تاريخنا

بقلم
محمد الصالح ضاوي
في تفضيل الصحابة وترتيب الخلفاء ج 2
 لو بحثنا في أقوال العلماء بخصوص مسألة تفضيل الصحابة وترتيبهم، لوجدنا ‏أنّ الإجماع انعقد متأخّرا على حوادث ونوازل وقع فيها الخلاف في التّفضيل أو في التّرتيب أو ‏في اختيار الخلفاء... لأنّ الكثير اليوم، يريد أن يقنعنا، أنّ التّفضيل أو التّرتيب التّفاضلي بين ‏الصّحابة الأربعة، حصل من عند الله، قبل الخلافة الرّاشدة... وهذا غير صحيح، وقد بيّناه في ‏المقال السّابق، وقلنا أنّه كان توقّع ملهم وليس يقينا نزل به الوحي... حيث حصل ما حصل من ‏أحداث في الخلافة الرّاشدة، من السّقيفة إلى الفتنة الكبرى، ولم تظهر نظريّة التّفضيل بين ‏الصّحابة... بل استمر الخلاف بعد الفترة الرّاشدة، حول الثّالث والرابع، وأيهما أفضل من ‏صاحبه :‏«وفي الحديث تقديم‎ ‎عثمان‎ ‎بعد‎ ‎أبي بكر وعمر‎، كما هو المشهور عند جمهور أهل ‏السّنة، وذهب بعض السّلف إلى تقديم‎ ‎عليّ‎ ‎على‎ ‎عثمان، وممّن قال به:‏‎ ‎سفيان الثّوري،‎ ‎ويقال إنّه ‏رجع عنه، وقال به‎ ‎ابن خزيمة، وطائفة قبله وبعده، وقيل لا يفضل أحدهما على الآخر، ‏قاله‎ ‎مالك‎ ‎في «المدوّنة» وتبعه جماعة منهم‏‎ ‎يحيى القطّان، ومن المتأخّرين‎ ‎ابن حزم»‏(1) ‏.‏
من ترتيب الخلافة إلى الأفضليّة
فالإجماع، الذي حصل بعد الأحداث، والتّوقعات التي قبلها زمن الصّحابة، كلّ ذلك كان ‏يخصّ ترتيب الخلافة الرّاشدة، وشرعنة شخوصها، بمعنى الأفضليّة في تولّي المنصب، فقط:‏
«وقد جاء في بعض الطّرق في حديث‎ ‎ابن عمر‎ ‎تقييد الخيريّة المذكورة والأفضليّة بما ‏يتعلّق بالخلافة، وذلك فيما أخرجه‎ ‎ابن عساكر‎ ‎عن‎ ‎عبد الله بن يسار‏‎ ‎عن‎ ‎سالم‎ ‎عن‎ ‎ابن ‏عمر‎ ‎قال:‏‎«إنّكم لتعلمون أنّا كنّا نقول على عهد رسول الله - ‎صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم‎ - : ‎أبو ‏بكر‎ ‎وعمر‎ ‎وعثمان‎ ‎يعني في الخلافة»، ‎‏كذا في أصل الحديث. ومن طريق‏‎ ‎عبيد ‏الله‎ ‎عن‎ ‎نافع‎ ‎عن‎ ‎ابن عمر: «كنّا نقول في عهد رسول الله - ‎صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم - : من يكون ‏أولى النّاس بهذا الأمر ؟ فنقول‎ : ‎أبو بكر‎ ‎ثم‎ ‎عمر‎ ‎‏»‏ ‏(2) ‏.‏
ولم يتعد الأمر إلى الأفضليّة عند الله إلاّ متأخّرا... وبفعل الجدل مع الشّيعة الذين فتحوا ‏باب التّفضيل وربطه بالإمامة... وهو جدل ساهم علماء الكلام من المعتزلة في تأثيثه وتنميته...‏
يقول  القاضي عبد الجبار في (شرح الأصول الخمسة) ‏(3) ‏:«إنّ المتقدّمين من المعتزلة ذهبوا إلى أنّ أفضل النّاس بعد رسول الله ‎صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم عليّ. وأيدوا ما ذهبوا إليه‎ بأنّ إجماع الصّحابة من المهاجرين والأنصار على التّرتيب بينهم في الإمامة، دليل على ‏التّرتيب بينهم في الفضل، ومن خرج على ذلك يعتبر - كما يقول أبو أيوب السّختياني – ممّن ‏أزرى بالمهاجرين والأنصار، قال القسطلاني في (المواهب): «إن هؤلاء الأربعة اختارهم الله ‏لخلافة نبيّه، وإقامة دينه، فمنزلتهم عنده بحسب ترتيبهم في الخلاف‎ ‎‏».‏ فقضية الأفضلية عند الله، هي استنتاج منطقي لا أساس شرعي له... مجرّد نظر عقلي ‏في مسألة من فضول القضايا... لا علاقة له بالتّوحيد ولا بالفقه ولا بالسّلوك... لم ينزل فيها ‏نصّ من الله تعالى ولا تكلّم فيها رسول الله ‎صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم...‏
