في الفكر السياسي

بقلم
نعمان العش
أركيولوجيا المواطنة... مفهوم السّيادة وجدلية الحقوق
 إذا اعتبرنا أنّ سيادة الإنسان على ذاته هي جزء لا يتجزأ من سيادة الشّعب على ذاته، فإنّ حقوق الإنسان هي أيضا جزء لا يتجزّأ من حقوق الشّعوب ومن حقّها في أن تحكم نفسها بنفسها، لذلك فإنّ سيادة الشّعب ومسألة التّحرّر هما شرطان ضروريان متلازمان لتطبيق حقوق الإنسان وضمانها في الواقع ويمكن التّأكيد على أنّ الدّيمقراطية كنظام سياسيّ هي الضّمان الوحيد لتكريس حقوق الإنسان داخل المجتمع المدني، لكنّ ذلك يستوجب وجود قوانين ومؤسّسات قادرة على أن تحمي هذه الحقوق من أيّ شكل من أشكال المصادرة. ولذلك وجب التّمييز بين مفاهيم السّلطة والدّولة والنّفوذ ووجب الوعي بموجبات هذا التّمييز.
لقد أخذ مفهوم الدّولة قيمة مركزية في الحضارة الغربية المعاصرة، ولذلك، فإن كانت الفلسفة تعنى بمساءلة المبادئ وتقصّي البدايات، فإنّ البحث في الفلسفة السّياسية المعاصرة ينطلق من مساءلة نمط الدّولة القانونية حتّى يتسنّى إبراز سمتها الجوهرية، وهذا قد يساعد على التّطرّق إلى علاقتنا بالسّياسة وعلاقتنا بالحقيقة. إنّ الدّولة هي السّلطة السّياسية، وهي تلتقي مع الحكم لكنّها ليست الحكم، بل هي مجموعة من المؤسّسات الّتي وسّعت نطاق الحكم فصيّرته حكم الدّولة عوضا عن حكم الفرد، أمّا الحكم فهو سلطة سياسية، ولكن، لئن كان الحكم ممارسة سياسية فهو ليس الدّولة لأنّه ظهر قبلها في شخصية الإفراد الّذين كانوا يحكمون القبائل والتّجمّعات البدائية. وطالما أنّه ليس في استطاعة أحد أن ينكر أنّ الدّولة واقع، فإنّ هذه المفارقة الحاضرة بين الدّولة والحكم تتعلّق بطرح إشكال يتساءل عن حقيقة الدّولة. 
يعتبر «هيغل» Hegel أنّ الدّولة هي الّتي تؤسّس المجتمع المدني وتكمّله -بما هو مجتمع التّجزئة والتّقسيم- بينما الدّولة لا تعرف الخلاء، باعتبارها دولة العقل. ذلك التّصوّر عبّر عنه «إيريك فايل» Eric Weil بقوله «وبالنّسبة لهيغل، الفرد لاشيء والدّولة كلّ شيء». فالدّولة، بالاعتبار الهيغلي هي مظهر من مظاهر الرّوح. وفي مقابل هذا التّصوّر، يعتبر «كارل ماركس» Karl Marx الدّولة أداة تمويه وتغطية للصّراع الطّبقي، فهي دولة الطّبقة الرّأسمالية تكرّس الهيمنة والقمع والاستغلال، ولذلك، فالدّيمقراطية كذبة برجوازية، أمّا الدّولة فهي دولة أقوى الطّبقات أي الطّبقة المهيمنة اقتصاديّا، ولذلك يدعو «ماركس» إلى ضرورة اضمحلالها تدريجيّا. إذا كان «هيغل» قد ذهب إلى الإقرار بأنّ الانسجام يتحقّق في إطار الدّولة فإنّ الماركسية تقلب هذا التّصوّر معتبرة أنّ الانسجام والشّفافية لا يتحقّقان إلاّ في مرحلة اللاّدولة، ولقد دعا الفوضويون، أمثال «باكونين» Bakounine و«برودون » Proudhon إلى ضرورة القضاء على جهاز الدّولة وإعادة بناء المجتمع خارج إطار الدّولة، وذلك أنّ الدّولة والحرّية يتعارضان، وهو ما عبّر عنه قول «باكونين»: «الدّولة مقبرة ندفن فيها الحرّية». أمّا «انغلز» Engels الّذي يقول بأنّ « الدّولة ليست مفروضة على المجتمع من خارجه » فإنّه يتوجّه بالنّظر إلى نظرية العقد الاجتماعي  Contrat social الّتي تعتبر أنّ الدّولة كيان مصطنع ناتج عن فعل تعاقد اجتماعي. يقول «انغلز»:«كما أنّها-الدّولة- ليست حقيقة الفكرة الأخلاقية ولا صورة العقل وحقيقته»، هذا القول يتوجّه من خلاله «انغلز» بالنّظر إلى ما زعمه «هيغل» إذ يعتبر الأوّل أنّ تصوّر هذا الأخير للدّولة هو تصوّر فلسفيّ عقليّ، ويعني أنّ الدّولة لدى «هيغل» هي مجرّد فكرة أخلاقية.
