ركن الشعراء

بقلم
عبداللطيف العلوي
الهروبُ إلى الرّصاصةِ
 «هلْ غادرَ الشّعراءُ من مُتَرَدّمِ ؟؟» *
في الرّوحِ شُبّاكٌ على آثارِ أحذيةٍ لِضبَّاطٍ بلا شَرَفِ ..
وأوجاعٌ تَجِلُّ عن الكلامِ المُعْجَمِ ..
وأراكَ أعياكَ الهروبُ إلى الرّصاصةِ ..
كم سَنَهْ ؟
أعياكَ ما تُخفي وما تَصِفُ ..
هذي الخُطى ليستْ خُطاكَ ، وأنت ترتجِفُ 
أَهَرِمْتَ حقًّا ..؟
أم هي الخيباتُ والقَرَفُ ؟؟
أعوامُكَ السّبعونَ تَخْدَعُكَ ، 
السّبعونَ ما مرّتْ بذئْبٍ عاشِقٍ 
أو وردةٍ مسمومةٍ ..
أعوامُك السّبعونَ قاسيةٌ وطيّبةٌ كما لا ينبغي .. 
وغَرُورَةٌ 
أقمارُها صَدَفُ ..
الآن بعد الهجرةِ الكُبرَى تعودُ إلى مضارِبِهِمْ 
ولنْ تحتاجَ مُعجِزَةً لتعرفَهُمْ جميعًا ..
بالدّمِ المَوصوفِ فوقَ أَكُفِّهِمْ ، 
سيقولُ قائلُهُمْ :
أَجِرْنا منكَ يا ابنَ العمِّ .. قد جئناكَ نعترفُ ..
وما كُنّا على دينِ الملوكِ ، وما رأينا أو سَمِعنَا ..
نحنُ منكَ وأنتَ منّا ..
فاتّعظْ بالقولِ فينا : «أنتمُ الطُّلَقاءُ»
لاَ عَتَبٌ ولا أَسَفُ ..
وسيَحْلِفُونَ بأنّهمْ عُكَّازُ شَيْبَتِكَ الأخيرُ ، 
فلا تُصدّقْهُمْ ولَوْ حَلَفُوا ..
شفّ السّتارُ ...
كأنّ آلافَ القوافلِ تعبرُ الصّحراء في قلبي ، 
وتترُكُ حَدْوةَ الخيلِ الحزينةَ ، 
أينَ تسقُطُ يا عَيِيُّ ؟
أمامك الصّحراءُ .. 
بِيدٌ ثمّ بِيدٌ ثمَّ بِيدْ ..
لم يبقَ من عمرِ النّدامةِ فُسحةٌ لِتَزِلَّ يومًا 
ثمّ تنهضَ من جديدْ 
يا أيّها الفرسُ الأصيلُ المُتْعَبُ الهَرِمُ ..
لا الأرضُ أرضُكَ ، لا السّماءُ هي السّماءُ 
ولا البحارُ ولا القفارُ ولا الحَصِيدْ
وعليكَ أن تَحْفَى وتركضَ مُغمضَ العينينِ خلف سرابِهِمْ 
وعليكَ أن تحني ضلوعَكَ للقريبِ وللبعيدْ
وعليكَ أن تعتادَ طول الوقتِ جِلدًا ليس جلدَكَ ، 
أن تبيعَ الأمنياتِ بكلّ مؤتمرٍ صحافيٍّ ،
وتضحكَ للحياةِ 
وأنتَ تُذبَحُ .. كالخرافِ 
من الوريدِ إلى الوريدْ
كمْ صرتُ أكرهُ أن أكونَ على صوابٍ دائِمًا 
هيَ لعنةُ الأحياءِ ، أو إنْ شئتَ قلتَ نبوءةُ الشّعراءِ 
أو خَبَلُ القصيدْ
ماذا سَأرجو في بلادِ الخوفِ..
غيرَ سلامةِ الموتى 
إذا ما الحرُّ أخرسَهُ المَقامُ
وحدّثتْ عنه البغايا والعبيدْ