حوارات

بقلم
موسى المودن
التجربة الإبداعية للأستاذة –شيماء أبجاو-‏ مقامات على الرصيف
 (1)
لكل منا ذاكرة يتكئ عليها، يظهر البعض منها، ويستتر البعض الأخر، فمن هي شخصية الأستاذة ‏‏»شيماء أبجاو»؟‏
لا يمكننا أن ننكر سلطة الماضي / الذاكرة في تكوين شخصية كل منا. سواء وعينا بذلك أم لا. ‏وإني إن كنت لا أملك قدرة على التحكم في معطيات الماضي، فلست ممن يستلذون التباكي على ‏الأطلال. بل أنا إنسانة متطلعة، أومن بأني دائما تلميذة في مدرسة الحياة. أتعلم فأزيد نضجا وتتضح ‏رؤيتي للعالم ولذاتي أيضا.‏
(2)
‏لابد أن أستاذتنا مرت بمراحل حياتية صقلت تجربتها الإبداعية وساهمت في تكوين شخصيتها الحالية، ‏فما هي الظروف التي جعلت أستاذتنا على ما هي عليه الآن؟ وما هي أبرز الشخصيات (العائلية) التي ‏ساهمت في الدفع بروحها نحو هذا التألق؟ 
لعل الانقطاع عن الدراسة بسبب الزواج قبل الحصول على شهادة الباكالوريا كان محطة مهمة في ‏حياتي. أوقدت جذوة القوة من الألم. أيقنت حينها أني سمكة والعلم بحري الذي لا أستطيع العيش ‏خارجه.‏
أما عن الدعم وإيقاد العزم، فكان كل من والدتي الغالية سمية الشرقاوي وأبي العزيز قاسم أبجاو ‏الحضن الذي احتواني وجبر انكساراتي وشجعني على المضي قدما، ولم يتأففا من دعمي ماديا ومعنويا.‏
فيكفي أن ترى الأمل في عيني والديك حتى تسكنك قوة جبارة على تحقيق رجائهما وإسعاد ‏قلبهما. إنه الأمر الذي منحني القوة للتنقل بين طنجة ومرتيل لمتابعة دراستي الجامعية. صباح طنجة ‏الذي كان يختلط بالليل وأنا اركب حافلة السادسة صباحا لأصل للكلية في الثامنة كل يوم. والحمد لله ‏ها أنا ذي في سنتي الثانية من سلك الدكتوراه، فلهما مني جزيل الشكر والعرفان.‏
(3)
نرى للأستاذة الكريمة اهتماما كبيرا بالعمل النقدي، وخاصة ما يتعلق بمجال الروائية فهل يمكن لك أن ‏تقدمي لنا تشخيصا لهذا النمط الأدبي ومستقبله؟
لا أجرؤ على تقديم تشخيص لنوع سردي عملاق، وأنا الطالبة الباحثة الواقفة على أعتابه، ‏المتطلعة إلى عوالمه بشغف السؤال ومتعة الغوص في عوالمه التي أجد فيها أنسا وملجأ. أما عن مستقبله، ‏فالتراكم الكمي والنوعي. وخوض غمار الابداع والتجريب وما يوازيه من مواكبة نقدية جادة، خير ‏دليل على مستقبله الواعد‏‏
(4)
يعيش العالم العربي جمودا نسبيا على مستوى مسايرة النهضة العلمية والفكرية والثقافية بالمقارنة مع باقي ‏الدول الأخرى –الدول المتقدمة أو السائرة في طريق النمو-، فإلام ترجعين هذا الجمود والتأخر والمسايرة، ‏سواء على المستوى الثقافي أو العلمي؟ ‏
نهضة أية أمة تقوم على وعيها، ووعيها يقوم على ركائز من بينها السياسية والاقتصادية والثقافية. ‏فمتى تحققت الشروط اللازمة وجدت النهضة لنفسها البيئة اللازمة لتقدح شعلتها الأولى ثم تمتد ‏وتستمر.‏
(5)
