الادب الهادف

بقلم
توفيق الشّابي
حوار الوقت

 تَمُرُّ ..وَ دُونَ  ظِلاَلٍ كَأَنَّ الطَّرِيقَ خُلُوٌّ

صَبَاحٌ عَلَى هَامِشِ الأُمسِيَاتِ نُرَدِّدُ أَشْجَانَهُ
وَ صَيْف نُبَدِّدُهُ يَنْتَهِي مَعْبَرًا للخَرِيف.
تمرُّ...
وَ لاَ شَيْء يُرْبِكُ هَذَا العُبُورَ الكَرِيم
وَ خَلْفَ خُطَاكَ بَقَايَا صَدًى مُوحِشٍ
حِينَ نَشْدُو عَلَى شَفَةٍ للحَنِينِ
لِكُلِّ الذِي مَرَّ مِنْكَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ
لِحُلْمٍ نَمَا دَافِئًا قَبْلَ أَنْ يَنْتَهِي مُفْرَدًا
...ضَوْءَ نَجْمٍ بَعِيدٍ.
فَقَطْ مَا تَبَقَّى سِوَى عَزْفِ نَايٍ ، تَعَاوِيذ ضِدَّ الجَفَافِ
وَ بعْض قَصَائِدَ عَنْ سِيرَةِ الأَوَّلِينَ
وَ دَهْشَتِهِمْ عِنْدَ كُلِّ غُرُوبٍ
وَ هُمْ يَنْحَتُونَ عَصَافِيرَهُمْ
يَحْتَفُونَ بِنَافِذَةٍ نَائِيَه.
***
أَنَا لاَ أُرِيدُ وُقُوفَ القِطَارِ المُعَدِ لِرِحْلَتِنَا
لاَ أُرِيدُ سُكُونَ الدَّقَائِقِ
عَنْ لُغَةِ الزَّمَنِ المُسْتَبِدِّ.
فَقَطْ يَا صَدِيقِي تَمَهَّلْ وَأنْصِتْ قَلِيلاً
لِصَمْتِ الهَوَامِشِ وَالمُفْرَدَاتِ اليَتِيمَةِ
مَخْفِيَة لاَ تُرَى
وَ دَعْهَا تَقُولُ لَنَا مَا يُقَالُ وَ مَا لاَ يُقَالُ.
وَ دَعْ مِنْكَ شَيْئًا يُضِيءُ الطرِيقَ
لطِفْلٍ سَتَسْكُنُهُ الأَسْئِلَه
يُجَدِّفُ بَيْنَ هَوَاجِسِهِ دُونَ بُوْصَلَةٍ
لِيَعُودَ إِلَى صَوْتِهِ..
لَمْ يَجِدْ غَيْرَ حضْنٍ قَدِيمٍ عَلَى شَكْلِ ذِكْرَى
هُنَا يَحْتَفِي بِالرَّذَاذِ وَ أَلْوَانِ قَوْسِ قُزَحْ
يُدَاعِبُ غُصْنًا لِزَيْتُونَةٍ فِي الحَدِيقَةِ
يَسْرِقُ فِي نَفْسِهِ قُبْلَةً مِنْ شِفَاهٍ
إِذَا مَا رَآهَا تَمُرُّ.
يُؤَانِسُ أَلْعَابَهُ
كُرَةٌ لاحْتِضَانِ الجُنُونِ
وَ سَيَّارَةٌ ...لوْ تَقُودُ إِلَى رِحْلَةٍ فِي البَعِيدِ.
***
فَقَطْ يَا صَدِيقِي تَمَهَّلْ وَ دَعْ مِنْكَ شَيْئًا
يُعِيرُ اهْتِمَامًا لِطِفْلٍ يَجِيءُ عَلَى وَقْعِ أَحْلاَمِهِ
وَ بِهِ شَهْوَةٌ لاحْتِضَانِ تَفَاصِيلِهَا فِي هُدُوءٍ
يُحَاوِرُهَا وَ يُرَتِّبُ أقْمَارَهَا.
يُسَائلُ فِيهَا الغُمُوضَ
وَحِينَ تُحَاوِلُ بَعْضَ الهُبُوبِ
تَكُونُ كَمَا يَشْتَهِي, شَجَرًا مُحْدَثًا.
لَكَ أَنْ تَتَحَمَّلَ بَعْضَ الجُنُونِ الذِي لَنْ يَطُولَ
كَأَنْ يَشْتَهِي أَنْ يُغَيِّرَ لَوْنَ السَّمَاءِ
وَ أَنْ يَأْخُذَ الأَرْضَ بَيْنَ يَدَيْهِ
يُعَدِّلُ سُرْعَتَهَا وَ يُمَدِّدُ أَطْرَافَهَا.
يُضَيِّقُ وَهْمَ المَسَافَةِ بَيْنَ وَرِيثَيْنِ مُنْفَصِلَيْنِ.
***
وَ حِينَ سَيَعْرِفُ أَنَّ السَّمَاءَ سَرَابٌ
وَ للأَرْضِ شَكْلٌ وَحِيدٌ
فَقَطْ سَيُحَاوِلُ أَنْ يُمْسِكَ البَحْرَ
مُخْتَصِرًا مَاءهُ فِي قَصِيدْ.