كلمة حرّة

بقلم
رؤوف سليمان
رثاء ربيع العرب

 استعير قول الشاعرة الخنساء وهي ترثي أخاها صخرا إذ تقول" ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي" واستسمحكم في تغييره إلى" ولولا كثرة الباكين حولي على أوطانهم لقتلت نفسي".

الوطن العربي كله آلام ومآسي مــــــن فلسطيـــن قضية كل الشرفاء إلى مصر واليمن، ليبيا وتونس الوطن العزيز ، الذي لم يعد كذلك إلا عند البسطاء والفقراء والمعطلين والمهمشين.
 
الوطن العربي يرزح تحت وطأة الدكتاتوريات الخانقــة من المحيط إلى الخليج ، دول الربيع العربي كما يحلو للبعض تسميتهـــا رغــــــم التناسب فــــي هذه التسمية. لقد تحوّل الرّبيع مباشرة إلى خريف، بظهور بوادر دكتاتوريات جديدة أكثر عنفا من سابقاتها ، لأن الجلاّد هذه المرّة يجلدك باسم الرّب، باسم الدّين.
يمنعك الحريّة باسم الدّين: الكل محرم، الغناء، الرّقص، الرّسم، الموسيقي والمسرح ، حتّى الكلام محرّم.
بطونهم ممتلئة وبطون الشعب خاوية، يملكون كل شيء ويحرمونك حتى حقّ التسوّغ. يكذبون ويلفّقون ويتّهمون وعندما تكذب يعلّقونك على حيطان العدالة الدينية.
 
لماذا أقتل نفسي وكل الشعوب العربية تبكي أوطانها المسلوبة.
 
الوطنية كلمة لا يدرك معناها غير الفقير والبسيط ، أما أصحاب البطون المنتفخة والرؤوس الكبيرة فلا يفقهون منها شيئا، إنّما وطنهم اليورو والدولار، والبنوك السويسرية. أوطانهم جيوبهم الممتلئة بقوت الشعب.
يورّطون بلدانهم بديون أمريكية، أوروبية وقطرية، فيأخذون المال وندفع نحن الدّين، يأكلون ونحن ندفع، يسرقون ونحن ندفع، يكنزون وندفع.
فلماذا نقتل أنفسنا إذ خلقنا لندفع. فلماذا لا يتغيّر القدر فنأكل ويدفعون ونكنز فيدفعون ونسرق...  لما لا... ما داموا سيدفعون.