في العمق

بقلم
أحمد زغلول
مستقبل الاسلام السياسي، الحالة المصرية نموذجًا
 تضافرت العديد من الأسباب التي أدت في النهاية إلى المصير الدرامي لمشروع جماعة الإخوان المسلمين بعد عام من وجودها في القصر الرئاسي سواء سوء إدارة النظام الحاكم للدولة باعتماده على فصيل واحد، أو وجود مقاومة من قبل بقايا النظام السابق وعجز النظام عن التعامل معها وتحجيمها. وكمثال على حالة التأزم التي تعانيها الجماعة ومؤسسة الرئاسة هو إدارتها لحدث الثلاثين من يونيو(جوان) وهو الحدث الأبرز الذي حسم بقاء النظام، فنتيجة لفشله المتتالي في إدارة البلاد باعتماده على الشرعية الانتخابية في مرحلة انتقالية تتطلب وجود توافق مع مختلف القوى السياسية، برزت دعوات للتظاهر من حركة تمرد التي قامت لسحب الشرعية من الرئيس محمد مرسي بعد تجربة في الحكم لم تستمر سوى عام واحد.
تفاعل الجماعة/الرئاسة  مع الأزمة يعتبر امتدادا للاستراتيجية التي اتبعتها في مثل هذه الأحداث والقائمة على تجاهل كافة الانتقادات الموجهة لها والتقليل من شأنها، فحتّى اللّحظات الأخيرة كانت هناك محاولة الايحاء بأن الأمور مفتعلة في إطار ضغوط الدّولة العميقة وظهر ذلك في تصريحات قيادتها العليا على أن الأمور طبيعية جدا ولا يوجد ما يقلق بالدعوة للخروج والذي اعتبر جزءًا من المؤامرة التي تحاك ضد الرئيس من بقايا النظام السابق والقوى العلمانية. وأدّى سير الأحداث إلى اصدار الجيش لبيان عزل مرسي.
عند النظر في تجربة الجماعة في الحكم نرى ما يلي:
(أ) اعتماد النّظام على الشّرعيّة الانتخابيّة في تفرّده بإدارة شؤون البلاد حيث تمّ الاعتماد على أبناء الإخوان المسلمين بشكل رئيس ثم على بعض أطياف من الإسلاميين دون غيرهم من باقي القوى رغم أن مرسي أشار في بدايات حكمه  إلى ضرورة التعاون مع جميع التكتّلات الثوريّة في بناء تحالف يُمكِّن من تأسيس نظام مستقر مدعوم من فصائل متعددة. ولقد بررت الجماعة هذا التصرّف بأن من حقّ الرئيس أن يختار من يعمل معه - وقلّلت ممّا قيل عن «أخونة» السّلطة كما ادّعى «حزب النور» وقالوا أن هذا محض وهم ليس له أي سند واقعي .
(ب) شَابَ تعامل الجماعة - وهي في الحكم- مع غيرها من الكيانات الإسلاميّة حالة من الاستعلاء انطلاقا من أنها الجماعة الأمّ في علاقتها بهم، حيث تتحرّك وفق ما تراه وتنفذ أجندتها ، فلم نجد أي محاولة تقارب مع «حزب النور» وغيره من الأحزاب الإسلامية وإشراكها في العملية السياسية، ورغم اقتراب بعض الإسلاميين من دوائر السلطة العليا مثل السلفي «د.عماد عبد الغفور» رئيس حزب الوطن السلفي ومساعد الرئيس وترشيحه للعديد من الكفاءات للمناصب الوزارية إلاّ أنه تمّ تجاهل ترشيحاته، ونفس الأمر حدث في حركة المحافظين الأخيرة. كما أن النظام لم يحاول استخدام رموز السّلفية الجهاديّة لمساعدته في فهم الملف «السيناوي» والتعامل مع جهادييها حيث كان التجاهل التّام لطلباتهم الدّاعية إلى المساعدة في بعض الأزمات – وهذا قد يرجع لعدم إعتراف هؤلاء بمرسي رئيساً- ففي أعقاب الأزمات الأمنيّة التي حدثت في سيناء، أعلنت السلفيّة الجهاديّة عن استعدادها للمساهمة في تقديم المساعدة لو أراد النظام ذلك إلاّ أنه لم يحدث أي انفتاح في هذا الاتجاه.