تعتبر الماركسية أنّ التّصوّر الهيغلي للدّولة هو تصوّر مثاليّ، في حين أنّ التّصوّر الماركسي للدّولة هو تصوّر مادّيّ تاريخيّ، فالدّولة، حسب «انغلز» هي «نتاج المجتمع في طور معيّن من أطوار نموّه». كما ينفي «انغلز» أن تكون الدّولة كيانا طبيعيا ويقرّ، بالمقابل، أنّها نتاج اجتماعيّ تاريخيّ يضمن مصالح الطّبقة المالكة لوسائل الإنتاج. إنّ تنظير الماركسية يعزو للبعد الاقتصادي دورا هامّا في تحديد علاقات الإنتاج، وتبعا لذلك، في تحديد العلاقات الإيديولوجية والسّياسية الحقيقية بينهم، فإنّ النّظر في المسائل الاجتماعية أصبح يقتضي تعداد أوجه النّظر والزّوايا، وبصفة أدقّ، توضيح طبيعة هذه العلاقة بين ما هو بنية تحتية وما هو بنية فوقية بحسب ما يقتضيه المصطلح من جملة ما هو ثقافي وعقائدي وفلسفي الخ. إنّ النّظام الرّأسمالي يستمرّ فيه استغلال الطّبقة العاملة، واغترابها يجعلها تنخرط، بضرب من الزّيف الإيديولوجي، في مخطّط لا يخدم طبقتها الأصلية. ولا يكون الحلّ إلاّ جذريّا بمعنى أنّ التّحرّر من هذه الهيمنة يتمّ بتحوّل مقاليد الدّولة لفائدتها. يتبيّن، من هنا، أنّ الجانب السّياسي يتنزّل منزلة تابعة للبنية التّحتيّة وتبعا لذلك، فإنّ نظام الدّولة، بنمطه الرّأسمالي، يعيش تناقضا بين المظاهر القانونية الّتي تسوده والواقع الطّبقي، علما وأنّ مجال السّلطة السّياسية هو جملة الأساليب الّتي يتمّ بها قيادة فئة ما نحو نيــــل أغـــراض تريـــد تحقيقها اجتماعيــا. يرى « بيار كلاستر»Pierre Clastres في بعض أبحاثه الانثروبولوجية أنّه يجب أن يحصل ما يشبه الثّورة الكوبرنيكية، إذ أنّه خلافا لتصوّرات علم الاجتماع التّقليدي الّتي كانت لا تقرّ بوجود للسّياسي إلاّ بالنّسبة إلى المجتمعات المتحضّرة (ذات التّاريخ) وبالتّالي (الفوارق الطّبقيـــة) فإنّ البعد السّياسي، بالنّسبة إليهم هو بعد كونيّ شامل حتّى في حالة عدم وجود حكم قسريّ ظاهر في مجتمع معيّن، وأنّ السّياسي، متقدّم، تبعا لذلك، على الاقتصادي وهو المحدّد له.
لقد اعتمد طرح «ميشال فوكو» Michel Foucault نقدا حجاجيا إلى فلاسفة الحقّ الطّبيعي Philosophes du Droit Naturel وكذلك إلى أطروحتي ماركس وفرويد، فبالنّسبة إلى الأوّل، توجّه إلى تقويض الصّفة الّتي كانت ملازمة للسّلطة السّياسية وهو الحقّ الطّبيعي كأصل لإضفاء الشّرعية بما هي قوّة الحقّ، وهي الّتي كانت الصّيغة القانونية لتسيير المجتمعات والّشعوب ولقد عبّر «فوكو» عن هذه المسألة بقوله: « نحن نعلم حقّ العلم أنّه ليس الحكّام هم الّذين بيدهم السّلطة»، أمّا بالنّسبة للثّاني، فهو يتوجّه إلى الأطروحة الماركسية الّتي تقرّ بأنّ جهاز الدّولة، بما هو جهاز السّلطة السّياسية، هو جهاز تستخدمه الطّبقة الحاكمة للسّيطرة على الطّبقة الكادحة وتوظيف هذه السّيطرة لتكريس هيمنتها الاقتصادية والاجتماعية. يقول «فوكو» ردّا على هذه الأطروحة : « لا شكّ أنّنا ينبغي أن نعتنق هذه النّزعة الاسمية فلا ننظر إلى السّلطة على أنّها مؤسّسة أو بنية، ولا على أنّها قوّة خُوّلَتْ للبعض، وإنّما على أنّها الاسم الّذي نطلقه على وضعية استراتيجية معقّدة في مجتمع معيّن». بهذا المعنى، لا يقرّ «ميشال فوكو» بأنّ السّلطة قائمة على الهيمنة والقوّة والإكراه، ولذلك فهو لا يعترف لماركس بأنّه يساعد في تمثّل معنى السّلطـــة بوضوح. يعتبر «ميشال فوكو» الرّؤية الماركسية رؤية أحادية ومنقوصة للسّلطة وذلك لأنّها تماهي السّلطة مع الهيمنة الاجتماعية والاقتصادية.
