الكلمة الحرّة

بقلم
رؤوف سليمان
الحلم المشروع
 كتب صديقي فيصل العش في افتتاحية العدد السابق (60) يتحدث عن «داعش» وأطنب في التّحليل والوصف والمقارنة. نبّه الى الظّاهرة سياسيّـــا وأخلاقيّـــا وتطــــرّق الى ضرورة حماية البلاد ممّا أسماه «التدعيش».
أقول أن في قلب كل مسلـــم «دا» وليس «داعش» وأعني بها «دولة الإسلام» وهي نتاج طبيعي للانفصـــام الذي يعيشه المسلمون. إن عمق الهوّة السّحيقة التي تفصل بين ما كان عليه المسلمون من المكانة العلميّــــة والسّياسيّـــة والأخلاقيّة وما آل إليه حالهم اليوم من الانحلال السّياسي والاقتصادي والاجتماعي وحتّى الدّيني قـــادر أن يحيــــي في عقولهم حلم دولة الإسلام بأبعادها الحقيقيّة، لا ما تقوم عليه «داعــــش» من دمويّـــة وانتقــــام من الآخر «البيعة أو الموت».
في قلبي وفي قلب كلّ مسلم حنين الى دولة الإسلام ولما لا دولة الخلافة، لكن الخلافة العادلة، خلافة الصّحابة الأجلاّء، خلافة أبي بكر وعمر بن الخطاب، خلافة عمر بن عبد العزيز، خلافة تحقّق العدل والأمان للمسلمين وغير المسلمين على حدّ السواء، خلافة تنشر السّلام على الأرض، لا التقتيل والتجويع والتخوين، خلافة تنطق بالحقّ ولا تأتمر الاّ بكتاب الله وسنّة الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلم. خلافة لا تأخذ أوامرها من المخابرات الغربيّة والدّوائر الصهيونيّة.
خلافة تدعو الى الهداية وتعلي قيمة الإنسان ، تفرض المساواة بين الخلائق، ولا تفرّق بين المرأة والرّجل ، يؤدي فيها كل مواطن دوره الطيبعي، لا خلافة تدعو الى القتل والترويع.
أحنّ الى دولة اسلاميّة تجمع المسلمين على كلمة «لا اله إلاّ الله محمد رسول الله». تجمع خيرات الدول المسلمة لصالح المسلمين وتقضي على الفقر في بلادهم وفي غيرها من البلدان.
أحنّ الى دولة إسلامية تحرّر أولى القبلتين وثالث الحرمين الشّريفين وتعيد الى المسجد الأقصى بريقه ومجده المسلوب كما كان أيام القائد صلاح الدين الايوبي.
أحنّ الى دولة إسلامية لا يظلم فيها لا مسلم ولا مسيحي ولا يهودي ولا حتى ملحد لقوله عزّ وجل «لا اكراه في الدّين قد تبيّن الرّشد من الغيّ».
أحنّ الى دولة إسلامية تعيد أمجاد المسلمين العلميّة، توجد ابن سينا وابن الهيثم وابن الجزار وغيرهم من العلماء وتحيي أدباء لا زال العالم يقرأ كتاباتهم وشعراء تغنّينا بقصائدهم ومعلّقاتهم الشهيرة.
أحنّ الى دولة إسلامية تمتد شرقا وغربا، من مطلع الشّمس الى مغربها، من أمجاد «تشقنــــد» و«سمرقنــــد» الى قصور «غرناطة» و«اشبيلية».
هذا حلمي وحلم الكثيرين، وكل الأحلام مشروعة، فحلمي في دولة إسلامية تنشر العــــدل والسّلام، تحقّق الأمن والأمان وتجمع شتات المسلمين، تعيد إليهم مجدهـم في العلوم وفي السياســـة، في الاقتصـــاد والاجتمــــاع أكثـــر من مشروع لأن جلّ مقوماته متوفّــرة، فقط علينـــا أن نجد من يحرّكها على أسس سليمـــة وقواعـــد صحيحة لا حلم «داعش» النازي الدموي. 
-------
-  معلّم وسياسي تونسي
corbeau.fr2000@gmail.com