(ج) سعت الجماعة إلى زيادة حالة التشرذم السّلفي وذلك: 
- بافتعال بعض الخطابات «المتسلفة» واستخدامها سياسيّا لتسويق سياساتها بين أطياف المجتمع السّلفي - مثل إثارة قضية ولي الأمر الشّرعي – حيث تمكنت من استمالة بعض الأطياف لدعمها مثل سلفية القاهرة واستخدامهم في الرّد على السلفيين المعارضين لها. وما نجم عن ذلك من إحداث انقسام في الدّعوة السّلفية بين قطبيها «سعيد عبد العظيم» و«ياسر برهامي». وعمدت الآلة الإعلامية للجماعة إلى القول بأن حزب النور أصبح الجناح السياسي لحركة تمرد!. 
- استخدام خطاب الهوية رغم مآخذهم على السّلفيين عندما استخدموا هذا الخطاب، وقد ظهر ذلك جليّا في تصريحات القيادي في الجماعة الإسلامية «عاصم عبد الماجد» الذي أطلق حركة «تجرّد» في مقابل حركة «تمرّد» من أجل دعم مرسي وأكد أن الأزمة صراع بين الإسلام والعلمانية وأنّ الأقباط ومن وراءهم الكنيسة شاركوا في التآمر على النظام الإسلامى ووقفوا ضد الشريعة الإسلامية حيث ذهبوا إلى الاتحادية وإلى المقطم وهم من يشكل الـ «بلاك بلوك».
- استخدام سياسية تضخيم بعض الكيانات بلا ثقل حقيقي لها في الشّارع على حساب تيارات لها وجودها الواضح مثل اتاحة المجال أمام أحزاب سلفية متواضعة التأثير كحزبي الأصالة والفضيلة واعطائهم فرص للتواجد في الفعاليات الرئاسية والمبادرات التي تخرج من حين لأخر لدعم الرئاسة مقابل تجاهل «حزب النور» صاحب الأغلبية الثانية في البرلمان ( وضح هذا في لقاء الرئاسة مع قيادات الأحزاب حيث تم تجاهل منح رئيس حزب النور الكلمة في اللقاء الأول رغم افساح المجال لكيانات أقل تأثيرا وشعبية من النور مما أدّى لتهديد «يونس مخيون» بالانسحاب احتجاجا على هذه السياسية من قبل الرئاسة).
لم يعاني الإخوان فقط من أزمة فقد عانى الكيان السلفي الأبرز «الدعوة السلفية السكندرية» من أزمة أيضا وقد برزت هذه المعاناة بشكل لافت فيما بعد وجودها في بيان عزل مرسي حيث لم يمرّ الموقف الرّسمي لحزب النّور مرور الكرام كغالب المواقف التي صدرت. 
- فعلى صعيد البنية الداخلية للحزب / الدعوة، لم يفلح شيوخ الحزب وقياداته في تمرير هذا الموقف كغالب المواقف التي تُصدر، بل نال العديد من الانتقادات الشديدة. فقد أجرى الحزب استطلاعا داخلياً للرأي لمعرفة موقف القواعد من هذه القرارات عقب صدورها فكانت نتيجته رفض ما يزيد عن 60% من المستطلعين لهذا الموقف ورأوا فيه خيانةً للمشروع الإسلامي وتفريطًا في التجربة الديمقراطية - وإن كانت لهم ملاحظات حول أداء مرسي في فترة حكمه – وقد دفع وجود «م.جلال المرة» في خطاب عزل مرسي العديد منهم للإستقالات. ورغم ما قيل عن أسباب هذا القرار فإنّ الجلسات التي عقدت مع المستقيلين لم تفلح في إرجاعهم للحزب مرة أخرى.
وبالنسبة للدعوة فقد وجد قواعد هذه الحركة أن ما قيل سابقا عن تحكم «د.برهامي» النائب الأول للدعوة في مقاليدها أمر صحيح ، وأن ما يقال عن أن القرارات المصيرية مؤسسية فهذا غير دقيق، خاصة وأنهم لم يجدوا أي تعليق للدكتور «محمد اسماعيل المقدم» – بكل ما له من ثقل علمي ورمزي - حول ماحدث، فأيقنوا أنّه غير راضٍ عمّا يحدث خاصّة وأنه في مثل هذه الحالات يحتجب عن الجميع. كذلك الحال بالنسبة لأغلبية الشيوخ المؤسسين.