يتوجّه «ميشال فوكو» كذلك إلى «فرويد» Freud، صاحب الأطروحة الّتي تكرّس علاقة استبطان الفرد لسلطة الأب، فينتج عن ذلك حصول ضغوطات نفسية داخل بنيته النّفسية. نظرية التّحليل النّفسي عند «فرويد» تحوّل الأب إلى رمز تحمله بنية اللاّشعور L’inconscience وتحوّله إلى صورة قائد تخضع له، وهي صورة تكوّنت لديه منذ الطّفولة.
لقد انتقد «فوكو» «ماركس» الّذي لم ينتبه، في نظر فوكو، إلى الآليات الّتي تمارس بها السّلطة. وهو ينتقد «فرويد» الّذي تناول السّلطة من زاوية الفرد، غافلا عن مضامين السّلطة الاجتماعية والجماهيرية وشموليتها. ولذلك انتقد «فوكو» هذه التّفسيرات للسّلطة. وفي مقابل هذه المقاربات الّتي قام «فوكو» بنقدها ومحاججتها، قدّم لنا مقاربة بنيويّة تميّز بين التّجسيدات العينية للسّلطة والسّلطة في حدّ ذاتها. إنّه، بالنّسبة لفوكو، لا تنحصر السّلطة في واقعة محدّدة أو في ممارسة تاريخية فعليّة بل إنّها، تبعا لهذه المقاربة، ليست شيئا نحصل عليه أو ننتزعه أو نتقاسمه وهي، كذلك، ليست شيئا يحتكر بل تتّسم السّلطة بالاتّساع والّشمولية. لا يمكن كذلك الإقرار بوجود للسّلطة من غير مجموعة من المقاصد والأهداف. لكنّ ذلك لا يعني أنّها تتولّد عن اختيار ذات فردية.
السّلطوي نراه ولا نراه إنّه الظّاهر الخفيّ
إنّ التّشريح المجهري للجسد السّياسي السّلطوي نراه ولا نراه. التّصوّر الكلاسيكي للسّلطة هو تصوّر ميتافيزيقيّ.
يقرّ « ميشال فوكو » بأنّنا مازلنا نجهل ماهية السّلطة رغم أنّها تبدو قريبة منّا وذلك لأنّ المفكّرين من قبله لم يبحثوا عنها بالعمق الكافي لبلوغ حقيقتها. يعتمد نظام البرهنة لديه على المماثلة بين جهلنا لمفهوم السلطة وجهلنا لمفهوم الاستغلال، فإذا كان الاستغلال حاضرا في المجتمعات فإنّ تحليل طبيعة الاستغلال والكشف عن طبيعته الإنسانية لم يقع إلاّ في القرن التّاسع عشر مع « كارل ماركس » الّذي كشف عن استغلال الطّبقة المالكة لوسائل الإنتاج والرّأسمالي للطّبقة العاملة وقد يتجلّى من خلال ما سمّاه « كارل ماركس » بفائض القيمة، لذلك فإنّ مجازفة التّعريف بالسّلطة، أيضا، لا تخلو من صعوبة نظرية، باعتبار أنّ السّلطة مفهوم ملغز وإشكاليّ. هذا القصور دفع «فوكو» إلى الإقرار بأنّ كلاّ من «ماركس» و« فرويد » لا يكفيان لمساعدتنا على معرفة هذا الشيء المغرق في الإلغاز. فـ« كارل ماركس » قد نظر إلى السّلطة بوصفها سلطة الدّولة، ولقد بيّن الأساس الطّبقي الّذي تقوم عليه وكفّ عن وظيفتها الأساسية. إنّها جهاز استغلال سياسيّ في المجتمع الطّبقي تكرّس الاستغلال الاقتصادي وتدعّم النّظام الرّأسمالي وتدافع عن مصالح هذه الطّبقة وتحميها. كما فسّر « فرويد» ما تمتاز به الدّولة من عنف وسيطرة وقدرة، وذلك يرجع إلى أسباب نفسية لا واعية. فسيطرة الحاكـــم هي تصعيد لعقدة مكبوتة فـــي اللاّشعـــور. هذا الأساس النّفسي يؤكّد به «فرويد» على السّلطــة.  إنّ عيب كلّ من «ماركس» و« فرويد » حسب «فوكو» يتمثّل في أنّهما نظرا إلى السّلطة باعتبارها سلطة جهاز الدّولة أي أنّهما اعتبرا أنّ الدّولة هي الشّكل الرّئيسي للسّلطة، في حين أنّ هذا الموقف لم يعد صالحا لفهم السّلطــة فـــي المجتمعـــات المعاصـــرة. فما هو تصوّر « ميشال فوكو » للسّلطة؟. تظهر السّلطة في الدّولة لكنّها ليست منحصرة في الحقل السّياسي فحسب، مثلما كان يعتقد في التّصوّر الكلاسيكي، بل هي تظهر في مواقع أخرى عديدة ولا تظهر أحيانا أخرى بحيث لم يعد بالإمكان الإمساك بها لحصرها أو تحديدها. إنّها منتشرة في كلّ مكان: «إنّها الشّيء الّذي نراه ولا نراه، الظّاهر الخفيّ».