عقيدة التفضيل
جاء في الموسوعة العقدية للدرر السنية ‏(4) ‏:‏
قال ابن كثير في (الباعث الحثيث):‏ «وأفضل الصّحابة، بل أفضل الخلق بعد الأنبياء – عليهم السّلام -: أبو بكر الصّديق ثم ‏من بعده عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب».‏
هذا هو النّص الذي انتشر بيننا اليوم، باعتباره إجماعا من العلماء قديما وحديثا، ‏والموقف الرّسمي لأهل السّنة والجماعة... لكنّ الحقيقة غير ذلك..‏. الحقيقة أنّ الإجماع، الذي انعقد بين علماء السّنة يخصّ أبا بكر وعمر فقط.. أمّا الثّالث ‏والرّابع، فقد حصل فيهما اختلاف... لكنّ جمهور العلماء على التّرتيب الموروث: عثمان ثم ‏عليّ... والفرق كبير بين الإجماع وبين قول الجمهور، الذي هو الأغلبيّة، لكنّه ليس إجماعا... ‏فالخارج عن الإجماع كافر أو فاسق، والخارج عن قول الجمهور مجرّد مخالف لهم...‏
«(ف)مذهب أهل السنة، كما ذكر ذلك الإمام النووي حيث قال:‏ «واتّفق أهل السّنة على أنّ أفضلهم أبو بكر ثم عمر، وقال جمهورهم: ثم عثمان، ثم ‏علي».‏
والإمام القسطلاني، حيث قال في (المواهب):‏ «إنّ أفضلهم على الإطلاق عند أهل السّنة إجماعاً أبو بكر ثمّ عمر رضي الله عنهما، إلى ‏أن قال: ثمّ اختلفوا فيمن بعدهما، فالجمهور على تقديم عثمان».‏
‏...لكن من قدم عليًا على عثمان هل هو مبتدع أم لا؟ وعلى هذا السّؤال يجيب الخلال، ‏فقد قال بعد ذكره لعدّة روايات مسنده عن إمام أهل السّنة أحمد بن حنبل فيمن قدّم عليًا على ‏عثمان قال: «فاستقرّ القول من أبي عبد الله أنّه يكره هذا القول ولم يجزم في تبديعه، وإن قال ‏قائل: هو مبتدع لم ينكر عليه وبالله التّوفيق» ‏(5) ‏ ‏...‏
ادعاء الإجماع
إذن، ليس صحيحا دعوى الإجماع في التّرتيب الرّباعي للخلفاء الرّاشدين زمن ‏السّلف... الإجماع، إن حصل، لا يتعدّى الثّنائي: أبا بكر وعمر... ثم يقع خلاف... حسم فيما ‏بعد بالتّرتيب الموروث المنقول إلينا إجماعا... وهذا أيضا، في هذا المستوى، ليس إجماعا، لأنّه ‏خرق شرطا أساسيّا، وهو: أنّه سبقه خلاف... والإجماع لا يسبقه خلاف... هذا ما قرّره علماء ‏الأصول على اختلافاتهم في الموضوع...‏
وابن حزم، في كتابه مراتب الإجماع، جمع كلّ قضايا الإجماع فقها وعقيدة، والتي ‏اتفق، على أنّ خارقها كافر أو فاسق، ولم يذكر إجماع ترتيب وتفضيل الخلفاء الرّاشدين... قال ‏رحمه الله ‏(6) ‏:‏ «ثم لجمهور علماء الحديث أئمتنا رضي الله عنهم اتفاقات أخر لم نذكرها ههنا لأنّهم لم ‏يجمعوا على تفسيق من خالفها فضلا عن تكفيره، كما أنّهم لم يختلفوا في تكفير من خالفهم فيما ‏قدّمنا في هذا الكتاب».‏
بل إنّ الإمام أحمد بن حنبل، كان يعتقد التّرتيب والأفضليّة، لكن دون دليل، لا من ‏القرآن ولا من السّنة، ولا من الإجماع الذي لم ينعقد قبله كما بيّنا سابقا... حتّى صحّ عنده حديث ‏ابن عمر... ومع ذلك لم يضعه في مسنده... ممّا يجعلنا نستنتج أنّ الموضوع ليس شرعيّا، ‏يترتّب على خرقه كفر وفسق...‏