أما بالنسبة للقوى الداخلية للتّيار السلفي فقد كانت ردود أفعال شيوخه تجاه موقف الدّعوة والنّور سلبيّة، فقد كان هناك هجوم شديد على الحزب وشيوخه نتيجة مواقفهم السياسية المناهضة لمحمد مرسي لدرجة وصلت بالشيخ محمد عبد المقصود بأن يصف حزب النور بأنه «مُعسكر المنافقين» 
(د) القوى المنافسة والدفع نحو «علمنته»
منذ أن طرح حزب النّور مبادرته للأزمة السّياسيّة في فبراير(فيفري) 2013 واتفقت معه جبهة الإنقاذ، بدأت محاولات للدّفع تجاه «علمنه» الحزب، وذلك بالحديث عن تديّنه المستنير، فهو الأكثر استنارةً من غيره من القوى الإسلامية وذلك في إطار الصّراع الحاصل في المشهد السياسي بين جبهة الإنقاذ والنظام «الإخواني».
كانت في مبادرة حزب النور عدة فرص جيدة «سياسيًا» رآها التيار المدني مناسبة له منها:
* جذب الحليف «الإسلامي» السّابق للإخوان المسلمين لقطع لطريق على وجود أي تحالف مستقبلي بين أكبر فصيلين إسلاميين ضدهم.
* أصبحت فرصة التيار المدني مواتية لتغيير الصّورة الذّهنية التي طبعها الإسلاميون في وعي الشّعب بأن الصّراع الحادث صراعًا سياسيًا ، وليس صراعاً بين الإسلام والعلمانية/الكفر كما حاول الإسلاميون الإيحاء بذلك، وعليه فليس من المعقول أن يتقارب حزب «سلفي» مع جبهة كافرة.
لكن هذا التقارب ومحاولات الاحتواء خفتت خاصّة بعد اللقاء الذي جمع بعض رموز القوى المدنيّة للتّباحث بشأن الدّستور وموادّه الخلافيّة ، حيث طالبوا فيها بهويّة علمانيّة لمصر وإلغاء دستور 2012 وبإقصاء التّيار الإسلامى من المشهد كاملاً ممّا تسبّب في هجوم من قبل التّيارات الإسلاميّة عامة وحزب النور خاصّة والذي وصفهم بـ «العالمانية المستبدة».
تداعيات الحدث
وبنظرة عامة تجاه أداء الاسلاميين نجد أن الجميع خرج من التجربة خاسرًا لفرصة لن تتكرر على المدى القريب: 
* فبعد عام من حكم «د.محمد مرسي» نجد أن الإسلاميين المصريين لم ينجحوا بعد في خلق «نموذجًا إسلاميًا» يُحتذى به أو يكون هناك فرصة لتطويره مستقبلا، وهذا ساهم كثيرا في تغيير الصّورة الذّهنية للمواطن العادي تجاه التّيارات الإسلاميّة التي لم يجد من خلالها أي إمكانية لتحسين الحياة اليومية وتوفير احتياجاته الأساسية التي بُشِّر بها كثيرا من قبلهم.
* كشف أداء قوى الإسلام السّياسي عدم وجود مشروع خاص بهم، فغالبهم يدور حول مشروع الإخوان كعامل مساعد يتمّ استخدامه لتمرير بعض القضايا مقابل بعض المكافئات من حين لآخر، وقد اتّضح هذا في موقف الجماعة الإسلامية ودعمها المطلق للنظام. وفي حالة محاولة أحد هذه التيارات اتخاذ موقف سياسي خاص به نجده يتسبب في إثارة غضب الصّف الإسلامي كاملًا عليه مثلما حدث في أعقاب مبادرة «حزب النور» حيث رفضها كافة الإسلاميين مع وصف حزب النور بأنه الذراع السياسي لجبهة الانقاذ.