التصوّر الميكروفيزيائي للسّلطة
السّلطة في تصوّر « ميشال فوكو » هي ممارسة بمعنى أنّها علاقات قوّة، وهو تصوّر نستنتج منه بوضوح أنّه لا يخفي تأثّره بالمقاربة النّيتشوية (Friedrich Nietzsche ) للسّلطة. لا تنبع السّلطة من أعلــى، بل إنّها قد تنبع من الأسفــل. هذه المقاربة يحدثهــا « ميشال فوكو » في أمثلة حارس العمارة والسّجّان والمسؤول النّقابي. يلاحظ « ميشال فوكو » أنّنا حيثما نولّي وجهنا فنحو السّلطة. ألا تقود الأمثلة الواردة في مؤلّفـــه «المراقبة والمعاقبة» Surveiller et punir إلـى استشراف التّحليل الّذي يقدّمه لمسألة السّلطة بما هو تحليل يطلب قطع رأس الأميرة، بمعنى أنّه لا يمكن اختزال السّلطة في دواليب الدّولة بل السّلطة تنبع من الأسفل. هذا تصوّر ميكروفيزيائــيّ للسّلطة (تصوّر ذرّيّ للسّلطة) وهو مخالف للتّصــوّر الماركســي، ولكـــأنّ « ميشال فوكو » يقرّ بضرورة إقامة إستراتيجية للنّضال ضدّ السّلطة فتصوّره، بالتّالي، مثلما يقدّمه في مؤلّفه « المراقبة والمعاقبة »، ليس تصوّرا وصفيا بل هو نضال ضدّ كلّ أشكال السّلطة. لكنّ النّضال ضدّ السّلطة يتطلّب فضح آلياتها، كما أنّ هذا التّصوّر ليس تصوّرا ثبوتيا وماهويا، لأنّ « ميشال فوكو » يعتبر أنّ السّلطة هي علاقات قوى، وهو يقول في ذلك : «السّلطة شبكة من العلاقات المتحوّلة وغزو مستمرّ لمواقع استراتيجية متحرّكة ».
لايبحث « ميشال فوكو » عن السّلطة كشيء قائم بذاته، بل يبحث عنها بما هي ممارسة على الجسد (مثال السّجين في: «المراقبة والمعاقبة ») أي أنّها تراقب الأجساد وتستثمرها وتطوّعها وتنكّل بها أي أنّ السّلطة تخضع الأجساد من خلال التّشريح السّياسي للجسد.
علاقة التّلازم بين السّلطة والمعرفة
لقد بيّن «ميشال فوكو» علاقة التّلازم بين السّلطة والمعرفة، فالسّلطة تنتج المعرفة والمعرفة تنتج السّلطة، بمعنى أنّ السّلطة ليست متعالية عن مقتضيات المعرفة بدعوى تحقيق الموضوعية والحياد. إنّ المثقّف، حين ينتج المعرفة، ينتج سلطة المعرفة، وإذا كان الأمــر كذلك، فلا يمكن تخليص الحقيقة من كلّ سلطة، لأنّ الحقيقة ذاتها سلطة. يقـــول «ميشال فوكــــو» في مؤلّفـــه «نظام الخطـاب» L’ordre du  discours:  «لا يتعلّق الأمر بتخليص الحقيقة من كلّ منظومة سلطة إذ أنّ ذلك وهم، لأنّ الحقيقة ذاتها سلطة، بل بإبعاد سلطة الحقيقة عن كلّ أشكال الهيمنة الاجتماعية والاقتصادية والثّقافية الّتي تشتغل داخلها إلى حدّ الآن » فسلطة الطّبيب، وفق هذا القول، مرتبطة بالمعرفة الطّبّية وسلطة الأكاديمي مرتبطة بالمعرفة الأكاديمية الّتي بحوزته. ولقد سعى « ميشال فوكو » إلى رصد تقنيات السّلطة وآلياتها واستراجيتها، هذا هو العمل الأركيولوجــــي Archéologique الّذي دفع «جيل دو لوز» Gilles Deleuze إلى تقديم «فوكـــو» على أنّه اعتبر:«حفّار قبور ينبش في التّاريخ وما تراكم فيه من طبقات للظّفر بالمهمّش والمنبوذ الشّاذّ الّذي يختلف عن القاعدة والمختلف الّذي يأبى أن يسير