أسماء الله الحسنى

بقلم
الهادي بريك
‎ الحلقة العاشرة : الوليّ - الوالي - المولى
 إشتقّ سبحانه لنفسه أسماء من هذا الجذر اللّغوي الثّلاثي ( و ل ي ). فسمّى نفسه تارة ( الوليّ) وذلك في مثل ‏قوله سبحانه «اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا...»(1) وفي قوله سبحانه «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » (2) وفي مثل قوله ‏سبحانه «وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ» (3) أو في مثل قوله سبحانه «إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ ۖ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ» (4) ‏وغير ذلك ممّا ورد سواء معرّفا بالإضافة أو غير معرّف. كما ورد ذلك الإسم بصيغة المثنّى في مثل قوله ‏سبحانه «وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا» (5) أو كما ورد بصيغة الجمع في مثل قوله سبحانه «حْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ» (6). ونسبت الملائكة نفسها إلى ولايته سبحانه إذ قال سبحانه على لسانها ( «نتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم» (7). كما ‏سمّى نفسه سبحانه ( مولى ) وذلك في مثل قوله سبحانه «لِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ ۖ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ» (8) وفي مثل قوله ‏المركّب بصيغة الدّعاء «أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ» (9) . كما نسب ولايته إلى نبيه محمد عليه ‏السّلام في قوله سبحانه «فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ » (10). ونسب إلى ‏إسمه ( مولى ) فضل النّعمة إذ قال سبحانه  «نِعْمَ الْمَوْلَى» (11)  وبذلك يكون هذا الإسم ( مولى) مفردا ومركّبا في ‏الآن نفسه . كما نسب إلى نفسه سبحانه فعل الولاية إذ قال عن نفسه سبحانه «وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ» (12) . كما ‏يلاحظ أنّ إسم ( وليّ ) أكثر ما يرد في هذه الصّيغة التي تنفي الولاية والنّصرة عن سواه سبحانه وتثبتها له هو ‏وحده سبحانه في مثل قوله «مَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ» (13). وبذلك نقتطف منذ البداية أنّ الولاية تعني ‏النّصرة كما يلاحظ هنا طبعا أنّه سبحانه يعود إليه فعل الولاية وإسمها سواء بسواء بما يعني أنّه مستول عليها ‏ومستحوذ فلا يشاركه فيها أحد إلاّ مجازا أو بإذنه إذ تقول العرب : فلان مولى فلان والمقصود هو أنّه عبده ‏الذي يخدمه بل إنّها تنسب الولاية للسيّد نفسه فيكون السيّد مولى لعبده ويكون العبد مولى لسيّده. إذ كان زيد ‏عليه الرّضوان مولى لمحمد عليه السّلام. كما أنّ العرب تطلق إسم المولى على العبد المحرّر. كما نعلم منذ ‏البداية كذلك أنّ الولاية تعني الوقاية إذ قال سبحانه عن نفسه نافيا الولاية والوقاية عن غيره ومثبتهما له وحده ‏‏«مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ»(14). وأنّ الولاية تعني كذلك الإخراج من الظّلمات إلى النّور إذ قال سبحانه ‏‏«اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ» (15) وغير ذلك من المعاني الملازمة للولاية ومنها ملك  ‏الشّفاعة وبذلها للوليّ إذ قال سبحانه عن نفسه «مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ» (16). كما سمّى نفسه سبحانه ‏‏( الوالي ) وذلك في قوله سبحانه  «وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ» (17) وأصلها : ما لكم من دون الله من واليّ ولكن حذفت ‏التّاء وحركتها المشدّدة تخفيفا وتيسيرا للنّطق. ولم يتردّد هذا الإسم الذي يشتقّ من الجذر اللّغوي الثّلاثي ‏المذكور آنفا ( و ل ي ) نفسه عدا مرّة واحدة وبذلك يكون الله سحبانه هو : الوليّ والوالي والمولى أي له كلّ ‏صيغ الولاية على خلقه وعباده بما تحمله من معان وتبعثه من أبعاد. ومعلوم أنّ الجذر الواحد في اللّسان العربي ‏إذا تجانست حروفه فإنّ معانيه تركن إلى مربع دلاليّ واحد لا تبتعد عنه فهي متماثلة إلى حدّ التّجانس أو قريب ‏منه . إذا ولّى الأمر فهو واليه إسما فاعلا وإذا وليه فهو وليّه إسما فاعلا كذلك عدا أنّ الفعل الأوّل ( ولى ) هو ‏فعل ثلاثي معتل الفاء واللاّم فهو إذن لفيف مفروق بالتّعبير الصّرفي لللّغويين وأمّا فعل ( ولي ) فهو ثلاثي معتل ‏الفاء فحسب، فهو إذن فعل مثال بالتّعبير نفسه لأهل الصّنعة. ويشتركان كلاهما في المضارع فهو لهما معا : ‏ولى يلي وولي يلي فهو وال ووليّ. أمّا المولى فهو من يستولى على المصدر والمكان فمن شدّة ولايته فإنّه ‏يكون مصدرا للولاية فهو مولى.
