين مرّوا بهذا المعتقل سيّئ الصيت، الذي تقرّر غلقه في انتظار إجراءات التنفيذ. كم كانت دهشتي كبيرة وحزني عميقا وأسئلتي محيّرة، وأنا أعاين دهليز هذا السجن المعروف ب "الكاف"، رغم الأجواء الاحتفالية. كانت فرصة تاريخية للالتقاء ببعض المساجين السياسيين من تيارات وأجيال مختلفة داخل هذا الدهليز، الذي لا يتوفر على أي مرفق بشري. وكان المشهد مؤثرا جدا وأنا أستمع إلى بعض الشهادات خاصة من العم علي بن سالم ومن زميله الشيخ محمد صالح البراطلي، المتّهمين في قضية ما يعرف بمؤامرة 1962، والذين قضّيا ست سنوات كاملة بهذا المكان، الذي يندى له الجبين، مغلولي الأرجل وفي ظرروف انسانية غاية في الإهانة. وقد كنت سمعت منهما هذا الكلام قبل الثورة المجيدة، وما كان يدور بخلدي أي احتمال لمعاينة الأمر معهما على عين المكان. إنها الثورة المجيدة والحمد لله التي جعلتنا ندخل هذا المكان ونغادره مُكرّمين في نفس اليوم. |
اقرأ المزيد |