في أفق النّظام ». إنّ الفيلسوفين الأكثر تأثيرا على تفكير «ميشال فوكو» هما: « فريديريك نيتشه» و« مارتن هيدغر» Martin Heidegger. الأوّل (نيتشه) يؤكّد أنّ السّلوك الإنساني تقوده إرادة القوّة وأنّ القيم التّقليدية فقدت سيطرتها (سلطتها) على المجتمع. و(الثّاني) (هايدغر) ينتقد من جهتـــه ما يدعوه بـ« فهمنا التّكنولوجي الموحّد (المشترك) للذّات». المؤلّف الّذي يعتبر الأهمّ والأكثر اكتمالا لـ« ميشال فوكو» صدر سنة 1966 هـو «الكلمـــات والأشيــاء» «Les mots et les choses» الّذي أنجز فيه تصوّرا جديدا لعلم التّاريخ بإعلانه فيه المفهومين الرّئيسيين لفكره وهما: مفهوم التّكوين الاستدلالي ومفهوم التّكوين البنيــــوي، Formation discursive, constitutive  المكوّن لرؤية الإنسان لنفسه ولمفاهيمه الخاصّة: القطيعة الإيبيستيمولوجية وهي قطيعة جذرية تطبع زوال الرّؤية السّابقة للأشياء وظهور تكوين استدلالي جديد، وهو يعمّق هذه المفاهيم في مؤلّفه « أركيولوجيا المعرفة »  «L’Archéologie du Savoir -1969».
سؤال فوكو الأصلي : المنهج التّفكيكي والتّرميزي 
كلّ الاعتبارات السّابقة، المتعلّقة بأطروحة النّقد الّتي أنجزها «ميشال فوكو »، وهي أطروحة لم تكن متعالية بل نسابية (جينيالوجية) الأهداف وأركيولوجية المنهج والطّريقة، تقودنا إلى العودة إلى سؤال نراه مركزيا: أليس منهج فوكو التّفكيكي والتّرميزي قد توجّه إلى خلق واقع جديد هو واقع الأجزاء والأقسام؟ يعتبر جهد تحديد المقاييس (المعايير) الّذي قام به فوكو تجديدا عميقا للفلسفة النّظرية والتّطبيقية للثّقافة مقارنة بالمسلّمات الّتي كانت تقودها منذ القرن الثّامن عشر ولذلك نقترح أن تكون دراسة منهج فوكو متّجّهة نحو فهم سياق المساءلة الإيبستيمولوجية لأسس العلوم المنشغلة بالإنسان وهي مساءلة تنفرد بمعنى جديد لا يمكن إسناده إلى ما تحدثه الإيبيستمولوجيا من تقييم علمي، وذلك لأنّ السّؤال الايبيستيمولوجي لدى فوكو يبحث عن الدّلالة. سؤال يتوزّع في كلّ الاتّجاهات ويستغرق كلّ المسائل والعلوم الّتي أحاطت بها والمناهج الّتي اعتمدت في دراستها. سؤال مسلّط على المسائل والموضوعات وعلى العلوم المتعلّقة بها ينتشر بهذا القدر ويتحقّق في بحثه كسؤال إيبيستيمولوجي في التّاريخ نفسه. فحفّار القبور(الأركيولوجي) هذا –« ميشال فوكو »- ينبش في التّاريخ وما تراكم فيه من طبقات للظّفر بالمهمّش والمنبوذ الشّاذّ الّذي يختلف عن القاعدة والمختلف الّذي يأبى أن يسير في أفق النّظام.
فلسفة المعايير واستثمارات البحث الأركيولوجي
إنّ فلسفة المقاييس أو المعايير«La philosophie des normes»  تتّجــه إلى استثمارات البحـــث الأركيولوجــي في اتّجاه إنجاز مهمّة التّفكير بطريقة مختلف، وهو نمط جديد للفكر العملي، بخاصّيتيه : 
* أركيولوجيا الأنماط العقلية الّتي تقوم بتنظيم كيفيات وطرائق الأفعال Les manières de faire ومكوّناتها التّاريخية، وجينيالوجيا (نسابية) الحدود في نمط التّحقّق الممكن.