‎ ‎الولاية وصاية ومسؤوليّة وصلة حميميّة
ولي فلان فلانا أي قرب منه حقيقة أو حكما حتّى أضحى هو من يليه من كلّ الجوانب فهو له وال ومولى ووليّ ‏ولذلك يكون الله سبحانه وليّ النّاس كلّهم أجمعين والخلق طرّا بمعنى القيوميّة عليهم فهو سبحانه ( قائم على كلّ ‏نفس بما كسبت ) وهو وليّهم الحقيقي لأنّهم منه هو وحده جميعا أصلا آصلا إذ هو مصدر الخلق ومصدر ‏الإنعام والإحياء. وهو سبحانه وليّ المؤمنين بصفة خاصّة بسبب أنّ هؤلاء تبادلوا معه الولاية إذ رضوا به وليّا ‏واقيا ونصيرا فهي ولاية أشدّ حميميّة لأنّها ولاية تختلط أمشاجها في الإتجاهين. ومن شأن الوليّ أن يسلّم أمره ‏كلّه لواليه كأنّه طفل صغير لا يدبّر الأمر. والإنسان مهما علا شأنه هو مع ربّه بمثل ذلك أي يحتاج إليه في كلّ ‏شيء وفي آن وأوان فهو وليّه الأحمّ. ولذلك حرصت الآيات الحادبة على غرس عقيدة التّوحيد في الإنسان على ‏ترسيخ هذه القيم فيه : قيمة الإلهيّة وقيمة الرّبوبيّة وقيمة الولاية. وكما مرّ بنا آنفا فإنّ الملائكة أنفسهم أقرّوا ‏بولايته عليهم سبحانه لمّا قال لهم «أَهَٰؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ» (18) أي هل أنّ المشركين كانوا يعبدونكم أنتم أيها ‏الملائكة؟ فردّت الملائكة بالنّفي تبرؤًا وقالت «بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ ۖ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ» (19)؟ وبمثل ذلك أقرّ ‏الأنبياء بولايته عليهم سبحانه إذ قال عليه السّلام «إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ ۖ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ» (20) فهو وليّ كلّ شيء ‏سبحانه سواء ولاية بالقوّة قهرا وخلقا ورزقا وملكا وإماتة وبعثا أو ولاية بالرّضى كما هو حال الطّائعين.
