باختصار شديد

بقلم
محمد بن نصر
حوار ساخن في يوم ممطر
جلست كعادتي كل صباح في مقعد من مقاعد عربة من عربات القطار، أكتب بعض الخواطر التي لازالت تتجمع دون أن أتبين الشكل النهائي الذي ستكون عليه.لم أنتبه لجليسي بالجنب ولكني لاحظت أنّه دائم النظر إليّ ومن حين لآخر يتمتم بكلام غير مفهوم وفي الأخير نطق وقد بدا حانقا: ماذا تكتب بهذه اللغة التي يكتب بها الإرهابيون؟ قلت له هذه ليست لغة الإرهابيين، هذه اللغة العربية التي حملت لك نور المعرفة في زمن كنت فيه وأمثالك لا تعلمون شيئا. قال لي لم نتعلم من الشرق شيئا لا في ماضينا ولا في حاضرنا.قلت له ساخرا وهل كنتم في ماضيكم تفرقون بين مشرق الشمس ومغربها؟ هدّأ من نبرة كلامه ثم قال لي ما يحيرني أنكم ضعفاء ولكنكم محور اهتمامنا. قلت له ذلك لأنكم علمتم مظاهر ضعفنا ولم تتبينوا سر قوتنا. قال لي و هو يستعد للنزول ما كنت أعلم أن للأوهام سحرا. قلت له أوهام ! سيأتي يوم تصبح فيه الأوهام حقائق. ابتسم وغادر متمنيا لي يوما سعيدا. نزلت بدوري وفي الطريق المؤدي إلى الفندق الذي يقيم فيه صديقي ابراهيم محمد زين كنت أتساءل أليس من الطبيعي أن يكون محاوري وأمثاله على هذه الحالة من التوجس والخيفة؟ لقد علّموهم أن حضارتهم هي الشكل الحضاري الأرقي والنهائي واستخدموا كل أساليب الجزرة والعصا لنشر قيمها التي اعتبروها عالمية واليوم يرون في عقر دارهم مسلمين وافدين و من أصول أوروبية معتزين بانتمائهم الإسلامي ومتشبعين بقيم المواطنة. بل إن بعض المناطق من أوروبا لم تعرف حضورا للمسلمين زمن قوتهم و عرفته زمن ضعفهم. ليس هذا بالأمر الذي يسهل فهمه، فضلا على هضمه. ثم كان هذا الموضوع مدار حديثي مع صديقي ابراهيم.