خواطر

بقلم
مناف الأصبحي
حقوق المرأة العربية ألى أين؟ (المرأة اليمنية أنموذجاً)
 منذ انطلاق ثورة الربيع العربي ومن الوهلة الاولى من  خروج الشباب العربي في تونس العروبة وتبعهم الشباب العربي في بعض الدول العربية ورفعهم رايات الحرية والتحرّر من الأنظمة الفاسدة التي كانت تحكم بحكم شمولي استبدادي ديكتاتوري متسلّط ورفضهم الخنوع والخضوع، كانت المرأة العربي في مقدمة المتظاهرين، رغم كل الذّل المشين الذي تعرضت له المرأة العربية والتّسلط السّياسي الاضطهاد الاسري في أغلبه لم ترتكن النساء العربيات للرّجال فقط في نجاح ثورتهم بل كانت المؤازر والمساند والدّاعم والمضحّي في بعض الأحيان. إن خروج النساء العربيات في ثورة الرّبيع العربي لم يكن فقط ثورة ضد الحاكم الطغاة بل كانت ثورة اثبات ووجود وإعادة استحقاق فالمرأة العربية قوية في صمودها ولها الحق في الحياة بكرامة وحرية ومساواة. لم تكن المرأة العربية تبحث عن الممنوع بل كانت تبحث عن حقها في الحياة بعزّة وكرامة وإنها قادرة على الوصول الى مراكز القيادة واتخاذ القرار، ونريد أن نشير على سبيل المثال لا الحصر إلى مواقف المرأة اليمنية خاصة كمثل يمكن أن يجمع المعانات التي عانتها النساء العربيّات في ضلّ الأنظمة الاستبدادية. 
لقد كانت المرأة اليمنية رغم التحفّظات والتعقيدات العشائرية والقبلية وارتباط المرأة اليمنية بالعادات والتقاليد والعرف القبلي الذي تمتاز به اليمن بحكم طبيعتها القبليّة في أغلبه كانت أمام خيار صعب عند انطلاق الشرار الأولى لثورة الرّبيع العربي ولهذا اتخذت النساء اليمنيّات القرار وخرجت يدا بيد مع الشباب. خروج الشّابات اليمنيات رغم الصعوبات وعدم تقبل المجتمع لخروج المرأة اليمنية الى الشارع والتظاهر مع الشّباب كان بمثابة اثبات وجود. نذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر خروج الشّابة «توكل كرمان» مع شباب الثورة المتحمّس للتظاهر ضد نظام حكم الرئيس اليمني السابق «علي عبدالله صالح» والذي كان يسعى لتوريث الحكم لنجله الأكبر «أحمد على عبدالله صالح» قائد الحرس الجمهوري، لقد قوبلت المظاهرات التي شاركت فيها «توكل كرمان» بالقوة، استخدمت فيها الشرطة العصي وخراطيم المياه وكانت برفقتها الشّابة «سمية الاغبري» والتي تعرضت بدورها للضّرب بالعصي من رجال الشرطة. عندما شاهدت العديد من الفتيات اليمنيات «توكل كرمان» و«سمية الاغبري» تتظاهران جنبا الى جنب مع شباب الثورة، تحمّسن وخرجن مع أخريات في مدن يمنية أخرى للتظاهر.
نظرة المجتمع اليمني للنساء هي نظرة قاصرة ودونية ويعتقد العديد من النّاس في اليمن أنّ النّساء لا يصلحن أن يشاركن في التظاهر، ولكن مع مرور الوقت وبعد مشاهدت النساء التونسيات في صدارة المتظاهرين الشّباب، تغيّير الموقف الى السماح للنّساء بالتّظاهر وابداء آرائهنّ بكل حرية. لكن الحكومة اليمنية آن ذاك لم تحترم خصوصية المرأة وتعاملت بحزم مع النساء حتّى وصل الأمر الى استخدام السّلاح النّاري وقتل العشرات من النساء اليمنيّات وإصابة أخريات بجروح خطيرة في التظاهرات، وهذا ما زاد من حماسة الشّباب والتضحية بأرواحهم ومقابلة القوة والإرهاب السّلطوي بصدور عارية .
إنّ النّساء العربيّات يحتجن الى استرداد الكرامة المنزوعة منهن، كرامة الانسانية، كرامة القيادة، كرامة الوجود، ككيان بشري يستحق الاحترام والتقدير. ورغم أن الشعار الأول الذي يُرفع في مدارس اليمن هو عن الأم (الأم مدرسة اذا اعتدتها، اعدتّ شعبا طيّب الأعراق) فإن طبيعة الواقع تكرّس فكرة أنّ النساء لا يصلحن إلا للأعمال المنزلية لا غير وهذا ليس صحيح البته، فديننا الإسلامي الحنيف علّمنا أن للمرأة المسلمة صولات وجولات في رحلة الدّعوة الإسلامية ولها بطولات خلّدها التاريخ بوقوفها في الحروب بجوار الرجال، ولكنّ الثقافة الرجعية والتخلف والعقلية القبليّة والجهل، جعلت المجتمع يعتقد أن التعامل مع النّساء بقساوة ودونيّة أمر حتميّ وهذا اعتقاد خاطئ يؤدّي إلى جعل المجتمع يحمل عقلية متخلفة وقاصرة.
ونعتقد أن خلال ثورات الرّبيع العربي، استطاعت النساء العربيات اثبات وجودهن ككيان له ثقله المجتمعي ويستحق الاحترام.
حصلت توكل كرمان على جائزة نوبل للسّلام وتعتبر هذه الجائزة أكبر دليل على أن النّساء العربيّات يستطعن الوصول الى أعلى المستويات والمرتبات العالميّة  التي لا يستطيع الوصول اليها الرجال، وهذا اثبات قاطع أن المرأة العربية لها ثقلها وعلى المجتمع العربي إعادة النّظر في التعامل مع النساء وإعطائهن المساحة الكافية  للمشاركة الفعّالة في المجالات المختلفة السّياسية والقياديّة. إنّ المرأة العربية تحتاج الى ثقة المجتمع وإتاحة الفرصة لها بتولي المناصب القيادية وسوف يتفاجئ المجتمع عندما يجد أنها قادرة على القيادة والانجاز بنفس مستوى انجاز الرجال وربّما أكثر. لندع عقولنا ترتاح بعض الشيء ونعطي النّساء العربيات الفرصة، فهن قادرات على تحمّل المسؤولية .