الولاية حركة دائرية تغمر الكون كلّه
الله سبحانه وليّ الكون كلّه كما أنف ذكره سواء ولاية قهر أو ولاية متبادلة مع الطّائعين. وهو سبحانه وليّ ‏الأنبياء والملائكة وهو كذلك وليّ المؤمنين وهؤلاء جميعا ( مؤمنون وملائكة وأنبياء ) أولياء لله سبحانه وحده، ‏ومن جهة أخرى فإنّ المؤمنين بعضهم لبعض أولياء « إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ»(21) كما قال ‏سبحانه أي إن لم تكن الولاية بين المؤمنين في الدّنيا على أساس الإيمان، فإنّ المآل هو إكراه وفساد. وبذلك فإنّ ‏حركة الولاية في الدّنيا حركة دائريّة من الله في إتجاه خلقه وعباده ومن هؤلاء في إتجاهه هو سبحانه وبذلك ‏كذلك يكون غير الموالين لله نشازا في الكون ونتوء بارزا محادّا يفسد جمال الكون وزينة الحياة ورونق الخلق ‏وليس هناك بديل آخر عن ذلك لسبب واحد هو أنّ الله سبحانه هو من يلي كلّ شيء ومن كلّ جهة وجانب إذ ‏هو الخالق الأوحد والمنعم الأوحد والمالك الأوحد وبذا يكون تعامله مع خلقه وتعامل خلقه معه كمثل حديقة ‏ظليلة فوّاحة لا يغري جمالها النّاس حتّى تحصد نتوءاتها وتباد نشازاتها ولكنّه سبحانه وقد كتب على نفسه ‏الرّحمة لا يحصد عباده بعجلة بل يمهلهم لعلّهم يتوبون لتعود الحديقة الخلقيّة الكونيّة إلى جلالها وجمالها وكمالها
الولاية بين الناس أساسها التحرّر أوّلا
هذه قيمة عظيمة نبّه عليها الوحي الكريم في سورة الأنفال وغيرها إذ أخبرنا سبحانه أن الولاية السياسية بما ‏تعنيه من نصرة ووقاية لا تكون إلا على أساس الإجتماع من المؤمنين أنفسهم ـ بل إشتراكا مع غيرهم ـ تحت ‏سقف سياسي واحد ولذلك منع النّبي محمد عليه السّلام ومن معه في المدينة من بعد الهجرة من تبادل عرى ‏الولاء مع المؤمنين الذين في مكّة ممّن لم يهاجروا معرضين أنفسهم لفتنة الإكراه وهم مستطيعون للتحرّر من ‏تلك الفتنة والإلتحاق بالمجتمع الإسلامي الحرّ. هذه القيمة عظيمة في الإسلام إذ أنّ تلك الولاية بمعناها السّياسي ‏وبأبعادها الوقائيّة يتمتّع بها الإسرائيليّون الذين دخلوا في دستور المدينة طائعين وذلك قبل خذلانهم ذلك ‏وخيانتهم له. معنى ذلك هو أنّ الولاية بين النّاس في الدّنيا أساسها التّحرر أوّلا فلا حظّ فيها لمن عرض نفسه أو ‏دينه لفتنة الإكراه وهو قادر على الهجرة أو إستخدام القوّة لحسم المعركة.
إخلاص الولاية مخّ الإيمان ويمّ الإعتقاد
كان المشركون يعتقدون أنّ أولئك الذين يعبدونهم يتولّون حمايتهم ووقايتهم وصرف الأذى عنهم وجلب النّفع ‏إليهم ولذلك حرصوا كلّ الحرص على عدم الكفر بهم وهم يدّعون إلى الإيمان بالله الوليّ الوالي سبحانه. ومن ‏شأن المؤمن صحيح الإيمان أن ينزع عنه كلّ ولاية لغير الله سبحانه وأن يحرّر ذلك الولاء كلّه للذي يملك له ‏النّفع والضرّ والحماية والوقاية والهداية وهي ثورة نفسيّة حقيقيّة بل هي عقبة كأداء من وعاها وتقحّمها ‏ببصيرة فقد فاز، إذ الولاية إستعباد وإسترقاق لا يصرفان إلاّ لمن لهما أهل وليس من هو كذلك عدا الله سبحانه. ‏ومن مقتضيات الولاية التّوكل الحقيقي على الوليّ بإخلاص كما يتوكّل الطّفل الصّغير على أمّه أو أبيه في ما ‏يليه من أمور المعاش ولو ترك الرّضيع لوحده يوما واحدا ربّما أو أكثر من ذلك لمات إلاّ أن يتداركه وليّ ‏النّعمة العظمى والأحقّ بها أي الله سبحانه بوليّ من عنده يقوم على أمره وهو ما فعله سبحانه مع عبده موسى ‏وهو رضيع، ذلك أنّ من يتولاّه الله سبحانه فلا يضيع ولا يمسّه سوء. إذ أنّ الصورة الظّاهرة لنا لا توحي عدا ‏بأنّ ذلك الرّضيع لئن نجا من الغرق فهو ليس بناج من فرعون ولكن عندما تولاّه الله سبحانه أمر أمّه بأن تلقيه ‏في مواضع الهلاك كلّها بدء من الماء ومرورا بأمواجه وإنتهاء بفرعون الذي يبحث عن ذكر لبني إسرائيل في ‏السّماء فإذا به يأتي إليه في قصره. تلك صورة من أجلى صور الولاية الإلهيّة.