‏«ومذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه :‏ كنا نقول أبو بكر وعمر وعثمان ونسكت، حتّى صحّ لنا حديث ابن عمر بالتّفضيل».‏
قال ابن بدران الدّمشقي في (المدخل): «وأمّا الحديث الذي أشار إليه الإمام، فإنّي كشفت ‏عليه في المسند فلم أجده، ولست أدري هل هو فيه فزاغ عنه البصر، أم هو مفقود منه؟ وكذلك ‏فتّشت عليه في الكتب السّتة فلم أجده، لكنّني وجدت أنّ الحافظ أبا القاسم ابن عساكر الدّمشقي ‏رواه في ترجمة أبي بكر الصّديق رضي الله عنه من تاريخه الكبير عن ابن عمر قال: كنّا نقول ‏ورسول الله حيّ: أفضل الأمّة بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبو بكر ثمّ عمر ثمّ عثمان ثمّ ‏عليّ، فيبلغ ذلك رسول الله ‎صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولا ينكره، وفي لفظ: ثم ندع أصحاب رسول الله ‎صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم -فلا نفاضل بينهم-»‏ ‏(7) ‏.‏
قال ابن بدران:‏ «وحيث إنّ الإمام أشار إلى صحّة هذا الحديث تركنا الكلام عليه، اكتفاء بتوثيق إمام ‏المحدثين)». (الموسوعة العقدية)‏
الموضوع سياسي ديني
والخلط، وقع، بين الاستحقاق الخلافتي، وبين الأفضليّة عند الله، وشتّان بين الأمرين... ‏فهذا ابن كثير يقع في اللّبس والخلط، حيث، يقرّ بأنّ التّفضيل كان عقيدة المهاجرين والأنصار، ‏ويبرّر وجود عثمان وعلي في لجنة السّتّة... فإن كان التّرتيب والتّفضيل عقيدة ومعلوما من ‏الصّحابة، فكيف خفي على عمر نفسه؟ وراوي الحديث ابنه؟؟ ‏
وقال ابن كثير: «هذا – أيّ التّرتيب بين الأربعة في الفضل كالتّرتيب بينهم في الخلافة ‏‏– رأي المهاجرين والأنصار، حين جعل عمر الأمر من بعده شورى بين ستّة، فانحصر في ‏عثمان، وعلي، واجتهد فيهما عبد الرّحمن بن عوف ثلاثة أيّام بلياليها حتّى سأل النّساء في ‏خدورهن على عليّ، وولاه الأمر قبله، قال: ولهذا قال الدارقطني: من قدّم علياً على عثمان فقد ‏أزرى بالمهاجرين والأنصار، وصدق رضي الله عنه وأكرم مثواه، وجعل جنّة الفردوس ‏مأواه» ‏(8) ‏ ‏. ‏
فانظر كيف اعتبر التحقيق الذي قام به عبد الرحمن بن عوف، اجتهادا، واعتبر مخالفة ‏التّرتيب إزراء بالمهاجرين والأنصار، وليس مخالفة لكتاب الله وسنّة رسوله...‏
والموضوع سياسي بامتياز... أي أنّه اختيار دنيويّ لخليفة يسوس النّاس ويعمل بشرع ‏الله... فهو اختيار إنساني... وشهادة من النّاس في المترشّح... وليس اختيارا من الله على أساس ‏التّفضيل...‏
«قال عبد الرحمن: (إن لي ثلاثًا ما اغتمضت بنوم) بعد هذا كلّه وبعد أخذ المواثيق ‏منهما على أن يبايع من بايعه، أعلن النّتيجة بعد هذا الاستفتاء وهي قوله: (إنّي رأيت النّاس لا ‏يعدلون بعثمان) فبايعه عليّ وعبد الرّحمن وسائر المسلمين بيعة رضى واختيار، فدلّ ذلك على ‏تقديمه في الأفضليّة عليه، قال ابن تيمية: (وهذا إجماع منهم على تقديم عثمان على عليّ» ‏(9) ‏ ‏... ‏فإن كان الاختيار تم على أساس أفضليّة ظهرت للنّاس في عثمان، فهي أفضليّة ‏استحقاق لمنصب الخلافة، ولم تظهر لهم ولا لنا أفضليّة عثمان عند الله على علي...  ‏