عندما تفارق الفلسفة كلّ تقاليدها ومناهجها التّقليدية وأنماطها النّظرية التّأمّلية والتّطبيقية، فإنّها تحتلّ مكانة وظيفية جديدة تنخرط:
*  في الحفر من الأسفل بحثا عن المبدأ أو المنطلق أو المرجع، أي عمّا تصدر عنه الأشياء، فانطلاقا من السّجون والمستشفيات يمكن الالتقاء مع طبيعة السّلطة وطبيعة علاقتها بالمعرفة و« فوكو » يكتشف بدوره ويستثمر تحوّل بنى السّلطة Le pouvoir في رحم المجتمع، وكذلك، الآليات المتعدّدة الّتي تستخدمها هذه السّلطة للارتباط بالذّات.
إنّه يدرس القواعد العرضية أو غير المحدّدة fluctuantes  الّتي تتمكّن من الدّخول، منذ البداية، في الخطابات السّياسية لمختلف فترات التّاريخ، وهو يحلّل، بالتّوازي، الطّريقة الّتي تسمح بها الممارسات اليومية للأفراد من تحديد هويّتهم وتنسيق معرفتهم، بمعنى إخضاع معرفتهم هذه للنّسق أي عقلنتها. 
يقدّم « ميشال فوكو » نفسه كأركيولوجي Archéologue يستقرّ موضوع بحثه في التّأليــف أو التّجميــع بين الكنتونـــات cantons أو الدوائر الّتي تسم الحضارة الغربية. فلا يكون الاكتفاء بالتّأمّل وحده هو الدليل لفهم طبيعة المسائل وطبيعة علاقاتها ببعضها، بل إنّ ذلك لا يتحقّق إلاّ بالتّنقيب عن أصل الأصل أي عن تلك الشّبكة الدّقيقة وتمفصلاتها المجهرية بل الهامشية أحيانا وهي في نظر «فوكو» المعبر الحقيقي لفهم خريطة الّلقاء بين المعرفـــة والسّلطـــة. يحقّ لنــــا أن نبرز أصالة هذا التّحليل، في سياق مبادئ فلسفة الثّقافة philosophie de la culture الّتي، شهدت أزمات وهو سياق أصبحت فيه الفلسفة المعاصرة تبحث وتفكّر في غايات الثّقافة انطلاقا من مبدأي العقل والحرّية. إنّ النّقد المتواصل لذاتنا التّاريخية يرتكز على تحليل المعايير Les Normes ومكوّناتها في خدمة السّلطة والمعرفة وفي اشتغالها من خلال حلولها في الممارسة العملية الاجتماعية. لقد أبرز « ميشال فوكو » أنّ المعايير تحدّد نمطا خاصّا للسلطة أو نمطا خاصّا للعلاقة بالسّلطة. إنّ الحفر الأركيولوجي (بحثا عن المبدأ) يتحقّق من خلال إهمال العقليات التّبسيطية والمنهجيات التّصنيفية السّابقة والدخول الحقيقيّ في الحادثة. في كل مؤلّفات الفترة الأخيرة، كان « ميشال فوكو » يؤكّد على بيان أنّ المجتمع الغربي احتوى صنفا من السّلطة المستحدثة Pouvoir inédite يسمّيها السّلطة البيولوجية Biopouvoir ويعني نسقا جديدا للمراقبة تعجز عن فهمه أجهزة التّأثير والنّفوذ التّقليدية l’autorité ودون أن تكون مطلقة أو كليانية أو تعسّفية، فإنّ هذه السّلطة الجديدة تنمّي الحيـــاة. « تاريخ الجنسانية»، « L’Histoire de la sexualité »، يترجم تبعا لذلك، قصّة إشكاليات إيطيقية (أخلاقية) اعتمدت، انطلاقا من ممارسات ذاتية. ويلخّص «فوكو» هذه الفكرة سنة 1984 في العبارات التّالية: « إنّ الجنس ليس قدرا fatalité بل هو إمكانية للدّخول في حياة خلاّقة » ويمكننا أن نلاحظ تطوّر تفكير «ميشال فوكو» عبر مراحل متعدّدة : فالبداية، كانت من خلال كتابه « تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي »، الّذي ظهر سنة 1961، وهو الّذي عرض فيه كيف أنّ الجنون الّذي كان، تاريخيا، في العالم الغربي، يعتبر إلهاما إلاهيا، أصبح، اليوم، يفهم كمرض ذهنيّ، أي كضرب من اللاّعقل أو الاضطراب العقلي الذّي يجب عزله وسجنه. هذا الكتاب الذّي يحاول فيه «فوكو» الكشف عن خصوصية الجنون يقول فيه :« إنّ الخطاب هو البنية الأولى والأخيرة للجنون، إنّه، بالنّسبة إليه، المكوّن الأساسي» وفي تحليله لأنماط تموضع الذّات، يتحامل في كتابه « المراقبة والمعاقبة » المنجز سنة 1975، بكلّ وضوح وتميّز، على المسألة التّالية : « هل أنّ السّجن هو عقوبة أكثر إنسانية من التّعذيب؟» وهو يوضّح في العموم، الطّريقة الّتي يقود بها المجتمع الأفراد بترويض أجسادهم وإدماجها (قصّة السّجن/العزل) ويعتبر « ميشال فوكو » أنّ للسّجن أو العزل غاية الاستثمار السّياسي للأجساد باللّين أو بالعنف، ولقد أصبحت المسألة، بهذا المعنى، تتعلّق بفرض فكرة الطّريقة أو المسطرة (اعتماد بعض الرّسوم في المراقبة والمعاقبة المبيّنة لطرائق التّقويم للأحداث) وتبعا لذلك، فإنّ مفهوم الانحراف هو النّاتج المباشر للسّجن.