الولاء لله عقيدة والتعاون مع الناس عملا
كثير من الشّباب المتديّن الحديث ـ بل وكثير من المسلمين أنفسهم بسبب الجهل والعزوف عن العلم ـ يخلطون ‏اليوم خلطا عجيبا بين مستويات الولاء ومن يحرم الفرز بين الأشياء والألوان فقد ضلّ سواء السّبيل. الولاء ‏عقيدة تمخر عباب الفؤاد لا تكون خالصة إلاّ لله وحده سبحانه ذلك لأنّه لا سلطان على فؤاد الإنسان إلاّ لربّ ‏الإنسان أو للإنسان نفسه، فلا يكره المرء أبدا على صرف ولائه عقيدة إلاّ لمن يحبّ ويرضى. أمّا الولاء عملا ‏تعاونا وتضامنا وتكافلا سيما فيما خرج عن الدّائرة التّعبديّة المحضة، فإنّه لا يحكم بمقياس الكفر والإيمان والحقّ ‏‏ والباطل، إنّما يحكم بمقياس المصلحة والمفسدة أو بمعيار العدل والجور ذلك أنّ النّبي محمدا عليه الصّلاة ‏والسّلام أعطى ولاءه الدّنيوي السّياسي والمالي مرّات لمشركين : أوّلهم عمّه المشرك الذي تولّى حماية الدّعوة ‏بدافع عصبيّ ومحمد عليه السّلام يعي ذلك أشدّ الوعي أنّ دعوته مدينة لرجل مشرك يحميها بعصبيّة جاهليّة ‏بإذن من الله سبحانه ومعنى ذلك هو أنّه لا حرج ولا تثريب بسبب إنخرام الموازنات في تلك الأيام. ودون عمّه، طلب الرّسول عليه السّلام في أكثر من مرّة الحماية لنفسه من مشرك في عودته مثلا من ثقيف ‏وحماية النّبي هي حماية الدّعوة نفسها وفعل أصحابه مثل ذلك مرّات ومرّات. مسلمو أوروبا مثلا ولاؤهم ‏السّياسي لدول غير مسلمة ولا حرج في ذلك ولا تثريب لأنّ ذلك الولاء لا يخرق العقيدة ولا يمزّق الولاء ‏الأكبر لأمّة الإسلام العظمى وعند التّعرض للإستثناءات أو الطّارئات، فإنّ الولاء العقدي يظلّ دوما مصونا ‏محفوظا لأنّه مكنون في الفؤاد لا يعلم حقيقته إلاّ الله سبحانه، وخير مثال على ذلك ما سمّيت في السّيرة دولة أبي ‏بصير الذي لم يقبله عليه السّلام إذ وفد عليه فارّا من قريش بسبب لزومه لصلح الحديبية وظلّ أبو بصير ومن ‏معه من الفارّين من قريش ولاؤهم السّياسي لأنفسهم وليس لمحمّد عليه السّلام وولاؤهم العقدي هو لله وحده ‏سبحانه ولنبيّه محمد عليه السّلام. المطلوب هنا التّمييز بين مستويات الولاء وفرز ألوانها أن يضلّ الشّاب ‏المتديّن الذي لم يصب من العلم إلاّ قليلا.