من خلال تجربتكم الإبداعية، كيف تقيمون الوضعية الثقافية والأدبية في بلاد المغرب، وكيف ترون ‏انعكاس الوضعية الراهنة في العالم العربي على مستقبل الإنتاج الأدبي والفكري -على مستوى المملكة ‏وباقي البلدان العربية؟ ‏ ‏
يبذل المثقف العربي جهدا مشكورا للرقي بمجال الإنتاج الأدبي والفكري، ومحاولة جادة للتطور ‏والتخلص من المثبطات التي يواجهها بطرق مختلفة كالمثاقفة مثلا، ذلك لأنه يستشعر المسؤولية ‏الملقاة على عاتقه، على اعتبار أن النهضة الفكرية ونشر الوعي وتغيير العقليات المتعصبة والدوغمائية ‏مفتاح النهضة‏‏
(6)
صدرت لأستاذتنا بعض من الأعمال الأدبية والنقدية المشتركة، فهلا ذكرت لنا بعض ما تم نشره، وما ‏ينتظر دوره في النشر؟ ‏ ‏
شاركت في مناسبات مختلفة –ندوات وملتقيات وطنية ومحلية- بمقالات أغلبها تهتم بالنقد ‏الروائي أو القصصي. وأيضا في كتابين جماعيين. الأول: الرواية النسائية في الوطن العربي الأصل ‏والامتداد. والثاني جماليات الخطاب السردي، قراءة في قصص ألق المدافن للقاص رشيد شباري.‏
أما بالنسبة للإصدار، فلي رواية هي عبارة عن باكورة أعمالي بعنوان «المرأة الأخرى» وهي ‏لاتزال قيد الطبع.‏
(7)
أثارنا اهتمامك الكبير بمجال الفن القصصي والعمل الروائي، فهل لهذا الاهتمام ماض ساهم في بناء ‏هذه الملكة، أم أن الاهتمام جاء في سياق عادي؟ ‏ ‏
لعل حرماني من جهاز التلفاز في مرحلة معينة من الطفولة ساهم بشكل كبير في دفعي إلى عالم ‏القراءة، فأدمنتها منذ الطفولة وأزهرت نصوصا قصصية وشعرية ألقيتها في مناسبات مختلفة أثناء ‏تعليمي الابتدائي والإعدادي.‏ لكني أزعم أن اهتمامي بالكتابة عشق وشغف أكثر منه عناية مغرضة‏.
(8)
سيصدر لك قريبا عن الراصد الوطني للنشر والقراءة عمل إبداعي هو عبارة عن رواية تحت عنوان  «المرأة الأخرى»، فما هو جديد هذا العمل؟ ومن أين يستمد هذا العمل تفاصيله؟ وما هي الرسالة ‏التي أردت نقلها للقارئ في هذا العمل؟ ‏ ‏
رسالتي هي أن المرأة قادرة على لملمة شتاتها والبدء من جديد بعد انكسارها. والمضي قدما، بل ‏تحقيق ذاتها أيضا. فهي تستحق أن تعيش الحياة التي تختار لنفسها دون وصاية أو تسلط.‏
الدعوة إلى الاحترام ليس باعتباره تأدبا او إمساكا عن قبيح الكلام. بل بكونه تقبلا للاختلاف، ‏فعلى الإنسان أن يتعلم التزام حدوده وإعطاء الآخر المساحة التي يستحقها‏
(9)
في حياة كل واحد منّا قاموس يستمد منه عبق الاستمرار، فماذا تعني هذه الكلمات ضمن قاموسك ‏أستاذتي: (الرجل، الحب، المرأة، الآخر، الطفل، الطبيعة):‏‏
‏-الرجل: النظير
‏- الحب: الألم
‏- المرأة: النضال
‏- الآخر: الجحيم
‏- الطفل: المسؤولية
‏- الطبيعة: الراحة
(10)
وقبل أن نختم هذا الحوار، كلمة أخيرة للأستاذة الجليلة لـ «مجلة الإصلاح»:‏
كل الشكر والتقدير على مجهوداتكم المثمرة، ومسيرة علمية ثقافية وإبداعية موفقة. وتحية ‏خاصة لكل من يقتطع من وقته وجهده في سبيل العلم والثقافة‏.