جينيالوجية (نسابية) العودة إلى أصل الأصل
لا يقرّ « ميشال فوكو » بأنّ الفكر يرتفع إلى الثّقافة بالبحث في تحقّق غاياته بل، بالعكس، إنّ ذلك لا يتحقّق له إلاّ حينما يكون منخرطا في علاقات مع الجسد ومع الخطاب ومع المعرفـــة ومع السّلطـــة  au savoir et au pouvoir الّتي تدفعه إلى الانفصال عن ذاتيته وعلى التّفكير والفعل بطريقة مختلفة. ثمّة لحظات في الحياة تكون فيها مسألة معرفة قدرتنا على التّفكير المختلف -في حين أنّنا لا نفكّر ولا ندرك بطريقة مختلفة- مسألة ضرورية لمواصلة النّظر أوالتّفكير. قد يقال لي أنّ هذه الحركات مع الذّات لا يمكنها إلاّ أن تبقى في الخفاء، لكن، ما هي الفلسفة اليوم؟ وأعني النّشاط الفلسفي؟ إن لم تكن نشاط النّقد الذّاتي؟ وإن لم تكن تنصّ، على الشّروع في معرفة كيف و إلى أيّ حدّ يمكننا التّفكير بطريقة مختلفة، بدلا من منح الشّرعية للمعرفة السّابقة؟ يستخرج « ميشال فوكو »، في مقاله « ما هي الأنوار؟ »، صعوبة دقيقة تتعلّق بعلاقة الفلسفة بالمعايير والاختبارات الأركيولوجية investigations archéologiques الّتي تضاف إلى الفكر الثّقافي كتفكير عمليّ معاصر متّجه نحو مهمّة « التّفكير بطريقة مختلفة »، وينجز «ميشال فوكو»، في مخبره الأركيولوجي، من خلال مثال السّجين « داميان» الّذي أورده في « المراقبة والمعاقبة (ولادة السّجن) » أنّ الأركيولوجي ليس معنيا بتعريفات، مثل من هو المجرم؟ أو تحديد تاريخية السّجن أو رصد مستويات التّقدّم الّذي شهدته المجتمعات، في تاريخها، حول هذه المسألة أو تلك. أليس في عملية الاستبعاد هذه ما يدلّ على قطيعة ينجزها « ميشال فوكو »، في اتّجاه إدماج عملية أركيولوجية في منهجها -وهذا المنهج تفكيكي وترميزي، قد توجّه إلى خلق واقع جديد هو واقع الأجزاء والأقسام- وإدماج جينيالوجية (نسابية) في الأهداف الّتي تتّجه إلى تحقيقها بالعودة إلى أصل الأصل نفسه. إنّ استبعاد التّعريفات يتبعه استبعاد الخطاب السّائد سابقا وكذلك كلّ آليات العقاب وتاريخية تطوّر نصوصها وتطبيقاتها. يشار إلى أنّ « ميشال فوكو » بيّن، عبر كتاباته، أنّه إذا قام تأصّل المعيار في الظّواهر الّتي ينطبق فيها باستئصال الجذر القانوني لسلطة تفرض من الخارج، في شكل طغيان أو عقاب ضد التّجاوزات العفوية، فإنّه يستتبع ذلك، فهم تكوّن المعيار من قبل موضوعه، ولكن ليس هذا فحسب، لأنّ عملية الاستئصال هذه تقود أيضا إلى تكوّن ذاتيّ للمعيار نفسه أثناء نشاط الضّبط والتّسوية. وهذا ما يمنح القيمة للمعيار، كوضعيّ راديكاليّ، وهو يمنح نفسه بصورة كلّية أثناء عمله في ظواهره أو في مقولاته ses énoncés دون أن يخضع، في هذه ولا في تلك، إلى أيّ سلطة مطلقة يستمدّ منها المعيار نجاعته. يؤدّي بنا التّكوّن الذّاتي للمعيار إلى التّمسّك بمقاومة فكرتين: 
* أولاهما تتمثّل في أنّ سلطة المعايير هي سلطة مصطنعة وتعسّفية arbitraire 
* وثانيهما هي الخاصّية الضّرورية والطّبيعية للمعايير. 