* خسرت الجماعة الإسلاميّة الكثير من صورتها الذّهنية المعتدلة التي كانت تقدّمها للمجتمع، حيث حوّلوا خلافا سياسيا بين القوى المختلفة إلى خلاف عقائدي يكفر ويستباح فيه المخالف، فقد أعادت تصريحات «عاصم عبد الماجد» صورة الجماعة الدموية باللجوء إلى العنف، حيث أعلن أنه لو سقط مرسي ستكون هناك حرب أهليّة، وأكّد على أن خلع مرسي كقتل عثمان بن عفان.
*  أما حزب النور فقد أثارت مواقفه بتقاربه مع جبهة الإنقاذ ثم حركة تمرّد حالة من التعبئة المضادّة ضدّه، حيث فقد الكثير من الطبقة المؤيدة له من أبناء التّيار السلفي العام وهذا يضعه في موقف حرج انتخابيّا في الفترة القادمة.
 مستقبل الإسلام السّياسي
تدفع الأزمة الأخيرة لجماعة الإخوان المسلمين بالسؤال نحو أي مستقبل ينتظر الجماعة.. هذا السؤال إلى الآن يتوقف على مدى التفاهمات التي يقوم بها النظام الحالي مع الجماعة وكيف سيكون الخروج من هذه الأزمة. 
- تعتمد الجماعة كثيرا في استمراريتها على خطاب الابتلاءات وتاريخها غنيّ بالصّدامات مع الأنظمة واستخدامها لذلك في استكمال البقاء ويغذّي ذلك طبيعة التنظيم. لكن أزمتها حاليّا تزداد خاصّة مع حالة العداء لكل ما هو اسلاميّ لدى وعي الشارع نتيجة الفاشيّة الإعلاميّة التي شيطنت الإسلاميين مستغلّه أخطاءهم، فمنذ الشهور الأخيرة من عمر نظام مرسي وهناك تنامي لحروب الهويّة في الشارع ضد أي مظهر إسلامي.
- يتوقف مستقبل الجماعة على مدى نجاحها في التعامل مع أمرين:
الأول: ويتعلق بمدى قدرتها على النجاح في التفاوض مع النظام الحالي والوصول لأفضل صيغة ممكنة من أجل البقاء. وأداتها في التفاوض مرتكزة على المظاهرات التي تقوم بها في مناطق متعددة، فإما استمرار التّصعيد ومن يتبنى ذلك الموقف يرى أن عودة مرسي هي المطلب الأساسي لجعلها تتوقف عن فعالياتها. وإمّا المفاوضات حول الإفراج عن المعتقلين الغير متورطين في أعمال عنف بشكل تدريجي، مع معرفة إلى أي مدى يكون السّماح بالعمل السياسي للإخوان مستقبلاً.
والثاني: بمدى قدرتها على مراجعة خطابها وأدائها والاعتراف بأخطاء المرحلة من أجل أعادة تقديمها مرّة أخرى للمجتمع السّياسي رغم الدّعوات النخبوية الدّاعية لحظرها لأنّها قائمة على أساس ديني، وهذا يدفع للتّساؤل عن مدى نجاحها في إدارة علاقتها بالمجتمع المصري وارجاع القاعدة المتعاطفة معها مع حالة الفاشيّة الإعلاميّة المتصاعدة والمسيطرة على وعي الكثيرين.
لكن تبقى مشكلة كبرى تواجه الجماعة حاليا وهي من يتّخذ القرار النهائي لحلّ الأزمة وتفضيل سيناريو على آخر خاصّة وأن أعضاء مكتب الإرشاد ومجلس الشورى إمّا خارج البلاد أو تمّ القبض عليهم. وكيف سيتم التّعامل مع القطاعات الشّبابية الغاضبة نتيجة الوصول للوضع الحالي حيث تحمّل القيادات المسؤولية الكاملة وتدعو إلى ابتعاد هذه القيادات عن الصورة في الفترة القادمة مقابل إحلال قيادات أخرى بديلا عنها لكن هذا الطّرح لا يستند إلى آلية وبدائل لتفعيل ذلك وتحقيقه.
