نقاط على الحروف

بقلم
رؤوف سليمان
الثورة الناعمة
 ارقتني كلمة ثورة، وما شهدته تونس منذ 17 دسيمبر 2010 في سيدي بوزيد او حتى قبل ذلك في الحوض المنجمي وبخاصة الاحداث التي شهدتها مدينة الرديف وما تبعها من تحركات في تلك الربوع، وما تلته حتى احداث جانفي 2011لما لهذه الاحداث من خصوصية سآتي على شرحها لاحقا.
معنى كلمة ثورة
معجم لاروس: changement  brusque et violent dans la stucture politique et sociale d›un état, qui se produise quand un groupe se révolte contre les autorités en place et prend le povoir
لسان العرب لابن منظور:بالعودة الى المعجم المذكور لم نجد تفيسرا واضحا لكلمة «ثورة» وانما هناك شرح مطول لكلمة «ثأر» والتي تعني في مجملها القتل واسترداد الحق، اي قتل القاتل او سالب الحق من طرف اهل المقتول او السلوب حقهم.
ونذكر من بين الثورات التي شهدها العالم الثورة الفرنسية (1787/ 1789) والتي وضعت حدا للحكم القديم في فرنسا والثورة البوليشفية في روسيا 1917 والتي قادها الثوار البلشيفين والتي ادت الى الاطاحة بحكم القيصر نيكولا الثاني وقامت على اثرهاتحاد الجمهوريات الفدرالية الروسية(urss) وهو ما يعرف بالاتحاد السوفياتي سابقا. وعديد الثورات التي يطول ذكرها عبر العالم. وما ذكرنا هذه الثورات الا لانها ادت الى قيام حكم جديد بدل القديم في هذه الدول او البقاع في العالم.
الثورة وما وقع في تونس:
بالعودة الى المعني المعجمي ومقارنة بما وقع في العالم من ثورات وخاصة الثورتين الفرنسية والبولشيفية نتبين ان ما وقع في تونس لا يعد ثورة بالمعنى المعجمي والواقعي لكلمة ثورة، ما وقع في تونس هو نوع من الحراك الشعبي او ما اصطلحت على تسميته بالانفلات الشعبي لم يؤدي الى النتيجة التي من المفترض ان تنتج عن الثورة من تغيير لنظام الحكم وتغيير للقوانين واعدام للاشخاص كما حدث في عديد الثورات عبرالعالم.
«الثورة» التونسية كم يحلو للبعض تسميتها ادت الى فرار رأس السلطة، لكنها لم تعطي نتيجة قلب النظام فلقد ظللنا لفترة حكومتين او اكثر نسير بنفس النظام» الفصلين 56 و57 وتولى رئاسة الجمهورية شخصان من النظام السابق وهما كما هو معلوم رئس الحكومة في زمن الرئيس الفار ثم من بعده فؤاد المبزع رئيس البرلمان او ما يسمى سابقا بمجلس النواب
كل الثورات في العالم تسبر وفق نواميس معينة وقيادة تسير الامور وهي التي تتولى القيادة في حال قلب النظام كما في الانقلابات العسكرية فالقائد التي يدير الامور ويخطط لها هو من يتولى الحكم ويقوم بايقاف العمل بالدستور ويعلن قانون الطوارئ ويعطل العمل باية قوانين اخرى لكن ما حدث في تونس كان حراكا شعبيا بدون قيادة مركزية ولا جهوية عدى قيادات الاتحادات الجهوية للشغل التي اطرت بعض التحركات في الجهات دون ان يكون لها وجود سياسي فاعل فيما بعد، كما ان تعطيل الدستور جاء متاخرا وعلى العكس عملنا به لتولي الغنوشي والمبزع سدة الحكم.
المجرمون ابرياء
بعد كل ثورة تقام المحاكم العرفية وتنصب المشانق ويجري اعدام الحكام السابقين. اما في تونس فقد فر الكثير ومن جرى اعتقالهم برأتهم المحاكم لقلة الادلة ، فأصبح مجرمو الامس ابرياء اليوم بل قد يطالبون بالتعويض جراء التهم الباطلة التي وجهت لهم بل اخطر من ذلك هم يستعدون اليوم لخوض الانتخابات والعودة الى الحكم وتعرض الشهداء الى الاستخفاف بحقوقهم وجرت محاكمة الثوار واهاليهم عكس المعمول به بعد كل ثورة من تكريم لابطلاها.
الثورة الناعمة:
للكل ما ذكرنا فإن ما حدث في تونس هو انفلات شعبي بكل معانيه، شعب ثار لفرط ما عانى من ويلات الحكم الجائر، يمكن ان نطلق عليه «الثورة الناعمة» لكن السؤال الذي يطرح : هل ستؤدي هذه الثورة الناعمة الى ارساء نظام ديمقراطي يضمن التداول السلمي على السلطة ويحترم حقوق مواطنيه ويحقي لهم الرفاه الاقتصادي والاجتماعي؟؟؟
-------
-  معلّم وسياسي تونسي
corbeau.fr2000@gmail.com