موقف مهزوز
رأينا في العناوين السّابقة، أنّ حديث ابن عمر في تفضيل الخلفاء، ليس دليلا على ما ‏يروج له اليوم، لموقف أهل السّنة والجماعة، بخصوص ترتيب أفضليّة الخلفاء الرّاشدين على ‏أساس ترتيب الخلافة... وأنّ دعوى الإجماع ليست صحيحة.. ولا يعتبر إجماعا حسب شروط ‏علم الأصول... وأنّ الأمر لا يعدو، استنتاجات جدليّة ومنطقيّة، لا أساس شرعيّا لها... وأنّ ‏استحقاق الخلافة، كان بنفس الأمر عند كلّ خليفة من الخلفاء الأربعة... صحيح، أنّ النّاس كانت ‏تميل وتعتقد في أفضليّة أبي بكر وعمر، لكن كان ذلك ممّا ألهموا به لتولي الخلافة على التّرتيب ‏الذي اختاره الله، وقدّره، على أيدي الصّحابة أنفسهم... فقد ألهموا، بتوفيق من الله ومدده، إلى ‏ترتيب تولي الخلافة على الوجه الذي حصل... ولكن، ليس بسبب الأفضليّة، حيث لا نصّ على ‏ذلك... وإنّما بسبب آخر، يقول به الشّيخ الأكبر.‏
رؤية الشيخ الأكبر
اعتنى الشيخ عبد الباقي مفتاح بالموضوع وأفرد له فصلا كاملا في كتابه: سيرة ‏محي الدين بن العربي‏(10) ‏:‏
‏«... فما تأخّر عن الأوّل إلاّ لأمر أيسره وأبينه الزّمان، لأنّ وجود الأهليّة فيه من جميع ‏الوجوه فيعلم أنّ الحكم في تأخيره وتقديم غيره للزّمان كخلافة أبي بكر وعمر ثم عثمان ثم عليّ ‏رضي الله عن جميعهم فما منهم واحد إلاّ وهو مترشّح للتّقدم والخلافة مؤهّل لها فلم يبق حكم ‏لتقدّم بعضهم على بعض فيها عند الله، لفضل يعلم، تطلبه الخلافة، فما كان إلاّ الزّمان. فلما كان ‏في علم الله أنّ أبا بكر يموت قبل عمر وعمر يموت قبل عثمان وعثمان يموت قبل عليّ رضي ‏الله عن جميعهم، والكلّ له حرمة عند الله، فجعل خلافة الجماعة كما وقع، فقدّم من علم أنّ أجله ‏يسبق أجل غيره من هؤلاء الأربعة، فما قدّم من قدّم منهم لكونه أكثر أهليّة من المتأخر منهم في ‏نظري والله أعلم... وما علم النّاس ذلك إلاّ بعد أن بيّن الله ذلك بآجالهم وموتهم واحدا بعد آخر في ‏خلافته أنّ التّقدم إنّما وقع بالآجال عندنا وفي نظرنا الظّاهر أو بأمر آخر في علم الله لم نقف ‏عليه وحفظ الله المرتبة عليهم رضي الله عن جميعهم». ‏
وقال في موضع آخر من الفتوحات: «وفضل بعضهم على بعض مصروف إلى الله... ‏فالله يعصمنا من الفضول».‏
الصحابة عند ابن العربي
ويقول عن أبي بكر إنّه خُلق من طينة واحدة هو ورسوله الله ‎صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فسبق محمد وصلى  ‏أبو بكر أي تلاه، فليس بينهما رجل. وفاز أبو بكر بسرّ مقام القربة الذي وقر في صدره بعد ‏فوزه بالصّديقية، وشهد له رسول الله‎ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم ‎‏ بفضله على الجماعة...‏
ويقول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه  في (روح القدس):‏
«هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه‏ الصّلب القوي الذي ليس للشّيطان عليه سبيل، حسب ‏الشّيطان أن ينجو منه، نزل القرآن موافقا لحكمه، وأداه أن يقول: لو كشف الغطاء ما ازددت ‏يقينا، ما يعرفه من إيمانه وعلمه، وقد جمع بين العلم والعيان، وتبرز في مشاهدة الأعيان، ليس ‏أحد من وقته إلى يوم القيامة يبرز أمامه، ولا يكون في حال من الأحوال إمامه...» ...‏