وبالنسبة للسّلفية السّياسية، فقد أظهرت التّفاعلات السّياسية عدّة تحدّيات يتوجب عليها التّحرك السّريع من أجل استمراريتها سياسيّا واجتماعيّا في الفترة القادمة ومن هذه التحديات:
- مدى قدرتها على «مأسسة» الدّعوة السّلفية وحزب النور. فقد أظهر الموقف من 30 يونيه (جوان) أن الأمر لم يصل بعد للمؤسساتية ، وأن الأمور داخل هذا التّيار الكبير مازالت تُدار بشكل «مشايخي» بمعنى أن كل شيخ له تياره الخاص يبحث عنه في كل حدث ويسعى للإستئناس برأيه. فرغم القرار «المؤسسي» الصادر عن الدعوة فيما يخصّ تداعيات 30 يونيه (جوان) إلا أن القواعد لم تتفاعل معه بشكل جيّد بقدر تفاعلها مع مواقف شيوخها فمن وجد شيخه صامتًأ رفض القرار !. كذلك الأمر في الحزب حيث شهدت الفعاليات الدّاعمة لشرعية محمد مرسي مشاركة العديد من أبناءه، وسقط منهم ضحايا في رابعة العدوية (مثل د.أحمد بيومي أمين حزب النور في مدينة نصر).
- كذلك مدى نجاحها في الخروج  من مشروع الهويّة وإيجاد مشروع سياسي خاص بها. فرغم أن الدّعوة السلفية تدرك جيدًا أن «الشعب المصري في مجموعه لا يزايد أحد على قبوله للشّريعة الإسلامية ورغبته فيها».إلا أنّ المتابع للدّعوة والحزب لن يجدها تغادر مشروع الهويّة الإسلامية منذ أن حملته كمشروع لها في ساحة العمل السياسي في 2011، وعندما طرحت مشروعاً سياسياً تمثّل في مبادرتها لحلّ الأزمة السياسيّة أوائل هذا العام لم تستطع أن تجمع حولها الفرقاء، وفقدت جُزءًا من كتلتها التّصويتية الغير مُؤطرة تنظيميًا الدّاعمة لها سياسيًا. ونفس الأمر استمر معها بعد أحداث 3 يونيه، فرغم أنهم انسحبوا من خارطة الطّريق بعد أحداث «الحرس الجمهوري» إلا أنّهم أعلنوا الموافقة على المشاركة في لجنة الخمسين التي تولّت إدخال تعديلات دستورية ليشارك القوى السياسيّة الساعية في الحفاظ على مكتسبات ثورة «25 يناير» والدفاع عن «مواد الهوية» ومنها المادة 219.
- قدرتها على إدارة علاقتها بالمجتمع: وهذا مرتبط بشقين الأول يتعلّق بكيفيّة قدرة الحزب على استعادة ما فقده من قاعدته الانتخابية «السائلة» الغير منتظمة معه بسبب مواقفه التي أثارت عليه الغضب مثل موقفه من حازم أبو اسماعيل وموقفه من المبادرات السياسية المختلفة آخرها موقفه من الرئيس مرسي بالإضافة إلى أداء نوابه وما تركوه من انطباع سلبي عند المجتمع لارتكابهم قضايا ذات أبعاد أخلاقية. أمّا الشّق الثّاني، فيتعلّق بمدى قدرة التّيار السّلفي والتيار الإسلامي عامّة على إعادة بناء الصّورة الذهنيّة لدى عموم المجتمع واكتساب الثّقة التي فقدها خاصّة بعد الحملات الإعلامية التي شوّهت صورة المتدّين والإسلامي لدى عموم الناس وربطهم بأعمال العنف التي حدثت في المجتمع سواء في سيناء أو ما تبع فضّ اعتصام رابعة العدوية.
ويبقى التحدي الأبرز هو نجاح حركات الإسلام السياسي في استمرارية العمل الحركي والدّعوي في حالة حلّ الأحزاب والجمعيّات على أساس ديني واستمرار المدّ الفاشي المدعوم من قطاعات من السلطة.
فكيف ستكون صيغة التّحركات؟ هل ستتفكك وتعمل كجزر منعزلة قريبة نوعا ما من وضعها قبل الثورة؟ أم ستحتفظ بما بنته من تنظيم وتعمل بشكل غير رسمي على غرار حال جماعة «الإخوان المسلمين» طوال عقود ماضية؟!.
-------
 - باحث بالمركز الفرنسي للدراسات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية «سيداج» متخصص في الحركات الإسلامية ، صدر له الحالة السلفية المعاصرة في مصر(2011) أيضا الإسلاميون والثورة (2012).
 
ahmedzaghloul1@gmail.com