باختصار شديد

بقلم
البحري العرفاوي
كلمة حقّ عند سلطان جائر
 السّلطان ليس دائما السّلطة الحاكمة بل كلّ سلطان، يمكن أن يكون سلطان المال وسلطان الاعلام وسلطان الفنّ وسلطان الخطاب الدّيني. فالسّلطان هو عموما الاقتدار على إرادة الآخرين وعلى وعيهم ومشاعرهم سواء بترهيبهم أو بإغرائهم أو بتزييف وعيهم.
والجور هو كلّ تجاوز للحدّ المعبّر عن الحقّ والحقيقة سواء تعلّق بسلب حقوق النّاس المادّية أو بسلبهم إرادتهم ووعيهم.
وهنا على شهداء الحقّ ألاّ يجاملوا لا سلطان الحكم ولا سلطان الإعلام أو الثّقافة أو سطان الخطاب الدّيني المزيّف للوعي.
وقد تحدّى اللّه تعالى إبليس بأن يكون له سلطان على عباده:
«إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ».
وإبليس هذا، ليس فقط ما نعلمه من كونه كائنا غيبيّا مخلوقا من نار ، بل إنّه كلّ مصدر تأثير سلبي وإغراء بالفساد سواء من خلال خطاب منمّق ساحر أو من خلال عمل يبدو فنيا جاذبا ولكنّه مزيّف للوعي ملبس على النّاس. ولعلّ الأقدر على التّلبيس هم أصحاب «اللّسان» من كتّاب وإعلاميين وشعراء وخطباء منابر سياسة أو منابر دين، حتّى إنّ القرآن الكريم أكّد قدرة أهل التّلبيس أؤلئك على تبادل الخبرة مع إبليس.
وفي القرآن: «...شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا».
والشّجاعة في قول كلمة الحقّ لا تكون فقط بتحدّي أذى متوقّع من سلطة حاكمة، بل- وأوّلا - بتحدّي أذىً متوقّعا من عصابات المال ولوبيّات الفساد ومافيات التّهريب وكتائب الإرهاب وصبية التّكفير ومختبرات التّجسس.