ويذكر واقعة له مع عثمان ‏رضي الله عنه‏ فيقول: «أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان ‏رضي الله عنه إلي آمرا بالكلام في المنام بعد ما وقعت شفاعتي على جماعتي، ونجا الكل من ‏أسر الهلاك...» ثم ذكر بعض أسرار الحمد لله. وخلال كلامه على صلاة العيدين، يبين الشّيخ ‏حكمة ما أحدثه عثمان رضي الله عنه‏ من تقديم الخطبة على صلاة العيد وما أحدثه معاوية من أذان وإقامة ‏لصلاة العيد ويصفه بأنّه كاتب رسول الله‎ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم وصهره وخال المؤمنين.‏
وأمّا الإمام علي كرّم الله وجهه، فيقول عنه خلال كلامه على أوّل مخلوق وهو الحقيقة ‏المحمدية: «.. حقيقة محمد ‏‎صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم المسمّاة بالعقل فكان سيّد العالم بأسره، وأوّل ظاهر في الوجود. ‏وأقرب النّاس إليه علي بن أبي أطالب، وأسرار الأنبياء أجمعين». ويقول عنه: إنّه كان من ‏الأفراد وهم الأولياء الذين لا يفوقهم غيرهم في العلم بالله تعالى. ويشير إلى مقامه السّابق مرّة ‏أخرى فيقول عن القطب الحادي عشر من الأقطاب الاثنى عشر الذين عليهم مدار العالم ومدار ‏الأمّة - لكلّ قطب  برج مناسب وسورة ومدد معين – « والحادي عشر له سورة طه. وهذا ‏القطب هو نائب الحقّ تعالى، كما كان علي بن أبي طالب نائب محمد ‎صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم‏ في تلاوة سورة براءة ‏على أهل مكة، وقد كان بعث بها أبا بكر ثم رجع عن ذلك فقال: لا يبلغ عني القرآن إلاّ رجل ‏من أهل بيتي. فدعا بعلي فأمره فلحق أبا بكر. فلما وصل إلى مكة، حجّ أبو بكر بالنّاس وبلغ ‏عليّ على النّاس سورة براءة، وتلاها عليهم نيابة عن رسول الله ‎صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم‏ ، وهذا ممّا يدلك على صحة ‏خلافة أبي بكر الصدّيق ومنزلة علي رضي الله عنهما»‏ ‏(11) ‏. ‏
الهوامش
(1) بن حجر ،أحمد بن علي أبو الفضل العسقلاني الشافعي: فتح الباري شرح صحيح البخاري، نشر: دار المعرفة - ‏بيروت، 1379، رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي، ج 7، ص 16. ‏
(2) ن. م.‏
(3) مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف: الموسوعة العقدية، نشر: موقع ‏الدرر السنية على الإنترنت  ‏dorar.net، 7/189.‏
(4) ن. م.‏
(5)  ن. م.‏
(6) ابن حزم، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الأندلسي القرطبي الظاهري (المتوفى : 456هـ): مراتب ‏الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات، نشر : دار الكتب العلمية – بيروت، ص 178.‏
(7)  مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف: الموسوعة العقدية، نشر: موقع ‏الدرر السنية على الإنترنت  ‏dorar.net، 7/188.‏
(8) ن. م. ص 189.‏
(9)  ن. م. ص 192.‏
(10) مفتاح، عبد الباقي: سيرة الشخ الأكبر محي الدين محمد بن العربي، نشر: عالم الكتب الحديث للنشر ‏والتوزيع، الأردن، ط 1، 2016، صص 112 وما بعدها.‏
(11) ن. م.‏