التّقاة في الدّين
أصلها قوله سبحانه «إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً..» (22) ومعناها هو أنّ الولاء لغير الله عقيدة هو مخّ الإيمان ولكن حتّى ‏يتّقي المرء في الحالات الطّارئات ما يضرّه، سيّما إذا كان لا قبل له به، فإنّ الله رخّص له في التّقية أي تقوى ‏العذاب. والتّقوى هي الإجتناب وهو أمر يقدّره المؤمن في حالته الفرديّة وتقدّره الجماعة في حالتها الجماعيّة ‏ولكن ليس لذلك أيّ علاقة بما إبتدعه بعض الشّيعة في الغابر والحاضر من تصريم لأحكام الشّريعة عبثا بها ‏وتملّصا وتفصّيا بإسم التّقية، إذ أنّ آفة الرّخص من يسيء إستخدامها من مثل التّعدد الزّوجي أو غير ذلك وعندما ‏يكثر سوء الإستخدام، فإنّ البلهاء والسّذج ومن معهم من أعداء الإسلام يشنّون حملة على الشّريعة نفسها، والحقّ ‏أنّ الشريعة محكمة والعيب في من يسيء إستخدام رخصها ليكرّ عليها العابثون والمعتدون.
خلاصة هذا الإسم
إستحوذ سبحانه على كل صيغ الولاية وأبعادها مبنى ومعنى فهو الوليّ والوالي والمولى وهل يصلح غيره ‏للكون والنّاس وليّا لا يملك لنفسه شيئا، وفاقد الشّيء لا يعطيه كما قالت الحكمة العربيّة. الولاية بيننا وبين الله ‏هي ولاية عقديّة قدر الإستطاعة «إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ...» (23) وعليها هي فحسب نحاسب يوم القيامة. ‏أمّا الولاية بين النّاس فهي ولاية تامّة الأركان عندما تكون بين المنتمين إلى دين واحد، إذ المؤمنون كلّهم في كلّ ‏زمان وفي كلّ مكان أولياء بعضهم لبعض كما قال عليه السّلام «يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم» (24) ‏وعندما تكون الولاية خارج الإطار العقدي فهي تعاون وتضامن وتكافل من النّاس كلّهم أجمعين قدر الإمكان ‏بغرض تحقيق ما يتوافقون عليه ولذلك والى عليه السّلام المشركين ولاية سياسيّة تامّة عندما تعلّق الأمر بما ‏سمّي في الجاهليّة أي قبل بعثته حلف الفضول، إذ أنّ ذلك بتعبيرنا المعاصر منظمة دوليّة لحماية حقوق ‏الإنسان. المحذور اليوم بسبب تدينات مغشوشة هو الخلط بين مستويات الولاء ليكون سيفا مسلّطا يلغي التّعاون ‏على الخير بين المسلمين وغيرهم أو ليكون في الإتجاه المضادّ إمعيّة لا تردّ يد لامس كما تقول العرب، أي ‏تكسّر الحواجز بين الولاء العقدي والولاء السّياسي والدّنيوي بصفة عامّة. كلاّ الإتجاهان محذوران يدفعان ‏بالتعلّم
الهوامش
(1) سورة القرة - الآية 257
(2) سورة المائدة - الآية 55
(3)  سورة القرة - الآية 107
(4) سورة الأعراف - الآية 196
(5) سورة آل عمران - الآية 122
(6) سورة فصلت - الآية 31
(7) سورة سبأ - الآية 41
(8) سورة آل عمران - الآية 150
(9) سورة البقرة - الآية 286
(10) سورة التحريم - الآية 4
(11) سورة الأنفال - الآية 40
(12)  سورة الأعراف - الآية 196
(13) سورة البقرة - الآية 107
(14) سورة الرعد - الآية 37
(15) سورة البقرة - الآية 257
(16) سورة السجدة - الآية 4
(17) سورة الرعد - الآية 11
(18) سورة سبأ - الآية 40
(19) سورة سبأ - الآية 41
(20) سورة الأعراف - الآية 196
(21) سورة الأنفال - الآية 73
(22) سورة آل عمران - الآية 28
(23) سورة النحل - الآية 106
(24) سنن أبي داود - «كتاب الجهاد» - باب في السرية ترد على أهل العسكر - 2751