ويبدو أنّ حجم مركّب المعرفة والسّلطة يقحم صعوبةً في مستوى فهم التّوجّه الجينيالوجي (النّسابي)، الّذي أعلن عنه منذ حين، وفي مستوى ربط هذا التّوجّه بالمنهج الأركيولوجي. بالنّسبة لصاحب «أركيولوجيا المعرفة »، إذا تكفّلت الأركيولوجيا بتحليل الطّريقة الّتي يعتمدها عدد من المركّبات المعيّرة dispositifs normatifs لتقودنا إلى أن نتكوّن وإلى نعرف أنفسنا كموضوعات لما نفعله ولتفكيرنا وأقوالنا، فإنّ القصدية النّسابية (الجينيالوجية) الّتي حدّدها « ميشال فوكو »، تحول دون تسجيل الانطولوجيا التّاريخية الخاصّة بنا تسجيلا تامّا في مستوى الفهم الطّبيعي للمعايير. إنّه بعملية إعادة إدراج فصل بين « ما هو معطى لدينا ككلّيّ ضروريّ إلزامــيّ » وبين مـــا هــــو « عرضيّ وخاضع لضغوطات تعسّفية »، يمكن لـ« ميشال فوكو » أن يحدّد قصدية الأنطولوجيا التّاريخية باعتبارها « نقدا عمليّا في شكل التّجاوز الممكنdu franchissement possible » 
خاتمة
إنّ الاستخدام السّياسي للجسد أو تحويله إلى منظومة إخضاع، هو اعتداء على الجسد كقوّة إنتاج وكقوّة مقاومة وإنّ الانتقال من آليات المعاقبة العنيفة كتقطيع الجسد وتمزيقه وفصل أعضائه (مثال داميان) إلى آلية إخضاع يسمّيها « ميشال فوكو » « تكنولوجيا الجسد السّياسية» أي « جينيالوجيا الفرد الحديثة »، والأهداف الّتي تتّجه إلى تحقيقها الجينيالوجيا في الأجساد، هي تحويلها إلى أجساد صامتة طيّيعة انضباطية وتنطبق تكنولوجيا الجسد السّياسية والجينيالوجيا الحديثة على المجتمع مثلما تنطبق على الفرد في وظائف المنظومة الاجتماعية مثلها مثل وظيفة منظومة الفرد. وعندما يدرس « ميشال فوكو » ذلك لبيان أنّ نشوء الأجساد الطّيّعة هو برهان على نشوء المجتمعات الطّيّعة الانضباطية الصّامتة، فهو ما يشير عبره، إلى آليات مسلّطة على جسد الفرد وعلى أجساد المجموعة الاجتماعية. يقول « ميشال فوكو » في « المراقبة والمعاقبة » « فيما يخصّ الممارسة الشّرعية للسّلطة فالاستبداد، برأيهم يولّد التّمرّد وأحدهما يستدعي الآخر، خطر مزدوج، وعلى العدالة الجرمية في النّهاية، بدلا من أن تنتقم، أن تعاقب، هذه الحاجة إلى المعاقبة بدون تعذيب ظهرت في بادئ الأمر كصرخة قلب أو كصرخة الطّبيعة الخانقة: في أشقى المجرمين، هناك شيء على الأقلّ يجب احترامه عند العقاب: إنّه هو إنسانيته ». أمّا التّعذيب فقد استخدم، في تاريخ الإنسان، من طرف السّلط، لتأمين بسط نفوذها وسيطرتها على المواطنين، وأمّا السّجن كإجراء تأديبيّ، وهو الّذي يسمّيه « ميشال فوكو » بتكنولوجيا الجسد السّياسية، فهو طقس سياسيّ مبرهن على استبداد السّلطة السّياسية. ولا يغفل فوكو عن القيام بالحفر وتفكيك الأسباب الّتي أنتجت الضّرر أو مخالفة القواعد، ليكشف أنّ عقوبة السّجن كان ينظر إليها كتحدّ من الرّعايا لسلطة الحاكم. إنّ الدّولة وسلطة الحكم هي مصدر القانون والعقاب يسلّط على المحكوم كشكل عقابيّ انتقاميّ لإهانته، وذلك كردّ فعل على تحدّيه لنظام السّلطة السّائد. نجد أنّ القطيعة الّتي أحدثت في ثورة عصر التّنوير، الّتي تمخّضت عنها إدانات لأنماط التّعذيب الانتقامية، وفي المقابل إلى تقنين حقوق الإنسان والإرادة العامّة، فإنّ مفهوم المواطنة لم يتحقّق بيانه على أرض الواقع طالما أنّ الخطاب ممثّلا في النّظم القانونية والقضائية للمجتمع الغربي يغلّف، بأنماط متعدّدة من التّمويه والمخادعة، التزامه بالاستبداد والعنف والعزل المسلّط.
-----------
*باحث في الفكر السياسي
noomen_e@yahoo.com